السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٥٣ صباحاً

مجلس الامن في شباك امريكا .. و الجامعة العربية في قفص دول الخليج !!

محمد حمود الفقيه
الاربعاء ، ٢٥ يناير ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
منذُ إنشاء مجلس الأمن الدولي عام 1945م الى يومنا هذا و أمريكا تتربع على قرراته و تمرر ما يصوغها من قرارات و تترك الأخرى لعملية فلترة حسب ما تقتضيه مصلحتها الاستراتيجية والقومية ، و مابني على خطأ لا يمكن يوماً ان يأتي بخير للإنسانية ، هكذا هو مجلس الأمن الدولي وقع في شباك الولايات المتجده الأمريكية التي تمتد أطرافها من الهند الى عمق القارة الأوروبية .

و لم يشعر أحد من الذين سمعوا بهذا المحلس أنه اتخذ قرارات تنصر المظلوم أو حتى تؤيده ، و أكبر دليل في هذا الخصوص ، قرارته تجاه القضية الفلسطينية التي بعضها قد عفا عنها الزمن منذ احتلالها الى اليوم ، ذلك ان الصالة المستديرة التي تحتل جزءا من أرضية مبنى مجلس الأمن الدولي تهيمن عليها الدولة المستضيفه لهذه المؤسسة الدوليه الكبيرة ، و لا يمكن ان تخرج قرارات من المجلس دون ان تمرّ على الماسح الضوئي الأمريكي ، الذي يطبع منها ما يشاء و يترك ما يشاء ، و على مسمع و مرأى من الحاضرين جميعا .

الجامعة العربية هي الأخرى كذلك ، منذ ان تأسست الى يومنا هذا لم تتخذ أي قرار في مصلحة ما أنشئت من أجله ، لا نراها إلا هيكل عظمها كراسي فارغة ، و ان امتلأت بالجالسين عليها ليس إلا لإنتاج فلماً سياسياً صالته السينمائية أرضية الجامعة ، و أبطاله مندوبو دول الخليج العربي ، الذين ان غابوا لا يمكن للصورة ان تكتمل .

دول الخليج العربي هي أول من سعى الى إضعاف دور الجامعة العربية ، سيما الدور السياسي الذي يعاني منه الوطن العربي كافة ، وذلك من خلال تأسيسها المنظومة الخليجية ( مجلس التعاون لدول الخليج العربي ) عام 1981م الذي من المفترض ان تدمج فيه كل الدول العربية و يعاد تسميته من جديد ليصبح " مجلس التعاون العربي المشترك " لكن للأسف الشديد ، لم تكتفي دول الخليج العربية بحلحلة الكتلة العربية ككل تحت مظلة الجامعة وحسب ، إنما سعت بطفرتها المالية لشراء الولاء السياسي العربي من بعض الزعماء العرب ليس في مصلحة العرب كافة و إنما في خدمة دائرة سياسية ضيقة لا تخرج عن إزعاجها ، لكنها نجحت في ازالة السياسة المضادة العربية عبر مراحل تسلسلية زمنية على نار هادئه أطاحت أولها بالزعيم المتمرد على الشرعية الأمريكية و الأيدولوجيا الخليجية ( الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ) و لا أظن أنها ساعدة أمريكا باطاحته حباً في أمريكا !!إنما خوفاً على كيانِ صغير لا يتعدى سكانه عدد سكان اليمن" الدوله الخليجية اليتيمة " الأقرب اليها جفرافية و اجتماعياً .

و هكذا كل مرحلة من مراحل السياسة العربية ما ان تحلق في سماء الوطن العربي يوماً حتى تكون الدول الخليجية الجاذبية السياسية الأقوى عربيا لالتقاطها ، و استطاعت السياسة الخليجية ان تنقضّ على سياسة الجامعة العربية و تضعها في قفصها السياسي الصغير ، و تحولت الجامعة العربية مثل عصفور " الكناري "في القفص الخليجي لا يستطيع التحرك خارج الغرفة الخليجية ، بنفس الوقت تظل دول الخليج تحافظ عل نسبة كبيرة من هويتها العربية من خلال مدّ الجسور نحو السياسة العربية ككل في موضوع القضية الفلسطينية ، لكن عبر الدهاليز الأمريكية كشرط أساسي للتحدث عنها ، سواءً على مستوى مجلس الأمن أو حتى مجلس الجامعة العربية نفسها .

عندما نتحدث عن السياسة العربية ، ضروري ان لا نستبعد دور الدولة العربية الأكبر مصر ، لكنها خلال العقود الثلاثة الماضية ، كادت ان تختفي سياستها تجاه المحيط العربي و تم تمييع السياسة المصرية بمساعدة النظام المصري السابق الذي ضلّ هو الأخير يجري وراء الشيكات الخليجية و المساعدات الأمريكية مقابل بيع سياسة مصر و دورها الفاعل تجاه قضايا الوطن العربي ككل و القضية العربية و الإسلامية ( فلسطين ) بوجه خاص ، و لهذا فإن الشعب المصري احتفظ لنفسه بالصبر على هذا النظام حتى اقتلعه في الخامس و العشرون من ياناير من السنة الماضية 2011 م .
بعد سقوط النظام المصري بزعامة حسني مبارك ، أصاب الجسد الخليجي " حمى سياسية " خوفاً من انتشار الثورة العربية الى شبه الجزيرة العربية ، و سعت خلال الفترة الوجيزة الماضية لشراء اللحافين الأردني و المغربي للوقاية من برد الشتاء المقبل حينذاك ، لكن اللحافان الذين عرض لشرائهما صفقة كبيرة ، لا يمكنهماء ان يقيا جيداً من البرد الثوري القادم ، رغم حضورهما المعرض الخليجي الأخير " القمة الخليجية الأخيرة في الرياض " و إبراز مستوى الجودة لهما !
لايمكن لدول الخليج ان تترك " الحمى السياسية" التي أصابتها من دون علاج !! فقد سعت للمشاركة في إطاحة القذافي المراوغ العربي للسياسة العربية ، كي تحظى بمكانة في قلوب الليبيين ، و كذلك سعت دول الخليج العربي ، الى مشاركة الطاهي الأمريكي في طباخة الثورة اليمنية و خلصت مع الأطراف اليمنية السياسية المعارضة الى تحضير وجبة " المبادرة الخليجية " أكل منها الجانبان الحزب الحاكم اليمني و المعارضة على مائدة و احدة سميت بحكومة الوفاق الوطني ، بعد توقيع المبادرة في الرياض في 23 من نوفمبر الماضي .

لا يمكن ان تغيب شمس السياسة الخليجية عن الثورة السورية ، و رغم أني ضد الأسد و نظامه الباغي ، إلا أنني الاحظ دور الجامعة العربية فيما يخص الشأن السوري هو دور خليجي أكبر منه عربي ، خاصة و أن مصر و دول الثورة الشعبية الأخرى ، لا تزال رهن اعتقال المرحلة الانتقالية ، ومن ثمّ يمكننا القول أن الجامعة العربية لا زالة تمكث في القفص الخليجي ، و لا ندري متى سيتم اطلاق سراحها... ؟؟