الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:١٥ مساءً

التحوير القاصر لحديث علي ناصر

اسكندر شاهر
الخميس ، ٠١ مارس ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
لا غرابة أن تيمم الصحافة المحلية والدولية وجهها شطر الرئيس اليمني الأسبق علي ناصر محمد الأسبوع الفائت بصورة مكثفة مع تولي عبده ربه منصور هادي مقاليد السلطة كمحصلة لمبادرة خليجية مدعومة بقرار أممي كما وصفها ناصر نفسه في واحدة من مقابلاته الصحفية الأخيرة .. فالرئيس الجديد جزء من النظام القديم المتجدد ، ولكنه قبل أن يكون كذلك بزمن طويل كان جزءا من نظام حكم في الجنوب كان يرأسه علي ناصر محمد وكان جزءاً وركناً من أركان ما كان يسمى الزمرة التي كان يتزعمها أيضاً على ناصر محمد ..

أما الغريب فهو التحوير الذي أجرته قناة سهيل وموقع المصدر اونلاين ومالف لفهما من وسائل الإعلام التابعة لحزب الإصلاح وحميد الأحمر ..

حيث ادعت القناة والموقع المشار إليهما ومن تبعهما بلا إحسان إلى يوم الدين بأن علي ناصر قال بأنه كان يأمل من الحراك الجنوبي والحوثيين المشاركة في صناعة هذا التحول في نوع من تحوير المصطلحات ووضع حرف "من" في موضع معين وحذف ما قبله وما بعده ليصبح مانشيت صحفي عريض يفهم على غير مساره ، تماماً كذلك الذي يقول لا إله ويسكت دون أن يكمل إلا الله أو يقول : لا تقربوا الصلاة دون أن يكمل وأنتم سكارى ..

من الواضح أن هذا الإعلام المحسوب على هذه الجهة المكشوفة لا يفقد الآن بهذه التحوير القاصر مصداقيته المهنية التي فقدها أصلا منذ وقت طويل بل يعبر عن أزمة يعيشها ومأزق خانق يقع فيه داعمو هذه الوسائل الإعلامية المهمومة بتمرير كرات السعودية وعملائها إلى مرمى ثورتنا العظيمة بأي شكل ودونما أدنى خجل ..

لقد كانت إجابات الرئيس علي ناصر في غاية الدقة في مقابلاته الأخيرة بما في ذلك المقابلة التي أجراها لصحيفة روز اليوسف المصرية والتي تم تحوير مصطلحاتها لتقول ما لم يقله ناصر .. فالرجل يدرك حساسية موقعه اليوم كزعيم سابق للرئيس الجديد ويدرك أيضاً موقعه من الحراك الجنوبي والتصالح والتسامح وقيادة الجنوب المؤقتة التي تضم الرئيس حيدر العطاس ، وفوق هذا يريد أن يحافظ على مساحة الود التي كسبها مع الحوثيين بمواقفه الرافضة للحرب ضدهم منذ الحرب الأولى وحتى انخراطهم في الثورة السلمية إضافة إلى تمسكه بموقفه الثابت من ثورة الشباب التي تميز فيها عن غيره من قادة الجنوب ممن قالوا بأنها ثورة لا تعنيهم وفي مقدمهم الرئيس علي سالم البيض ، وفي هذا الاتجاه جدد الرئيس علي ناصر تأكيده المستمر بأن الضامن الوحيد لاستكمال أهداف الثورة يكمن في صمود ساحات التغيير والحرية وعندما أشاد بتصريحات هادي اختار فقط تأييده للشباب ودورهم في التغيير إضافة إلى قوى التغيير الأساسية الحراك الجنوبي والحوثيين لافتاً إلى أهمية الحوار الوطني وهذه كلمة السر كما اعتبرها على الدوام لإقامة أي حل ، وبالرغم من أني أخالف الرئيس علي ناصر محمد في مسألة الحوار وفقاً للتطورات التي حدثت وفي ظل رفض الحراك والحوثيين والشباب ومعارضة الخارج للمبادرة الخليجية والمجلس الوطني وهذه السلطة المتمخضة عنها والتي تعد امتداداً للنظام السابق أو إعادة إنتاج له لكني أستطيع أن أميز بين موقفي تبعاً لموقعي وموقفه تبعاً لموقعه .. هذا هو الفهم الباصر لكلام علي ناصر وهناك فرق بينه وبين ما يقع به صحفيو حميد الأحمر من تحوير قاصر ...