الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٠٩ صباحاً

يا شباب اليمن اتحدوا

عارف الدوش
الاربعاء ، ٠٤ يوليو ٢٠١٢ الساعة ١١:٥٠ صباحاً
• كان حتى وقت قريب يقال أن الشباب هم نصف الحاضر وكل المستقبل، وهذا حتى اندلاع الثورات الشبابية السلمية في المنطقة ومنها اليمن، فأصبح الشباب بفعل ثورات الربيع العربي هم “ كل الحاضر وكل المستقبل” ولهذا لحقت بهم كل القوى الحزبية والعسكرية ومراكز القوى القبلية والتجارية التي كانت جزءاً أصيلاً من الحكم السابق بل وعموده الفقري وترسانته العسكرية التي كان يقمع بها معارضيه ولسانه التي كان يتحدث بها وأنصاره الذين قاتل بهم كما شاهدنا بالأمس في تونس ومصر وليبيا واليمن واليوم في سوريا ووجد الشباب أنفسهم في ساحات الثورة والتغيير والحرية محاطين بترسانة أسلحة وقوالب خرسانية وأسوار عالية وسيل جارف من الدعاية ووسائل الإعلام وحسابات بنكية ومطابخ غذاء، والبعض يتحدث عن دعم مالي وإغراءات مناصب وتوزيع أراض .. الخ

• كل ذلك كان وسائل احتواء وفرملة وتهدئة بصيغ مساندة جرى تكثيفها واختصارها وقولبتها في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وبرغم ذلك حقق شباب وشابات ساحات التغيير والحرية المعجزات بالنسبة للأجيال التي سبقتهم، فأرادت الأحزاب ومراكز القوى العسكرية والقبلية الاستفادة مما حققه الشباب، ولهذا رأينا كيف تقاطر من كانوا شركاء و حماة النظام السابق من أحزاب وعسكريين وقبائل وتجار وكبار موظفين وما حصل خاصة في ساحتي التغيير والحرية في صنعاء وتعز كان مشهداً ثورياً وطنياً استمر عاماً كاملاً لم يسبق له مثيل لكن لا نريد أن يتحول ذلك الزخم الشعبي الذي بدأت به الثورة الشبابية وتلك المساند ه الحزبية والعسكرية والقبلية والمالية لثورة الشباب التي تمت من نصف النظام السابق الذي انضم للثورة الى جدار صلب يقف عائقاً أمام استكمال مهام الثورة الشبابية لتحقيق طموحات الشباب الثائر ومطالبهم المشروعة في القضاء على الإستبداد وإزاحة الظلم ومحاربة الفساد وتحقيق مبدأ المواطنة المتساوية وإقامة الدولة المدنية الحديثة - أي الحكم المدني الديمقراطي - الذي يعود فيه العسكر الى الثكنات وتختفي عنجهيتهم ويزول نخيط القبائل بل إن المطلوب من الذين وجدوا في الثورة الشبابية ملاذهم الآمن للتخلص من ماضيهم الإستبدادي ونخيطهم القبلي ضد الدولة والمناطق الأخرى في اليمن المساهمة بفعالية في إرساء دولة النظام والقانون التي يصبح الجميع فيها متساوين في الحقوق والواجبات وما على العسكر ومراكز نفوذ القبائل إلا التحول الى خدام للشعب، فهل يستطيعون أن يصبحواً خداماً للشعب لا أوصياء عليه أو حكاماً عليه بالغصب والقوة والعنجهية والنخيط ؟.

