بسبب الأحداث المتوالية، في بلدان عربية عدة، يبدو أن الأصداء الإعلامية، تجاوزت وثائق ابن لادن التي أفرج عنها الأميركيون في ذكرى مقتله الأولى، إلا أن الكم الهائل من المعلومات الذي تضمنته تلك الوثائق يُسهل على المتابعين فهم الكثير مما يجري حالياً، وموقع تنظيم «القاعدة» منه، خصوصاً في اليمن وأفغانستان والصحراء الكبرى.
ولأن الوثائق طويلة، ويصعب نشر نصها الكامل، تكتفي «الحياة» في هذه الحلقة بنشر أكثر نقاطها الجوهرية، على شكل سؤال يطرحه المحرر، وجواب يقتبسه من الوثائق الـ(19)، والتي هي في واقع الأمر (17)، ولكن بحسب الترقيم الأميركي فبينها مستندان تمهيديان.
وفي الأجوبة «المقتبسة»، يحرّض زعيم تنظيم «القاعدة» في الجزيرة العربية ناصر الوحيشي ابن لادن على إشعال معركة تستهدف السيطرة على عاصمة «اليمن» صنعاء، لينهي بذلك الحكم القائم فيها وتعلن «القاعدة» دولتها الإسلامية، لكن ابن لادن يرفض تلك الفكرة ويعتبرها فاشلة، بحكم موقع اليمن القريب من دول الخليج. في ما يأتي نص الحوار الافتراضي:
> عرف الناس أخيراً أهم لغز في حياة ابن لادن، وهو «أين كان مختفياً؟»، كيف استطاع أن يتخفى طيلة الفترة الماضية، على رغم المطاردة الأميركية؟
- ابن لادن: «الذين جرّبتم أنهم قادرون على الانضباط فترتب لهم منازل في أطراف الأحياء لبعدها النسبي عن الناس، مما يقلل مخاطر أمنية كثيرة ويكونوا مع مرافقين أمناء ويكون للمرافقين غطاء عمل كأنما هم يعيشون منه، خاصة الذين يكون بجوارهم جيران يراقبون أحوالهم» (وهذا ما فعل هو بالضبط).
«من أهم المسائل الأمنية في المدن ضبط الأولاد بألا يخرجوا من البيت إلا للضرورات الملحة كالعلاج، مع الحرص على تعليمهم اللغة المحلية وألا يخرجوا في ساحة المنزل إلا ومعهم كبير قادر على ضبط أصواتهم، ونحن (ابن لادن وعائلته) بفضل الله نلتزم هذه الاحتياطات منذ تسع سنوات، ولم يصلني أن أحداً من الإخوة الذين اعتقلوا بعد الأحداث اعتقل وهو ملتزم بها. وبناء عليه حبذا أن تبلغوا الإخوة بأني أرى خروج (من وزيرستان) كل من يستطيع الالتزام بالاحتياطات السابق ذكرها».
«الواقع يثبت أن التكنولوجية الأميركية وأجهزتها المتطورة لا تستطيع القبض على المجاهد إن لم يرتكب خطأ أمنياً يدلهم عليه، فالتزامه تماماً بالاحتياطات الأمنية يجعل تقدمهم التكنولوجي خساراً وحسرة عليهم، كما أن الالتزام بالاحتياطات المطلوبة في مثل أوضاعنا ليس من المسائل التي لا يلبث الإنسان فيها مدة إلا ويقع في الخطأ البشري، خاصة إذا كان مستشعراً حقيقة المهمة التي يؤديها، قادراً على البقاء في البيت إلى أن يأتيه الفرج العام أو يحتاجه المجاهدون في عمل ميداني، مع ملاحظة أن هناك نسباً معينة من الناس لا يستطيعون ذلك». وثيقة (10).
ثغرتان قتلتا ابن لادن
> ماهي الثغرة التي تلمح الوثائق إلى أنها التي مكنت الأميركيين من ابن لادن؟
- ابن لادن: «بخصوص المُرافق حبذا أن تسرعوا في ترتيب أموره، حيث إنه قد تم بيننا وبين الإخوة المرافقين لنا في تاريخ 9/صفر/1432هـ اتفاق مكتوب بأنه بعد تسعة أشهر لا بد أن نكون قد بعثنا إخوة غيرهم، ليكونوا في رفقتنا، ولا يخفى عليكم أن أمر ترتيب مكان آمن بعد اختيار الشخص المناسب يتطلب وقتاً، فحبذا أن تفيدني بما تصلون إليه بخصوص المرافق في كل رسالة وإن لم يكن ثمة جديد فلا حرج أن تذكروا ذلك». وثيقة (10).
