الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٢٧ صباحاً

العدالة الإنتقالية لإنصاف الثوار

عارف الدوش
الاثنين ، ٣٠ يناير ٢٠١٢ الساعة ٠٦:٣٠ مساءً
• نصت المادة الثالثة من قانون الحصانة الذي اقره البرلمان " على حكومة الوفاق الوطني تقديم مشروع بقانون أو مشاريع بقوانين إلى البرلمان حول المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية وفقاً لما ورد في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية في فقرتها (ح) من البند (21) بما يرمي إلى تحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية واتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني" وبذلك فإن العدالة الانتقالية هي واحدة من اهم المبادىء التي تنطبق على الحالة اليمنية فيما يخص الصراعات السياسية السابقة، ولذلك فإنه من المهم صياغة محددات تتوافق مع خصوصية ما حدث في اليمن من صراعات وجرائم وحروب بحيص تؤدي هذه المحددات الى " الاعتراف الرسمي بالجرائم المرتكبة و منح التعويضات وجبر الضرر وإرساء مصالحة وطنية لكل ضحايا الصراعات السياسية السابقة في الوطن و القيام بتخليد شهداء الثورة الشبابية السلمية"

• تقول لنا الحالات التي صدرت فيها قرارات أو قوانين عفو أو حصانة أو ما شابه ذلك عن مقاتلين سابقين، أو أشخاص كانوا في الحكم وأداروا مؤسسات أمنية وعسكرية أو جماعات بشكل منضم ، ان تلك القرارات والقوانين ساعد ت المجتمعات في مراحل انتقالها من حالة الصراع والقتال إلى بناء دولة يسودها الاستقرار والأمن والسلم الإجتماعي من خلال الديمقراطية باعتبارها عدالة وعدو لدود للانتقام، وبالتالي يتعين على القوى السياسية والإجتماعية في أي بلد او حالة ينطبق عليها تشريع العدالة الإنتقالية أن تعرف كيف تكون عادلة وأن تتعلم كيف تكون عادلة.

• ويتحدث خبراء دوليون مختصون بالعدالة الإنتقالية أن القول بأن المرء يمكنه محو الماضي بالعفو ببساطة ، وخلق حالة من فقدان الذاكرة بشكل مقصود ، والسماح بإفلات الجناة ومرتكبي الجرائم من العقاب من لاخ الضمانات الرسمية انمتمثلة بقرارات او قوانين هو قول غير مقبول أمام القانون الدولي والعلاقات الدولية حتى وإن كانت قوانين العدالة الإنتقالية تمثل عدالة تصالحية، وتكفل حقوق الضحايا ،إذا لابد من معرفة المجتمعات لما جرى من انتهاكات جسيمة لحقوق الناس خلال الفترة التي يشملها قانون العدالة الإنتقالية كحق أصيل في القانون الدولي وكذلك الإستماع للضحايا والإقرار بمطالبهم وجعل المجتمعات تتطلع على ذلك ، حتى يتم تحقيق ما اصطلح على تسميته جبر كل الضحايا من خلال التعويضات العادلة مادياً معنوياً عن ما لحقهم من انتهاكات واضرار ، ورد الحقوق التي سلبت منهم ، والقيام بعملية تخليد ذكرى الضحايا من خلال تحديد ايام معينة للاحتفالات فيها وتسمية شوارع واحياء ومرافق عامة باسمائهم وهناك حق أخر يتعلق بعدم تكرار تلك الانتهاكات التي حدثت وإزالة أسبابها

• وكانت أبحاث وتوصيات مؤتمر عقد في القاهرة منتصف العام الماضي ، قد توصلت الى أنه في ما يخص تحقيق العدالة الانتقالية لا تتوفر وصفة محددة يمكن تعميمها على كل البلدان ، وإنما هناك صيغ مختلفة بإختلاف ظروف كل بلد ونظامها الاجتماعي والسياسي وتاريخها ومجمل خبراتها، بمعني انه لكل بلد عدالته الإنتقالية الخاصة به، وكانت هذه الخلاصة نتاج دراسة لنماذج من الممارسات الديمقراطية التي شهدتها عدد من الدولة خلال العقود الماضية، منها تشيلي والارجنتين والبرازيل واندونيسيا وجنوب افريقيا.

• ومن نافلة القول أن تأكيد قانون الحصانة على إصدار قانون العدالة الانتقالية كان بهدف انصاف الثوار في الساحات وأنصاف ما قدموه من تضحيات و شهداء ، في سبيل بناء اليمن الجديد ومن أجل أن تحقق العدالة الإنتقالية في اليمن الهدف المرجو منها فإنه لابد من إجراءات سلمية تؤدي الى تقصي حقيقة ما حدث كما حدث فيما يتعلق بالقتل والعنف السياسي والانتهاكات التي طالت الناس وكشف مرتكبيها ومحاسبتهم ان كان ذلك متاحاً ، أو إلحاق العار بهم لعزلهم عن ممارسة الشأن العام من خلال تحقيقات دقيقة تتطرق الى جرائمهم وما اقاموا به حتى لا تظل الذاكرة الوطنية تختزن تلك الجرائم وتصبح معوقات الأنتقال الى الديمقراطية التي تفتح افاق واسع نحو المستقبل الأمن باعتبار أن ذلك سيحقق العدالة والسير في طريق المصالحة الوطنية وبناء أسس متينة وراسخة للسلم الاجتماعي.
ــــــــــــــــــــــــ
صحيفة الناس