الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٤١ مساءً

تعز وكرسي الحكم

محمد محمود الشويع
الجمعة ، ١٠ فبراير ٢٠١٢ الساعة ١١:٤٠ مساءً
قضى ع ع صالح عمراً في تعز، لم يكن كبش فداء من السهل ذبحه كما أنه لم يكن يوماً تيساً، لم يرى صالح أشياء جميلة في تعز، تعرّف فيها على أناسٌ غير جيدين "مهرّب خمور،وعامل قضاء مأجور،وعاهرة جميلة..". كان صالح وما يزال يعشق الكرسي القابع في صنعاء ،طلب ودّه لأسبوعٍ واحد وكان له ذلك. مرت الأيام وأصبح صالح الزعيم الأوحد، وأصبحت تعز بالنسبة له صفحة سوداء أراد إحراقها أكثر من مرة فهي في علم النفس ترجعه إلى أيام البؤس والدناءة والجسم الهزيل.

في ربيعٍ ماضي وفي إحدى اجتماعاته مع القادة والمقربين، حذره الجنرال الأكبر من تعز؛ لكن صالح قال مستهتراً: "إن انتفضت تعز بأكملها سأخمدها بطقم واحد من العسكر" ثم ظهر بعدها في خطاب جماهيري أمام سكانها الطيببين قائلاً: "ياأبناء تعز البطلة .."

أقلع قطار التغيير في هذا الربيع ،قال صالح: "فاتكم القطار"، بينما الشباب لم يتأخر أحدٌ عن الركوب فيه، نهر الشهداء بدأ يتدفق من عدن الباسلة، وجن جنون صالح وشباب تعز صامدون في اليوم الخامس ذكّر صالح نفسه المغرورة بأنه من اليمن الأعلى فأخرج سلاحه القذر وصرخ قائلاً في الحرم الجامعي: "ارحلوا يابراغلة"، انطلقت صفارة الإنذار في جمعة الكرامة قال بعدها نصر طه مصطفى من حي صنعاء القديمة:

"وأنا برغلي أيضاً"، بدأت أطراف صالح تتساقط كأوراق الخريف، لم يتوقف قطار التغيير في اليمن لكن جماعة منظّمة - يرأسون جمعيات وأحزاب وجامعات ومعسكرات - باتوا ركاباً من الدرجة الأولى والثانية، وجد الشباب أنفسهم خلف القطار الذي يتحرك ببطء. أشعل صالح عود الثقاب في تعز فاحترق، ولم يتورع عن الظهور أمام الكاميرات بوجهٍ كئيب في أرض نجد زار قرن الشيطان صالح في مشفاه الملكي.

صالح لم يعد رجلاً واحداً فهو الآن يسير حاملاً المبادرة والى جواره أصحاب القطار البطيء، يقول الوزير المبتهج بحقيبته: "بفضلٍ من الله وقطار حكومة الوفاق تم إطفاء نار تعز وانتصرت الثورة" ويواصل حديثه مشدداً على مخارج الحروف: "وهذا القطار لن تهزّه رياح مسيرة الحياة أو الموت،وحصانة القتلة فيها درءٌ لفتنةٍ قادمة"، ثم يطل علينا مذيعٌ في قناة تسكن في برج القاعدة ليلعب بدماغنا بقوله: "لا حصانة للقتلة..!"، يبتسم ركاب الدرجة الأولى والثانية، أما ركاب الدرجة الثالثة يخرجون إلى الشارع إذا نودي للصلاة في أي يوم من أيام الأسبوع، والشباب يصلُّون خلفهم، الجنرال الأكبر أصبح من ركاب الدرجة الخاصة وهو يعلم جيداً أن تعز شوكة من المعدن الصلب محشورة في الكرسي القابع في صنعاء .