> أين كان أفراد عائلة ابن لادن الذين لم يكونوا معه في المنزل الذي قتل فيه، وهل لمقتله أية علاقة بعودتهم إليه؟
- ابن لادن: «أخبرني الأخ عبدالله الحلبي بأن أفراد أسرتي في إيران في طريقهم للمجيء إلى الإخوة في باكستان أو وزيرستان، فمن باب الحيطة والحرص على سلامة الجميع ينبغي أن نضع في حسابنا أن مجيئهم قد يختلف عما ألفناه في مجيء إخواننا الذين قدموا سابقاً من إيران لأسباب، منها أن ابني لادن قد سمح له الإيرانيون بالخروج منها والذهاب إلى سورية على أساس إظهار حسن النية لبقية المعتقلين بأنهم سيطلقونهم، وهو سيكون حريصاً على أن يطمئن الأهل بأن إخوته سيخرجون قريباً (...) ومن ثم إن كان القائد الاستخباراتي في المنطقة واعياً جداً سيظن بأنهم قد توجهوا إلي، وسيقوم بمراقبتهم للتوصل إلى المكان الذي فيه يستقرون».
> ماذا عن البقية؟
- ابن لادن: «بلغنا أن حمزة أرسل إليكم أرقاماً لأخيه محمد، وأرفق معها رسائل محددة ليتصل به أحد الإخوة ويبلغها له، فإن كان الاتصال لا زال جارياً فحبذا أن يتصل أحد الإخوة في الأماكن التي لا تخشون أمنياً من الاتصالات فيها ويبلغ محمد بأن حمزة يخبره بأن والده يطلب منهم أن يذهب هو ووالدته وإخوته جميعاً بأسرع ما يمكن إلى قطر، ويقيموا فيها إلى أن يأتي الفرج وهو قريب بإذن الله، ويجتهدوا في طاعة الله وطلب العلم وإن تعذر الذهاب إلى قطر بعد الأخذ بجميع الأسباب لتحقيقه يذهبوا إلى الحجاز». وثيقة (10).
> هل كان ابن لادن هو القائد الفعلي للتنظيم، أم أصبح كل همه سلامته الشخصية في الفترة الماضية؟
- ابن لادن: « ... إلى الأخ الكريم أبي بصير... وصلتنا رسالتكم ورسالة أخينا أبي هريرة الصنعاني عبر الإخوة وسررنا بوصولها، وكانت تتضمن إجابات عن أسئلة بعثوها إليكم، وقد اطلعنا من خلالها على أحوالكم وأوضاعكم، وقد كنا نتابع عن كثب أخباركم عبر الإعلام». وثيقة (16). «ابتداء أحيطكم علماً بأنه قد تم تعيينك خلفاً للشيخ سعيد رحمه الله لمدة عامين من تاريخ وصول رسالتي هذه إليكم. أسأل الله أن يعينكم ويزيدكم تمسكاً بالصبر والتقوى ... التي إن تمسك بها أمير صلُح حال رعيته» وثيقة (19).
> من أين له الأموال الطائلة التي يستغرقها عمل تنظيمه المسلح؟
- ابن لادن: «حبذا أن تفيدني عن المبالغ القادمة للمجاهدين من داخل باكستان ومن خارجها، مع ذكر المبالغ القادمة من كل قُطر على حدة، ومن ذلك ما تم بخصوص المبلغ الوارد ذكره في رسائلكم مع الإخوة في الصومال». وثيقة (10).
كان يعلم نقطة ضعفه
> أين هي رئاسة أركان «القاعدة»، ورئاسة وزرائها، طالما أن رئيس الدولة كان في أفغانستان، وكيف يتواصل معها؟
- ابن لادن: «إن مما لا يخفى عليكم أن البقاء لفترات طويلة على نفس الطريقة في التواصل بيننا، أمر فيه نقاط ضعف من الناحية الأمنية، إذ أنه يسهل على الأعداء الوصول إلى طريقة التواصل بيننا. فمبدئياً لا بد من الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.. اتخاذ الإجراءات التالية: أولاً: ألا يلتقي الأخوان الوسيط من طرفنا مع الوسيط من طرفكم لتسليم واستلام الرسائل إلا في أحد الأسواق المغلقة كالأسواق في المراكز التجارية. ثانيا: أن يرفع إليكم الأخ الذي يخرج بالرسائل من وزيرستان تقريراً عن كل رحلة يخرج فيها من وزيرستان يفيدكم فيه عما إذا كان الوضع الأمني طبيعياً كالعادة أو إن حصل أي تغير ومستجد أمني كزيادة في التدقيق أو الاستجواب أو التصوير سواء إن قصد به أشخاص محددون أم شمل جميع المارين، أو إن تم استبدال عناصر التفتيش بعناصر أكثر وعياً وانتباهاً من العناصر الموجودة حالياً» وثيقة(15) و(19).
