الرئيسية / كتابات وآراء / ماذا بقي للمشترك من مشترك ؟

ماذا بقي للمشترك من مشترك ؟

اسكندر شاهر
السبت , 07 يناير 2012 الساعة 12:55 مساء
قبل أيام مرّت الذكرى السنوية التاسعة لاستشهاد جار الله عمر ، الذي اختاره الله في حينه فلم يشهد مصيراً كالمصير الذي آل إليه اللقاء المشترك بعد تسع سنوات من العبث السياسي المنتمي إلى التلفيق أكثر منه إلى الحقيقة .

كان جار الله عمر مهندس اللقاء المشترك ومن يقرأ تجربة المشترك خلال السنوات الماضية ويعرف جار الله عمر عن قرب يستطيع التبيّن بأن لا مشترك بين هذا المشترك وبين مهندسه الشهيد جار الله عمر .

أحسب أن جار الله عمر أراد أن يجترح بفكرة المشترك الجامعة للإسلامي والإسلاموي واليساري والقومي مشروعاً لجبهة يمكنها أن تخلق نوعاً من التوازن مع حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم الذي بلغ ذروة تسلطه وتفرده وهيمنته بعد حرب 94م وشعور المنتصر العسكري بالزهو كمحتل يفرض سيطرته على طول البلاد وعرضها بالقوة والحديد والنار ووساطة الجنود الحمر الذين تحولوا إلى ثوار في يوم وليلة دون أن يجرؤ احدهم على تقديم اعتذار كامل على ما أحدثوه وإرجاع ولو ناقص لما سرقوه وتفيدوه ، ولا أحسب أن جار الله أراد من المشترك أن يكون وجهاً آخراً للسلطة يسهم في تمييع الحياة السياسية ويلعب دور التخدير بالكر والفر المفتعل والحوارات المارثونية ، و لولا الثورة الشبابية الشعبية لما كانت قد توقفت بسياقها التقليدي وبالرغم من الثورة الصادمة لهم لايزال حوارهم مستمر بشكل مختلف فقد تحول الحوار إلى ( مُفارعة) عندما ركب الشيخ موجة الثورة وقال العسكري أنه على صلة قربى بتشي جيفارا .

من المعروف أن الأخوان المسلمين في اليمن لا تاريخ لهم مع الجحور بقدر ما لهم من تاريخ مع القصور ولم تألفهم السجون المظلمة كما ألفوا المجون السياسي بحيث لايمكن مقارنتهم بأخوان تونس أو مصر وغيرهم ممن رزحوا في الأقبية وتحت التعذيب ، ولعل اليساريين والقوميين أكثر من ارتبطوا بتاريخ مع ما كان يسمى الأمن الوطني فالأمن السياسي فالقومي ، وجزء من هؤلاء انخرطوا في المؤتمر الشعبي العام في وقت مبكر وشاركتهم هذا الانخراط قيادات من الاخوان في ظل سياسة الاستقطاب بأنواعه التي مارسها علي عبد الله صالح ، وكان حال تلك النخب أنه \" ومنهم من قضى (وطره) ومنهم من ينتظر \" ، إلى أن وصلنا إلى حالة من التداخل العجيب الذي لا مثيل له في الوطن العربي لا أقل في بلدان ما يسمى الربيع العربي ، ولذلك يصعب التمييز في اليمن بين سلطة ومعارضة ، وقد تم تتويج ذلك بحكومة وفاق غارقة في الشبهة والارتهان على هامش ثورة تواجه اليوم حرباً ضروساً من كل الجهات داخلياً وخارجياً.

طغت على سطح سُمعة المشترك في الآونة الأخيرة كثير من المعطيات الدالة على أنه في طريق الافتراق التام ، وتصدر تصريحات من قيادات مشتركية تنم عن انتهاء صلاحية هذا التكتل المريض ، حتى بات السؤال... ماذا بقي للمشترك من مشترك ؟!.

صحيح أن الإجابة عن هذا السؤال قد تحتاج لبعض الوقت -وهو ليس بطويل- وفق المعطى الواقعي الراهن إذ أن النتيجة تشظي هذا (المسخ) ، لكنّ الأصح هو أن فك شباب المشترك لارتباطهم بهذه الأحزاب المهترئة بات ضرورياً وحتمياً ، فقد آن للقوى التحررية الثورية الصاعدة أن تأخذ المجال واسعاً للعمل في أطر جديدة وخلاقة بديلاً عن هذه الأوراق التي أحرقها صالح مع ما أحرق من تاريخ حكم بغيض ، ومن دون فك الارتباط هذا وتبوأ القوى الجديدة لمكانها الطبيعي فإن التغيير سيبقى كلمة في الهواء حتى لو سقط النظام الذي لم يسقط بعد ...

من مصر :
مررت بشارع قريب من ميدان التحرير في محروسة مصر ( القاهرة ) وقرأت عبارة باللهجة المصرية على عدد من الجدران تقول : \" محسّتش بالتغيير فنزلت للتحرير \" .. كنوع تفسير شعبي عن سبب بقاء الميدان محتدماً بشباب الثورة في ظل محاولات المجلس العسكري سرقة الثورة كما يفعل اللقاء المشترك مع ثورتنا العظيمة.