الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٣٥ مساءً

البيان رقم واحد .. الحرب على تعز

اسكندر شاهر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
نعم .. طالت ثورتنا الشبابية الشعبية اليمنية ، كما لم يحدث في تونس ومصر وكما لن يحدث في أي بلد عربي آخر .. نحن مختلفون إذا ، ولم يكن من قالها مجازفاً بالرغم من أن أكثر من أكد عليها يمتاز بالكذب والخداع ونقض العهود ولكنه يعرف من يشاركه السلطة ويقاسمه المعارضة .. "خبزه يده والعجين".

علي عبد الله صالح الاحمر ، علي محسن صالح الأحمر ، صادق وحميد وحسين الأحمر ، وكم ياسعيدة بسوق البيض حسب المثل الشعبي الدارج .. أن يشترك هؤلاء جميعاً بلقب (الأحمر) هذه ليست مشكلتنا .. إنها مسألة تخصهم وكل واحد يختار اللون الذي يناسبه مع أن مسألة الأسماء والألقاب لا يمكن اختيارها، ولكن ان يشترك هؤلاء في جعل اليمن ساحة حمراء مضرجة بدماء شباب التغيير والحرية الأبرياء السلميين العزل فتلك مسألة لم تعد تخصهم بل تخص الجميع وهي قضية عامة وشأن قومي لأمة خلقها الله لأن تكون سيدة على هذه الأرض الطيبة لا أن تتحول إلى عبيد لهم أو وقود لمحارقهم وحروبهم العبثية.

هناك مفارقات عجيبة لا يمكن لها أن تتحرك وتحدث على هذا النحو إلا في اليمن .. وتؤكد الوقائع بأن التوانسة والمصريين محظوظون .. إنهم على أقل تقدير وبالرغم من عدم ادعاء النظامين المخلوعين للديمقراطية كما تفعل صنعاء كانا يمتلكان مقوماً مجتمعياً يمكن ان يطلق عليه اسم (معارضة) ، وهي معارضة توصف بأنها تقليدية أو كلاسيكية ، ولكنها معارضة ، شعرت بالخجل إزاء ثورة الشباب التي تجاوزتها فانحازت إليها بتواضع وشكلت رافدا وهذبت خطابها السياسي وشذبته بما يتلاءم وثورة الشباب وبما ينسجم مع التطلعات الجديدة والمعادلة القادمة، الجميع هناك تمسك بدوره وتمسك بسلمية الثورة بما في ذلك الجيش الذي انحاز للجماهير ، ومن دون مزايدات ومناقصات.

ما يحصل لدينا شيء لا مثيل ولا نظير له .. المعارضة ليست معارضة وإنما جيب من جيوب الحكم تبتاع وتشتري بالثورة تحت مسمى الجهد السياسي الذي تبين بأنه محاولة بائسة لقنص السلطة.. تعرف الغرض الأساسي من المبادرة الخليجية وتعرف رفض الشباب والشارع لها وتمضي معها حتى آخر قتيل وآخر دم مسفوك وآخر حزمة جرحى، ولو قال صالح اليوم خطاباً جديدا وأعلن رغبته في التوقيع بعد أكثر من شهر من التسويف والتمييع وترافق ذلك مع بهررة المسيو سعود الفيصل كما بهرر المرة الماضية حينما قال لا نسمح لليمنيين أن يوجدوا عثرات للمبادرة الخليجية ستجدهم قد خرجوا من جحورهم مرة أخرى ليوقعوا مجددا على ما وقعوا عليه، وليس مهماً كم سيقتل وكم سيجرح في هذه الدورة السياسية المفترضة.

هناك تزامنات عجيبة في عموم المشهد الثوري في اليمن منذ انطلاقته من تعز وحتى مجزرة اليوم في تعز أيضاً .. تزامنات لا يمكن أن تجد لها تفسيراً واضحاً ولكن كلمة (المؤامرة ) تختزل المشهد برمته.

نريد أن نعرف ماذا قدمت الفرقة الأولى مدرع ووحدات الجيش التي زعمت الانضمام للثورة غير ضرب أروى وهدى ووداد ورفيقاتهن والاعتداء على الناشطات والناشطين والسيطرة على المنصة بساحة التغيير بصنعاء من قبل أطراف متشددة أقرب إلى الإرهاب منها إلى الثورة ؟.

ماذا قدم انضمام أسرة الأحمر غير احتلال الوزارات وإثبات النزعة القبلية المسلحة والدخول في مواجهات حاولت حرف مسار الثورة السلمي وغيّبت الثوار عن المشهد لأيام دونما جدوى ، وهل يستطيع آل الأحمر إدانة الرياض على أفعالها إزاء اليمن منذ انقلاب 26 سبتمبر وحتى الآن ؟! أم أنهم منبطحون لها ويستلمون رواتبهم منها وولاؤهم لها أكثر من ولائهم لصنعاء أو عدن التي شاركوا في احتلالها العام 94م ولازالوا يسيطرون على منازل وأراضي ومقدرات الجنوبيين حتى الآن فيها.

