الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٢٠ صباحاً

قوى التغيير الحقيقية في العام 2014م

اسكندر شاهر
السبت ، ٠٤ أغسطس ٢٠١٢ الساعة ١١:٤٠ مساءً
في مقالات سابقة أكدت على أهم ما تعانيه القوى السياسية في اليمن مؤكداً على أنها تتمحور في معظمها حول أزمة القائد أو القيادة ، وذكرتُ في حينه أن هذه الأزمة المستعصية يُستثنى منها جماعة الحوثيين ( أنصار الله ) فقد أثبتت هذه الجماعة الصاعدة من تحت الرماد - في السلم كما في الحرب - وحدة القيادة فيها وحسمها لهذه القضية حسماً نهائياً لا تخطئه عين ..

الحراك الجنوبي تتمثل أزمة القيادة لديه في ( التعدد ) ، والأحزاب السياسة التقليدية تتمثل أزمة القيادة لديها في ( الترهل ) وانفصالها عن قواعدها فضلا عن هموم الشارع وارتهانها للخارج.

وشباب الثورة تتمثل أزمة القيادة لديهم في ( التبعية ) وغياب المرجعية القائدة الموحدة .

هذه الأزمة لها آثار سلبية كبيرة على أداء هذه القوى لا تزال تلقي بظلالها القاتمة على المسارين الثوري والسياسي على حدّ سواء ..

صحيح أن التسوية السياسية تعاني أكثر وتفشل أكثر ، ولكن ما أكثر الفاشلين الذين حكمونا بقوة الارتهان للخارج فما بالكم و الخارج يحتشد اليوم بطريقة غير مسبوقة لإجهاض الثورة السلمية والمضي بأزمتهم حتى النهاية .. النهاية التي قد لا تأتي لمصلحة أحد على الإطلاق .

يفصلنا على الاستحقاق الانتخابي وفقاً للتسوية قرابة العام ونصف .. وعلينا أن نتذكر بأن الجميع اليوم بإرادة أم بغير إرادة يسبق اسم عبده ربه منصور هادي بكلمة (الرئيس) ، وهذا يعني أن التسوية مررت هذا البند بالتوافق الذي رسموه وعلى الرغم من معارضة قوى التغيير الحقيقية للمبادرة برمتها فضلاً عن ما تتضمنه من حصانة للقتلة وانتخاب رئيس توافقي وبقية البنود التي تنتظر الإنجاز ..

بعد التصعيد الجزئي لساحات الثورة في الأسابيع الفائتة لوحظ أن الثورة لم تستفد كلياً من أخطاء الماضي ولاتزال موجة تزييف الوعي تُمضي أحكامها ، فالهبة باتجاه منزل هادي تعني أن البوصلة لاتزال غارقة في التيه ، لأن شعار إسقاط النظام أولى من شعار إسقاط هادي الذي يصفونه بالرئيس التوافقي .. وشعار إسقاط المبادرة الخليجية أهم من رفع أعلام الجماعات المسلحة في سورية ..

ويلاحظ أيضاً أنه بالرغم من غياب الوجهة الصحيحة لبوصلة الثورة ذعر أصحاب التسوية الذين باتوا يترجون الثوار أن يتيحوا لهم فرصة لمزيد من النهب واقتسام الغنائم ويقولونها بصراحة عبر وسائل الإعلام ( إتركوا للحكومة فرصة حتى تستكمل وقتها ) .

والأدهى والأمر أن عائلة (الزعيم المخلوع من النهد إلى النهد ) تعمل بقوة وكأنها تنتظر الاستحقاق الانتخابي 2014م وتُعد له العدة ، وقال لي صديق مطلع أن شباب من الأسر الثرية من الفساد والإفساد التابعة والموالية لعلي عبد الله صالح الأحمر ونجله تعمل بقوة وتخرج للشوارع وتقدم نفسها بصورة مختلفة عن تلك الصورة النمطية التي عهدنا بها أبناء الذوات والمسؤولين وأن إعلامهم يشتغل في الليل والنهار وكأنهم يسابقون الريح أو أن السماء ستقع على الأرض فيما قوى أخرى يعول عليها التغيير تنشغل في الفعل ورد الفعل والمكايدات والمهاترات الإعلامية ومقايل القات ..

صحيح أني ذكرت هذا في وقت سابق ولكن الأصح الأجل قوله تعالى ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) ..

وعليه فإن الذكرى هنا تنصب لقوى التغيير الحقيقية حول موضوعات عديدة أهمها ماذا بشأن الحوار الفاعل والجاد بين هذه القوى والمتمثلة في كل من الحراك الجنوبي السلمي والثورة الشبابية السلمية وفي مقدمها ساحة الحرية بتعز ، والحوثيين ، ومعارضة الخارج الملتزمة بالنهج الثوري ؟ وهو الحوار الذي يعول عليه الكثير في قلب المعادلة على أرض الواقع وإعلان وفاة التسوية السياسية نهائياً وبالتالي إعلان فشل إعادة إنتاج النظام في مقابل إعلان إعادة إنتاج الثورة مسفيدة من أخطاء التجربة الماضية ومتخففة من أعباء الثورجيين ومتسلحة بالإيمان بالدولة المدنية الحديثة المنشودة مستقبلاً ؟! .

هذا على الصعيد الثوري واستعادة الثورة لألقها وفرضها على أنها الأصل والفصل والبديل الذي يسألونا دوماً عنه عندما يبررون ارتماءهم في أحضان الخارج ..

وأما على الصعيد السياسي فهل تستعد قوى التغيير الحقيقية للاستحقاق الانتخابي برؤية واضحة ومحددة مُفارقة لتلك الرؤية المجتزأة والمشوشة التي مرت من بين يديها انتخابات رئيس توافق عليه الثورجيون وأرباب التنظير للحصانة والعدالة الانتقالية ، والمتحذلوقون باسم ليس بالإمكان خير مما كان ؟ ..

وهل سيأتي العام 2014م ، وقوى التغيير الحقيقية تستقبل ولا ترسل ، تنفعل ولا تفعل ، أم أنها ستتخذ إجراءات واعية وواقعية تحد من سيل التسوية الجرار والذي كلما نضب أتوا له بفيلة أبرهة ونحن ننتظر حجارة من سجيل .. ؟!

لسنا (أنبياء ولا أجدادهم أو أحفادهم) لننتظر مثل هذه الحجارة والكعبة الثورية في تعز قد أحرقتها نيران الجنود الحمر ..

ولئن كانت التسوية المشلولة تعاني مما تعانيه فإن الدعم الخارجي سيبقى لها أشبه بغرفة إنعاش يقظة ، وحتى لو اضطروا لتأجيل استحقاقات المبادرة وبرنامجها المزمن بتأجيل الاستحقاق الانتخابي فإن ذلك لا يُعفي قوى التغيير الحقيقية من أن تكون لها رؤيتها في كلتا الحالتين ..

إيماءة
تابعتُ الاجتماع العلمائي الرمضاني الذي أقيم في مدينة صعدة ( السلام ) الأسبوع الفائت ، وكانت خطوة إيجابية بكل المقاييس لاسيما أنها استقطبت علماء اليمن من مختلف المحافظات وضمّت أساطين الفكر الديني المعتدل والمتنور والمتسامح الذي فقدناه في ظل الدخيل المتطرف وهيمنته ونزوعه إلى التكفير والقتل والفيد والمحاصصة واقتسام الغنائم .. وكنتُ أحبذ ألا يظهر علماؤنا في هذا الاجتماع النوعي وهم يمضغون القات ... !! .