أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟
عائض القرني
الاثنين , 23 أبريل 2012
الساعة 07:45
مساء
وددت والله أنني ما أسلمت إلا هذا اليوم ندماً على ما فعل وفرط منه، بأي ذنب يُؤخذ مسلم من بيته أو معاهد لا جُرم له على أنه أسير حرب ثم يُقايض به عن سجناء؟ فانظر الأخطاء المركّبة فهم أفراد من شعب ودولة لا يحق لهم التّصرف في ما يحق للولاية العامة وهو والي الأمر الذي خوّله الإسلام السلم والحرب والجهاد ومبادلة الأسرى والمواثيق وكل ما يخص شأن الأمة، ثم انظر كيف أتوا إلى برئ فاضطهدوه وأسروه وأرهبوه وهدّدوه وجعلوا إطلاقه شرطاً لإطلاق السجناء والله يقول : (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)
ثم هل الشريعة كلّفتهم باستخدام القوّة والتهديد لإطلاق السجناء حتى ولو أن هؤلاء السجناء سُجِنوا ظلماً فالله سوف يحاسب الكبير والصغير بما فعل يوم العرض الأكبر، فمن خوّل لهم مقايضة الدولة والشعب والأمة بالقوّة بدعوى نصرة المظلوم وقد وقعوا في ظلمٍ أشدّ وأنكى منه، وانظر كيف حوّلوا الجهاد الشرعي الذي هو ذروة سنام الإسلام والذي له أحكام وشروط وآداب يُجاهد به كل من حارب الله ورسوله والمؤمنين إلى حرب ضد المجتمع المسلم ومعاملة هذا المجتمع معاملة الكفار المحاربين قتلاً وأسراً وتفجيراً فإذا نفذوا عملية عدّوها فتحاً ونصراً وإذا قُتل منهم أحد عدّوه شهيداً دون رجوع لعلماء الأمة الذين أمرنا الله بالرجوع إليهم وسؤالهم في الأزمات، إن طريقة العنف والغلظة وإعلان الحرب على الأمة طريقة سقيمة عقيمة مشؤومة جرّت الويلات على العباد والبلاد ولم يُنصر بها حق ولم يُكسر بها باطل وإنما صارت باب فتنة وإضعاف المسلمين وقوّة وحجة لأعدائهم ومخالفة لأسلوب الدعوة الصحيحة التي دعانا الله إليها في قوله سبحانه: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، وقوله تعالى: (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً)، بل أمرنا سبحانه بالجدل بالحسنى مع أهل الكتاب غير المحاربين فقال:
(وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نُزع الرفق من شيء إلا شانه».
فانظر كيف تُركت عشرات النصوص كتاباً وسُنّة وجُعل مكانها أسلوب الغلظة والعنف والفظاظة والتهديد والإرهاب والغدر والغيلة، ثم انظر للنتائج المدمّرة والعواقب الوخيمة لمن سلك هذا الطريق فإنه فارق جماعة المسلمين وشقّ عصاهم وخالف إجماعهم وخرج عن طاعتهم وعقّ والديه وضيّع أهله وشتّت أسرته وأدخل الرعب في قلوب أبرياء وسفك الدماء المحرّمة وأزهق الأرواح المعصومة وكان سبباً في تكالب الأعداء على أمة الإسلام والتضيّيق على الدعاة والجاليات الإسلامية في بلاد غير المسلمين دون وازع من ورع أو علم أو مشورة أو تدبّر للنتائج أو تفكّر في العواقب، بل الاستمرار في الخطأ والإمعان في الذّنب مع أن العلماء والدعاة ينصحون ليلاً ونهاراً ويحذّرون من هذا المسلك المشين والنفق المظلم.
وانظر الفرق بين من سلك هذا السبيل الشائك وبين من لزم جماعة المسلمين وطلب العلم ودعا إلى الله وعمل صالحاً وبرّ والديه ووصل رحمه وقدّم النفع لأمته وشارك في البناء والعطاء على نورٍ من الله وهدي من رسوله صلى الله عليه وسلم فأرضى ربّه واتبع نبيه صلى الله عليه وسلم وأدّى الحقوق الواجبة وانتهى عما حرّم الله وخالق الناس بخُلُق حسن فسلم المسلمون من لسانه ويده وأمنه الناس على دمائهم وأموالهم فصار مثالاً للمسلم الصادق فشرح الله له صدره ورفع له ذكره وأعلى قدره بخلاف من ركب المنهج المشبوه وخالف الأدلة وتنكّر لإجماع الأمة ورفض الحجة واتبع الهوى، فانظر كيف جمع بين عدة مخالفات وهو عند نفسه على صواب قد أفتاه هواه فوقع في هذه البليّة ونسي أن أعظم ذنب بعد الشرك بالله هو قتل النفس المحرّمة قال عليه الصلاة والسلام في حديث صحيح: «لزوال الدنيا بأسرها أيسر على الله من قتل امرئ مسلم».
وفي حديث آخر صحيح: «ولو اجتمع أهل السموات وأهل الأرض على قتل امرئ مسلم لكبّهم الله على وجوههم في النار».
وأين نذهب من قول الباريء في هذه الآية التي تهتز لها الجبال الراسيات:
(وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً).
اخترنا لكم
آخر تحديث
الأحد,29 ديسمبر 2024
الساعة 11:52
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2025.00 | 2063.00 | |
ريال سعودي | 538.00 | 539.50 |