إن الرياض التي تحارب الثورة اليمنية اليوم بكل ما أوتيت من قوة تستطيع توفير طائرة تتسع لكل حمران العيون لو شاءت ترحيلهم ليرتاح اليمن ويعيش أياما بيضاء أو خضراء أو حتى سوداء المهم يعيشها بدون الجنود الحمر ، ويعيشها بحرية وانعتاق وولاء للوطن.

من التزامنات العجيبة التي حدثت أنه وبمجرد أن أعلن علي محسن الانضمام إلى الثورة حدثت موجة قفز من سفينة صالح المتهاوية من مسؤولين ودبلوماسيين واستمر القفز لحوالي أسبوع ، وتم الترويج لهذا القفز بطريقة تحسب ان صالح سيقضي بعدها بأسبوع ثم توقف القفز فجأة ولم نعد نسمع عن مسؤول واحد يعلن تخليه عن صالح ، وكأن ثمة خطة مسبقة وبرنامج زمني لكل ما يحدث ، الذين قفزوا من سفينة صالح وقد سرقوا ونهبوا طيلة فترة حكم صالح أرادوا حتى أن ينافسوا قيادات الثورة في تصدّر الثورة نفسها والحديث باسمها وصاروا ملكيين أكثر من الملك ، وفيهم جزء بسيط ممن تأثر بجمعة الكرامة وقدم استقالته والتزم الصمت أدباً وخجلا.

بالأمس صدر ما أسموه البيان رقم واحد ، وكانت زنجبار تسقط بطريقة درامتيكية ليست غريبة على نظام إرهابي يدير ورقة القاعدة وهم أنفار معدودة وليسوا بالحجم الذي يتم تصويره للغرب ، وهذا البيان رقم واحد صدر من قبل من يعدون جزءا لا يتجزأ من نظام صالح.

السؤال الذي يطرح نفسه هو حول التزامن العجيب ولماذا لم يصدر هذا البيان من قبل ؟ وما هي الفائدة المتوخاة منه ؟ .. لماذا الآن بالذات ولماذا حدثت مجزرة تعز الممنهجة بعده مباشرة .. ماذا استفاد الشعب وماذا أضاف البيان العسكري الممجوج للثورة غير محرقة تعز وهي عملية مخطط لها منذ فترة وترتبط بكل السيناريوهات التي تمر دون أن نقوم بإعمال العقل للتفكير ملياً فيها .. لقد خططوا جيداً بعضهم من يعرف وبعضهم من يركب الموجة دون علم .. ولكن القدر المتيقن أن النظام أراد أن ينتقم من تعز وهي أم الثورة وحاضنتها السياسية والميدانية شمالا وجنوباً ، وما حصل بالأمس عملية يندى لها جبين الإنسانية ولن يمروا .. ولن يركعوا مُلهمة الثورات بل ستكون بداية لنهاية شارك كل الجنود الحمر في إطالة أمدها.

أليس من الأجدى بأصحاب البيان رقم واحد أن يقدموا بدلا عن ذلك البيان المشبوه اعتذاراُ لليمنيين عن احتلال ونهب الجنوب الذي كانوا جزءا من استباحته ، واعتذاراً على الإثراء غير المشروع والفساد الذي انغمسوا فيه حتى الثمالة ، واعتذاراً على الحروب العبثية في صعدة التي قادوها واعتذارا على السماح بانتهاك السيادة الوطنية من قبل الأمريكان والسعوديين لأرض وسماء الوطن.

أليس حرياً بأصحاب البيان رقم واحد الذي كان مقدمة لمجزرة تعز بالأمس أن يسقطوا صورة علي عبد الله صالح عفاش الأحمر من مكاتبهم والتي لا تزال تعلوها وباعترافهم حتى اللحظة؟!

أيها الثوار الحقيقيون.. إذا صدر البيان رقم 2 فاعلموا أن مجزرة ثانية تنتظركم وموعد مع مدينة أخرى.. ( إذا قالت حذامُ فصدقوها فإن القول ما قالت حذامُ )..

أيها الأثوار الجدد .. أرفعوا أيديكم عن الثورة وإياكم أن تصدروا البيان رقم 2 فاليمن لا يحتمل مجازر جديدة .. ورأفة بهذا الشعب .. وأما من خرج من تحت ركام غيبوبة فندق أو شقة خمس نجوم في الخارج ليدعو إلى تشكيل جيش شعبي في مؤامرة سعودية مفضوحة وبائسة لجر الثورة إلى مربع زنقة زنقة .. مربع الدم والحرب الأهلية نقول له: أكمل سهرتك وأدام الله غيبوبتك.. دعوا هذا الشعب يقرر مصيره بالسلم والسلام والورود، سلمية.. سلمية أيها المأجورون سعودياً فافهموا.. افهموا !! .