السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٤١ صباحاً

الثورة اليمنية .. ما قبل ورطة مصر

علي الجرادي
الخميس ، ٢١ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠٧:٤٠ مساءً
اليمن على مشارف نهاية الثلث الأول من عمر الفترة الانتقالية ولا يبدو أن الثورة من خلال الفترة الماضية قد استطاعت إنجاز هدف التغيير الشامل باستثناء تنحية صالح وعدد من أقربائه وتسليم السلطة بتوافق وطني للنائب الأول لرئيس المؤتمر الشعبي العام وأمينه العام الرئيس عبدربه منصور هادي!!

حين قامت الثورات العربية رأينا الارتباك الدولي في الموقف من الثورة التونسية ثم المصرية في أيامها الأولى.

وخلال فترة الثورات توصل الأمريكان والاتحاد الأوروبي ودول الإقليم وعلى رأسها المملكة العربية السعودية إلى استراتيجية جديدة فحواها: موافقة الشعوب الثائرة بالتخلص من الأسر العائلية الحاكمة واحتواء مسار الثورات باتجاه الحفاظ على بنية الأنظمة القائمة وإعادة إنتاجها. وملخص الاستراتيجية الجديدة هو: إسقاط العائلة وإعادة إنتاج النظام.

يمكن قراءة المشهد السياسي في اليمن على هذا النحو:

• تحويل الثورة إلى نصف حكومة ونصف هيئة مستشارين لدى الرئيس.

• إطالة فترة التغيير المتصلة بالمحافظين ومدراء الأمن ورؤساء المؤسسات والشركات والقيادة العسكرية، وتوقف التغيير عند نصف حكومة دون أن يتعدى ذلك إلى درجة النائب أو الوكيل.

• حتى الآن لا توجد أي خطوات جادة نحو تغيير النظام السياسي أو الانتخابي وما يتبعه من قضية السجل الوطني على مستوى البلاد.

• يلاحظ أن رموز النظام السابق يتصدرون مشهد القيادة في بنية النظام الإداري والأمني والعسكري.. بمعنى أن اليمن ستواجه الانتخابات بعد سنة ونصف من الآن ولايزال جسم نظام (صالح) قائماً.

• خلال هذا الشهر هناك عملية إحياء للمؤتمر الشعبي العام، وإعادة الذين هاجروا طوعاً أثناء الثورة الشبابية، ومعلومات تتحدث عن امتلاك المؤتمر 27 مليار ريال بالإضافة إلى 2 ونصف مليار دولار تلقتها أسرة صالح من جهات إقليمية (على خصام مع المبادرة الخليجية) استعداداً للمرحلة القادمة.

• قوى الثورة اليمنية تجازف كثيراً بالركون للمشهد القائم وستجد نفسها وجهاً لوجه مع نظام صالح الذي تم بناؤه طوال ثلاثة وثلاثين عاماً باستثناء التغيير الاجتماعي العميق الذي يسري في أوساط المجتمع.

• هناك رغبة دولية وإقليمية بأن تظل قضايا كبرى مفتوحة دون الانتهاء منها لإيصال المجتمع إلى نهاية الفترة الانتقالية والمهمة لاتزال ماثلة، وبما يدعو إلى تمديد فترة الرئيس هادي باعتباره محل توافق وطني وإجراء الانتخابات البرلمانية مع وجود جسم النظام السابق كما هو، والنتيجة هي توازن قوى داخل البرلمان وإن تفوقت قوى الثورة قليلاً؛ لكن ذلك لا يسمح بالتغيير الشامل.

• لا يزال الوقت مبكراً أمام قوى الثورة جميعاً لمراجعة حساباتها ووضع أولويات مهمة يتم إنجازها في زمن محدد.

ومن العبث أن تظل قوى الثورة جميعاً تنتظر مزاج القوى الدولية والإقليمية والمستفيدين من هذا التوجه في إدارة شؤون البلاد في هذه المرحلة.

وكما يسعى الآخرون لإعادة إنتاج النظام، فإن قوى الثورة عليها إعادة إنتاج الثورة وفق أهداف محددة.

التسوية السياسية الحالية لا تمضي باتجاه التغيير الشامل وهناك تقاطع مصالح تصب في خدمة إعادة انتاج الأنظمة السابقة ومن يريد تفصيلات وشواهد كثيرة فليتابع ما يحدث للثورة المصرية. وحينما تقبل الثورة بالتوافقات مع الأنظمة التي ثارت عليها تتحول إلى طرف سياسي فقط والغلبة ستكون لمن يمتلك أدواتها.

قبل أن تصل الثورة اليمنية إلى (ورطة) الثورة المصرية لايزال أمام قوى الثورة وقت لمراجعة حساباتها وإن كان قصيرا..!!