الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٤٢ مساءً

رحمة الجلاد وقانون الضحية

جلال غانم
الخميس ، ٢١ يونيو ٢٠١٢ الساعة ١١:٥٠ صباحاً
العديد من حكام العالم الثالث وبالأخص في العالم العربي إذا ما أخطانا القول هم جزء من خريف البطريرك رائعة جابرييل جارسيا ماكيز التي تحكي قصة حاكم لا يعرف شيء عن السياسة وظروفها كالمجرد الأحمق الذي جاء بالمصادفة ثم عاشها ببطولاته الوهمية وصار سيدها من حيث كانت السلطة سيدة عليه وتعُج العديد من دول العالم المتخلف بهذا النوع من الحكام الببغاوات غير الأليفة الذين لا يعرفون القراءة والكتابة في حضرة أوطانهم ولا يشعرون بالقوة إلا بالاحتيال على شعوبهم كحكام قمعيون يستعرضون موت شعوبهم العلني , وأشلاء الضحايا تتطاير كجزء من خارطة حكمهم الضعيف وتاريخهم المزور والمرصع بالدم كجنرالات حمقاء فقط وبزٌات عسكرية ككاوية اللون .

يوهِموننا بحكاياتهم وانتصاراتهم التي نتقبلها بحميمية ونردد ورائهم النشيد الوطني ونستمع إلى خطاباتهم ونرفع الأعلام الوطنية في حضرة نشوتهم ونحتفل بأعياد ميلادهم ونحفظ الأشعار التي كُتبت عنهم ونمحو الألوان فاقعة اللون من على جدران ذاكرتهم ونرفع الدعاء لهم كل ذلك حتى يشعروا بالرضاء والسعادة عنا ويمنحونا جزء من هويتنا ولقمة عيشنا المنتقصة أصلا .

براكين وزلازل ونيران داخلية تتعدى الكلمات والسطور والمساحات الضيقة في القلب , وشعوب تعيش تغريبتها الدائمة في الهوية , وبيت الشتاء الأول , والرواية الأولى كلها فواتير زمنية ندفع ضريبتها علناً ونوقع بصمت على جمهورية قبولنا بحتمية السكوت كي تتساوى في داخلنا رحمة الجلاد بقانون الضحية .