الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٣٣ مساءً

هل يستطيع المؤتمر الشعبي العام أن يتخذ قرارا.. ؟

عادل الشجاع
الثلاثاء ، ٢٢ نوفمبر ٢٠١٦ الساعة ٠٦:٠٣ مساءً
كتب هذا المقال في صحيفة الجمهورية في 28 فبراير 2015 . أي قبل العدوان بشهر تقريبا.
كيف لحزب المؤتمر الشعبي العام أن يقرر ما إذا كان يجب أن يكون إلى جانب الشعب أو يقف في منطقة الحسابات الخاطئة. يذكرني المؤتمر الشعبي العام بالأغنية المشهورة "لا تشلوني ولا تطرحوني ".
هذه معضلة القرار، فكل قرار فيه مخاطرة بطريقة أو بأخرى، ومتخذ القرار معرض للعن والشتيمة إذا فعل ذلك أو لم يفعل.
الأزمة اليمنية أصبحت مركبة من عدة أبعاد.
البعد الأول: تمثل بجماعة الحوثي التي جاءت تدمر ما تبقى على الثورة الأولى تحت شعار الثورة الثانية.
البعد الثاني: يتمثل بالإرهاب الذي نما على الساحة اليمنية بمباركة دولية.
البعد الثالث: يتمثل بالقوى السياسية التي تعيش حالة من الحقد والكراهية والثأر ضد بعضها البعض مما عكس نفسه على الوطن والشعب.
البعد الرابع: يتمثل بالبعد الاقتصادي والأمني، فالبلد أغفل إلى الدرجة التي تسللت إليه أمراض مثل مرض فقدان المناعة، بحيث أصبح اليمني على إستعداد أن يقتل أخاه اليمني ويفجر ويحمل السلاح بدلا من حمل القلم أو أدوات الزراعة والبناء.
هذه الأبعاد الأربعة للأزمة اليمنية تجعل الوضع معقدا ومركبا، وتجعل إتخاذ القرار فيه نوعا من المغامرة، وفضلا عن فتح نيران جهنم على المؤتمر من الداخل والخارج، فهو يتلقى النيران بسبب عدم إتخاذه قرارا، فإذا اتخذ القرار فإن النيران ستكون أشد حرارة، لأن أحدا لن يجد حكمة في وزن الاعتبارات المتناقضة، بل سيكون الرأي إما أن المؤتمر نظام بائد يريد العودة إلى السلطة أو أنه استسلم لحفنة من المغامرين الذين لا يعرفون مصلحة اليمن.
حال المؤتمر ليست فريدة، فهناك أحزاب مماثلة في بلدان مرت بنفس الظروف التي مرت بها اليمن، لكن هذه الأحزاب تعاملت مع الاعتبارات المتعارضة، بل والمتناقضة وحافظت على الجيش والوحدة الوطنية كما هو حاصل في تونس ومصر.
أنا لا أدفع بالمؤتمر إلى التهلكة بل أدفعه إلى وضع استراتيجية واضحة تحدد مصادر التهديد وأولوياتها والوسائل الممكنة للتعامل معها من خلال التواصل مع بقية القوى السياسية في حوار مفتوح تنقله وسائل الإعلام للشعب لمعرفة من يعرقل ومن يزايد باسم الشعب ويتاجر بعرقه وأمنه ولقمة عيشه. لا بد أن تكون هذه الاستراتيجية واضحة تقوم على بناء اليمن وعناصر قوتها ولا شك أن هناك معايير دولية متفق عليها في البناء، بناء اليمن لا يكون إلا في مناخ طبيعي ولن يثمر الحوار والبلاد وجلة ومذعورة من النشاط الحوثي الذي يستهدف المعسكرات، والقاعدة التي تستهدف الأمن، والحراك الذي يعطل الاقتصاد.
على المؤتمر أن يدرك أنه بات في المحك وعليه أن يقدم مشروعه حتى يصطف الناس معه ويتفق الجميع على البناء ومواجهة الإرهاب، ولا تدعي جماعة أنها بمفردها وجدت لمواجهة الإرهاب ذلك حق يراد به باطل.
لقد فشل المؤتمر الشعبي العام في إقناع مجلس الأمن بتغيير الصورة الذهنية التي رسمها المجلس، كما أنه لم يستطع تقديم نفسه على أنه حزب يبحث عن المصلحة الوطنية ويبحث عن الاستقرار والتنمية على الرغم من علاقات المؤتمر مع أكثر من مئتي حزب حول العالم إلا أنه لم يستطع حشد الرأي العام الدولي تجاه أهمية مشاركته في الحياة السياسية وانعكاس ذلك على الاستقرار وكذلك على التنمية.. قضية تحديد مشروع واضح المعالم للمؤتمر الشعبي العام لا يقل أهمية عن أمن الوطن وأمن المنطقة، وأمن العالم، مالم فإن المخزون الهائل لقواعد المؤتمر الشعبي العام ستتجاذبه الأطراف هنا وهناك وسيصبح قوة تخريب بدلا عن كونه قوة بناء.
حان الوقت لأن يرى المؤتمر الواقع الحقيقي لقدرته والتحديات التي تواجهه وتواجه البلاد.
أعتقد أن ما ورد في هذا المقال مازال صالحا للبناء عليه مع إضافة الاحتلال السعودي والإماراتي لبعض من أجزاء اليمن وللتحالف القائم بين المؤتمر والحوثيين الذين لم يلتزموا بأي تحالف. فهم يمارسون المغامرات غير المحسوبة التي شلت حركة البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية. من هنا يصبح لزاما على المؤتمر إعادة النظر في هذا التحالف الذي أعطى مشروعية لسلطة إنقلابية منذ أكثر من سنتين لم تستطع فعل شيء سوى جعل اليمن دولة فاشلة.

*من حائط الكاتب على موقع "فيسبوك".