الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٢٨ مساءً

الخصوصيه اليمنيه.. وقانون الحصانه

خالد محمد الكحلاني
الاربعاء ، ١١ يناير ٢٠١٢ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
الخصوصيه اليمنيه ... عباره تتردد دائما في اليمن عندما يحاول اليمنيون قاده وساسه ومفكرون وعامه ان يفسروا للغير اشياء تحدث فقط في اليمن وتكون خارجه عن المألوف والمتعارف عليه وتبدوا عصيه على الفهم والأستيعاب بالنسبه للأخرين .. وربما لليمنيين انفسهم فيلجاء اليمنيون الى استخدام هذه العباره ”هذا من الخصوصيات اليمنيه " وحتى ان البعض منايعتبرها ميزه نفتخر بها على الأخرين والعباره تعني في مدلولها انه لايوجد تفسير لهذا الشيء مثار التساؤل ولكن هكذا هو ويجب علينا ان نتقبله كيفما كان....

من الخصوصيات اليمنيه في السياسه مثلا .. ان يفوز حزب ما في الأنتخابات البرلمانيه باغلبيه كاسحه.. ثم يتولى رئيس حزب المعارضه الخاسر رئاسة البرلمان ويعاد انتخابه مرات عديده .

ومنها .. ان يفوز حزب بالأنتخابات ثم يكلف شخص من خارج الحزب لرئاسة الحكومه...
ومنها .. ان يعلن حزب المعارضه الرئيسي ان مرشحه للأنتخابات الرئاسيه هو رئيس الحزب الحاكم المنافس قبل حتى اعلان الحزب الحاكم نفسه لمرشحه للأنتخابات
ومنها.. ان تتقدم المعارضه بمرشح رئاسي لمنافسة مرشح الحزب الحاكم ثم يقوم كبار قيادات احزاب المعارضه .. بدعم مرشح الحزب الحاكم ضد مرشح احزابهم
ومنها .. ان يشغل الشخص أي موقع وظيفي حتى لو كان نائب رئيس الجمهوريه بدون ان يصدر له أي قرار تعيين رسمي..

ويمارس مهامه لسنوات عديده دون أي صفه قانونيه
وفي الرياضه مثلا..من الخصوصيات اليمنيه ان مشاركات الفرق اليمنيه في المنافسات الأقليميه والقاريه والدوليه هي دائما بهدف الأحتكاك وكسب الخبره وتسجيل الحضور وليس للمنافسه والفوز.. ولنا على هذا الحال عقود طويله احتك فيها الكثير من الرياضيين واكتسبوا الكثير من الخبرات واعتزلوا او تقاعدوا دون تحقيق أي انجازات .. ولا نعلم بعد متى نبداء المشاركه بهدف المنافسه

ومن الخصوصيه اليمنيه انك في اليمن فقط تجد سيارات الجيش والشرطه والسيارات الحكوميه .. والتي بفترض انها تكون القدوه في تطبيق نظام المرور .. تجد انها اكثر من يخالف هذه القوانين وتكسر اشارات المرور وتعكس الشوراع وتقف في الممنوع ..الخ..

ومن الخصوصيات اليمنيه.. ان موظفي الدوله بجميع فئاتهم ومستوياتهم يكادوا يكونوا هم الوحيدين في العالم الذين تبلغ نفقاتهم الشهريه اكثر من دخولهم الشهريه وعندما استفزت هذه الظاهره عقل صحافيه اجنبيه فجاءت الى اليمن لعمل تحقيق صحفي لتفسير هذه الظاهره ومعرفة من اين ياتي هذا الفارق في الدخل واجرت المقابلات مع مختلف الشرائح الوظيفيه .. كانت اجابة الجميع ان هذا رزق من الله وانه من الخصوصيات اليمنيه فكان ان كتبت الصحفيه مقالا طويلا تحت عنوان" الله موجود في اليمن"

ومن الخصوصيه اليمنيه .. انك تجد البناء العشوائي والفوضى وتناثر القمامه والمخلفات في الشوارع وكل شيء قبيح تتخيله هو السمه السائده في جميع مدننا وقرانا واولها العاصمه صنعاء ومع ذلك تجد من لايزال يتغنى ويقول لك مباهيا:
ما مثل صنعا اليمن كلا ولا اهلها
صنعاء حوت كل فن !!! يا سعد من حلها


