الخميس ، ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٣٧ مساءً

عزيزي الدكتور : نعم، نعم أنا جاسوس..!

محمد المياحي
الثلاثاء ، ٢٥ ابريل ٢٠١٧ الساعة ١٢:٢٨ صباحاً
يا أمي هذا النهار قال لي دكتور الجامعة ، أستاذ الجغرافيا والسياسي الرفيع: قال أن طفلُك مشبوه وأنه مُندساً ولا يحملُ ملامح الطيبة ولا يُشبه التلاميذ كثيرا، وأكثر من هذا إن طفلُك يسترقُ السمع منه ويكذبُ عليه ويحاول رشّ السواد على مُعلمه الذي يلقنه مفاهيم الجغرافيا ولغةُ السياسة كل أسبوع. وإن في ذلك إفكُ مبين..!
قال الدكتور ما يشبه هذا..
وقال الزملاء: إن هذا الزميل الوقح لا يمثلهم، ولا ينتمي إليهم،
وقلتُ أنا : لماذا خلقت البعوض إلهي، لماذا لم تخلقني حشرة..؟
عزيزي الدكتور:
تلك الجمجمة الصغيرة التي تقفُ أمامك لا تبحثُ عن المعرفة كما تزعم هي؛ بل تمارسُ عملاً تنصتياً حقيراً، وتينك العينين البليدتين حين تُنصتُ لك بلهفة ؛ تفعلُ ذلك ؛ لتلتقطُ حركة فمك الغزير وترقبُ كيف تنشرُ الكلمات وتحفظُ ذلك.
أنتَ تنطقُ الأفكار بشكل عبقري ، ساحرٍ وجذاب، أعترفُ لك بذلك، وما دمتَ جليلاً بهذا الشكل فإن ما تقوله أمر بالغ الخطورة ويتوجبُ التخابر عليه،،
لهذا حين أكملُ المحاضرة الشيقة معك أعود لغرفتي الملعونة وأكتبُ تقريراً لوكالة الاستخبارات في "سبأ وتل أبيب "هكذا يحلو لك تفسير الأمر، وهكذا أنا مقموعُ ولا أملكُ سوى موافقتك بكلّ ما يتخاطر في عقلك حول ملابسات الامر ذاته..!
أتيتك مُعلمي أبحث عن الضوء، وصرتُ تلميذاً أسوداً بلا شرف، هكذا ببساطة مخيفة، وبمجردِ أن أفصحتُ عن رأي عابر صرتُ مصلوباً على جدار الخيانة.
لا مشكلة، أتقبلُ ذلك منك بهدوء، أنت دكتور كبير وأنا طالباً بلا أخلاق، أنت عالم سياسة شاسع الخيال ونحنُ براغيث يتوجب تقريعها إن حاولت فتح فمها..
أنت أكاديمي عريق يحق له اعادة صوغ التأريخ كيفما يشاء، وأنا تلميذُ بدوي لا أملك الحق بقول نصف كلمة، نحنُ لا نقرأ ، نحنُ. لا نفقهُ الحقول الدلالية لمصطلحات الجغرافيا السياسية، ذلك أمرُ ملغّز وينتمي لميكانيكا الكم وقسم الفيزياء اللغوية، عفواً النووية وليس بمقدورنا اتقان الحديث حولها بسهولة.
لا مشكلة، نحن في صنعاء، وعلينا تمرير كل الاكراهات المعرفية حفاظاً على حق التنفس، حتى في الجامعة يا أميِ علينا أن نهزُ رؤوسنا كما البغبغاء لنكون أكثر تهذيباً وننجو من تُهمة العمالة..!
يا له من زمن تالف، ويا لها من حياة..!