الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٠٩ مساءً

زوبعة فنجان النخب المتعفّنة

بلال أحمد
السبت ، ١٤ يناير ٢٠١٢ الساعة ١٢:٤٠ صباحاً
هل نحن أحرار فيما نكتب؟ الجواب يعتمد على نوعية المنتقد لما نكتب.. إن كان من إيدلوجيا مختلفة فبالطبع سنقول أحراراً، وسنخوض في معركة عن الحرية بعيدة عن الموضوع الذي نكتبه.

بشرى المقطري، الكاتبة التي سمعت عنها كثيراً كثائرة وكان مقالها"سنة أولى ثورة" الذي أثار زوبعة تكفيرية أول ما أقرأه لها، وصدّع برأسي، لأنه كان كتابة لانفعالات رحلة أحستها الكاتبة ونقلتها على الورق وكان لزاماً علي أن أتخيل ماحدث خلال الرحلة حتى يصلني احساس الكاتبة وانفعال رحلتها، وكان الأمر شاق ولذلك صدعت؛ وماكنت لأقرأه لولا زوبعة التكفير التي أثيرت حول الكاتبة؛ دون أن يتناول أحد الموضوع بشئ من النقد، ما يجعلني أظن أن الأمر لايعدو عن كونه زوبعة صراع أيدلوجي جديد قديم أخذ ،شكلاً سياسياً هذه المرة، في فنجان صغير لايعني أحداً غير النخب المتعفنة داخل الفنجان.

من يُكّفر يسرف عادة في التكفير ويتعجل. ويكيد بسلاحه الذي يظن نفسه يحمي به الله -حاشاه تعالى من أن يحميه أحد- ، ومن يدافع، يتطرف دفاعاً عن الحرية بكيدية مقابلة، وبتعنت يتحول معهما الشئ المقبول- بشئ من التأويل الحسن النية- كفراً بسلاح العناد بالحرية حتى مع توفر سوء النية. يبدو أن للحرية أيضاً حراساً والمسكينة لاتحتاجهم.

قال لي صديق جزائري ذات مرة أن الأمازيغ هم مسلمون، ومع اصرار الدولة الجزائرية بالسابق على إلغاء هويتهم الأصلية لصالح الهوية العربية تطرف البعض منهم- في ردة فعل مفهومة وإن كانت غير مبررة- وتنصروا!.

الإيدلوجيات لم تبق لنا ثوابتاً نتفق عليها، ربما. أو نحن من نسئ استخدامها فنمارس بها صراعات واقصاءات القبيلي والقروي البدائي الذي لم يهذبه لا الدين ولا الأخلاق ولا الأيدلوجيا التي يتمضمض بها دون أن تلامس وسخ أعماقه. 13 يناير مثلاً!.(وبئس المثل).

أما الحرية، هذه الكلمة المُرة، والحق الذي نستخدمه لأغراض سياسية تماماً مثلما الدين عند البعض، لو نطقت لتبرأت من أفعالنا الغبية باسمها، والدين لو فعل لقال أكثر من ذلك.
فلا يتنطعن أحد دفاعاً عن حرية (بشرى) مثلاً في كفرها..(نعم كفرها) بقواعد النحو! فحين تقول بمقالها بالفقرة 2: "وأن تكون معادلة بائسة لناهبي الثروات ومشعلو الحرائق" وتحديداً عند كلمة مشعلو الحرائق!! فهذا عند صناع النحو كفراً بالنحو(لأن الصواب مشعلي الحرائق).

الشاهد في "كفرها" بالنحو هو أن الخطأ مقبول وقابل للتصحيح، وليس في الخطأ بالثوابت شئ يدعونا إلى التمسك به ولا من الحرية التمسك به.

ربما هي دعوة مني لأن يلتمس كل طرف للآخر عذراً دون تعنت وكيد، وعلى الطرف الآخر أن يقبل باحتمالية الخطأ فيما يكتب بروح رياضية دون داع لزوابع صراع الإيدلوجيا، ولكل علم صناعة لها قواعد ينبغي الاحاطة بها حتى لايأتي ماننتجه من مواد مهلهلاً هشاً كما فعلت بشرى بالمقال الزوبعة.