السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٢٦ مساءً

نصر الله ناطقاً باسم «أنصار الله»!!

ياسر الزعاترة
الاثنين ، ١٣ ابريل ٢٠١٥ الساعة ١٢:١٢ مساءً
بما أن السيد خامنئي هو «إمام المسلمين وولي أمر المسلمين»، بحسب نص الخطاب الأخير لأمين عام حزب الله، حسن نصر الله، فمن حقه أن يوجه الأتباع إلى أية معركة يشاء، وينتدبهم لأية مهمة يريد.

وفي حين كان الأمر السابق لنصر الله من قبل لولي الأمر أن يتوجهوا إلى سوريا للدفاع عن تابع آخر، هو بشار الأسد، وبقوات مسلحة، ما زالت تخوض المعارك هناك، ويعد زعيمها بنصر لا يأتي كما صدر أمر آخر بإرسال خبراء إلى العراق، حيث اعترف نصر الله بأن له جنودا هناك، فإن المهمة الجديدة التي تقرر أن يقوم بها أمين عام حزب الله، ودائما بأمر «ولي أمر المسلمين»، هي العمل ناطقا باسم جماعة «أنصار الله» الحوثيين في اليمن، وبمسمى الناطق باسم الشعب اليمني، على اعتبار أنه جرى اختصار الشعب اليمني بأقلية سيطرت على البلد بقوة السلاح بالتعاون مع مخلوع دكتاتور فاسد ثار الشعب ضده في ثورة من أروع الثورات؛ ربما في التاريخ. ويبدو أن المهمة الجديدة لنصر الله قد جاءت نتاجا لبؤس خطاب «الإخوة» في اليمن، رغم محاولات عبدالملك الحوثي المحمومة لتقليده (تقليد نصر الله في كل شيء، بما في ذلك حركات اليدين).

المصيبة أن المهمة الجديدة تبدو بالغة الصعوبة، ليس لجهة استحالة تبرير ما جرى وحسب، بل أيضا لأن الناطق الجديد قد احترقت أوراقه بعد أن شارك في قتل الشعب السوري، ومع ذلك، فها إنه يتولى المهمة، ويشرع في القيام بها، فما هي سوى أيام تمر على خطابه الذي خصص الجزء الأكبر منه لليمن، حتى أطل من خلال إحدى فضائيات بشار «الإخبارية السورية»، لكي يواصل المهمة، لاسيما أن نصر الله (المستنسخ في اليمن)، أعني عبدالملك الحوثي لم يعد بوسعه الظهور بعد «عاصفة الحزم».

في الخطاب لخص لنا نصر الله المشهد اليمني بمقدمة وخاتمة. أما المقدمة فهي أن: «الوضع الجديد في اليمن، المقصود به هو الثورة الشعبية العارمة التي تتقدمها حركة أنصار الله وبالتعاون والتآزر والتكافل مع الجيش اليمني وكثير من شرائح وقبائل الشعب اليمني على اختلاف اتجاهاته ومذاهبه». أما الخاتمة فهي أن «هدف الحرب (عاصفة الحزم طبعا) هو استعادة السيطرة والهيمنة على اليمن، نقطة على أول السطر، والذي لديه كلام آخر يتفضل للنقاش» (انتهى كلامه).

ولكم بطبيعة الحال أن تقدروا هذه الخلاصة البائسة للمشهد هناك، لكن الجديد هو ما أورده نصر الله في المقابلة المشار إليها، وحيث لم يكتف بالتوصيف، واستعادة جمل بائسة حول ما يجري في اليمن، بل أيضا عبر شن حرب ضروس ضد السعودية التي تقود «عاصفة الحزم»، إلى درجة التورط فيما لم يسبقه إليه الحوثيون أنفسهم، وهو انتقاد المملكة لأنها لا تسمح للمرأة بقيادة السيارة، ومن ثم نقاش ذلك منطقيا وشرعيا!!
على أن الأهم من ذلك في سياق العمل كناطق باسم الحوثيين، هو تلخيص الخطوات الممكنة والمتوقعة من قبل الحوثيين، ردا على «العدوان» السعودي، وهي التي لخصها لنا بالتالي: أولا: يمكن للحوثيين إغلاق باب المندب. ثانيا: «يمكنهم ضرب أهداف عسكرية داخل الأراضي السعودية بالصواريخ»، والكلام لنصر الله، ثالثا: يمكنهم التوغل إلى «داخل الأراضي السعودية»، ويوضح هنا أن «القيادة اليمنية، أهل البلد (البلد هو الحوثي والمخلوع بطبيعة الحال) الذين هم يديرون هذه المعركة لم يلجؤوا إلى أي خطوة من هذا النوع حتى الآن، ولكن قد يلجؤون (إليها) في المستقبل».

ثم يذهب أبعد من ذلك ليقول: إنه «يوجد خطاب عريض وطويل في اليمن، يتكلم عن المحافظات اليمنية التي هي يمنية، ولكن قام آل سعود باقتطاعها من اليمن وضمها إلى المملكة». ثم يعود إلى القول «القيادة حتى الآن لم تقرر شيئا من هذا، أنا أحببت أن ألفت لهذا الموضوع».
هكذا يتحول نصر الله (مرة أخرى بأمر ولي أمر المسلمين)، إلى ناطق باسم الحوثيين، يوصف المشهد، ويقدم الحلول، ويهدد بالردود، ثم بعد ذلك يعد بالانتصار، ويؤكد عليه.
ليس لدينا تعليق على الردود التي يتحدث عنها نصر الله، ولا شك أن السعودية تحسب حساب ذلك كله، ولا يعنينا كثيرا أن يعمل ناطقا باسم عدوان أقلية في اليمن على غالبية الشعب، فقد تكفل بذات المهمة في سوريا، قولا وعملا، لكننا نذكره، بأن وعده بالانتصار في القلمون لم يتحقق، وبأن الحسم في سوريا لم يتحقق، وهو ما سينطبق على اليمن الذي سيتحول نزيفا جديدا للسادة في إيران، وسيدفعهم في نهاية المطاف إلى تجرع كأس السم والذهاب إلى تسوية تهوي بأحلام التمدد المجنون، ولكن بعد أن يكونوا قد خدموا الصهاينة بهذا الحريق الهائل الذي أشعلوه في المنطقة.

"العرب القطرية"