لاستطيع احد أن ينكر أو يتجاهل أن حكومة الوفاق برئاسة الأستاذ محمد سالم باسندوة استلمت الحكومة وكل شيء مدمر والوضع كان كارثيا نتيجة التدمير الذي لحق بالمؤسسات الحكومية من تدمير في البنية التحتية والمالية بسبب رغبة المخلوع علي صالح في البقاء على الكرسي ومقاومة الثورة الشعبية السلمية التي اندلعت في وجهه واقتلعته من الحكم
وحكومة الوفاق التي تجاوزت المخاطر - رغم خزينتها الفارغة التي ورثتها من حكومة المخلوع حينها - استطاعت أن تحقق نسبة مقبولة من برنامجها ، وحققت جزء كبير من مستوى إعادة الخدمات الأساسية كالكهرباء والنفط والمياه وغيرها في زمن قياسي يشهد لها ، ورغم العراقيل والأشواك التي يزرعها المخلوع وحزبه وبقاياه وبعضهم ضمن الفريق الوزاري لحكومة الوفاق استطاعت أن تحقق هذه المكاسب وأنا اعتبرها معجزة مقارنة بحكومات الفشل التي كان ينتجها المخلوع وتتسلط على الشعب وتعيش على صيد وهبر الدخل والإيرادات والمعونات والهبات التي لم يلاقي لها الشعب أثرا .
الحكومة اليوم تتطلع إلى تحقيق برنامجها وتحقيق قدر عالي من الخدمات وإصلاح ما دمره المخلوع وتزيل كل آثاره السيئة وعليها أن ترتب أولوياتها كمتطلبات لإنعاش البلد والحد من مستويات التدهور والبدء بتحريك عجلة التنمية الشاملة ، صحيح أن حكومة الوفاق حكومة مرحلية لسنتين لكنها تستطيع وضع اللبنات الأساسية لصياغة التنمية المستقبلية وصحيح أيضا أن الحكومة تعاني من عراقيل المخلوع كثيرا ، والمخلوع بات الخطر الأكبر في وجه اليمن ومستقبله .
حكومة الوفاق حصلت على ثقة المانحين في دعمها من خلال المبالغ التي رصدت في مؤتمر الرياض في 4سبتمبر الحالي وكان مستوى الدعم والتعهدات المالية المطلوبة أكثر من هذا لكنها الآن مقبولة وتلبي جزءا من الحاجات الملحة والمتطلبات الضرورية ، هذه الثقة التي لاقتها الحكومة يجب أن يترجم إلى واقع عملي عند التنفيذ ونحن على ثقة بعدم بعثرة هذا الدعم كما كان معهودا في السابق ، والثقة الدولية من المانحين يجب استغلالها واستثمارها وهذا يتوقف على مدى إدراك الحكومة للأولويات المطلوبة منها
محاكمة علي عبد الله صالح وإبعاده عن المشهد السياسي والحياة اليومية لليمن بات ضرورة ومطلب ملح وأولوية أمام حكومة الوفاق ، والحكومة مطالبه وملزمة بتحقيق العدالة واسترجاع المال العام وإعادة المظالم والقضاء على الفساد وإبعاد الفاسدين ، كل هذه وغيرها من منجزات المخلوع ومكاسبه خلال 33 عاما مليئة بالمساوئ والموبقات ، ومحاكمة المخلوع وإزالته من المشهد يعد أولوية وضرورة للحكومة وللشعب ، فالحكومة ستظل أمام معاناة يومية وتوتر دائم بسبب الرغبة الانتقامية للزعيم المدمر في تدمير الخدمات كالاعتداء على الكهرباء وتفجير النفط وقطع الطرقات وزرع الفوضى ونشر الإرهاب وظهور الجماعات المسلحة كالقاعدة والحوثي وبعض من يسمون أنفسهم الحراك المسلح ، وإزالة المخلوع علي صالح يعني إزالة هذه المشاكل التي صنعها ولا زال يستعين بها ، والاستقرار والأمن والسياحة والاستثمار متوقفة حتى يستقيم الحال واستقامة الحال مستحيلة بوجود المخلوع وأبنائه وعصابته .
ومن الأولويات الملحة أيضا توحيد الجيش وإعادة هيكلته على أسس وطنية وإعادة أجهزة الدولة المهمة كجهازي الأمن السياسي والقومي والاستخبارات العسكرية إلى حضن الدولة والشرعية الحالية أولوية ، رغم ان كل شيء في اليمن أولوية نظرا للهلاك التراكمي الذي طال الأرض والإنسان ،
تحقيق الأمن والاستقرار هو الآخر أولوية يرتبط بتحقيقه كل المتطلبات الأخرى وتحقيق الأمن والاستقرار عنوان نجاح أو فشل الحكومة ، فالاستثمارات الأجنبية وحتى المحلية لن تتحرك دون وجود امن واستقرار ، وتحقيق الأمن والاستقرار ضروري أن يتواكب معه تفعيل أجهزة القضاء والأجهزة الشرطية وخلق بيئة مناسبة لعمل أجهزة الشرطة على أسس مهنية جديدة
وتحقيق التنمية هي الأخرى تتوقف حركتها على مدى تحقيق الأمن والاستقرار وفاعلية أجهزة القضاء والشرطة ، والتنمية المطلوبة هي توفير رؤية جديدة لجذب الاستثمارات الأجنبية والاتجاه نحو إيجاد بيئة جاذبة للصناعة والسياحة التي تعد تنميتها من الأساسيات للتحول الجديد ، والتنمية يتطلب لتحقيقها إزالة العوائق التشريعية والفنية وتوفير إرادة وإدارة قوية ، وتتطلب التنمية وتحقيقها إلى تحقيق توازن كمي ونوعي في مستوى الخدمات الأساسية ورفع مستوى خدمات البنية التحتية للتعليم والمواصلات والصحة والحد من البطالة ورفع مستوى دخل الفرد من اجل توازن على كل الأصعدة
والتنمية أيضا تتوقف عند حدها المنظور وتظل هكذا بدون القضاء على الفاسدين والفساد وتجفيف منابعه يتوقف عند إرادة سياسية لإزالة الفاسدين بأشخاصهم لأنهم عقبة رئيسية أمام أي تنمية مطلوبة ، واستمرارهم كأشخاص وكأساليب عمل وتصرفات يظل الخطر قائما والمشكلة موجودة ، وإزالة الفاسدين والقضاء على منابع الفساد من خلال سد الذرائع التشريعية الموجودة في القوانين واللوائح يجب إنهائها ، ومد المؤسسات الحكومية بعناصر جديدة هو البديل الأمثل ،
والبطالة اليوم تشكل خطرا على المستقبل وهي قنبلة موقوتة إذا لم تعمل الحكومة على حل هذه المشكلة وتعالجها سريعا ونجاح الحكومة أيضا ( رهين) تحقيق هذا الجانب المهم ، وإضافة إلى البطالة والعاطلين عن العمل هناك بطالة مقنعة وهي العدد الموجود في مؤسسات القطاع العام للدولة هو الآخر يعد بطالة والدخل الحالي للموظف لا يمثل دخلا وإنما سد للحاجة ، والحكومة يفترض بها أن تعي هذه المشكلة وتعالجها بما يتناسب ومستوى المعيشة الذي بات هما ثقيلا على الغالبية
الحكومة الحالية تقف أمام أولويات كثيرة وعليها أن تعمل على التقارب بين هذه الأولويات والتسريع بتنفيذها ولا عذر لها في حال بقاء عناصر التوتر والتهديد موجودة والمتمثل في بقاء المخلوع علي صالح ...