الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٤١ مساءً

الغش السياسي ـ والتجاري ، والعلمي والتعليمي 2-3

طاهر مهيوب الفائشي
الثلاثاء ، ٢٩ مايو ٢٠١٢ الساعة ١٢:١٣ صباحاً
غش العلماء يكون بالتكتم عن قول الحق , ومنافقة الحكام , ومسايرة الفسقة الاشرار . . مثل غش الاغنياء و أصحاب الشركات والمؤسسات المالية وخلافها .. ومثل غش المدرس والطبيب والمهندس فيما وكل اليهم من أعمال .

لا أريد أن أخوض في موضوع العلماء ، الذين جوزوا للظالم أن يستحل دم الأبرياء ، أو أفتوا له بأن المسيرات السلمية خروج عن ولي الأمر وجب قتالها وقمعها بأسلحة ثقيلة .. ولا بمن يقتل المسلمين بدعوى نصرة الشريعة ، وهو في الحقيقة ينصر منظومة الفساد ، ولا بمن يقتل باسم الحاكمية لله .. ولا بمن يدعي أنه الفرقة الناجية ، هو ومن على شاكلته في الجنة وغيره في النار ، هو على السنة وغيره عنده خلل في العقيدة ، وغيره طالب دنيا ، وهو من أهل الآخرة .. ولا أيضا فيمن يناصبون إخوانهم العداء لسوء فهم كما أتصوره أنا .. وإلا فالطرفان أدرى بما يدور .. ولا بمن يقتل انتقاماً للقتلى في بلد ما أو مدينة من المدن ، فيقتل بدلاً عنهم في مكان آخر، وهذا هو التقليد الذي كان أيام الشيوعية ، سألوا حاكم رمانيا لماذا تلبس المظلة والدنيا صحو ولا يوجد مطر ، فقال إن المطر ينزل في روسيا الآن .

لكن أريد أن أتحدث عن الذين ينتسبون للعلماء ، وينشرون في المجتمع الجهل والخرافة مع أن العلم جاء ليحارب الجهل والخرافة ، ويوجد اليوم من ينتسب للعلماء وهو يدلس على العوام ، أو يسكت عن مسائل هو يعلم أنها مخالفة للدين ، وتشوه الدين ، وهناك من يحيي فكرة أغمض عينيك واتبعني ، وهناك من ينشر شبهات وأباطيل أن السبحة في اليد أفضل من حمل المصحف ، وأن الصلاة على النبي الف مرة تغفر كل الذنوب مهما كانت ، ومها أقترف هذا المريد أو هذا المحب أو هذا التابع من جرائم وآثام .. ونطلب من علمائنا الأجلاء توضيحاً علميا فقهياً شرعياً لهذه المسألة .

في ظل المعترك السياسي القائم على أرض اليمن الحبيب ، وجد من استغل الخلافات السياسية ــ وهو موجود من قبل ــ وخرج عن صمته ولم يكن بهذه الصورة التي ظهر بها في الآونة الأخيرة ، فبدأ يروج لطرق خرافية ، هو يعلم بأن الناس لن يقبلوها ، لكنه الآن برز وشجعها ودعمها وجعل لها ملتقى سنوياً ممن كان يرأس منظومة الفساد ، وشرع لها وأجاز لها أن تفعل كل شيء تريده ، ويوجد اليوم من يقول للناس أنه قد أتاه اليقين ، ولن يتأتى هذا لمحمد عليه الصلاة والسلام الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، عندما سؤل عن قيامه الليل حتى تفطرت قدماه فقال : ( أفلا اكون عبداً شكوراً) هذا الذي يزعم أنه قد وصل إلى مرتبة اليقين ، فلم يعد هناك من حاجة لأن يصلى ويصوم ، الدور على الذين لم يصلوا إلى هذه المرتبة ، أما هو فقد وصل الى الغاية التي لم يصلها أحد .

