الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٢٨ صباحاً

ماحدث في اليمن ليس إنقلاباً !

سام الغباري
الخميس ، ٢٢ ديسمبر ٢٠١٦ الساعة ١٠:٥٢ صباحاً
كتب "علي البخيتي" وهو ناشط فيسبوكي يحتقره كثير من اليمنيين ، سلسلة تغريدات هاجم فيها اللواء "احمد عسيري" مستشار وزارة الدفاع السعودية ، تحدث عن مقارنة حدوث "إنقلاب" في إحدى دول الخليج ، متسائلاً "هل تقبلون أن تتحرك طائرات الأسد لقصف ابوظبي او الرياض لدحر الإنقلابيين؟" .. ولأني مفتون بالرد على هذه الأسئلة الماكرة .. أكرر أن ما حدث في اليمن ليس إنقلاباً بالمفهوم المتعارف عليه دولياً ، حيث يسيطر الجيش مثلاً على مقاليد السلطة في دولة ما ، ويبدأ بإزاحة الرئيس واعضاء حكومته ، فيعلن الأحكام العرفية ، وما إلى ذلك من الأحداث الدارجة في أي إنقلاب .. ذلك لم يحدث في اليمن ، وما وقع هو إعتداء حقيقي من ميليشيا دينية سلالية على سلطة الرئيس المنتخب وحكومته وإرهاب المجتمع ، واستخدامها أذرعاً سياسية وعسكرية وقبلية خائنة في انجاز الإنقلاب بإستخدام العنف الوحشي ، بمعنى أدق أن ما حدث هو إعتداء ميليشاوي وصولاً إلى الإنقلاب والسيطرة على السلطة !
- في حدث مشابه زمنياً .. إبتلعت "داعش" أجزاءً واسعة من "العراق" ، حيث سيطر التنظيم الإرهابي حتى يونيو الماضي، على مساحة تقدر بحوالي 68300 كيلومتر مربع ، وكان في طريقه إلى العاصمة بغداد لإسقاط الحكومة ، وإعلان سيطرته على الدولة وإكمال إنقلابه ، إلا أن النظام العراقي استعان بالتحالف الدولي الذي ضمّ قرابة ستين دولة عربية وغربية في مقدمتها اميركا والمملكة العربية السعودية ، وبرغم الدمار الهائل الذي ألحقه التحالف الدولي بالبنية التحتية والمساكن وأعداد اللاجئين في كثير من المناطق العراقية ، واستغلال ميليشيا الحشد الشعبي لذريعة التواجد الداعشي المخيف لتقوية موارده الحربية الطائفية ، إلا أننا لم نسمع عراقياً واحداً يتحدث عن "العدوان السعودي - الاميركي" على بلاده ! ، كما يحلو لبعض اليمنيين ترديد ذلك .
- الحوثيون جماعة ارهابية لا تختلف مطلقاً عن داعش ، في ممارساتها ، وطرائق حكمها ، ومفهومها المتطرف للتمكين الإلهي ، ومبدأ الولاية ، والخلافة .. إلا أنهم تفوقوا على داعش بنقطتين :
- الأولى : أنهم استطاعوا السيطرة على العاصمة صنعاء ، واعلان سلطة كهنوتية سلالية ، وبناء جهاز اداري جشع للإستيلاء على موارد الدولة والبنك المركزي .. بعكس تنظيم داعش الذي كان قريباً من بغداد .
- الثانية : تحالفهم مع قوى سياسية داخلية مثل المؤتمر الشعبي العام - جناح صالح - وعدد من الأحزاب الصغيرة ، وإبرامهم لصفقة علاقات عامة تروج مكافحتهم للإرهاب الداعشي ، أملاً في أن تنطلي هذه الخدعة على العالم الغربي والأمم المتحدة .
..
ماذا لو حكم تنظيم "داعش" العراق ، ماالذي ستتضرر منه اميركا التي تبعد عن بغداد مسافة ١٣ ألف كيلو متر تقريباً ؟ ، لا شيء .. بينما تتضرر السعودية ودول الخليج مباشرة ، وبذلك برزت ضرورة مساعدة العراقيين قبل أي شيء ، كما هي حاجة العالم أيضاً الى دول مستقرة ووطنية ، وليس ميليشيا دينية طائفية تسعى لتغيير القناعات الدينية الأخرى في مناطق سيطرتها بالعنف والإرهاب .
- ماتزال ضربات وغارات التحالف الدولي مستمرة بأريحية على تنظيم داعش منذ سبتمبر ٢٠١٤م ، في العراق وليبيا وسوريا ، ولا وجود لمبعوث أممي أو خارطة طريق لحل وتسوية الصراع بين حيدر العبادي وأبو بكر البغدادي ، فمن المعيب مقارنة الإرهابي الطائفي برجل الدولة ، ذلك أمر تفهمه وتدركه كل دول العالم .
نحن في اليمن نواجه مثل تلك الكارثة العراقية .. ولأجلها تدخل التحالف العربي لإنقاذنا من سيطرة الميليشيا الإرهابية "الحوثيين" على العاصمة صنعاء ، ورغم تسامحنا بالتعاطي مع المبعوث الدولي الذي كانت مهمته في الأساس الإشراف على الانتقال السلمي للسلطة ، فتعداها إلى دعوة الميليشيا الدينية المتطرفة وتسويقها داخلياً ودولياً للمشاركة في السلطة ، فتجاوزته وسيطرت في وجوده على عدد من المحافظات ، ووصلت الى "صنعاء" ، وشاء أن يغلف عنفها بشرعنة دستورية عبر التهيئة لإتفاق ملزم في فندق "موڤنبيك" بالعاصمة اليمنية جمع الأطراف السياسية لتجاوز الرئيس "هادي" ، الذي غادر إلى عدن ، وطلب تدخل التحالف العربي في اللحظة الحاسمة ، قبل ان يتمكن الارهابيون الحوثيون من اطلاق رصاصتهم الاخيرة على كل اليمنيين .
..