الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٣١ مساءً

الآخر ليس عدونا، ونحن لسنا أعداءه

عبدالرزاق العزعزي
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
خلقنا الله دون أن يظلم أحد بجنسيته أو ديانته أو حتى طبقته المالية والفكرية؛ ولكن ما ظلمنا هو تفكيرنا المختلف تجاه الآخر والذي – ربما – يختلف معنا..
"غاندي" رمز السلام حاول أن يبين لنا أن الاختلاف بالأمر لا يفسد للود قضية وإلا سيكون وزوجته ألذ أعداء.. إذن يجب أن نتوقف هنا كثيراً ونشعر بالآخر شعوراً صادقاً بعيد عن أي تعصب أو تحيز لجهة..


أيضاً حاول "بوذا" تعليمنا أن امتصاص كراهية الآخر يجب أن تُواجه بالحب؛ فهو وحده القادر على جعلنا نتقبل بعضنا كيفما كنا.. ذات مقولة لبوذا قال "لا يجب علينا أن نواجه الكراهية بالكراهية"..

دعونا أيضاً نتذكر ما علمنا إياه سيدنا المسيح حين قال "من صفعك على خدك الأيمن أدر له خدك الأيسر".. ودعوا خيالكم يتفكر فيما قاله سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم "اصنع المعروف في أهله أو في غير أهله، فإن صادف أهله فهو أهله، وإن لم يصادف أهله فأنت أهله"..

الله الذي خلق كل شيء قال في كتابه الكريم "وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا" ولم يقل أنه يجب علينا صنع العداء لنتحارب ونتنازع فيما بيننا، وهذا درس مهم يجب ألا ننساه كثيراً..

الاستدلال بهذا جاء لنوضح لأنفسنا قبلكم أن أي شخص كان، هو إنسان مهما أحدث بنا من مآسٍ أو أحزان؛ وإن تكالبت علينا أفعاله فيجب أن نكون أكثر إنسانية منه.. وقد أشار العالم الأمريكي "لينوس بولينج" إلى أن الإنسانية "هي فلسفة الخدمة السعيدة من أجل الخير الأعظم لكل الإنسانية, فلسفة تطبيق الأفكار الجديدة للتقدم العلمي من أجل نفع الكل" وثورتنا السلمية أتت لتصحيح القيم الإنسانية والأخلاقية التي بعدنا عنها كثيراً.. أتت لتشعل فينا تصحيح منظومة التعامل مع بعضنا المختلة أكثر من اللازم..

الإنسانية هي "مسئولياتنا تجاه أنفسنا والآخرين" هكذا عرفها جرايلينج، وهذا ما نحاول أن نشير إليه.. يجب أن نشعر بالآخر بمسئولية؛ مهما ارتكبه فينا، فكلنا خطاءون وهذا ما قاله رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام..

البردوني في ذات بيت شعري قال "نحن لو لم نكن أصل الخطايا/ ما وجدنا ظلالها في سوانا"

إذن..

علي عبدالله صالح ليس عدو لنا بقدر ما هو إنسان تجبّر وطغى وظلمنا طويلاً، ونحن لسنا بصدد معاقبته بقدر ما سنعمل على تقديمه لمحاكمة عادلة وفق الدلائل وبما تنص عليه الدساتير الدولية والمحلية التي صاغها ووافق عليها بكلتا يديه وبما تكفله الشرائع الدينية؛ وتُرضي أولياء دم الشهداء ومن تم اغتيالهم، وتُرضي من قام بنفيهم أو اختطافهم أو ما شابه، وتُرضي أيضاً من تذوق مرارة الألم والفقر واليأس طيلة فترة حكم اعتمد على الفساد المنظم في نهب ثروات الوطن وتجويع المواطنين بكل قسوة..

الفرق بينا وبين صالح أن أخلاقه ومبادئه سمحت له بالقتل والظلم ونحن أخلاقنا لا تسمح لنا بالشتم والسب وقذف الكلام الذي لا يُعبر عن ثورتنا السلمية الأخلاقية..

لا نعيب صالح أو أسرته أو من حوله، ولكننا نعيب السياسات التي استخدموها خلال فترة حكم صالح، من أهمها وعوده المتكررة التي أطلقها خلال حملته الانتخابية وبعد ذلك كثيراً، والتي كانت تتعامل معنا كأغبياء ونحن "نصفّق ونصفّر" وهو يضحك ويسخر..

بيننا وبين صالح دم أريق كثيراً، نحتاج أن يجف؛ لتشعر تربة وطننا بالسلام..

بيننا وبين صالح صراع قيم نستحدثها الآن؛ لنصنع مبادئ إنسانية حقيقة بعيدة عن نبذ الآخر لمكاسب شخصية..