• وعلى غرار شعار ثورات القرن الماضي الاشتراكية التحررية العالمية وحركات التحرر الوطني من الإستعمار والأنظمة الدكتاتورية “ ياعمال العالم اتحدوا” أصبح هناك ضرورة اليوم أن يرفع شباب وشابات ساحات التغيير والحرية في اليمن شعاراً مماثلاً “يا شباب اليمن اتحدوا” فالجميع في هذه المرحلة الهامة والحساسة التي تمر بها اليمن يخطب ود الشباب الذين هم قادة ثورة التغيير و لكي يكون للشباب حضور فاعل في مؤتمر الحوار الوطني لابد أن يتحدوا في رؤاهم وأن تكون مطالبهم كلها تصب في موضوع شكل دولة اليمن القادمة ونوعية الحكم فيها والدستور الجديد وما يحتويه من ضمانات تحمي الديمقراطية والحريات وتحدد بدقة فترات الحكم وكيفية تداول السلطة سلمياً وكيفية محاسبة ومساءلة الحكام وعزلهم من أكبر مسئول حتى أصغر موظف وهذا هو مربط الفرس طالما والجميع يسمع اليوم من أكبر مسئول وأكبر شيخ وأكبر قائد عسكري كلمات معسولة تخطب ود الشباب وتعطيهم بالكلام حقهم ومن خلال الممارسة العملية تريد الإلتفاف على قضياهم ولسنا بحاجة الى التدليل حول ذلك من خلال التنازع بين لجنتي التواصل الرئاسية والوزارية مع الشباب حول اختيار ممثلي الشباب لمؤتمر الحوار الوطني فهناك نيات مسبقة “لتفخيخ” مؤتمر الحوار الوطني وتهميش الشباب والعجيب والغريب بل والمريب في الأمر أن يتم الحديث عن ممثلين للشباب من خارج ساحات التغيير والحرية ولابد أن ينتبه الشباب في ساحات التغيير والحرية أنهم يمكن أن يتعرضوا لخديعة ويمارس ضدهم المكر من قبل القوى التي اعتادت دوماً الإلتفاف على كل المطالب الوطنية والتي تقفز دوماً على كل مطالب وأطروحات التغيير والحرية والعدالة منذ ثلاثينيات القرن الماضي حتى قيام دولة الوحدة، ففي كل مرة تخرج لنا تلك القوى بفرمانات وسيناريوهات تؤدي الى تمييع المطالب والمشاريع الوطنية وإفراغها من مضمونها بوسائل مختلفة أدناها التحايل والخداع بهدف الوصول الى وثائق تحمل صيغاً مطاطية وتصبح حمالة أوجه متعددة وأعلاها التصعيد وتنفيذ حرب طاحنة لخلق واقع جديد يتجاوز كل ما هو مطروح ومطلوب والأمثلة كثيرة أبرزها أحداث أغسطس 68م ومعاركها الطاحنة التي جرى على إثرها الإلتفاف على مشروع ثورة سبتمبر الوطني التقدمي وتم إفراغه من مضمونه والتفاصيل يعرفها الجميع وحرب صيف94م المشئومة التي جرى فيها تدمير مشروع الوحدة الوطني التقدمي، واليوم هناك مؤشرات وبوادر كثيرة تفصح عن مشروع يراد منه الإلتفاف على مطالب ثورة الشباب وإعادة إنتاج النظام السابق بصورة محسنة تعمل بنفس آليات وثقافة وأنماط النظام السابق، الأمر الذي سيخلق مستبدين جدداً يمارسون الإقصاء والتهميش وسيجد الشباب أنفسهم بعد أشهر وليس سنوات أمام استبداد جديد وديكتاتورية جديدة.

• ليس ما سبق تهويلاً وتخويفاً مما هو قادم فلن يكون القادم بسوء وغباء النظام السابق فهو من أوصل البلاد والعباد الى ما هي عليه وإنما التحذير من أن تشتيت الشباب وعدم توحدهم حول برنامج الحد الأدنى للتغيير ومتابعة تجذير ذلك وصيانته من خلال الممارسة وفي الوثائق ومن أهمها الدستور الجديد للبلاد وليس تعديلات كما يروج هذه الأيام ومشاركة الشباب بفعالية في مؤتمر الحوار الوطني ستؤدي الى تصويب أي أخطاء و ردم أي ثغرات خاصة فيما يتعلق بالمستقبل، شكل ونوع الحكم والدستور الجديد وضمانات الحرية والديمقراطية وكيفية تداول السلطة سلمياً والتأكيد على مدنية الدولة اليمنية وعودة العسكر الى الثكنات ومحاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين وفترة الحكم وكيفية مساءلة ومحاسبة كبار المسئولين في الدولة والحكومة وعزلهم في حال تقصيرهم في أداء واجبهم أواتهامهم بالفساد واثبات ذلك من خلال محاكمة عادلة.

ــــــــــــــــــــــ
صحيفة الجمهورية :الثلاثاء 03 يوليو- تموز 2012 م