> لأسامة أبناء، فهل كان يحضّرهم لخلافته؟
- ابن لادن: «بدا لي أمر، أحببت أن أشارككم فيه، وهو أن يذهب ابني حمزة إلى «قطر» فيطلب الفقه الشرعي وفقه الواقع، ويقوم بواجب توعية الأمة، وإيصال بعض ما نريد إيصاله لها، ونشر أفكار الجهاد وتفنيد الباطل والشبه التي تثار حول الجهاد ضمن الهامش المتاح هناك. ولا يخفى عليكم أن الأمة بحاجة للتماس معها والتحدث معها عن قرب ومعرفة بواقعها والمداخل التي ينبغي الدخول منها في إيصال المعلومة في حين أن المجاهدين لا يتيسر لهم ذلك بشكل كبير لبعدهم ومطاردة الكفر العالمي لهم، مما يفوت عليهم فرصة معرفة رغبات الأمة في الحديث وتلبيتها. إلا أن حمزة من المجاهدين، ويحمل نفس أفكارهم وهمومهم، وفي نفس الوقت يستطيع التماس مع الأمة حيث إنه تتعذر إدانته ومطالبة قطر بتسليمه لأنه دخل السجن وهو في سن الطفولة، فليس هناك أي قضية عليه»! وثيقة (19).
«مرفق شريحة خاصة بالإعلام تحوي بياناً للشعب الأميركي ورسالة مرفقة معه من ابني خالد للإخوة في الإعلام، من المهم وصولها مع البيان».
مندوبو ابن لادن بين الثوار!
> تحدث كثيرون عن أن الثورات العربية، أطاحت ب«القاعدة»؟
- ابن لادن : «أغلب المناطق ستقوم فيها حكومات على أنقاض الحكومات السابقة ويترجح أن تلك الحكومات ستكون للأحزاب والجماعات الإسلامية كالإخوان ومن شابههم، وواجبنا في هذه الفترة أن نهتم بالدعوة، بين المسلمين وكسب الأنصار ونشر الفهم الصحيح فالأوضاع الحالية أتاحت الفرص بشكل لم يتح من قبل».
> وكيف ينظر إلى الجماعات التي استحوذت على السلطة في بلاد الثورات؟
- «التيارات الداعية إلى أنصاف الحلول - كالإخوان مثلاً - شهدت في السنوات الأخيرة انتشاراً للفهم الصحيح بين أعضائها لاسيما في الأجيال الصاعدة، وقد تعرض لهذه الظاهرة أحد المنتمين للإخوان في سؤال له مطول ضمن الأسئلة الموجهة للشيخ أبي محمد، كما ورد في كثير من وسائل الإعلام أن هناك تياراً له ثقل داخل الإخوان يحمل الفكر السلفي، فرجوع الإخوان ومن على شاكلتهم إلى الإسلام الحق مسألة وقت بإذن الله».
> وهل «القاعدة» تطمح بالمشاركة في الثورات، عبر رجالها أو أفكارها؟
- ابن لادن: «فيما يخص ما ذكرته من رغبة بعض الإخوة في الذهاب إلى ميادين الثورات في بلادهم فقد دونت في رسالتكم قبل معرفة طلبهم أهمية ذهاب بعض الإخوة الأكفاء إلى ميدان الثورة في بلادهم للسعي في إدارة الأمور بفقه وحكمة بالتنسيق مع القوى الإسلامية هناك، على أن تتم دراسة دقيقة لقياس أي المصلحتين أرجح قبل ذهاب أي أخ، ويتم التأكد أولاً من سلامة الطريق، هذا فيما يخص الإخوة الذين نطلب نحن منهم الذهاب، أو الأخوة الذين لم يطلبوا بإلحاح. أما الذين تلحظون شدة حماسهم وعدم تحملهم للبقاء فهؤلاء يرعى ظرفهم ويسمح لهم بالذهاب مع بذل ما يمكن في ترتيب أكثر الطرق أمناً لهم». وثيقة (10).
> أي شيء كان ابن لادن يخططه للعالم؟
- ابن لادن: «التركيز على رأس الكفر، فكل بلاء في العالم الإسلامي كان بسببه (...)، الاطلاع على قائمة الدول التي أرسلت قوات مع الأميركيين في أفغانستان واختطاف بعض رعاياها وخاصة الديبلوماسيين، حيث إن الحرج على الدولة أكبر إن لم تطلق ديبلوماسييها» وثيقة (17). (أشار ابن لادن في وثائق عدة إلى الاكتفاء عما يعتبره الدفاع عن النفس فقط في الدول العربية. والتركيز على الأميركيين، خصوصاً في مناطق لم تكن تستهدف مثل كوريا الجنوبية. كذلك نبّه إلى توسيع قاعدة الإرهاب إلى دول ما كان يشملها بحسب قوله مثل إرلندا، وجنوب أفريقيا»!
> وماذا عن العالم العربي تحديداً؟
- ابن لادن: «أنوي إخراج بيان أتحدث فيه أننا نبدأ مرحلة جديدة لتصحيح بعض ما بدر منا، وبذلك نستعيد بإذن الله ثقة جزء كبير ممن فقد ثقته بالمجاهدين، ونزيد خطوط التواصل بين المجاهدين وأمتهم» وثيقة (19).
(ترسخت هذه القناعة فيما يبدو عند ابن لادن بعدما أقنعه الليبي عطية الله، بأن «القاعدة» لن تقوم لها قائمة إذا لم تكف عن أخطائها المتكررة، واقترح على ابن لادن في سبيل ذلك بياناً عنوانه «التبرئة والتحذير»، ولكن ابن لادن لم يبادر به، حتى قتل قبل أن يعلنه).
