السبت ، ٠٤ مايو ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٠٦ صباحاً

إلى بشرى المقطري... مع عدم التحية

حمير أحمد السنيدار
الاربعاء ، ١٨ يناير ٢٠١٢ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
قرأت مقالة الكاتبه بشرى المقطري بعنوان(سنة أولى ثوره) والتي من الواضح أنها كتبتها في جو مليء بالإحباط واليأس ولن أبالغ إذا قلت أنه قد يصل إلى اليأس من رحمة الله والعياذ بالله.

وبعيداً عن النقد الساذج الأحمق فقد أردت أن تكون مقالتي هذه كبراءة للذمة أمام الله من إنكار منكر ودعوة للحق والله المستعان, من المهم أن يفهم الإنسان بأن عبوديته لله سبحانه وتعالى معناها أن يؤمن بأن الله هو مدبر أموره وهو من يقدر له المقادير وبأن كل أمر خارج عن إختيار الإنسان هو من عند الله قدراً محتوماً وهو خير له مهما رآه شراً.

ومن الحقائق التي يجب أن ندركها بأن ليس كل ما نريده هو الخير وكذلك أنه ليس كل ما نخاف منه ولا نريده هو الشر بعينه, فمن يتدبر سيرة ما مضى من حياته سيجد أحداثاً تدل على هذا الكلام, فكم هي المحن التي مرت علينا ونكتشف بأنها منح من عند الله.

الأخت بشرى, لو تدبرت تاريخ عظماء البشرية بمختلف بيئاتهم ودياناتهم ستجدين حتماً بأنهم جميعاً مروا بمحطات متشابهة من الإخفاقات والإحباط بل والسجن والتعذيب في أحيان كثيرة, وهذا ما يسمى بالإبتلاء, فلا تمكين إلا بإبتلاء يقدره الله على الإنسان لكي يعلم بأن الأهداف العظيمة تستحق تضحيات عظيمة, وكلما كانت أهدافنا كبيرة كلما كانت التضحيات أكبر, إنني عندما أقول إنساناً عظيماً لا أعني بذلك رئيساً أو ملكاً أو زعيماً فليس كل ملك أو رئيس عظيم بدليل أن التاريخ لا يذكر إلا القليل منهم ممن تركوا أثراً في هذه الحياة.

فلو تدبرت سيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ستجدين من الإحباطات والقهر النفسي والبدني ما يجعل البعض يتساءل عن قدرته وعزيمته الخارقة التي جعلته يستمر في دعوته للإسلام, هل تعلمين بأن هذا الرجل قرر يوماً ما أن يقطع مئات الكيلومترات هي المسافة بين مكة المكرمة والطائف في مسيرة راجلة تشبه مسيرة الحياة (أعني شكلاً) من أجل أن يدعو أهلها للإسلام ظاناً بأنهم سيكونون أهون وأحن إليه من أهل مكه خاصة وأن فيهم أخواله, ومع ذلك بعد أن وصل إلى هناك وقد أرهقه التعب إلا أنه فوجئ بأهل الطائف يسلطون أطفالهم ليرموا الحجارة عليه وهو يهرب منهم في الطرقات, بالله عليك أن تتخيلي المنظر والرسول يجري في الطريق وورائه الصبيه يرمونه بالحجارة حتى أدموه ويسبونه والناس يرونه ويضحكون عليه ويسخرون منه, ياله من إحباط وخذلان لا يستحقه هذا الرجل الذي لم يأتي ويعاني كل هذا من أجل مال أو مصلحة شخصية بل من أجل أن يهدي من ضربوه وسفكوا دمه, ويا له من تشابه في الأحداث, فالذين شاركوا في مسيرة الحياة الراجله (والتي أعتبرها من أعظم المسيرات التي عرفتها اليمن) وأنت منهم كان هدف الكثير منهم هو أن يثبتوا بأن الثورة مازالت مستمرة وبأن الثوار الحقيقيون بالذات المستقلون لا يعترفون بأية حلول سياسية لا تحقق كافة الأهداف النبيلة للثورة اليمنية, وياله من هدف نبيل إحترمه الكثيرون سواء من المؤيدين للمسيرة أو حتى المعارضين لها, فبالرغم من تشابه الأحداث بين ما حدث للرسول صلى الله عليه وسلم في مسيرة الطائف وبين ما حدث لك وزملائك بمسيرة الحياة إلا أن فارق ردة الفعل بينك وبين الرسول القدوة كبير بطبيعة إختلاف حجم شخصية وإيمان كل منكما(واستغفر الله من هذه المقارنة), فمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم لم يقل يارب أمرتني بالدعوة ومع ذلك خذلتني ولم تحمني من حجارة القوم ومن سبابهم ومن سخريتهم وأنا من أنا من طيب النسب والأصل بين العرب, ولم يقل ما شأني والدعوة التي كانت السبب لما حدث, بل دعى صلوات الله عليه لهم بأن يهديهم ورفض أن يدعو عليهم ليقينه الراسخ بأن ما حدث له ما هو إلا علامة إنتصار دعوته وإنتشارها لأن التمكين لا يأتي إلا عن طريق الإبتلاء والذي يكون بقدر عظمة الهدف بدليل أنه توقع أن يهديهم الله ويخرج من أصلابهم من يؤمنون به إلى يوم الدين.

ولكنك يا أخت بشرى لعوامل قد تكون تربوية أو إجتماعية أو لجهل قد يمر به الكثيرون لم تتخذي من هذا الرجل قدوة لك في مسيرة حياتك فضلاً عن مسيرة الحياة الراجلة بل أني أظن أنك لم تطلعي كثيراً على سير كثير من عظماء هذه البشرية المسلمين وغير المسلمين والمعاصرين وغير المعاصرين, وإلا ماكان أبداً قد حطمتك الإبتلاءات بهذه السرعة وتمكن منك اليأس الذي وصل بك إلى هذا الحال الظاهر عليك, وكل ما أرجوه هو أنك تراجعي نفسك ومقالاتك وتوسعي من إطلاعاتك عن العظماء وأولهم الأنبياء والرسل وأول هذه الكتب هو كتاب الله الذي قص علينا كثير من الإبتلاءات التي واجهها كل من أراد أن يصلح في هذه الأرض ولكنهم هم من انتصروا في النهاية, فستجدين ما يثبتك ويثبت به فؤادك.