الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٥١ مساءً

حلم في ذكرى الوحدة..!

محمد محمود الشويع
الخميس ، ٢٤ مايو ٢٠١٢ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
المساء في "صنعاء" بارد، لكنه حارٌ جداً في غرفِ النوم والسياسة، أنوار الشوارع تشبه تماماً أطفال الشوارع معرضون للتحرش والاغتصاب كل يوم، معظم الأبواب قد أقفلت وكل الطرق، الخيام وحدها والساحات مازالت مفتوحة، وكان حلمي في ذلك المساء ثورةٌ منتصبة وسريرٌ دافئ، فجأة وجدتُ نفسي أمام سلّم ومن أعلاه جاء صوتٌ عذب وكأنه يناديني: "اطلع لهانا يا روحي..!"، فلم أتردد، صعدتُ السلّم على نفسٍ واحد، سقطتُ عند منتصفه وعاودت الصعود، وصلتُ إليها منهكاً وبدى على وجهها الجميل علامة تعجب، احمرّت وجْنتاها وازدادت زرقة عينيها عندما نَظَرَتْ إلى منتصف السلم وطفلٌ هناك تحوّل إلى كرةٍ من الصراخ، لم أشعرْ أني طحنته لحظة صعودي، وجاء صوتٌ أجش من الداخل، وأقترب نحوي: "منو هذا، ما بتسوّي هانا..!"، لم أشعر بيدي وهي ترتفع طالباً منهم المساعدة: "حق الله يا ناس..!"، أدخلت الجميلة صغيرها إلى الداخل وخرجت سريعاً وبيدها قطعة خبز، أخذته منها وحاولتُ وضعه في جيبي فسقط مني، وارتفع صوتها بالضحك، وحين بدأت أهم بالابتسام وأنا أنظر إلى عينيها، عاد الصوت الأجش يقطع أنفاسي: "عادو بيبتسم، هيا بلا غنج..!"، أمسك بتلابيب قميصي ورمى بي أسفل السلّم..، عندها أقسمت ألاّ أبتسم في وجه "صنعانية"..!

البحر لم يعدْ هادئاً في "عدن" وأمواج البحر تبدو وكأنها في سباق ماراثوني لفك الارتباط، فجأة وجدتُني على رمال الساحل الذهبي أضع ملابسي، أردتُ أن أشترك في سباق مع البحر، إلا أن سمراء جميلة الملامح اعترضت طريقي، أخذت تتحدث معي وكأننا نعرف بعضنا قبل وحدة التراب، نسينا أنفسنا وانهمكنا في اللعب كطفلين بين الرمال، نركض ونبني أهراماً وقصوراً من الرمال إلى حين جاء الموج وطفل شقي، أخذ الطفل يعبث بملابسي وصرخ في وجه الفتاة: "إ ش دا، تلعبي مع ..دحباشي .. طيب أنا با قُل.." وقبل أن يكمل كلامه، أخذ ملابسي وولى في حراك، وتركني بملابسي الداخلية، عندها أقسمت ألاّ ألعب مع "عدنية" قط..!

تعز منها واليها، وجبل "صَبِر" منذ زمن لم يبرحْ مكانه، فجأة وجدتُني في شارع ملئ بكل شئ، والكل ينظر نحوي، أدرتُ وجهي نحو فتيات رافعاً أحد الحاجبين وكانت الصاعقة، هربت الفتيات بعيداً وأيديهن على الوجوه، تفحّصتُ نفسي؛ فلم أجد سوى ملابسي الداخلية، عندها سمعت صراخ والدي الدائم عند كل صباح: "يا ناس هذا الولد أتعبني، يحب البهذلة والنوم بالشوارع.." وارتفعت نبرة صوته: "قمْ البس ثيابك يا.."، قمتُ من نومي مفزوعاً أتحسس ملابسي والثورة، فلم أجد ملابسي الداخلية..، عندها أقسمت ألاّ أنام والثورة كالوحدة لم تكتمل.