قيادي في «القاعدة» (الشيخ يونس): «لقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى: مأساة التساهل في الدماء والأموال والأعراض، وواجبنا تجاه هذه الظاهرة الخطرة. إن سلسلة استهداف المساجد والأماكن العامة من قبل بعض المحسوبين على المجاهدين مستمرة، وعلى أشدها في هذه الأيام، وحتى لا تكون دعوى فارغة، فأسرد لكم بعض الأحداث المؤلمة التي أعرفها وما خفي كان أعظم...» وثيقة (4).
اليمن والدولة المنتظرة
> هل يطمح ابن لادن إلى إقامة دولة على الأرض في اليمن؟
- ابن لادن: «بخصوص قولكم إن أردتم صنعاء يوماً من الدهر فهو اليوم، فنحن نريدها لإقامة شرع الله فيها، إذا كان الراجح أننا قادرون على المحافظة عليها، فالعدو الأكبر رغم استنزافه وإضعافه عسكرياً واقتصادياً قبل الحادي عشر وبعده، إلا أنه ما زال يمتلك من المعطيات، ما يمكنه من إسقاط أي دولة نقيمها رغم عجزه عن المحافظة على استقرار تلك الدول (...) ولكم عبرة في إسقاط دولة طالبان (...) وإن استنفار الخصوم في اليمن لا يقارن البتة باستنفارهم في أفغانستان، فاليمن بالنسبة للأعداء كالذي هدده الخطر داخل بيته، فهي في قلب الخليج أكبر مخزون نفطي في العالم، فلا نرى أن نزج أنفسنا وأهلنا في اليمن في هذا الأمر وفي هذا الوقت. خلاصة القول: رغم ضعف الدولة وقابليتها للسقوط فإن الفرصة لإسقاطها وإقامة حكومة بديلة، متاحة لغيرنا لا لنا». وثيقة(16).
«من هنا يظهر أن معظم الناس في اليمن إن خيروا بين حكومة تشكلها «القاعدة»، أو حكومة تشكلها أي دولة ناصر الوحيشي.. من دول الخليج بشكل مباشر أو غير مباشر (...) فسيختارون الحكومة التي تشكلها دول الخليج (...) لسبب بسيط وهو اعتقادهم أن هذه الحكومات مسلمة، ولديها القدرة على توفير ضروريات معاشهم، وهذا مطلب الناس أن تجتمع لهم أمور دينهم ودنياهم. وحتى نكون بعيداً عن الآمال والتمني ينبغي أن نتعامل مع ثورة الشعب ... كما لو أن صخرة كبيرة منحدرة من أحد الجبال وهي مكسب لمن يأخذها، إلا أن إيقافها لصالحنا متعذر» وثيقة (19).
> كيف هي رقصة ابن لادن مع ثعابين «اليمن الكثيرة»؟
- ابن لادن: «لا نرى التصعيد لأننا في مرحلة إعداد، فليس من المصلحة التسرع في العمل على إسقاط النظام، فهو على رغم ردته وسوء إدارته، إلا أنه أخف ضرراً ممن تريد أميركا استبداله بهم. فعلي صالح عاجز عن قمع النشاط الإسلامي، وكونه رجلاً غير إسلامي، وموالٍ للغرب، كان بمثابة مظلة للنشاطات الإسلامية طوال السنين الماضية، فاستفاد من ذلك الإخوان والسلفيون والسلفية الجهادية، فيبقى استنزاف أميركا من خارج اليمن، كذهاب بعض الإخوة إلى الصومال أو إلينا». «خطورة الدخول مع القبائل في الدماء (...) فلا يخفى مدى عمق التعصب والثأر عند العرب، وكم للدماء من آثار على الخواص فضلاً عن العوام، فقد كان معنا بعض المجاهدين الملتزمين، إذا رجعوا إلى اليمن وثارت حرب جاهلية قبلية بين قبيلتهم وقبيلة أخرى، كان بعضهم ينخرطون فيها». وثيقة (16).
> ماذا عن فروع «القاعدة» في العراق والصومال والمغرب الإسلامي؟
- قيادي في الجزائر: «على العموم ما يؤثر في الإخوة هي الكمائن المقرونة بالمناظير الحرارية، التي زود بها الأميركان الطاغوت الجزائري، في شمال البلاد، وأما الصحراء فما يقلق الإخوة، هو طائرات الكوبرا الروسية ( MI34)، المزودة بصواريخ الليزر الموجهة، المؤثرة في عربات الدفع الرباعي، والتي يستحيل الاستغناء عنها في الصحراء الكبرى... وهنا يكمن المشكل المالي الضروري جدا للتسليح الجيد المضاد لهذه الطائرات الخبيثة، والذي لا يملك منه المجاهدون صاروخاً واحداً. لا أنسى كذلك إقبال الإخوة الليبيين على الثغور، فقد أخبرنا أمير الشرق بالتحاق 34 أخاً ليبياً، وهناك المزيد ممن يريد اللحاق، الله يوفق الإخوة لاستقبالهم في «تبسة». وثيقة (11).
