الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٥٩ صباحاً

الصالح - دل دلاله- سقط في القاهرة وصمد في صنعاء

اسكندر شاهر
الأحد ، ٢٢ ابريل ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٥٠ صباحاً
في أحد خطاباته الارتجالية ثقيلة الدم قال الرئيس سابقاً ، "رئيس الرئيس" حالياً ، المخلوع لاحقاً علي عبد الله صالح الأحمر بأن له فلسفة حول شق الطرقات في اليمن ، وقال أحد شُرّاح الفيلسوف (صالحسطو) أنه قال له بأن فلسفته في شق الطرق تتمثل في تحويل مدينة تعز إلى ( قرية ) بحيث يعزلها ويجعل كل الطرق لا تؤدي إلى تعز أو لا تمر بالضرورة من تعز .

ففي وقت مبكر استشعر الشاويش فلسفة الانتقام من هذه المدينة التي تفضّلت عليه ولكنه بقي رهناً لعقدة النقص الملازمة له منذ طفولته وتنامى حضورها أثناء إقامته في الحالمة الحاكمة تعز التي أشعلت شرارة ثورة الحادي عشر من فبراير الشبابية الشعبية السلمية التي ستطيح به وبنظامه المناطقي ..

وبمناسبة الحديث عن عقدة نقص علي صالح فإنه ( دلّ دلاله ) وحسبما روى لي أحد الناصريين المخضرمين الكبار كان يحاول تغطية عقدة النقص بالصور وحب الظهور وهو في ذلك لا يقل شأناً عن أترابه وأقرانه من الرؤساء العرب الذين يعرفون فقدانهم للشرعية فيملأون الفراغ بصورهم الفارغة ، وذكر لي صديقي الناصري أن الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي أثناء حكمه كان قد سنّ سُنة خاصة بشأن صوره فقد تقرر رفع صورة في المكاتب العامة ومكاتب المسؤولين مكتوب عليها ( الله جل جلاله ) بدلاً عن صورة الرئيس الشهيد الحمدي رضوان الله عليه ، إلى أن تولى الحكم على حين غرة صالح دلّ دلاله ، وأضاف لي الراوي بأن أحد المسؤولين بقي في منصبه منذ حكم الحمدي إلى حكم صالح وتجاهل صورة صالح في مكتبه وظل محتفظاً بالصورة المكتوب عليها : ( الله جل جلاله ) ، وعندما علم صالح عاقبه بالعزل واستبدل صورة ( الله جل جلاله ) بـ صورة ( الصالح دل دلاله ) .. ياترى أين أصحاب الفتاوى من هذه الواقعة ؟!..

مشكلة صور صالح تبدو مهيمنة على عقل أخيه الذي لم تلده أمه ( علي محسن الأحمر ) فمنذ أن أعلن الأخير انشقاقه عن نظام صالح ظلت الشكوك تحوم حول حقيقة المسألة ، وعندما تسربت صورة لاستقبال علي محسن للسفير الأمريكي بصنعاء وظهرت صورة صالح تعلو مكتبه على قناة الجزيرة وتداولتها مواقع الإنترنت والفيس بوك وتويتر عادت الشكوك حول انضمام علي محسن للثورة وانشقاقه عن نظام صالح تعود إلى الواجهة يدعمها عدم صدور قرار بعزله أو توقيف مخصصاته الأمر الذي حدا بصحيفة خليجية أن تصف الجيش اليمني بأنه جيشان يجمعهما طابور واحد -تقصد طابور الرواتب الشهرية- .. وحار الكُتاب والصحفيون في تفسير الظاهرة الأمر الذي جعل الزميل الكاتب نبيل سبيع يُرجعه إلى مشكلة ( الرازم ) ..

ومنذ يومين أي في عهد رئاسة عبده ربه منصور هادي للبلاد -حسب زعمهم- ، سربت بعض المواقع صورة لعلي محسن أثناء استقباله السفير القطري ولاتزال صورة الصالح ( دلّ دلاله ) في مكانها وكأنّ شيئاً لم يكن ..

هذه الحوادث الصورية ذات الأبعاد الجوهرية تدعوني إلى القول بأن كل ما يحصل كوميديا سوداء لا أطيقها ، على أن صديقي الثائر (رفقي القدسي) وهو أحد جرحى ساحة الحرية بتعز ومن ناشطي شباب 11 فبراير ويخضع للعلاج في القاهرة حالياً أحدث على هذه الكوميديا السوداء لقطات (أكشن) يستحق عليها الشكر كما أحدثت في نفوسهم الرعب ، فقد دخل صديقي سفارة اليمن بالقاهرة -بعد انتخاب هادي طبعاً- ورأى صورة الرئيس الصالح ( دلّ دلاله) لا تزال تعلو المكاتب والطواريد ، وبحسب ما روى لي صديقي رفقي بلسانه فقد حضرت بمخيلته صور الشهداء والجرحى وهو أحدهم وتذكر أن هادي كما يقولون أصبح رئيساً وتواردت كل مآسي الثورة الشبابية الشعبية السلمية والحراك الجنوبي وحروب صعدة ، فما كان منه إلا أن حمل الصورة وهشمها إلى أن تطايرت أجزاؤها في كل أنحاء السفارة ولم يستطع أن يتخذ أحدهم ضده أي إجراء وهو يقول لهم بصوت عال : هذا المخلوع لماذا هنا ؟ ألم تنتخبوا عبده ربه منصور هادي ؟ ، ولا أحد يجد لتساؤلاته إجابة شافية فما كان من أحدهم إلا أن دلّ صديقي على صورة أخرى للرئيس الصالح (دل دلاله) داخل السفارة فتحرك الجريح الثائر إليها وقام بتهشيمها ، وهكذا سقط الشاويش في مصر ..

اليوم يحظى صديقي (رفقي) بشهرة لا تقل عن شهرة منتظر الزيدي الذي رمى بوش الإبن بحذائه الطائر ، ولكن الصالح دلّ دلاله الذي سقط في القاهرة لا يزال صامداً في صنعاء .. وهناك من يبيعنا وهماً ويقول بأن المبادرة الخليجية تحقق أهداف الثورة وأن النظام تغيّر ، ولم يبق سوى ( سيكلة ) الجيش .. ولله في خلقه شؤون !!!.