السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٢٤ مساءً

مبادرة إرهابية والإرهاب بالتوافق

اسكندر شاهر
الأحد ، ٢٧ مايو ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٥٠ مساءً
بالأمس كنا على موعد مع جريمة إرهابية مُدانة بكل المقاييس فقتل العشرات من الجنود في ميدان السبعين ممن لا ناقة لهم ولا جمل بكل ما قد حصل يُعد تعبيراً واضحاً بأن القوى التي طالبها الشعب بالرحيل تستشرس وتصر على البقاء وعلى جثث الناس عسكريين ومدنيين ..

لو لم تكن المبادرة الخليجية لما كانت مجزرة السبعين وماسبقها وماسيلحقها ، وإذا ما أصر المتمسكون بها على المضي قدماً ومحاولاتهم البائسة شطب الثورة ( طوق النجاة الأخير ) فإنهم يصرون على الصوملة ومن ورائهم الرياض التي تحسبها بطريقة خاطئة لأنها ستأتي عليها هذه المرة طال الوقت أم قصُر ..

المضحك المبكي أنهم كانوا يحتجون قبل انطلاقة الثورة الشبابية الشعبية السلمية بأنهم لا يريدون اللجوء إلى الشارع من أجل تخفيف الكلفة وخشية من الوقوع في المحظور وهو الحرب الأهلية على حد زعمهم .. وعندما ملّ القوم ماراثونات الحوار الممجوح للمؤتمر والمشترك المُشرك بالثورة وخرج الشباب في ثورتهم لحقهم أصحاب تخفيف الكلفة وعملوا كل شيء يؤكد للشباب بأنهم تابوا وأنهم باتوا ثوريين في يوم وليلة بمافي ذلك ضرب الثائرات وتكفيرهن والتعريض بهن وقال الشباب الطيب : " حيا بهم حيا .."

ركبوا الموجة فعادت إذاعتهم الصدئة إلى موجة تخفيف الكلفة فانبطحوا للمبادرة الخليجية وقالوا مكررا ومجددا "من أجل تخفيف الكلفة" ، ومنذ تخفيف الكلفة هذه سقط شهداء بالجملة وحتى مسيرة الحياة وفي ظل حكومة وفاقهم المشؤوم تعرضت لإرهاب المبادرة الخليجية بالتوافق .

يكفي أن نتذكر بأن المبادرة جاءت لإنقاذ علي عبد الله صالح الاحمر وأخيه الذي لم تلده أمه علي محسن الأحمر (ذراعه في البطش والتنكيل )، وأبناء الشيخ الأحمر (أذرعته في الفساد والإفساد) لندرك بأنها مبادرة "إرهابية" بامتياز ، وسواءا صدرت المبادرة كفكرة من دار الرئاسة أم القصر الملكي السعودي فكلاهما كافيان لوصفها بالإرهابية ، ويكفي أن ندرك بأن بند الحصانة لوحده يؤسس لقتل مضاعف ويشرع لكل قتل ارتكب بعد نيل هذه الحصانة التي منحت لنظام صالح كله بمافي ذلك ما يسمى بالقاعدة فهي صنعته وأداته التي يهدد بها الداخل ويشارك الخارج لعبته من خلالها ، فسواءا أعلنت القاعدة مسؤوليتها عن الحادث أم أعلن علي صالح أم علي محسن مسؤوليته لافرق يستحق الذكر فالقاعدة قعادتهم سويةً ..

وعليه فإن الحديث ثقيل الدم والمملوء بالغباء المزمن عن أن ثمة مؤشر وارتباط بين دخول علي صالح المستشفى قبل الحادث وبين جريمة السبعين هو حديث عوبلي وفي أحسن الأحوال ( من سبق البيضة أم الدجاجة ) وكأن علي صالح سيحتاج وقد خرج من الرئاسة كما يزعمون إلى مبرر للغياب والتمارض وقبل يوم واحد فقط وهل ياترى الحصانة الممنوحة له ولنظامه وقاعدته لايمكن تفعيلها إلا في حالات دخول رئيس الرئيس إلى المستشفى ..

أعتقد جازماً بأن المبادرة الخليجية إرهابية بامتياز ومن يتمسك بها يعلن نصرته للإرهاب ولذلك ليس من بديل للثورة إلا للثورة .. ولا يعني أن يقف المجتمع الدولي مع المبادرة الخليجية أن ذلك يحجب عنها صفة الإرهاب بل على العكس تماماً فإرهاب إسرائيل هو حمائم سلام تحنو لها الأعلام ، وثوار اليمن السلميين أثوار ، ومسلحو سورية ثوار .. والأمثلة لا تعد ولا تحصى على اختلال المعايير والكيل بألف مكيال ..

إيماءة
كثيرة هي الشواهد على الإرهاب بالتوافق ، على أن جريمة السبعين بلغت الذروة في إثبات هذا التوافق نتيجة لخصوصية المكان وأهمية التوقيت والرسائل المشتركة التي يمكن توخيها من جريمة بهذا الحجم والنوع .. فلا داعي لأن يدفع المتوافقون كتبتهم وصحفييهم للتحليل العوبلي الذي يدعو للغثيان .. ويكفينا رائحة الدم المسفوك لنظام أحمر عليه أن يرحل ..