> هل تلمح «القاعدة» من قريب أو بعيد، إلى أنها ستركب موجة التغييرات التي واكبت الثورات للتخلي عن السلاح؟
- ابن لادن: «وأما في مسألة التخلي عن السلاح، فغير واردة البتة، فبالكتاب والحديد ينصر الدين، وهو جزء من كياننا وتاريخنا، والحفاظ على حياتنا، والرجل من غير سلاح لا شك أنه منتقص، فماذا جنى الذين تركوا السلاح غير أنهم أصبحوا لا وزن لهم». وثيقة (16).
حقيقة النظام الإيراني
> كيف هي علاقة «القاعدة» بإيران؟
- ابن لادن: «بخصوص ما ذكرتم في رسالة سابقة بأنه قد يذهب بعض الإخوة إلى إيران ضمن خطة المحافظة على الإخوة، فأرى أن إيران غير مناسبة». وثيقة (3).
«بخصوص رسالة ابني سعد - رحمه الله - فأرى أن تحذفوا النسخ التي لديكم، وسأرفق لكم بإذن الله في مرة قادمة نسخة أحذف منها بعض ما يستدعي الحذف ثم تكون في أرشيف السحاب نظراً لما تضمنته من مادة مهمة في إظهار (حقيقة النظام الإيراني).
وبخصوص ما ذكرتم عن صور سعد - رحمه الله - فـأرى أن تـوضـع صـورة وهـو في الورشـة في أرشيـف السحـاب، عـلى ألا تبث أية أجزاء منها إلا بالتنسيق معنا، وأما صورة بعد مقتله - رحمه الله - فلا توضع في أرشيف السحاب». وثيقة (10).
> ما طبيعة علاقة «القاعدة» مع طالبان أفغانستان وباكستان؟
- عطية وأبو يحيى الليبي: «إلى المحترم حكيم الله محسود أمير تحريك طالبان باكستان وفقه الله (...) نوضح لجنابكم بعض الأمور المهمة: أننا في الآونة الأخيرة اجتمع لدينا عدة ملاحظات مهمة تتعلق بفكر ومنهج وسلوك تحريك طالبان باكستان، نراها سلبيات وأخطاء شرعية واضحة، ومزلة خطرة، ونخشى أن تكون سبباً لانحراف وفساد عظيم في مسيرة الحركة الجهادية في باكستان (...) منها اعتبار حكيم الله محسود الأمير الأوحد الذي يجب على الجميع مبايعته، ويعد الخارج عليه وغير المنضّم إليه في التحريك باغياً. ومنها التوسع في مسألة القتل (...). ونعرض عليكم لائحة مختصرة لضبط مسألة الخطف وأخذ الأموال من الأشخاص، ما يسمح به وما لا يسمح. نوضح لكم أيضاً أننا نحن تنظيم قاعدة الجهاد، تنظيم إسلامي جهادي عالمي لا يتقيد بوطن ولا جنس، وأننا في أفغانستان مبايعون لأمير المؤمنين الملا محمد عمر (...) ومــــأذون لــــنا من قبله بالعمل الجهادي العام، وأننا نسمع من بعض الناس تسميتنا بالضيوف على سبيل القصد إلى معانٍ سياسية (...) ولذلك ندعوكم وكل المجاهدين لترك استعمال هذا الوصف المشار إليه أو التعويل عليه في شيء». 3 كانون الأول ديسمبر 2010 . وثيقة (7).
الظواهري وأخطاؤه النحوية!
> ماذا كان حجم أيمن الظواهري في المشهد؟
- ابن لادن: «أرجو أن ترفق بيان أميركا للشيخ أبي محمد، وأن ترفق له نسخة من رسالة صاحب الطيب إلي، ونسخة من رسالتي إليه، كما أرجو أن ترفق له نسخة من رسالتي للأخ عبدالودود» وثيقة (15). «ما أخبار الشيخ أبو محمد. انقطعت عنا أخباره».
(من الطريف عن الظواهري، ما تضمنته الوثيقة (13) من تتبع شخص متحكم في قواعد العربية لخطاب أعده الظواهري يواكب به الثورة المصرية، فكان كثير التصويب والنقد.
ونبّه في أحد المواقع الظواهري إلى ضرورة حذف جملة، «يمكن أن تُقرأ من كثير من الناس على أنها نوع من التبجح»، وهي العبارة التي يزعم فيها الظواهري أن «تراجع أميركا وتغييرها لسياساتها في دعم الجبابرة الطغاة، ومحاولة التعامل مع الشعوب المسلمة بسياسة اللين والخداع والقوة الناعمة، ما جاء إلا نتيجة مباشرة للغزوات المباركات في نيويورك وواشنطن وبنسلفانيا، ومن بعدها بدأت أميركا وسائر الدول الغربية تعيد رسم سياساتها»!
