كلام في الكتابة الجديدة
طارق السكري
الاثنين , 03 سبتمبر 2012
الساعة 06:40
صباحا
قرأتُ الكثيرَ عن الكتابة الجديدة . التحقتُ بمجموعةٍ ذات مرةٍ على الفس بوك رمزتْ لنفسها باسم : مجموعة الكتابة الجديدة . وكنتُ في نفسي جذلاً مسرورا . وكنتُ مطمئناً على أني سأقف على طريقةٍ جديدةٍ في صياغة الأفكار ، أو أني سأصادف (زُحَلاً )في عبارةٍ من العبارات ، بارزاً ضاحكَ السنِّ ، وامقَ الروحِ ، مُتَّقِدَ الذكاء . أو إني سأعثر على لونٍ جديدٍ من التعابير فأكرعَ منه . لأنَّ كلاً منا يودُّ لو أنْ ينقلَ بدقةٍ مايشعر ُ بهِ ، إلى مشاعر الناس نقلاً متوافرا على كل خصائص الجمال . ربما نقدرُ على حصر الألفاظ ، لكن من منا يقدر على حصر المعاني ؟! لغةً تجتمع فيها القوة والذكاء والوفرة . وكنتُ أتخيّلُ نفسي طفلاً يتلقّى أول مرةٍ هذا المبدأ : الكتابة الجديدة ! ولجتُ خيالي متعلّقاً سراجاً ذهبياً، أبحث في المكتبات وفي الروفوف وعلى الطاولاتِ ، عن ملفٍ يرفدُ هذه الفكرة من الكتابة الجديدةِ .
رأيتُ أحداً من روّادِ هذه الكتابة الجديدةِ ، يُهاجمُ البلاغة القديمةَ ، وينبز بها المتمسكُ بها من الكتَّاب ِفي هذا الزمانِ ، وكأنَّ الأممَ في هذا الزمانِ لا تعرفُ بلاغةً ولا فناً مكتوباً ! وكأن البلاغة في نظرهِ قفصٌ بداخلهِ طائرٌ قلِق ٌ مغلول! ووقعتُ يوما على مجلةٍ أدبيةٍ يفتتحُ رئيسُ التحريرِ فيها الحديث َعن الكتابةِ الجديدةِ . لكنهُ يغرفُ من ذات ِالعين.ثم إني علمتُ بعد شهرٍ من البحث والكدّ ، أن المقصودَ من الكتابةِ الجديدةِ لدى روّادها اليومَ يتلخص في الآتي :
- اللغةّ الجديدةَ في الكتابةِ هي لغةُ الصحافةِ اليوميةِ .
- الكتابةَ الجديدةَ هي حديثُ النفسِ للنفسِ .
- الكتابةَ الجديدةَ كتابةٌ ليس فيها مُسكةٌ من بلاغةٍ ، ولا مسحةٌ من ألَق. وكأن الناس في هذا الزمن لا يُشبّهونَ ولا يُمثّلونَ ولا يعرفون للكلمةِ تصويراً !
ليتهم أراحوا أنفسهم من العناء. فإن للنفس على الإنسانِ حقٌّ كبيرٌ أيّما حق .
إن الكتابةَ الجديدةَ ياسادة . هي الكتابةُ القادرةُ على نقل العدوى الغنائيةِ إلى المتلقي ، فكأن المتلقي وهو يقرأ لك ، ويستمع إليك ، يتحرك في قلبه العصفورُ يريدُ ليُغني ويكتبَ ويلهو .
لكننا لا نغني !
لو أنك أتيتَ بائساً فأنستَ به ِ ، وأنسَ بك ساعةً ثم أنك قمتَ عنه ،وفي نفسهِ من أثرِ اللقاء وهجٌ لا ينطفي ، وصورةٌ منك حيةٌ تعمل في روحهِ ، وأخذتَ تدِبُّ في خيالهِ وفي شعورهِ دبيبَ النمل ، فكلما أشرتَ أشارَ . وكلما ابتسمتَ ابتسمَ ، وكلما عبستَ بوجهكَ عبسَ . فمن يلمحْهُ من بعيدٍ، يظنهُ مجنوناً يُكلمُ نفسهُ . بينما هو يُكلمكَ أنت . هذا مايحصل تماماً في عالم الكتابةِ . فالقارئ لك إما أن يفزعَ إلى الورقةِ والقلمِ فيكتبَ . وإما أن يعمدَ إلى قارورةِ سمٍّ فيدسَّ أنفهُ فيه .
إن الكتابةَ القادرةَ على الإقناعِ بما توفّرَ لها من معارفَ متنوّعةٍ . القادرةَ على التأثير بما تملك من مخزونٍ لغويٍّ شاعريٍّ بالفطرةِ .. هي الكتابةُ الجديدةُ .
اخترنا لكم
آخر تحديث
الأحد,29 ديسمبر 2024
الساعة 11:52
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2025.00 | 2063.00 | |
ريال سعودي | 538.00 | 539.50 |