الجمعة ، ٠٣ مايو ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:١٢ مساءً

الطفولة اليمنية ... بين مطرقة السياسة وسندان الواقع

صالح السندي
الجمعة ، ٢٧ يناير ٢٠١٢ الساعة ١٠:٣١ مساءً
طالعتنا الأخبار والصحف والفضائيات باخبار وتقارير عاجلة وإحصائيات كارثية ومؤلمه عن ارقام قياسيه مهوله للوضع الانساني لاغلب اطفال اليمن , وما وصلت اليه الحالات من سؤ تغذيه ومخاطر ومجاعه و تردي الاوضاع الصحية , واوضاع انسانيه مزريه من التشرد والعماله والاتجار البشري بالطفولة عبر المناطق الحدوديه , والعماله الداخليه لما دون السن القانوني للاطفال , في مجال الاعمال المهنيه والحرفية الشاقه , وظاهرة التسول , ووصلت اغلب التقارير الى ماهو ابعد من ذلك من استغلال الاطفال جنسيا والتحرش بهم في عموم اليمن , وأثرت تلك الدراسات بالحالات والمصادر والشهود والأرقام , ونظرا للطبيعه الاجتماعيه المحافظه للمجتمع اليمني تم التستر والتعتيم الاعلامي لهذا الجانب خصوصا , وبصوره تدعو للتساؤل عن الدور الاعلامي والمؤثر في قيادة المجتمع وإرشادة , ومعالجه احواله وظروفه والمساهمه في الدور الاصلاحي والتقييمي للمجتمع اليمني .

وقضية الطفوله تفجر قنبله موقوته لاوضاع سياسيه واقتصاديه واجتماعيه مترديه ومزريه , وتعكس حالة الانهيار التي وصلت اليها اليمن , في ظل الحكومات المتتابعه ومخلفات النظام السابق , والفشل في ايجاد الحلول الكامله لهذه القضيه ومعالجتها والحد من توسع انتشار توسعها , لأعداد الطفوله الضائعة في ظل وطن ضائع , وهذا ما يتركنا فعليا لالقاء نظره كليه واجماليه ومفصله على الوضع الطفولي في اليمن ومدى تأثره وتأثيرة بالوضع الاجمالي اليمني ككل , من جميع النواحي السياسيه والاقتصاديه والتعليميه والثقافيه , ولا يخفى على احد ان قضية الطفوله البريئه المنتهكه في حاضرنا اليمني , قضية رأي عام منذ بداية الالفيه الثالثه وتعمقت جذورها في عام 2005 , وحينها انهالت التقارير الامميه والحقوقيه والمنادية بانقاذ الطفوله وايجاد الحلول والدعم الكافي لاحتواء الانهيار والتشرد والموت الطفولي المبكر خاصه لمن دون سن الخامسة , في ظل التخبط السياسي وزيادة حدة الاوضاع والتدهور الاقتصادي والامني , وزيادة حالات الحروب والصراعا خاصه في صعدة , وما رافقها من سته حروب طاحنه تركت أثارها الوخيمة على الجانب الطفولي حتى الان , وما يحدث في ارحب وابين وتعز وبقية المناطق الملتهبه , القت بظلالها وأثارها السلبيه على الطفوله بشكل عام , لست هنا بصدد تناول التقارير والاقام المذهله العاليه ودراستها وتحليلها , ولكن بنظره خاطفه نود الربط بين هذه الارقام مع الواقع السياسي والوطني , وتأثيره وانعكاسة على الجانب الطفولي اليمني , فحين تذكر التقارير الصادرة حديثا بأن 700 ألف طفل يمني تحت سن الخامسة يواجهون سوء التغذية، منهم 500 ألف يواجهون خطر الوفاة بسبب سوء التغذية., وإلى أن الأطفال المصابون بسوء التغذية يتعرض غالبيتهم للإعاقة الذهنية والجسدية وتضاعفات قد تؤدي إلى وفاتهم, يجب ان تكون لنا وقفه جادة ومؤثره وخطوات عمليه سريعه ومدروسة لتلافي الانهيار الحاصل .

وخلال العام المنصرم وما رافقة من احداث سياسيه متقلبه وعاصفه في خارطة السياسة اليمنية , اضافت ارقاما عديدة الى القائمه المؤرشفه في جدول انتظار الحلول والاستراتيجيات الانقاذيه , في وطن كل هم ساسته وقياداتة هو ايجاد المخرج والانقاذ لرأس نظام كانت له اليد الطولى في تزايد الكم الهائل من ضحايا الاطفال على طول اليمن وعرضها , وتفاقم المشكلة الانسانية الاساسية , وفيما النظام الحالي منغمسا من أذنية حتى أخمص قدمية بإقرار قانون تغيير الاجازه من الخميس الى السبت اسوة باغلب الدول , والجري ورآء قانون الحصانه بحلته الجدية العداله الانتقالية , والصراع السياسي بين مختلف الاطياف السياسية والحزبيه , بينما يقبع اطفال اليمن وكماهم دوما في الجانب المظلم وخارج المنظومه السياسه المؤثره لصنع قرارت حكيمة تنقذ جيلا بأكملة , جيل الغد الذي سينهض باليمن يوما ما ويصنع مستقبلة , ويمثل في حد ذاته الثروه الحقيقيه والقومية والكنز الوطني الثمين , الذي ان حافظنا عليه فعلا سنصنع وطنا جميلا نحلم به .

