الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٣٦ صباحاً

عميل ومبهرر!!!

د . عبد الملك الضرعي
الاثنين ، ٠٣ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ١١:٥٠ مساءً
بين العمالة والوطنية شعرة فقد يتوارى العملاء خلف الوطنية ويدّعون أنهم يمارسون عملاً تكتيكياً لصالح الوطن ، ولكن ماهو شديد الأهمية أن كل الأمم الحرة تجرم العمالة للدول الأخرى وتوقع أشد العقوبات فيمن يثبت ولاؤه لدولة خارجية ، على إعتبار أن ذلك يناقض واجبات المواطنة ، وبالتالي نجد أن حب الوطن مقدس في تلك البلدان فمهما إختلف السياسيون في معاركهم الداخلية وكالوا الإتهامات لبعضهم فإنهم يتَّحدون في القضايا الخارجية التي تمس السيادة الوطنية ، بل ويتنافسون في إستثمار التجاذبات الدولية لتعزيز التنمية المحلية.

من المؤسف في بلدي أن إشكالية في تحديد تلك المفاهيم ، فقد يدعي العميل رافعاً صوته ومبهررأنه أشد الناس وطنية وأكثرهم حرصاً على سلامة الوطن ، وقد يتهم الوطني أنه مندس وعميل ولتوضيح ذلك الإلتباس يمكن التطرق إلى بعض الأمثلة :

الحالة الأولى : قد تجد شخص يمتلك الفلل والمزارع والأطيان والحرس والخدم والحشم وتراه يشق الشوارع العامة بعشرات المسلحين وأطقم بعضها لاتحمل أرقاماً مرورية متجاوزاً رجال المرور وإشاراتهم وإن سئلته من أين لك هذا كله فيرد عليك(من فضل ربي) ثم يردف قائلاً والله أني لاأحصل من الدولة حتى على راتب عسكري ، ويهمس في إذنيك بحمد الله لدي إعتماد شهري من كذا وكذا(طبعاً لاينكر أن ذلك الإعتماد عابر للحدود)وإذا سئلته كيف تقبل أن تمد يدك للخارجي ، يباشرك بالرد لست وحدي فهناك قائمة تصل إلى مئات العتاولة من بقايا الأنظمة القديمة والجديدة ، والسؤال هل لتلك الأموال ثمن أم إنه فعل خير ، الإجابة أتركها للقارىء الكريم الذي يستطيع إستنباط تلك الإجابة من خلال التفاعل الداخلي والخارجي في العديد من الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية.

الحالة الثانية:قد تجد أحزاباً وأشخاص يفاخر أنه على علاقة بالخارجي فإن أنشأ حزباً كان شعاره يتطابق إلى حد كبير مع الشعارات السياسية الخارجية ، وكأن المحتوى الثقافي لليمن بتأريخه الطويل قبل وبعد الإسلام لايمكن أن نستخرج منه شعاراً سياسياً ، بل قديستورد ذلك الحزب أنشطته بشكل كلي بالنسخة الخارجية فإن حضرت إحدى فعالياتهم أحسست أنك لم تعد موجوداً في اليمن!!!الغريب أن تمارس تلك الأحزاب نشاطها وتفتخر بأنهاجزء من الأجنبي ومع ذلك يدعي قادتها الوطنية!!!

الحالة الثالثة: تجد افراداً ومنهم رواد لمواقع التواصل الاجتماعي يحوّلون مواقعهم وصفحاتهم إلى نسخة من الصورة السِّياسية والثقافية لمجتمعات أخرى ، والغريب أن ترى بعضهم ينشر على صفحاته الاجتماعية علامات التقديس لرموز سياسية لدول أخرى وقد يصل ذلك حد تقبيلها من الجباه إلى الأقدام ولايخجل من نشر ذلك بل ويفاخر به ، وفي نفس الوقت يدعي مثل هؤلاء الوطنية وحبهم لليمن ، لكنهم في ممارساتهم إذا تعارضت مصالح الوطن مع مشاريع تلك الدول يتحولون إلى أدوات طيعة لهدم أوطانهم ، ويرون أن افعالهم لاتتعارض مع الوطنية فهم يحمون أوطانهم بطريقهتم الخاصة.

الحالة الرابعة: تجدها على المواقع الألكترونية في مداخلات الموضوعات السياسية والأمنية ، قد تجد بعضهم يهاجم بضراوة كل من ينتقد إستهداف المدنيين بل قد يسوق المبررات لإراقة دماء النساء والأطفال من اليمنيين بايادٍ أجنبية وهذا طبعاً ليس بالضرورة عميل رسمي بل يعاني إنفصام في الشخصية فهو يدعي حب الوطن ولايأبه ولايستنكرما يمس السيادة الوطنية!!!

الحالة الرابعة: مثقف وصاحب فكر إذا سمعته وجدته بارعاً في تحليل الأحداث منظر للوطن المنشود ، وإذا ماتتبعت مسيرته اليومية وجدته جائلاً على أبواب المنظمات الدولية والسفارات الأجنبية مجتهداً في كتابة البحوث والدراسات التي تنال من ثقافة الوطن وحريته وأمنه واستقراره مقابل فتات من الدولارات واليوروهات ، عندها تستغرب هل هذا هوالمناطح صاحب النظريات التحررية ، للأسف ستجد أن هوى العملات الصعبة سلب منه حريته ووطنيته التي يتشدق بها ليلاً ونهار ، وإذا ما عاتبته صعر خده متكبراً متجبراً قائلاً:الوطنية( ما تأكلش عيش)، وإذا ماسئلته عن خطاباته النارية ومشكساته الإعلامية المعبرة عن الوطنية والوطن والتخلف والإستبداد وو.....إلخ سيخبرك أنها الطريقة المثلى للتعريف بالنفس ثم الوصول إلى المنظمات الدولية والسفارات الأجنبية!!!

أخيراً أسئلة تراود الكثير ماهو الفرق بين الوطنية والعمالة ، نقول باختصار إن الوطنية تختصرفي الولاء الوطني ، والولاء الوطني ليس شعاراً يقال أو عَلماً يرفع بل ممارسات تبدأ بعشق الوطن وتنتهي بالتضحية في سبيله بالغالي والنفيس فالعسكري والمعلم والمهندس والطبيب والقاضي والمحامي والسياسي والمفكر والأديب والإعلامي والعالم والفلاح والفنان وشيخ القبيلة وبقية أبناءالوطن لو تناغم الجميع في الإخلاص للوطن لرأيت مؤسسات الدولة ومشروعات التنمية كل يوم في تحسن ملحوظ ولرأيت الناس يذكرون أمسهم ببؤس ويأملون في غدهم بخير، ودون ذلك سترى كل يوم إنتكاسة جديدة وصراعات وتدخلات خارجية ولوجدت الناس يذكرون أمسهم بخيروغدهم بخوف.