السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٢٣ صباحاً

أولمبياد لندن ورقم 444

أحمد إبراهيم
الأحد ، ٢٩ يوليو ٢٠١٢ الساعة ١١:٤٠ مساءً
هل ترى بيننا من لم يقرأ لم يسمع ولايعرف عن مسرحية رقم 444..؟
هو ذاته الذي كان قد إستثمره الإيرانيون يوما ليسرقوا به أضواء العالم في الثمانينيات بإحتجاز رهائن السفارة الأمريكية في طهران لمدة 444 يوما .. دارت به اليوم طاحونة الفلك الدوار دون طحنه، فأعادته سالما: (444) إلى الملعب العربي من لندن..!

ألاحظتموه (444) اليوم في بريطانيا؟ وأنظار العالم كلها متجهة نحو الأستاد الأولمبي بستراتفورد شرقي لندن لإفتتاح دورة الألعاب الصيفية (أولمياد 2012)؟ وكان هذا الرقم الثلاثي السلس الأربعائي عريس الحفل (في نظري المتواضع)، سلسلته بثلاث أربعات 444، ولا مجاراته لأرقام أخرى ضخمة جديرة بالإهتمام، وإنما لحاجة في قلب يعقوب سيعرفها أخوة يوسف بعد قليل.

الأرقام كانت بكثرة في المهرجان، كحضور زعماء (120) دول ملوكها، رؤساءها وزراءها وحكوماتها، ومشاهدوا الحفل اكثر من (مليار) شخص، والساعة (السابعة واثنتي عشرة دقيقة) التي قرع فيها جرس بيغ بين هى الأخرى رقم قياسي آخر، إذ تدق للمرة الأولى خارج قرعاته المعتادة عند كل ساعة صفر، منذ وفاة الملك جورج السادس والد الملكة إليزابيت الثانية.

وأرقام أخرى كرقم (12 الف و877) كيلومترا مسيرة الشعلة الأولمبية التي امتدت ليوم الإفتتاح برقم (السبعين) الى قصر هامبتون كورت قرب لندن، والملعب المكتظ برقم (ثمانين الف مشاهد) ولاحتى رقم (عشرة آلاف و500 رياضيون ولاعبون) أو رقمى(302) ميدالية ذهبية و (17) يوم يتنافس فيها اللاعبون على تلك الميداليات، كل هذه الأرقام لم تشغلني على الإطلاق.

بل ولم يشغلني حتى ذلك الرقم (الواحد) لذلك الرجل (الواحد) في العالم: الرئيس الأمريكي باراك اوباما الذي لم يحضر هذا الحفل، لانشغاله بتوقيعات حفل تقوية إسرائيل بتسليحها أكثر وأكثر في وجه الفلسطينيين العزّل، قد يذهب بعدها السنياتور الى تل أبيب مباشرة للمهرجان الأمريكي الإسرائيلي، فأنتدبت عنه زوجته (ميشيل أوباما) المهرجان الرياضي العالمي بصفتها السيدة الأولى في العالم.

في الحقيقة لم تشغلني تلك الأرقام كلها ولابعضها.! وإنّ ما أشغلني بصدق، هو ما أعلنته اللجنة المنظمة لدورة الألعاب الأولمبية في لندن، أن المشاركين الرياضيين العرب هذا العام، ذكورا واناثا (منها المرأة السعودية للمرة الأخرى) بلغ عددهم الإجمالي 444

العرب اليوم برقم جميل إن إستثمروه لغد جميل بحنكة! فيجعلوه امامهم لاخلفهم، هذا الرقم الأربعائي الثلاثي، لايمثل 444 لاعبا ولاعبة في الميدان فحسب، وإنما هم نجوم سكان العالم العربي برمّته، والذي قارب نصف مليار حسب الإحصائيات الأخيرة، الرقمُ لا بعدد لاعبيهم اليوم في لندن، ولابعدد ذويهم وآبائهم المشاهدين من 22 دول عربية عبر التلفاز على موائدهم الرمضانية من الفطور والسحور، يتفاخرون بأبنائهم اللاعبين واللاعبات، وإنما ايها اللاعبون وأنتم بالميدان، فليكن لكم أبناء ينادونكم غدا بالمثل، ويتضاعف كل عام.

عندما سمعت ان الفعالية الأولى في هذا المهرجان الدولي العملاق كانت (السباحة)، تذكرت حديثا للرسول صلى الله عليه وسلم كان قد أطلقه قبل 1400 عام من بيئة ضحراوية بدوية قاحلة (علّموا أولادكم السباحة وركوب الخيل وحمل السلاح) .. فلنخفي هذا الحديث عن العدسات، أخشى عليها من سوء الترجمة سوء الفهم وسوء الإستخدام، خاصة لو كان المترجم مهاجرا مأجورا سلسا بين العين والباء من العربية الى العبرية، فإنه قد يرفع كلمة (حمل السلاح) من آخر الحديث إلى أول السطر، ظنّا منه انه الكلاشنكوف والحزام الناسف.!

نعم أوصانا الرسول بحمل السلاح، لكنه سلاح العلم، بما عظّمه الله العلماء في كتابه الحكيم (إنما يخشى الله من عباده العلماء) إحتراما للعالم كائنا من كان هو وما كان علمه، لافرق إن كان عالما دينيا او رياضيا وطبيا وإقتصاديا و فيزيائيا وكيميائيا حتى وإن كان سندبادا بحريا، فالإسلام يحترم العلم، ويحرض على طلبه من مكة الى الصين.

(أبنائنا اللاعبون 444) انتم في الميدان سفراء نصف مليار في 22 دول عربية، لستم بعباقرة إذا كان إعتقادكم بالعبقرية أنها قاعدة تنمو فقط بين أثرياء دول المتحضرة، ولستم بعباقرة إذا لم تُنمّوا وتضاعفوا رقمكم 444 الى 888 العام المقبل، رقما ينمو ويتضاعف كل عام، ومع كل خطة تنموية مقبلة ومتبادلة بين 22 دول عربية، ولستم بعباقرة اذا لم تُقنعوا منظمي أولمبياد 2012 في لندن، ان بين عواصم الدول العربية هناك عواصمٌ مؤهلة بل وتنافس لندن ونيويورك وباريس لإستضافة هكذا المهرجانات إن أتيحت لها المجال دون معاكسات ودون نظرة دونية.

ولستم بعباقرة يا أبنائي وإخواني إن لم تُقنعوا اللون الأبيض، ان السماء الزرقاء تعرف ما يقوله الأبيض والأسمر، واننا لم نكذب بان (السباحة) التي اخترتموها "الصفحة الأولى" لأولمبيادكم عام 2012، كان قد وضعها بدويا من ظهر ناقته قبل 1400 سنة على الصفحة الأولى لمناهج أولادنا: (علّموا أولادكم السباحة)، وانه كان قد قال أيضا إثنان لايشبعان، طالب علم وطالب مال، فإذا كانت اليونان والأسبان لم تنعشهما اليوريو مهما غذّيتموهما؟ والصين لم تشبع من تنقيب بحر الشمال نفطا وغازا؟ فمن حقنا أيضا أن لانشبع من هذا الأولمبياد العالمي بأسواره اللندنية إن لم تدخل إحدى عواصمنا المأهولة وما أكثرها المأهولات، ناهيك عن تلك التي في طريقها للتأهيل.

ومبروك للفائزين مقدما