ومما يجدر ذكره .. نحن الآن في شهر رجب الحرام .. يجتمع الناس من كل أنحاء الجمهورية اليمنية ،ويتكبدون عناء شديدا ً للوصول إلى مسجد معاذ بن جبل في الجند ، ليس لإحياء ذكرى دخول الإسلام على يد رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، باعتبار هذا اليوم الذي أقيمت فيه أول جمعة في اليمن أو في تعز الجند كانت في مسجد معاذ بن جبل رضي الله عنه يوماً وطنياُ ،أو ذكرى غالية لها مدلولها الخاص عند اليمنيين ، الذين حالفهم الحظ بدخول الإسلام وإقامة أول جمعة بحضور هذا الصاحبي الجليل الذي يحمل شهادة عالية قال عنه عليه الصلاة والسلام ( أعلم أمتي بالحلال و الحرام معاذ بن جبل)(معاذ أمام العلماء يوم القيامة ) هل من الحلال أن نحيي بدعة ،ونكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال صلاة في مسجد الجند تعدل حجة ، ووجدت من يقول للناس بأن مسجد الجند هو المسجد الرابع الذي تشد إليه الرحال... هذا غش للمسلمين ، وقبله كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وهل من العلم الذي توعد الله به العلماء أكثر من غيرهم من البشر(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) أن نحدث بأحاديث لا أصل لها ولم يقلها رسول الله عن شهر رجب ،وأن نرغب للناس بالتساهل في أمور الدين ،وبترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ونقول لهم أمامكم رجب ، صلوا فيه وتصدقوا ، واعتمروا ، وتمحى كل ذنوبكم ، ولا بأس ما فعلتموه بعد ذلك ،ويحدثونهم بحديث لم يصح عند أهل الحديث ، قولهم: ( رجب شهر عظيم يضاعف الله فيه الحسنات فمن صام يوما من رجب فكأنما صام سنة ومن صام منه سبعة أيام غلقت عنه سبعة أبواب جهنم ومن صام منه ثمانية أيام فتحت له ثمانية أبواب الجنة ومن صام منه عشرة أيام لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه ومن صام منه خمسة عشر يوما نادى مناد في السماء : قد غفر لك ما مضى فاستأنف العمل ومن زاد زاده الله عز وجل . وفي رجب حمل الله نوحا في السفينة فصام رجب وأمر من معه أن يصوموا فجرت بهم السفينة ستة أشهر آخر ذلك يوم عاشوراء أهبط على الجودي فصام نوح ومن معه والوحش شكرا لله عز وجل . وفي يوم عاشوراء أفلق الله البحر لبني إسرائيل . وفي يوم عاشوراء تاب الله عز وجل على آدم ( وعلى مدينة يونس وفيه ولد إبراهيم)لم يصح هذا الحديث عند المحدثين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ولم يرتق حتى لمرتبة الحسن أو الضعيف (السلسلة الضعيفة (5413) ( موضوع))

كنت أتمنى على العلماء الذين يحضرون أول جمعة من رجب في مسجد الجند ، وفي هذا الظرف بالذات أن تكون هذه الجمعة ،مختلفة تماما عن سابقتها ، تكون عبارة عن مؤتمر يؤازر الدولة والحكومة ، بفتوى تجيز للدولة أن تستعمل القوة على كل من يقتل المسلمين ،ويقطع الطريق ، ويدمر المصالح الحيوية ، وينهب المارةفي وضح النهار والشمس في كبدالسماء،داخل شوارع المدن والخطوطالطويلة
نحن في هذه الأيام على أعتاب نهاية العام الدراسي .. فما حال طلابنا من البنين والبنات ، الأبناء ركنوا إلى الغش ..طالب لم يحضر المدرسة ، ركن على المدير ولم يعتمد على الله ثم على مذاكرته للدروس ، وهو الآن يضرب أخماساً بأسداس ، المدير ثار عليه الطلاب في المدرسة ،ولم يعد هناك مديراً ينجحه بمبلغ من المال كما حصل العام الماضي ، ماذا يفعل هذا الطالب ، والسؤال الذي يطرح نفسه ، أين أنت يا والد هذا الطالب ويا ولي أمره من بداية العام الدراسي ،هل رأيته يوماً ما يذاكر الدروس ، وهل رأيت كتبه ودفاتره ، أم أنك لا تعلم عن ولدك شيئا وأنك تعيش مع غشاش سيتخرج أميا أو نصف متعلم ، والسبب أنت لأنك لم تتابعه، ولم تسأل عن انتظامه في المدرسة ،وعن سلوكه ،وقبل ذلك على مواظبته على الصلوات الخمس في أوقاتها ، إن لم يكن في المسجد جماعة ،على الأقل في البيت .

