الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٠٨ مساءً

يمضي عام حرب ويأتي آخر !

عادل الشجاع
الثلاثاء ، ٣١ ديسمبر ٢٠١٩ الساعة ٠٤:٥١ مساءً

يستقبل العالم عاما جديدا من السلام ويستقبل اليمنيون عاما آخر من الحرب . تدور رحى الحرب على المواطن الغلبان بشتى أشكالها ، حرب اقتصادية وحصار عند مداخل المدن وأمراض ظاهرة وأخرى خفية ، بينما جبهات القتال كلها متوقفة .

تعاني اليمن من أزمة على كافة المستويات ، على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي وحتى على المستوى الجغرافي ، ولا يلوح في الأفق أي مخرج آمن لهذه الأزمة .
إن ما وصل إليه اليمن والشعب اليمني من ويلات الحرب هو نتاج عدم وجود رجال دولة في الحكم .

ولن أجانب الصواب إذا ماقلت إن مشكلة اليمن واليمنيين الأولى والأخيرة هي كتلة الفساد المسماة شرعية ، بينما هي في حقيقة الأمر اختطفت الدولة واختطفت قرار اليمنيين . ولن يصل اليمنيون إلى حل طالما أن هذه الكتلة من الفاسدين تعمل على تقويض الشرعية والدولة ومؤسساتها .

في ظل وجود هذه الكتلة الفاسدة المفسدة تقف اليمن وشعبها عند أهم المنعطفات على مدار سبعة وخمسين عاما من الثورة والجمهورية . هناك نكسة وطنية حقيقية حيث انتقلت النخب من السياسة القائمة على حقوق المواطنة إلى سياسة قائمة على المناطقية والطائفية والمذهبية .

لافرق بين الطائفية الحوثية التي تقود اليمن إلى الخراب والمذهبية الإخوانية التي تنتصر للتدين الشعبي على حساب الهوية الوطنية . ولا فرق بين المليشيات التي تنتصر للمنطقة وبين المؤتمريين الذين يقتاتون من الصراع الإقليمي .

ما يقوم به هؤلاء جميعا لا يمت إلى اليمن أو إلى المسؤلية بأي صلة ، فجميعهم يقدمون مصالح أسيادهم في الخارج على حساب المصلحة الوطنية . جميعهم يمحون اليمن من الخارطة السياسية ويجعلون من مصالح أسيادهم بديلا للدولة ومؤسساتها الدستورية والأمنية والعسكرية .

بعد تجربة خمس سنوات من الحرب تأكد أن اليمن لا يمكن أن ينهض إلا بتغيير الطبقة السياسية الموجودة حاليا في تركيبة الشرعية ، لأنه لا يمكن أن يحصل أي تغيير في اليمن طالما هذه الطبقة السياسية مستمرة في الحكم ولا أحد يحاسبها .

اليمن أمام خيارين لا ثالث لهما : إما التغيير ، لكي تستعيد الدولة ، وإما مزيدا من الانهيار والتشرذم . جملة من الحقائق السياسية تقول إن البلاد من دون تغيير جذري داخل الشرعية ستجعل اليمن تغرق في الدوامة ذاتها .

إذا أردنا لليمن أن تعود كدولة طبيعية في النظام العالمي ، اقتصادها ينمو وشعبها يعيش ويهتف للحياة بدلا من الموت ، فلا بد من إعادة صياغة الشرعية التي قوضت الدولة ومنحت الحوثية الحياة .

لا خيار أمام القوى الوطنية اليوم سوى إعلان الكتلة الوطنية التي تدفع باليمن نحو مسار أكثر إشراقا وتجعل المصالحة الوطنية هي الخيار الذي يخرج البلاد من براثين الحرب الأهلية المريرة .

إن إستمرار الشرعية بهذه الكيفية ستقود البلاد إلى أسفل الدرك ، بينما إصلاح الشرعية والاعتماد على مؤسسات الدولة سيقود إلى التغيير الحقيقي وسيسقط مشاريع التبعية وسيخلصنا من أوهام ولاية الفقيه وأوهام الخلافة التي يقتات عليها القتلة الذين يعتبرون اليمن ليس وطنا ، بل إحدى الساحات التي يجب أن تكون جزءا من الدولة الدينية الفاشية .