> عرفت «القاعدة» بإصداراتها الإعلامية، فمن تعتبر أصدقاءها من الصحافيين؟
- ابن لادن: «فيما يخص برنامج شاهد على العصر فلا أميل إليه، حيث إن المذيع الذي يقدم البرنامج، يخرج عن اللباقة في بعض برامجه». «أرى أن ترسلوا إلى عبد الباري عطوان وروبرت فيسك بأن الذكرى العاشرة لأحداث الحادي عشر ستكون قريبة والتي هي حصاد عشر سنين من الحرب الضروس بين المجاهدين وأميركا، وأنتم ترفعون شعار الرأي والرأي الآخر، فهذه فرصة لإيضاح دوافعنا لمواصلة الحرب (...) وتفيدهم بأن دورهم أكبر من نقل جندي أميركي يفجّر عبوة بواسطة «روبوت» في بلدة أرغنداب قرب قندهار. المعلومة في الصحف، وأن لدينا اقتراحاً بأن يقوموا بإعداد فيلم وثائقي في هذه الذكرى، ونحن سنزودهم بالمعلومات مقروءة ومسموعة ومرئية، ونرغب أن يفيدونا بمرئياتهم وأهل الاختصاص في هذا الباب لوضع تصور للفلم لتوضح الأحداث وتداعياتها». وثيقة (15).
> تقوم آيديولوجيا «القاعدة» في أساسها على «التكفير» لاستحلال دماء من تحاربهم، فهل استجد شيء في هذا الجانب؟
- الشيخ يونس: «مزلق التشدد والتكفير بلا ضوابط شرعية، لا بد من وضوح موقفنا فيه بشكل لا لبس فيه، ولا بد من وضع مذكرة فيه مختصرة واضحة صارمة موجهة لكل شباب الصحوة، وفوائدها لا تخفى». وثيقة (19). (لكن ابن لادن في مواضع كثيـرة من الوثـائق، يـؤكد أنـه يـرى أن الحكومات الإسلامية والعربية مرتدة. كما سبقت الإشارة عندما تحدث عن علي صالح).
ولأن الوثائق طويلة، ويصعب نشر نصها الكامل، تكتفي «الحياة» في هذه الحلقة بنشر أكثر نقاطها الجوهرية، على شكل سؤال يطرحه المحرر، وجواب يقتبسه من الوثائق الـ(19)، والتي هي في واقع الأمر (17)، ولكن بحسب الترقيم الأميركي فبينها مستندان تمهيديان.
وفي الأجوبة «المقتبسة»، يحرّض زعيم تنظيم «القاعدة» في الجزيرة العربية ناصر الوحيشي ابن لادن على إشعال معركة تستهدف السيطرة على عاصمة «اليمن» صنعاء، لينهي بذلك الحكم القائم فيها وتعلن «القاعدة» دولتها الإسلامية، لكن ابن لادن يرفض تلك الفكرة ويعتبرها فاشلة، بحكم موقع اليمن القريب من دول الخليج. في ما يأتي نص الحوار الافتراضي:
> عرف الناس أخيراً أهم لغز في حياة ابن لادن، وهو «أين كان مختفياً؟»، كيف استطاع أن يتخفى طيلة الفترة الماضية، على رغم المطاردة الأميركية؟
- ابن لادن: «الذين جرّبتم أنهم قادرون على الانضباط فترتب لهم منازل في أطراف الأحياء لبعدها النسبي عن الناس، مما يقلل مخاطر أمنية كثيرة ويكونوا مع مرافقين أمناء ويكون للمرافقين غطاء عمل كأنما هم يعيشون منه، خاصة الذين يكون بجوارهم جيران يراقبون أحوالهم» (وهذا ما فعل هو بالضبط).
«من أهم المسائل الأمنية في المدن ضبط الأولاد بألا يخرجوا من البيت إلا للضرورات الملحة كالعلاج، مع الحرص على تعليمهم اللغة المحلية وألا يخرجوا في ساحة المنزل إلا ومعهم كبير قادر على ضبط أصواتهم، ونحن (ابن لادن وعائلته) بفضل الله نلتزم هذه الاحتياطات منذ تسع سنوات، ولم يصلني أن أحداً من الإخوة الذين اعتقلوا بعد الأحداث اعتقل وهو ملتزم بها. وبناء عليه حبذا أن تبلغوا الإخوة بأني أرى خروج (من وزيرستان) كل من يستطيع الالتزام بالاحتياطات السابق ذكرها».
«الواقع يثبت أن التكنولوجية الأميركية وأجهزتها المتطورة لا تستطيع القبض على المجاهد إن لم يرتكب خطأ أمنياً يدلهم عليه، فالتزامه تماماً بالاحتياطات الأمنية يجعل تقدمهم التكنولوجي خساراً وحسرة عليهم، كما أن الالتزام بالاحتياطات المطلوبة في مثل أوضاعنا ليس من المسائل التي لا يلبث الإنسان فيها مدة إلا ويقع في الخطأ البشري، خاصة إذا كان مستشعراً حقيقة المهمة التي يؤديها، قادراً على البقاء في البيت إلى أن يأتيه الفرج العام أو يحتاجه المجاهدون في عمل ميداني، مع ملاحظة أن هناك نسباً معينة من الناس لا يستطيعون ذلك». وثيقة (10).
