كلمة صدق للرئيس السابق!
نصر طه مصطفى
الأحد , 29 أبريل 2012
الساعة 05:30
صباحا
ما دعاني لطرح ما سبق هو تساؤل يحز في نفسي منذ عدة شهور حول سبب عدم قدرة مئات الآلاف من شبابنا – الذين خرجوا ثائرين في يناير من العام الماضي – على رؤية أي إيجابيات في عهد الرئيس الذي ثاروا ضده، وهذا التساؤل ناتج إما عن مناقشات مباشرة بيني وبين العشرات منهم أو مناقشات عبر الفيس بوك أو انتقادات أقرأها على أي مقال لي نشرته أثناء الثورة وأشرت فيه بشكل عابر إلى بعض إيجابيات صالح وعهده... كنت أستغرب في البداية لكني مع مرور الوقت بدأت أتفهم وجهات نظرهم وهم بالتأكيد عينة لمئات الآلاف من الشباب يتحلون بروح واحدة ويفكرون برؤى متقاربة وتجمعهم أماني واحدة وتطلعات واحدة وتراودهم دوما أحلام واحدة بدولة مدنية حديثة يشاهدونها قائمة في الكثير من دول العالم ولا يجدون لها أثرا في وطنهم، تماما كما حدث في عهد الإمام يحيى – مع الفارق طبعا – عندما ابتعث العشرات من الطلاب للدراسة في الخارج فعادوا للثورة عليه، أما في عهد صالح فقد فإن الشباب الذين لم يدرسوا في مختلف بلدان العالم أصبحوا قادرين على معرفة كيف تعيش تلك الدول من خلال وسائل الاتصال الحديثة... معظم أولئك الشباب ولدوا في عهد صالح وبالتحديد في الثمانينيات وبدأوا يتحلون بالإدراك والوعي في ريعان شبابهم أواخر التسعينيات وهي بالفعل الفترة التي بدأ الفساد الشامل يصبح سمتها الرئيسية وكذلك أصبحت الفوضى الشاملة هي المشهد الذي لا يعرف أولئك الشباب غيره في حياتهم اليومية في معظم المجالات... لم يعرفوا دولة نظام وقانون ولم يحظوا بمستوى معيشي لائق ولم يشعروا بالأمان مطلقا ولم يجدوا فرص عمل كافية... شيء واحد استفادوا منه وتعلموا من خلاله قيم الحرية ومقاومة الاستبداد هو الهامش الديمقراطي الذي كان قائما بقوة الواقع ومتغيرات العصر وإلى حد ما قناعة الحاكم الذي كان يقول علنا أنه لا يجتمع الفقر وتكميم الأفواه، وهو في الحقيقة كان أضعف من أن يكمم الأفواه لأنه أصلا كان أضعف من أن يقيم حكم القانون على خاطف لسياح أجانب أو على أولاد الذوات الذين يشيعون الفوضى أو على فاسد كان فساده ملء سمع اليمنيين وبصرهم... وتلك السلبيات جميعها كانت كفيلة بتغطية أية إيجابيات يمكن أن تحدث، بينما كان الساسة الذين تعايشوا مع صالح في العقد الأول من عهده يحاولون إقناعه بإصلاح الأوضاع والعودة إلى مربع الشراكة والابتعاد عن فكرة التفرد بالسلطة لكن صالح في العقد الأخير من حكمه – وإن حافظ على العديد من سجاياه الإيجابية – لم يعد كما كان في العقد الأول لأن المشروع الخاص طغى وأصبح يسعى لخلطه بالمشروع العام لاستخراج منتج جديد لكن لا المنتج خرج للحياة ولا هو حافظ على حلفائه فخرج الشباب ثائرين ليخسر كل شيء.
لم أعد ألوم شبابنا، وهم على كل حال ليسوا في لحظة تسمح لهم بتذكر إيجابيات الرجل، بل لعلنا جميعا لسنا في هذه اللحظة خاصة مع إصراره على الاستمرار في المشهد السياسي رغم حصوله على حصانة قضائية كاملة... لذلك كم أتمنى على هذا الرجل الذي حكم اليمن ثلث قرن أن يغادر المشهد السياسي بشكل عاجل، إذ أن استمراره في المشهد السياسي إنما سيسيء لتاريخه وكرامته وسيجعله يخسر كل يوم أكثر من اليوم الذي قبله، وهو ما نشاهده اليوم تماما... إن عليه أن يدرك تماما أن متطلبات الاستقرار السياسي اليوم تقتضي منه مغادرة الحياة السياسية بالكامل وفي أقرب وقت، كما أن عليه أن يقنع أقاربه من الدرجة الأولى بترك مناصبهم العسكرية والأمنية بدلا من مصادمة الشرعية الدستورية والدولية وأن ينصرفوا للعمل السياسي والمدني والتجاري إن أرادوا... وقد أكدت الأحداث التي حصلت خلال الأسابيع الثلاثة الماضية منذ لحظة رفض أخيه لقرار إقالته من القوات الجوية أن تنفيذه للقرار ليس سوى مسألة وقت، وأن التمرد الذي قام به لم يزدهم جميعا إلا خسارا... فما هي الحسابات السياسية أو العقلانية التي يبني عليها هذه المواقف غير المسئولة وغير المدروسة؟ ومتى سيدرك أن صقور حزبه لا يفعلون شيئا سوى تدمير ما تبقى له من ذكرى طيبة في نفوس من عرفوه في سنوات مجده؟!
اخترنا لكم
آخر تحديث
السبت,23 نوفمبر 2024
الساعة 02:36
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2074.00 | 2061.50 | |
ريال سعودي | 542.00 | 540.00 |