الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:١١ صباحاً

كأس أووبا 2012 عساه كأسٌ بلا فأس

أحمد إبراهيم
الأحد ، ٠١ يوليو ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٥٠ صباحاً
رغم ان هذا الأحد الأول من يوليو/تموز، من المفترض العاصمة الأوكرانية (كييف) هى التي تسرق الأضواء والعدسات نحو المباراة النهائية في بطولة كأس أوروبا 2012، قبلة الأنظار لعشاق كرة القدم من كافة أنحاء العالم.

إلا ان فتاة هولندية إقتحمت عليىّ اليوم برسالة على "الواتس آب"، كنت قد تعرفت على تلك الفتاة قبل حوالي 15 سنة بعاصمة الزهور (أمستردام) في رحلة بقطار كهربائي قطع مسافة 90 كيلو الى روتردام في اقل من ساعة، وكانت الفتاة واقفة تنتظر نفس القطار، وهى التي تقدمت نحوي بعد أن شاهدتني اقصّ التذكرة إلى الوجهة المشتركة (روتردام) من المحطة الرئيسية (سنترال إستيشن/أمستردام) .. تقدمت الشقراء نحوى بخطوتين هادئتين والدنيا صقيع وامطار، تسألني بكل أدب وهدوء: هل انت عربي؟ أتتحدث الإنجليزية؟ ، ثم انتقلت عندما لاقت مني الردود بالإيجاب، "إني سمعت ان المرأة عندكم تعاني قسوة الحياة وشدة الوقت وخشونة الزمان، عليها ان تغطي وجهها منقبّة محجبّة وتمشي خلف الرجل أينما يتجه.! وعليها ان تسير خلفه كآلة يجرها المغناطيس اسمه (الزوج) .. هل هذا صحيح؟!"

لم اتحدث معها كثيرا بالمحطة، مكتفيا بسؤالين: هل وجهتك روترام؟ نعم، وكم وقت ستستغرق الرحلة؟ 90 دقيقة تقريبا .. فقلت لها ممكن نجلس جنب بعض في القطار؟ اجابت بالتأكيد، وانطلق القطار بصفارة للركاب، كما وانطلقت الهولندية الشقرا بملاّ احمد الأسمر وتراتيله الوعظية التي تصف المرأة في الإسلام، أهي عبدة يستخدمها الرجل ويستبدلها كما يستبدل حذاءه وبدلته وقلنسوته عندكم في أوروبا؟ أم أنها سلعة نفيسة يحافظ عليها الإسلام من التلوث بأدوار الرجل الأب ثم الرجل الأخ ثم الرجل الزوج ثم الأبناء ثم الأحفاد، كى لاتتحول الى سلعة إستهلاكية تُستهلك في المتروات والقطارات والمحطات وحتى في دورات المياه، ثم يرمى بها إلى دار العجزة، وهى لاتتذكر من اخذ شبابها؟ وكم شاركوا في إمتصاص رحيقها؟ ومن هم آباء أولادها، ومن سيدفع لها آخر الدولارات المعدودة للنعش والتابوت؟

هولندية ذلك اليوم، والتي كنا على تواصل منذ ايام البريد الورقي ثم الإلكتروني ثم المسنجري ثم التويتري والفسبوكي، فأجأتني اليوم برسالة مؤلمة على "الواتس أب" قائلة (يا مستر إبراهيم، انا آسفة أن هولندا ستبدأ ببثّ فيلم كرتوني إباحي عن زوجات نبيكم محمد، الذي كنت وصفته لي في رحلتنا بين أمستردام وروتردام بالقطار، بانه مبعوث رحمة للعالمين، وان في عدد زوجاته حكم وعبر ودروس، وكدت اقتنع بها كلما قارنت حياة الجنسين في مجتمعنا الأوروبي المُنحلّ بمجتمعكم الإسلامي المحافظ).

(لكن هذا الفلم المشبوه يا مستر إبراهيم –والكلام لازال للهولندية- يحتوي على مشاهد فاضحة ومشينة عن زوجات رسولكم وآل بيته، والتجار هنا في هولندا هددوا النائب البرلماني الذي سمح ببثها أن يقاضوه في حال قاطع المسلمون المنتجات الهولندية، ورغم ذلك انه سيُبثُّ قريبا جدا كما يبدو، وأنا متأسفة لذلك..!)

مداخلة الهولندية مهما كانت قصيرة النص بكلماتها على الواتس آب، لكنها أحالت قلمي من عنوان المقال الحاوي على المباراة بين منتخبي إسبانيا وإيطاليا المنتهية بالتعادل واحد/واحد، وما قد يسعى له المنتخب الإيطالي الهجومي لإحراز اللقب الثاني في تاريخه واعتلاء منصة التتويج التي غاب عنها منذ عام 1968. تقابلها إسبانيا الدفاعية عن اللقب لإعتلاء منصة التتويج للمرة الثالثة في تاريخها، وكذلك إنجلترا وفرنسا وروسيا وغيرهم، وتشاركهم جميعا أوكرانيا وبولندا في استضافتها.

لأن الجدير بالذكر هنا بين تلك الفرق كلها، هى الفرقة الهولندية صاحبة المركز الثاني في بطولة كأس العالم الماضية، وما أراه برؤيتي المتواضعة، إن المسلمين لو إختاروا طريقة مختلفة لإيصال رسالة سلمية للعالم من الميدان الرياضي، يكون أفضل من سابقاتها التي تكررت أسطواناتها على وتيرة مقاطعة البضائع الدنماركية وغيرها، والناتج كان صفران على اليمين بدل الشمال في جميع تجاربهم السابقة، هذا إن لم يحدث من حيث لانعلم دعاية ذو شعبين، للسلع المقاطعة التي رُوّجت اكثر من قبل، وللأفلام المسيئة لمقدساتنا التي أشتهرت أكثر ونالت طرقها إلى أحيائنا عبر قنوات الممنوع مرغوب.!

إن التجارة والاعمال دنياها قذرة تفهم لغة الربح دون الخسارة، خاصة تلك القائمة والناطقة بلغة النظام الربوي القاتل الجزار الذي يلد ليربح ويموت ليربح، وعلى هذا الأساس لا جدوى من المقاطعات السلعية للمنتجات الهولندية التي يُروّج لها في الشبكة العنكبوتية وتواصلاتها الاجتماعية هذه الأيام، بل وبدل المقاطعة الإعلامية التي قد تكون دعاية مستهدفة، ماذا لو حمل كل مسلم شارك في هذه المباراة الأوروبية الدولية باقة ورد كتب عليها محمد رسول الله، ومختومة بدعاء الخير من قلوب المليارية المسلمة لأوروبا المستحضرة إقتصاديا، بالتعافي اليوناني اولا، ثم تبارك لمن يذهب له الكأس رياضيا أن لايتحول إلى فأس على الرأس إقتصاديا.؟

وعلّنا بهذه الدعاء نبثّ رسالة ودية إسلامية سلمية للقارة الأوربية، ومن تطاول على مقدساتنا من دنمارك الى هولندا، إن الكنيسة ان كانت تطلب منكم أن تمدوا خدكم الأيسر لمن صفعكم على الأيمن، بأن الإسلام الإسلام لايصفع الخدود بل ويوزع الورود، ولأن الإسلام يعني السلام فمنه السلام إلى من يمدّ له يد السلام سواء من كييف وإمستردام، او مكة والمدينة وعواصم الإسلام.؟