السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٤٢ صباحاً

المعراج وكوكب الزُّهرة في 2012

أحمد إبراهيم
الاثنين ، ١١ يونيو ٢٠١٢ الساعة ١٢:٤٠ صباحاً
البُراق والتلسكوب أشغلا العلمانيين والإيمانيين معا هذا الأسبوع على كوكب الأرض .. ففي حين إنشغلنا عقائديا بفلكيات "الأسرى والمعراج" وإحتفاليات التهاليل والتراتيل من مكة الى سنغال مقديشو وجاكرتا للعواصم الإسلامية، كان الجانب الآخر من العالم العلماني برمّته مشغولا بتلسكوبات فلكية من أستراليا الى بيونغ يانغ وسيول وطوكيو وشنغهاي، ينظرون الى كوكب (الزُّهرة) وهو يمرّ بين الشمس والأرض مرور كرام لاعُنفوان فيه ولا عدوان ولا صدام للنيازك ولاطغيان، رأته العيون المجردة من القارات، وهو يمر سبّاحا غوّاصا ببطء كنقطة سوداء عبر الشمس لنحو سبع ساعات وأربعون دقيقة، مرورا شفّافا ناعما كالسُّحُب والضباب بوصفة القرآن (مرّ السحاب).

والذين رأوا (الزُّهرة) مروره وإن كانوا قد رأوا سابقه قبل ثمانية أعوام، فإنهم لن يلتحقوا بلاحقه إلا من كان واثقا لنفسه حياة بلا إنقطاع لمائة وسبعة عشرة عاما والنظر 6/6، لأنّ هذا الحدث الفلكي الذي تكرر سبع مرات والثامن هذا العام والأول من نوعه في وجود مركبة فضائية على سطح كوكب الزهرة منذ اختراع التليسكوب في أعوام ( 1631و 1639) ثم (1761 و1769) ثم ( 1874 و1882) و(2004 و 2012)، فإنه لن يتكرر مرة أخرى قبل عام ألفين ومئة وسبعة عشر، إذ يمرّ كوكب الزهرة بين الأرض والشمس أربع مرات كل 243 عاما تقريبا، يفصل بين كل منها نحو حوالي ثمان سنوات، و105 سنوات على التوالي، إذن فلنترك الورد والسلام هنا عبر هذه السطور لمن يقرأنا عام 2117م.!

المترصّدون لفكرة المعراج النبوي ورافضوها على أنها إعجاز سماوي، وبأن فكرة صعود الإنسان الى السماء بحسمه لن تصمد امام العقل، عليهم ان يصعدوا قليلا الى الزهرة اليوم بفكرهم لا بجسمهم، بعد ان القمر والمريخ صعدهما الإنسان بجسمه، والفكرة تصمد امام العقل، ذلك العقل الذي خاطبته السماء بلغة العقل عبر التوراة والإنجيل والزبور والقرآن ..

أترى عقلك كان يقبل يوما، ان في السماء أحواض للغوص والسباحة كما في بيتك لأسماك الزينة؟ وقد تقول لأ، إن لم تكن صعدت بفكرك معراج السماء (لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر، ولا الليل سابق النهار، وكل في فلك يسحبون/صدق الله العظيم).

دعوا العقول جانبا والشهادات جانبا، ولنصعد السماء معا غُزاة عُراة، الدكتور، المهندس والفيزيائي والكيميائي أتركوا شهاداتكم في الأدراج ليوم واحد، يوم هبط كوكب الزّهرة نحو الشمس والأرض لأربع ساعات، ولنُعرّج السماء معا بالفكر بلا جسد، قد ندرك السماء تخاطبنا بما يحويه من مناقشات مفترضة مع أهل الأرض، وقد نسمع أصواتا من دواخلنا "أنا الإنسان وفي داخلي عوالم تحتاج الغوص والسباحة" .. يباش مهندس ويا الدكتور، لا أريد شحن رأسك ولا إقناعك بالرأي دون الرأي، وإنما القصد كل القصد هو تحريك الفكر ليستيقظ الذهن لديك كإنسان دون شهاداتك كمهندس او دكتور، إنسان الأرض و الفضاء بإرادة السماء فوق كل الإرادات.

نعم إنها كانت إرادة سماوية ان تهبط الزهرة بالنيازك نحو الشمس والأرض من الدُّنى، كما كانت إرادة سماوية أن يعرج الرسول الكريم بالبراق إلى العُلى، الى قاب قوسين أو أدنى من السدرة المنتهى، فهل أنت قادرٌ بعلمك وعلمانياتك على إيقافها بقوة العلم؟ .. كنت قد وافقتك "نعم" إذا إثبتت علمياناتك قدرتها على إيقاف تسونامي بأندونيسيا والزلازل في اليابان والحرائق بكاليفورنيا.

وإن لم يعجبك العروج بالفكر الى السما فلنهبط الأرض معا بالفكر، ألم تسمع فجر مرور كوكب الزهرة امام كوكب الشمس، كان قد وصل قطاع غزة المنهك بالفقر والبطالة من حصار إسرائيل، وصلها خبيرا غزاويا (الفيزيائي سليمان بركة) بتلسكوبات ضخمة ترصد كوكب الزهرة، في ظاهرة فلكية نادرة، سجلت أول إنجاز فلكي في غزة المحاصرة (بفتح الصاد) نافست إسرائيل المحاصرة (بكسر الصاد) بل ونافست مدينة كاليفورنيا الأمريكية المنافسة لكوكب الأرض والمريج والقمر، وشاهد اهل غزة المحاصرون الفلسطينيون المنبوذون الزهرة لمدة اربع ساعات تمر أمام الشمس قبل أن يشاهدها الكاليفارنيون الأميركان ..!

نعم وكان هذا هو معراجٌ من نوع آخر برسالة السماء بأنها الإراءة والتنفيذ لأهل غزة دون تل ابيب وواشنطن، فمن يدري يوما لنا السماء بالقدس وفلسطين بالإرادة والتنفيذ دون واشنطن وتل أبيب..!