وهناك أسئلة تفرض نفسها لنطرحها على ولي أمر الطالب
س:هل اختبرت نظر ولدك ، بأن أشرت إليه إلى مكان ما ، وأدركت مدى قوة نظره هل لا يزال يميز الأشياء أم أن نظره قد ذهب وهو بحاجة إلى نظارة طبية بسبب اللعب والدردشة بالتلفون؟
س:هل اختبرت سمع ولدك ، أتعمل أذنيه بشكل صحيح ، أم أن سمعه لم يعد كما يجب ، فقد ذهب بسب سماعة التلفون التي لا تفرق أذنه ولا حتى ساعة واحدة .
س:هل تابعت ولدك مع من يجلس ،فهناك أماكن تشوه السمعة ، وولدك بحسن نية أو لعد الفهم يجلس مع شباب ـ كل سكان الحارة يتمنون أن يصبحوا ولا يرو لأحد منهم خيالا ولا صورة ـ من أفعالهم المشينة .
س: هل اختبرت ولدك في تعامله مع القضايا التي قد تطرأ أمامه ، لربما تعاون مع سارق وسهل له ارتكاب الجريمة ، ولربما استغل في عمل شيء يترتب عليه جريمة ، قد تودي به حبل المشنقة أو السجن المؤبد ، لأن المجرمين ركزوا على الطلاب ، ليمرروا جرائمهم النكراء
س: هل نمّيت في ولدك جانب الذكاء حتى لا يستغل استغلالا سيئاً ، حتى عمل الخير ، لأنه قد يكون من ورائه شراً (المؤمن كيس فطن ) حيث يحكى بأن تاجراً وجد في الصباح كلباً ميتاً أمام محله ، فعافت نفسه أن يسحب الكلب إلى مكان بعيد ، ولن يتأتى له ذلك لأن المكان الذي يمكن أن يأخذ جثمان الكلب إليه بعيد ، هداه مكره أن يستغل شاباً غريبا عن المكان ، فواجهه إلى الطريق وصافحه بحرارة ، وبسرعة بدأ يسأله أنت ابن من ؟ فأجاب الشاب ابن فلان الفلاني ..فقال له كيف حال أبيك فقال ما ت من مدة ، فقال هذا الماكر: الله المستعان ولم تخبرني ، ولم تعلمني ، لنقوم بالواجب معكم في العزاء والمواساة ، فردّ الشاب وما علمي أن والدي كان على معرفة بكم؟ وأظهر هذا الماكر أنه غاضب من الشاب لأنه لم يخبره بوفاة والده ..ثم قال له على طريقك وأنت راجع إلى منزلك اسحب هذا الكلب ، إلى مكان قريب ..وكان كلما جره ليضعه في مكان ظهر له صاحب دكان أو بيت يمنعه من ترك الكلب أمام منزله ، فاضطر أن يجره إلى خارج المدينة ، ولما رآه أحد معارفه وهو في غاية الإعياء سأله عن سبب ذلك ؟ فقال معرفة الوالد الله يرحمه ..لا معرفة والد ولا شيء من هذا القبيل ، إنما هي سذاجة وعدم فطنة ...
وفي المقابل يحكى أن بعض من كان يعلم الصبيان في الكتاتيب كانوا يضحكون على بعض الطلاب ويأخذون ما معهم من أمتعة لأنه كان زمن جوع ،فلقي أحدهم طفلا بيده طعام شهي ، فقال له اعطني هذا وأنا أقرأ لك شرف ياسين ، فقال هات ما أخذته اليوم من الطلاب وأنا سأقرأ لك شرف ياسين وتبارك!!!

هذه الأيام نجد بعض الطلاب يتأهبون للذهاب إلى القرى لامتحانات الشهادة الأساسية أو الثانوية ليحطموا الرقم القياسي في الغش الذي يترتب عليه الحصول على درجات فوق التسعينات أقل من التسعينات ،وبعد النتيجة ينكشف المغطى ويظهر المخبأ ، هذه الدرجات كان الاحق بها الطالب الذي جد واجتهد ،وسهر الليالي ،وبعض الأحيان نام طاويا من شدة الإعياء والتعب ، وثالثة الأثافي أنه يوجد من الذين حصلوا على الدرجات العالية ، اميون لا يجدون القراءة والكتابة ، ضعاف في الخط والإملاء ،وفي قراءة بعض المصطلحات في المواد العملية .. لن يسأل الطالب وحده عن هذا الغش ،وإنما سيسأل عنه الأب والمدرس ,والموجه والمدير ،ومدير التربية والوزير ،وكل من علم بهذا الخلل وساعد على نشره ،ولم يوقفه عند حده .

فإلى كل هؤلاء الغش التعليمي سرى بحديثه الركبان ،واصبح حديث المجالس ،وفاحت رائحته في كل مكان ،حتى أصبح حقاً من الحقوق يتظاهر الآباء وأولياء الأمور أمام مراكز الامتحانات وبمكبرات الصوت ،!! وما هذا إلا لأن نظرتهم قاصرة لضرره المستقبلي على الفرد والأمة ..فالذي يغش بالاختبار هل سينفع نفسه إذا نجح بالغش؟ لا بل سيدمر التعليم ..إذا كان طبيباً قتل الأنام ... إذا كان مهندساً أسقط المباني على رؤوس الأنام وخرب كل ما هندس ..إذا كان مدرساً جاءت الحقائق على يده حولاً... إذا كان جغرافياً غير الليالي والأيام.. ولأنه غشاش فتراه يجرب في الناس بدون إحساس.. والأشد والأنكى ظاهرة تقطيع المصاحف لاستخدامها في الغش لأنها تشمل جرائم عظام غش وتمزيق للمصاحف ورميها بعد الاختبار تحت الأقدام ،وهذا يعد استهتاراً بكتاب الله.