الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٠٦ صباحاً

الوفاق لن يزيح الفاسدين!!!

د . عبد الملك الضرعي
السبت ، ١٧ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ٠٢:٤٠ مساءً
منذ خرج الشباب في ثورتهم السلمية منتصف شهر فبراير2011م ، وقضايا ملحة كانت السبب لذلك الخروج والصمود في ساحات التغيير والحرية في مختلف محافظات الجمهورية ، وتزايد رواد تلك الساحات يوم بعد آخر كون الشباب رفعوا شعار(الشعب يريد إسقاط النظام) وهم لايقصدون بذلك النظام كمكون سياسي المتمثل بالنظام الجمهوري ، بل عناصر الفساد التي تتوزع في مختلف مكونات ذلك النظام ، وبالتالي كان ولازال هدف الشباب تصحيح مسار النظام الجمهوري من خلال إحياء أهداف الثورة والنظام الجمهوري ، والإستفادة القصوى من موارد الأمة التي نهبت عبر شبكة من الفاسدين في العديد من مؤسسات الدولة.

إن الإشكالية التي لم تتضح للبعض أن مطلب الثائرين الشباب يتلخص في شخص الرئيس علي عبدالله صالح ، وذلك خطأ فادح لأن القضية لاتتعلق بشخص الرئيس ولا بعائلته ، بل هي أوسع بكثير من ذلك لأنها تتعلق بما يعانيه المواطن اليمني من تفشي حالة الفساد التي ربما يكون أحياناً أشخاص من المعارضة طرفاً فيها ، إذن فهموم شباب الثورة لايقتصر على أشخاص بأسمائهم بل قضية عامة تعني بمختلف مكونات الفساد إينما كانت ولأي جهة تتبع.

إن الفترة التي مرت بها حكومة الوفاق الوطني أكدت وبما لايدع مجالاً للشك أن طموحات الشباب في محاربة الفساد تتقاطع مع توجهات الحكومة وممارساتها ، قد يقول قائل كيف ذلك والأسبوع الأول للحكومة شهد تحسن نسبي في سعر صرف الريال وساعات التيار الكهربائي ، نقول إن تلك النتيجة ليست ما يبتغيه شباب الثورة لأن مشكلة الكهرباء بالإمكان معالجتها بما يزيد عن (13)ساعة في اليوم من خلال تشغيل المحطات المتواجدة داخل أمانة العاصمة ، أما تحسن سعر صرف الدولار فهو تحسن جزئي مرتبط بالتوافق السياسي واحتمالات دعم الموازنة من المجتمع الدولي ، أي ليس تحسناً حقيقياً ناتج عن تحسن الأداء الاقتصادي ، لذلك فما يريده شباب الثورة تغييراً حقيقياً يمكن أن يحدث تحولاً حقيقياً على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي ، وبداية ذلك المؤكدة بفتح ملفات الفساد التي يسهل الحصول عليها من الحالات التي تزدحم بها ملفات الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أو الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.

لقد كان الأسلوب الذي ودع به وزراء حكومة الوفاق وزراء حكومة تصريف الأعمال السابقة وخاصة المتهمين منهم بالمشاركة أو التحريض في الإعتداءات التي طالت شباب الثورة سواء منها المباشرة أو غير المباشرة المسلحة أو اللفضية إضافة إلى الوزراء المسئولين عن إهدار مليارات الريالات خلال السنوات الماضية ، يعد الإطراء والتمجيد من قبل وزراء حكومة الوفاق على أولئك الأشخاص أو مشاركة بقيتهم في حكومة الوفاق مؤشر خطيرسيؤدي إلى تمدد نفوذ هؤلاء في وزاراتهم السابقة ، كما أن ذلك يقدم صورة هزيلة عن جدية وزراء حكومة الوفاق في تبني طموحات شباب الثورة المتصلة بمكافحة الفساد.

إن الفترة التي مرت بها حكومة الوفاق الوطني وخاصة في الوزارات التي تسلمتها المعارضة ، لم تقدم جديد بل أن توجيهات الوزراء السابقين بما فيها المخالفة للقانون استمر تنفيذها ، والفاسدون لازالوا كما كانوا يمارسون هوايتهم المفضلة ، إن السؤال الذي يتبادر إلى ذهن المواطن العادي هولماذا لم يحدث تغيير جوهري؟؟؟ وهل يعقل أن حكومة الوفاق ماهي إلاَّ صورة أخرى من حكومات المؤتمر المتعاقبة مع تعديل طفيف؟؟؟ إن الإجابة على هذه الأسئلة جاءت على لسان الوزراء الجدد حيث أكد أحدهم أن المرحلة مرحلة تصالح وسلام لا انتقام ، وهو نفسه الذي أستخدم ماحوته قواميس المدح والإطراء على الوزير السابق ، إن ذلك الوزير المخضرم دون شك لم يفقد عزيزاً في شوارع صنعاء أو تعز أو عدن أو غيرها من المحافظات ، ذلك الوزير المخضرم كان جزءً من الحزب الحاكم حتى وقت قريب ، فلم يكتوي بنار الفساد والمحسوبية .

أخيراً نود التأكيد على أن ثقافة التصالح والوفاق مع الفاسدين سوف تشعرهم بالأمان ، ومن ثم لن تزيدهم إلاَّ ظلماً وفساد ، نقول ذلك لأن طبيعة النفس الإنسانية تقوم على حب الإستحواذ على ما يملكه الآخرون سواء لأشخاص أو مال عام ، ولايوقف هؤلاء التسامح والكلمة الطبية والمدح ، بل الزجر والقضاء العادل أمام الرأي العام ، أما غير ذلك فإن حكومة الوفاق الوطني قد تتيح فرصة أكبر لظهور عشرات الفاسدين الكبار الجدد ، لأن التغاضي عن فاسد قد يشجع الف فاسد فتلك طبيعة النفس الإنسانية ، لذا نأمل من وزراء حكومة الوفاق الوطني وخاصة الجدد منهم أو المحسوبين على المعارضة ، أن يكونوا أكثر وعياً بحقيقة الأوضاع وأن لايكونوا سبباً لإعادة إنتاج الفاسدين ، تحت راية الثورة الشبابية ، وعليهم أن يتذكروا دائماً أن الألاف من الشهداء والجرحى هم من أوصلوهم إلى هذه الكراسي وليس الحوار السياسي ، وأن أساليبهم في مهادنة الفاسدين تحت مبررالتصالح والتسامح ليس سوى نكران لأرواح أزهقت ودماء سفكت وجراح لم تشفى بعد، ندعوه تعالى أن يولي علينا خيارنا ويصرف عنا الأشرار إنه على ما يشاء قدير.