عامل الطفوله عامل مؤثر جدا في صنع سياسات الدول المتقدمه وتطورها وإزدهارها , وبالاهتمام بهذا العامل المؤثر والعنصر البشري الهام تصنع الامم تقدمها وتطورها وتبني مستقبلها , وبالعودة الى الخلف ومارافق اليمن من سلسلة تغييرات سياسيه جذريه في منظومته الاداريه والسياسيه , وما رافقته من صراعات وحروب ومحن وكوارث عديدة , كان الضحيه اولا وأخيرا هو الطفل , من يدفع الثمن باهضا من سنوات بروئته وتحصيله العلمي وحياتة في صراع العمالقه الكبار , ففي ارحب تشرد عشرات الاطفال وسكنوا المغارات والكهوف والتحفوا بردالشتاء , وشربوا من كأس الظلم والقهر والحرمان والضياع .

وكانت هذه النتيجه الحتمية لآخر الإحصائيات والدراسات لمنظمة الامم المتحدة للطفولة اليونيسف , كما حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف من استمرار تفاقم أزمة سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي الذي يواجهه أطفال اليمن، وقالت إن نحو نصف مليون طفل مهددون بالموت , وتناقلت وسائل الاعلام والفضائيات هذه التقارير بكثرة , واصبح المنظر الموجز لليمن خارجيا غنيا عن التعريف والمدلول واصبح صوره سوداء قاتمة ومخزية إجمالا , اضافت الى الرصيد المتهاوي لليمن رقما صعبا آخرا في مسلسل الانهيار , واصبح العالم ينظر الى اليمن كسمعة دوله فاشلة ومنهارة , تاتي بعد افغانستان في تقييم مجال الطفوله والامومه من التساقط والفشل الذريع , ناهيك عن عزوف اكثر الاطفال تحت وطأة الظروف الراهنه القاسيه عن التعليم , والهروب من المدرسه , او الاحجام بسبب الاوضاع المادية للاسره اليمنيه ككل , فاصبحنا نجر ذيول ويلات الهزيمة المجتمعيه ممثلة في غدها المشرق الذي نذبحه بايدينا وبقسوة شديدة , واصبحنا نقف عاجزين عن ايجاد الحلول الناجحة , ليس للوطن فحسب بل للغد والطفوله والمستقبل , وفي خضم المظاهرات والمهرجانات الجماهيريه والشعبيه سواء المؤيدة ام المعارضة , تم إشراك الطفل في المسيرات حاملا الشعارات وهاتفا بما يهتف به الأباء من شعارات مختلفه متناقضه تحاكي نهاية طفولتة البريئة .

إذن اذا لم تكن اللبنة الاساسية القادمه في أية سياسات حاضرة ومستقبليه تضع اولوياتها وجل اهتمامها في ايجاد الحلول السريعه والعملية الطارئه لانقاذ الوضع الطفولي في اليمن , سنقف فعلا عاجزين امام تفاقم المشكله وتشعبها وتجذرها في عمق المجتمع عن ايجاد الحلول في المستقبل القريب , كون الاطفال ثروة قومية لا يستهان بها , يجب انشائها الانشاء الصحيح وبناءها البناء القويم , لتخدم غد اليمن بقوه وثقه واقتدار , ونزرع فيها قيم الولاء والوطنية والانتماء لهذا الوطن الكبير , لتتحقق مفاهيم الوطنية الخصبة , ومعان القيم الانسانية والاخلاق السامية , الطفل الجائع وهو في حالة احتضار امانه في اعناق الجميع , من هم في اعلى الهرم السياسي من ساسه واصحاب القرار ,ولاننسى الدور الاعلامي البارز و دورة الرائد في نقل الصوره التوعوية كاملة , ومن كتاب وصحفيين وكافة اطياف المجتمع اليمني ككل , يجب عليهم التوجه جميعا الى الطفوله وانقاذها وانقاذ اليمن معها , وعمل ثورة شعبيه عارمه للانقاذ الوطني للطفولة , واعطائها الاهميه القصوى في السياسه الوطنيه , ورسم مستقبلها , وتسخير الدعم الداخلي والخارجي في مسيرة الانقاذ , وتوزيعه التوزيع الصحيح والصادق بامانه , بعيدا عن الاستثمار والمتاجره في السوق السودآء , وايجاد حياة كريمة وآمنه للاطفال , وتأسيس جمعيات حقوقيه ومدنيه تخدم الطفوله وتهتم بشؤونها , ونقل الصوره اعلاميا الى كل بيت وحي ومدرسة , وعمل حمله وطنيه كبرى لانقاذ الطفوله اليمنيه , ان المجتمع لديه رساله عظمى يجب علية ان يؤديها على اكمل وجه في الحفاظ على مدخراته الوطنية الحقيقيه متمثلة بالطفولة , واذا لم تتراجع هذه الارقام فعليا , فسنقف امام كارثه اجتماعيه وطنيه كبرى , لن تستثني احدا بتداعياتها وأثارها , وحينها لن ينفع الندم !!!