السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٠١ مساءً

القلم والكلمة في قبضة الكلاشينكوف!!!

د . عبد الملك الضرعي
الخميس ، ٠٩ فبراير ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٥٠ مساءً
في سابقة خطيرة لتكميم الأفواه وتوقيف الأقلام أقدمت مجموعات قبلية مسلحة تنتمي إلى بعض المناطق الريفية اليمنية بمحاصرة واحدة من أهم المؤسسات الصحفية اليمنية وهي مؤسسة الثورة للصحافة والنشروالتوزيع ، تلك المؤسسة التي تعتبر رمز المعرفة والثقافة ، ففي مطابعها تطبع غالبية الصحف الرسمية والخاصة وفيها يوجد أبرز الشخصيات الصحفية والإعلامية اليمنية ، في مؤسسة الثورة للصحافة كان من النادر أن ترى سلاحاً ناريا سوى سلاح أمن المؤسسة التابع لوزارة الداخلية ، أمام بوابة المؤسسة يجد السكان المجاورين المكان الآمن لإيقاف سياراتهم ليلاً إن ارادوا ذلك ، والمؤسسة رمز حضاري لسكان الأحياء المجاورة .

والسؤال الذي يفرض نفسه ماذا جرى اليوم لقد أصبح سكان الحي يشعرون بالقلق نتيجة نصب الخيام في الشارع الرئيسي المارشمال المؤسسة والذي يعد الرابط الرئيس لحارة شرق المؤسسة بشارع المطار الأمرالذي دفع سكان الحي إلى تغييرطريقهم إلى شارع المطار الذي تتواجد فيه محلات بيع إحتياجاتهم اليومية.

وسائل الإعلام الموالية لسلطة صالح تشير إلى أن المخيمين حول المؤسسة هم أبناء مناضلي الثورة اليمنية!!!ولكن الحقيقة عند الإقتراب من هذه الخيام والسؤال عن أبناء مناضلي الثورة لن تجد منهم أحد فالمتواجدون هناك هم مجموعة من العاطلين عن العمل والفقراء يتم إستغلال الحاجة لديهم وحشرهم في المواجهات السياسية مقابل ما يحتاجونه من متطلبات يومية بسيطة ، لذا يجب على تلك الوسائل الإعلامية الإعتذار لأسر شهداء ومناضلي الثورة اليمنية عن ذلك الخطأ الإعلامي ، فثوار سبتمبر وأكتوبر ضحوا بارواحهم حتى ينعم أبناء الوطن بالحرية والعزة والكرامة لاأن يذلوا مقابل قوت يومهم .

بعد أن كانت مؤسسة الثورة للصحافة مكاناً فكرياً تعكس فيه الكلمة والقلم هموم الناس ومصالحهم وإبداعاتهم الأدبية والعلمية والخبرية ، نجدها اليوم مكاناً للخوف يحيط بها بعض المسلحين المدنيين بأسلحة نارية خفيفة(كلاشينكوف) وهؤلاء كما يبدوا بشكل واضح سكان ريفيون بسطاء يحملون أسلحتهم الشخصية ، ومن المؤسف أن اليوم الأول لمحاصرة الصحيفة كان المحتجين يحملون عصي وقطع من الحديد فقط ولم تظهر الأسلحة النارية إلا بعد صدورالصحيفة وفيها الإعتذار وإضاءة الرئيس صالح!!! وذلك يضع تساؤلات عديدة حول الدوافع الحقيقة لمهاجمة وسائل الإعلام الرسمية.

إن المشهد المحيط بمؤسسة الثورة للصحافة يمثل تناقض غريب بين أفراد أميّون محتحفزون لأي مواجهة ومسلحون بأسلحة نارية وعصي وقطع حديد...الخ ، يمارسون حياتهم اليومية جوار مبنى الصحيفة بنمط القيم الريفية وبأزيائهم الشعبية ، هؤلاء في الغالب يجهلون وظيفة هذه المؤسسة الإعلامية الرائدة والصحيفة لديهم ليست سوى أوراق يستخدمها الباعة القرويون منذ زمن في أسوق المعطارة ،من هؤلاء من يجهل أشياء مثل الإنترنت والحاسوب ، وثقافة الصوت والصورة لديهم لم تتجاوز المذياع والتلفاز!!!هؤلاء يقابلون حملة الأقلام بالكلاشينكوف والكلمة الهادئة والمنطقية بالصوت العالي والفوضى.

إن اليمن الجديد الذي نريده نتمنى فيه أن لايستغل اليمني حاجة أخيه اليمني فيستخدمه لإقلاق السكينة العامة ، ويتحول المتنفذون على حساب الفقراء إلى مليونيرات، نتمنى وجود دولة تراعي حقوق البسطاء وتوفرلهم فرص العمل ، نتمنى أن يخرج البسطاء من دائرة الأمية والفقر ، نتمنى لهؤلاء أن يعيشوا أحراراً وأن لايستغلهم الفاسدون ، نتمنى أن لايتاح مره أخرى لقوى النفوذ والفساد التلاعب بكرامة وعزة اليمني مقابل حفنة مدنسة من مال لايُعلم مصدره، نتمنى لهؤلاء البسطاء أن يكونوا عظماء يستبدلون الكلاشينكوف بالقلم والعصبية بالحواروالإستبداد بالحرية والكرامة ، نتمنى لمن يستغل حاجة أخيه اليمني أن يدرك أن التأريخ لن يرحم من يستغل حاجة أخيه لمنافع شخصية أوسياسية في أي مكان كان وفي أي حزب كان ، نتمنى من الله تعالى أن يمن على كل يمني بالعزة والكرامة والحرية إنه على ما يشاء قدير.