ثغرتان قتلتا ابن لادن
> ماهي الثغرة التي تلمح الوثائق إلى أنها التي مكنت الأميركيين من ابن لادن؟
- ابن لادن: «بخصوص المُرافق حبذا أن تسرعوا في ترتيب أموره، حيث إنه قد تم بيننا وبين الإخوة المرافقين لنا في تاريخ 9/صفر/1432هـ اتفاق مكتوب بأنه بعد تسعة أشهر لا بد أن نكون قد بعثنا إخوة غيرهم، ليكونوا في رفقتنا، ولا يخفى عليكم أن أمر ترتيب مكان آمن بعد اختيار الشخص المناسب يتطلب وقتاً، فحبذا أن تفيدني بما تصلون إليه بخصوص المرافق في كل رسالة وإن لم يكن ثمة جديد فلا حرج أن تذكروا ذلك». وثيقة (10).
> أين كان أفراد عائلة ابن لادن الذين لم يكونوا معه في المنزل الذي قتل فيه، وهل لمقتله أية علاقة بعودتهم إليه؟
- ابن لادن: «أخبرني الأخ عبدالله الحلبي بأن أفراد أسرتي في إيران في طريقهم للمجيء إلى الإخوة في باكستان أو وزيرستان، فمن باب الحيطة والحرص على سلامة الجميع ينبغي أن نضع في حسابنا أن مجيئهم قد يختلف عما ألفناه في مجيء إخواننا الذين قدموا سابقاً من إيران لأسباب، منها أن ابني لادن قد سمح له الإيرانيون بالخروج منها والذهاب إلى سورية على أساس إظهار حسن النية لبقية المعتقلين بأنهم سيطلقونهم، وهو سيكون حريصاً على أن يطمئن الأهل بأن إخوته سيخرجون قريباً (...) ومن ثم إن كان القائد الاستخباراتي في المنطقة واعياً جداً سيظن بأنهم قد توجهوا إلي، وسيقوم بمراقبتهم للتوصل إلى المكان الذي فيه يستقرون».
> ماذا عن البقية؟
- ابن لادن: «بلغنا أن حمزة أرسل إليكم أرقاماً لأخيه محمد، وأرفق معها رسائل محددة ليتصل به أحد الإخوة ويبلغها له، فإن كان الاتصال لا زال جارياً فحبذا أن يتصل أحد الإخوة في الأماكن التي لا تخشون أمنياً من الاتصالات فيها ويبلغ محمد بأن حمزة يخبره بأن والده يطلب منهم أن يذهب هو ووالدته وإخوته جميعاً بأسرع ما يمكن إلى قطر، ويقيموا فيها إلى أن يأتي الفرج وهو قريب بإذن الله، ويجتهدوا في طاعة الله وطلب العلم وإن تعذر الذهاب إلى قطر بعد الأخذ بجميع الأسباب لتحقيقه يذهبوا إلى الحجاز». وثيقة (10).
> هل كان ابن لادن هو القائد الفعلي للتنظيم، أم أصبح كل همه سلامته الشخصية في الفترة الماضية؟
- ابن لادن: « ... إلى الأخ الكريم أبي بصير... وصلتنا رسالتكم ورسالة أخينا أبي هريرة الصنعاني عبر الإخوة وسررنا بوصولها، وكانت تتضمن إجابات عن أسئلة بعثوها إليكم، وقد اطلعنا من خلالها على أحوالكم وأوضاعكم، وقد كنا نتابع عن كثب أخباركم عبر الإعلام». وثيقة (16). «ابتداء أحيطكم علماً بأنه قد تم تعيينك خلفاً للشيخ سعيد رحمه الله لمدة عامين من تاريخ وصول رسالتي هذه إليكم. أسأل الله أن يعينكم ويزيدكم تمسكاً بالصبر والتقوى ... التي إن تمسك بها أمير صلُح حال رعيته» وثيقة (19).
> من أين له الأموال الطائلة التي يستغرقها عمل تنظيمه المسلح؟
- ابن لادن: «حبذا أن تفيدني عن المبالغ القادمة للمجاهدين من داخل باكستان ومن خارجها، مع ذكر المبالغ القادمة من كل قُطر على حدة، ومن ذلك ما تم بخصوص المبلغ الوارد ذكره في رسائلكم مع الإخوة في الصومال». وثيقة (10).
