الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٠٠ صباحاً

عاش حميداً ومات شهيداً

د. أحمد عبيد بن دغر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
عبد الرحمن حزام الأشول



قليلون هم الذين يمرون في هذه الحياة ويتركون أثراً يخلدهم بعد موتهم ومن بين هؤلاء الشهيد حميد شحرة .

فقد كان حميد صاحب قضية حملها داخله كبر وكبرت فيه , عاش نظيف اللسان .. قلمه مع الناس , ومواقفه مع الناس تراه إلى جانب الضعفاء أقرب ..

كان لا يخاف من قول كلمة الحق .. جعل من صحيفة الناس صوتاً للناس يصل إلى أعلى سلطة في الدولة ..

سطر بقلمه أروع معاني النضال .. وجسد بمواقفه أعظم معاني الإصرار ..
حمل على كاهله هموم شعب .. وسخر قلمه وجهده وفكره في إسترجاع الحقوق لأصحابها .

لقد امتلك حميد ما يكفيه من الشجاعة والنضج السياسي كي يحقق أحلامه الكبيرة وطموحه العظيم ..
لم يُضع حميد يوماً واحداً من حياته دون فائدة بل كان يحرص أن يضيف كل يوم إلى منجزاته منجزاً جديداً . فما أوجع أن نخسر حميد الأمة .. وما أفجع أن يغيب هذا العملاق وهو في ذروة عطائه، ونحن في أمسّ الحاجة إليه ..

كان شجاعاً كلما اقتضى أن يكون هو رجل الموقف .
لم يستسلم للمغريات السلطوية .. ولم ينحني للصفقات التي كانت تعرض عليه كل لحظة .. ولم ينزوي أمام أحداث ومصائب تأتي إلى الشعب متراصة ومتواترة ومتتابعة .

قضى حميد حياتـه مكافحاً على أشق الطـرق : قدم أروع المعاني وأعظمها بقلمه وفكره بجهده وسلوكه.. بمواقفه التي خلدها له التاريخ ..
وحين تفتك خيبات الأمل بالكثيرين ويرحلون إلى الضياع أو اليأس، يحتفظ حميد بتوهُّج روحه , ويفزع بأسلوبه الراقي إلى اتخاذ موقف يعيد إلينا شيئاً من الأمل .


لقد مكث حميد أيام في تاريخ الوطن الحزين ثم غادر .. وتركنا نذوق الموت كل يوم ؛ تسافر إليه أرواحنا كل مساء , تبحث عنه كل صباح ,.. أحلامنا !! يرحل معظمها برحيله ..
ترجل الفارس حمــيد ورحلت روحه محلقة في السماء إلى حيث الخلود الحقيقي بعد أن ترك لنا ما يجعله حاضراً بيننا : "السيرة الأخاذة والمنجز الفذّ"




رحل حميد مبكراً ليعيش في القلوب طويلاً , ورحل عنا ونحن في أشـد حاجةٍ إليه ..

رحل ..
وكأنه يستعجل لقاء ربه ولقاء من يحب ممن سبقوه .
لقد خسرناه قائداً وأخاً ومعلماً , سيظل خالداً في قلوبنا يستوطن الذاكرة .


حميد ..

ستظل ذكراك عطرة ندية حاضرة في ذاكرتنا وذاكرة من بعدنا ونوراً يدلنا على الطريق