الشهيد الحمدي ... ناصري الفكر والسلوك والانتماء
عبدالفتاح علوة
الأربعاء , 08 أغسطس 2012
الساعة 07:40
مساء
لقد كان الحمدي ينتمي لحركة القوميين العرب في مرحلتها الناصرية، وقد غادرها عندما بدأت تتبلور باتجاه فكري معين، قبل أن ينضم إلى التنظيم الناصري في ابريل من العام 76م، وحضوره ومشاركته فعاليات المؤتمر الخامس في الفترة من 29ابريل إلى 1مايو1977م في الحديدة في منزل الأخ عبدالعزيز سلطان (الذي ما يزال حيا وبإمكان الحروي التأكد منه)، حيث كان موظفا عاديا في الكهرباء، وقد رفض الحمدي ترشيحه لمنصب الأمين العام للتنظيم، وقال لست الأقدر على قيادة التنظيم, وإذا أردنا أن نبني تنظيما صحيحا يجب أن يكون أمينه العام متفرغا له، ثم رُشح الشهيد عيسى محمد سيف لأمانة التنظيم ورُشح الشهيد الحمدي عضوا في اللجنة المركزية وعضوا في القيادة التنفيذية التي تعادل حاليا الأمانة العامة.
كان موقف التنظيم واضحا من الحمدي منذ البداية، ولعل بيان النقاط العشر التي أصدرتها الرابطة قد أكدت ناصرية الحمدي فكريا حيث مثلت خارطة طريق لمرحلة الحمدي، وقادت للقاءات وحوارات انتهت بانضمام الحمدي للتنظيم.
أيضا على مستوى الفكر والسلوك، فان مما يميز فترة الحمدي هو الانحياز المطلق لعامة الناس من الفقراء والمساكين، والتواصل معهم بدون وسائط تقربهم زلفى، عبر التعاونيات ولجان التصحيح، ولعل استقلال القرار الوطني وتحرره من التبعية لجميع المؤثرات الداخلية والخارجية، سمة أخرى أبرزت الحمدي مثلما أنهت حياته، وفي فترة الحمدي تم إخماد النعرات الطائفية والمناطقية وإزالة الفوارق بين الطبقات، وسمات أخرى تمثل في مجملها لب الفكر القومي الناصري، في الحرية من الاستعمار والرجعية والتبعية لهما بأي شكل من الأشكال، وفي إزالة الفوارق الطبقية وتحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء على كل الدعوات المذهبية والطائفية كطريق ضروري وحتمي يؤدي إلى الوحدة العربية.
لعل ما لم يستسغه البعض من مروجي عدم ناصرية الحمدي، هو المثالية العالية التي اتسم بها، كلا من الحمدي والتنظيم الناصري في تلك الفترة والصورة الناصعة التي أعطت درسا عمليا لجميع المتزلفين والرجعيين والشموليين، في الحرية والعدالة والنزاهة والمصداقية والوطنية. فلم يستغل التنظيم كون رئيس الجمهورية احد أعضائه، في تسخير مقدرات الوطن وخيراته لصالح الحزب، فكان التنظيم يدير أموره المالية من اشتراكات وتبرعات أعضائه، وكان شعارهم بان التنظيم الذي لا يستطيع أن ينفق على نفسه من موارده الخاصة غير قادر على تحمل المسئولية الوطنية، ولم توزع الحقائب الوزارية والهبات والمنح على أعضاء وقيادات التنظيم – كما حصلت مع آخرين - حيث ظل الأمين العام للتنظيم في موقعه الوظيفي كامل فترة الحمدي حتى استشهدا الاثنين، وكانت مثالية الحمدي في طلبه أن يكون عضوا عاديا في التنظيم يحضر اللقاءات في بيوت ابسط الناس ويدفع الاشتراكات كعضو عادي، وهذه مثالية لم يعد الوعي المتدني والأخلاق المنحطة تتفهمها وتتصورها بعد سنين عجاف من تراجع وتدني القيم.
ما يميز الحمدي عن صدام حسين – حيث لا انتقاص من عظمة الأخير في بناء الدولة الحديثة القوية – هو أن الحمدي لم يستخدم العنف ولا القمع في البناء فلم نسمع بان الحمدي قتل شيخا أو أباد قبيلة بالكيماوي أو حتى بالماء... رغم سعيهما لنفس الهدف في فرض هيبة الدولة، وهنا يكون التميز عندما تتكافأ الوسيلة شرفا مع الهدف، وهو سلوك ناصري بامتياز.
أخيرا فيما يخص المؤتمر الشعبي العام فقد طرح التنظيم الناصري فكرة خلق تحالف سياسي لجميع قوى الثورة، وتم تشكيل لجنة تحضيرية برئاسة الشهيد الناصري سالم السقاف، على أن تشارك جميع التيارات السياسية بتصوراتها، وقدمت بعض هذه القوى برامجها، ثم اعترضت هذه الفكرة بعض المعوقات، إلى أن استشهد الحمدي وتغيرت الرؤية وتحولت باتجاه آخر، التي لم تكن لخلق حزب سياسي، بقدر ما كانت اتفاق وتجمع لرسم خارطة طريق سياسية وطنية بطريقة مشتركة.
اخترنا لكم
آخر تحديث
الأحد,29 ديسمبر 2024
الساعة 11:52
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2025.00 | 2063.00 | |
ريال سعودي | 538.00 | 539.50 |