الخصوصيه اليمنيه في الثوره:
واستمرارا لمسلسل الخصوصيه اليمنيه..نجد انه قامت في الوطن العربي ثورات ضد الأنظمه الحاكمه وانتهت جميعها باسقاط تلك الأنظمه وهروب زعمائها .. او القبض عليهم ومحاكمتهم .. او قتلهم الا في اليمن فقد انتهت الثوره نهايه عجيبه.. خروج راس النظام فقط من السلطه وبقاء حزبه ورموزه وقياداته في السلطه مع اصدار قانون ذو سياده يمنح راس النظام وكل من عمل معه طوال فترة حكمه الحصانه ضد أي ملاحقات قانونيه او محاكمات داخل اليمن وخارجها بما في ذلك من اهدار لدماء كل الشهداء الذين سقطوا في الثور ه بيد النظام .. واسقاطا لكل المظالم التي ارتكبها النظام في حق الشعب وافراده ...

ولكن في الوقت نفسه وبالرغم من قانون الحصانه السابق للظلمه والفاسدين واعمالا بمبداء الخصوصيه اليمنيه .. نجد ايضا ان الثوره انتهت الى تقديم 30 شخصا كمتهمين في تنفيذ محاولة اغتيال الرئيس وكبار رجال الدوله الذين قامت الثوره لأسقاطهم اصلا.. أي ان الثوره خلصت الى تبرئة الجلاد ومحاكمة "الضحيه واعتقد ان مايحدث في اليمن فوق ما يتصوره العقل وينطبق عليه قول الشاعر:

لاتقل كيف اذا جئت اليمن انت في ارض بها كل المحن
لاتقل كان من المفروض ان ذلك المفروض في غير اليمن

ومع اني قد عبرت في مقالات سابقه عن رائيي الشخصي بخصوص منح قانون الحصانه للرئيس ومن عمل معه طالما ان ذلك يجنب البلاد ويلات الحرب الأهليه والمزيد من سفك الدماء وهو ماعبر عنه ايضا الكثير من السياسين والكتاب والمحللين لعل ابرزهم الأستاذ نصر طه مصطفى في مقاله الأخير الرائع " حرية وحياة اليمن مقابل قانون الحصانه.... هل ربح البيع" الا انني لازلت مستغربا فعلا من عدم مقايضة اصدار هذا القانون بالعفو ايضا عن مدبري ومنفذي حادثة دار الرئاسه واصدار عفو عام في البلاد كون هذه الحادثه وقعت ضمن حلقة الصراع الدائر في اليمن على السلطه"..(وهنا اود الأشاره اني لااؤيد حادثه الأعتداء ولا ابررها فهي عمل اجرامي مرفوض بكل المقاييس مهما برر المخططون لها والمنفذون لها دوافعها ولكن هكذا هي طبيعة الصراعات المسلحه على السلطه فكل طرف كان حريصا على الحاق الأذى والنيل من خصمه) اما وقد حدث ذلك ولم يتم استثناء حادثة الرئاسه فانا اعتقد واقترح انه لايزال بالأمكان العفو عن مدبري حادثة دار الرئاسه ولكن هذه المره من خلال قانون الحصانه نفسه الذي تم منحه للرئيس ومن عمل معه فمن المعروف ان معظم المتورطين في هذه الحادثه هم من ضباط وجنود الحرس الرئاسي وبعض العاملين في الرئاسه وكل هولاء هم ممن عملوا مع الرئيس ولذلك يشملهم قانون الحصانه نفسه وما على القانونيين ومحامي هولاء المتهمين الا استخدام هذا المدخل في دفاعهم عن هولاء وحتى لو كان وراء هولاء اشخاص اخرين كما يتردد سواء من قيادة الفرقه او اولاد الشيخ عبد الله الأحمر فكل هولاء ايضا لن يخرجوا من دائرة من عملوا مع الرئيس طوال فترة حكمه وهكذا يمكن ايضا العفو عنهم بموجب قانون الحصانه الممنوح للرئيس ومن عمل معه وبهذا تتحقق المصالحه الوطنيه التي نطالب بها ونرجوا ان يسير اليمن في الأتجاه الصحيح نحو الدوله المدنيه ودولة المؤسسات والله من وراء القصد..