كان يعلم نقطة ضعفه
> أين هي رئاسة أركان «القاعدة»، ورئاسة وزرائها، طالما أن رئيس الدولة كان في أفغانستان، وكيف يتواصل معها؟
- ابن لادن: «إن مما لا يخفى عليكم أن البقاء لفترات طويلة على نفس الطريقة في التواصل بيننا، أمر فيه نقاط ضعف من الناحية الأمنية، إذ أنه يسهل على الأعداء الوصول إلى طريقة التواصل بيننا. فمبدئياً لا بد من الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.. اتخاذ الإجراءات التالية: أولاً: ألا يلتقي الأخوان الوسيط من طرفنا مع الوسيط من طرفكم لتسليم واستلام الرسائل إلا في أحد الأسواق المغلقة كالأسواق في المراكز التجارية. ثانيا: أن يرفع إليكم الأخ الذي يخرج بالرسائل من وزيرستان تقريراً عن كل رحلة يخرج فيها من وزيرستان يفيدكم فيه عما إذا كان الوضع الأمني طبيعياً كالعادة أو إن حصل أي تغير ومستجد أمني كزيادة في التدقيق أو الاستجواب أو التصوير سواء إن قصد به أشخاص محددون أم شمل جميع المارين، أو إن تم استبدال عناصر التفتيش بعناصر أكثر وعياً وانتباهاً من العناصر الموجودة حالياً» وثيقة(15) و(19).
> لأسامة أبناء، فهل كان يحضّرهم لخلافته؟
- ابن لادن: «بدا لي أمر، أحببت أن أشارككم فيه، وهو أن يذهب ابني حمزة إلى «قطر» فيطلب الفقه الشرعي وفقه الواقع، ويقوم بواجب توعية الأمة، وإيصال بعض ما نريد إيصاله لها، ونشر أفكار الجهاد وتفنيد الباطل والشبه التي تثار حول الجهاد ضمن الهامش المتاح هناك. ولا يخفى عليكم أن الأمة بحاجة للتماس معها والتحدث معها عن قرب ومعرفة بواقعها والمداخل التي ينبغي الدخول منها في إيصال المعلومة في حين أن المجاهدين لا يتيسر لهم ذلك بشكل كبير لبعدهم ومطاردة الكفر العالمي لهم، مما يفوت عليهم فرصة معرفة رغبات الأمة في الحديث وتلبيتها. إلا أن حمزة من المجاهدين، ويحمل نفس أفكارهم وهمومهم، وفي نفس الوقت يستطيع التماس مع الأمة حيث إنه تتعذر إدانته ومطالبة قطر بتسليمه لأنه دخل السجن وهو في سن الطفولة، فليس هناك أي قضية عليه»! وثيقة (19).
«مرفق شريحة خاصة بالإعلام تحوي بياناً للشعب الأميركي ورسالة مرفقة معه من ابني خالد للإخوة في الإعلام، من المهم وصولها مع البيان».
مندوبو ابن لادن بين الثوار!
> تحدث كثيرون عن أن الثورات العربية، أطاحت ب«القاعدة»؟
- ابن لادن : «أغلب المناطق ستقوم فيها حكومات على أنقاض الحكومات السابقة ويترجح أن تلك الحكومات ستكون للأحزاب والجماعات الإسلامية كالإخوان ومن شابههم، وواجبنا في هذه الفترة أن نهتم بالدعوة، بين المسلمين وكسب الأنصار ونشر الفهم الصحيح فالأوضاع الحالية أتاحت الفرص بشكل لم يتح من قبل».
> وكيف ينظر إلى الجماعات التي استحوذت على السلطة في بلاد الثورات؟
- «التيارات الداعية إلى أنصاف الحلول - كالإخوان مثلاً - شهدت في السنوات الأخيرة انتشاراً للفهم الصحيح بين أعضائها لاسيما في الأجيال الصاعدة، وقد تعرض لهذه الظاهرة أحد المنتمين للإخوان في سؤال له مطول ضمن الأسئلة الموجهة للشيخ أبي محمد، كما ورد في كثير من وسائل الإعلام أن هناك تياراً له ثقل داخل الإخوان يحمل الفكر السلفي، فرجوع الإخوان ومن على شاكلتهم إلى الإسلام الحق مسألة وقت بإذن الله».
> وهل «القاعدة» تطمح بالمشاركة في الثورات، عبر رجالها أو أفكارها؟
- ابن لادن: «فيما يخص ما ذكرته من رغبة بعض الإخوة في الذهاب إلى ميادين الثورات في بلادهم فقد دونت في رسالتكم قبل معرفة طلبهم أهمية ذهاب بعض الإخوة الأكفاء إلى ميدان الثورة في بلادهم للسعي في إدارة الأمور بفقه وحكمة بالتنسيق مع القوى الإسلامية هناك، على أن تتم دراسة دقيقة لقياس أي المصلحتين أرجح قبل ذهاب أي أخ، ويتم التأكد أولاً من سلامة الطريق، هذا فيما يخص الإخوة الذين نطلب نحن منهم الذهاب، أو الأخوة الذين لم يطلبوا بإلحاح. أما الذين تلحظون شدة حماسهم وعدم تحملهم للبقاء فهؤلاء يرعى ظرفهم ويسمح لهم بالذهاب مع بذل ما يمكن في ترتيب أكثر الطرق أمناً لهم». وثيقة (10).
> أي شيء كان ابن لادن يخططه للعالم؟
- ابن لادن: «التركيز على رأس الكفر، فكل بلاء في العالم الإسلامي كان بسببه (...)، الاطلاع على قائمة الدول التي أرسلت قوات مع الأميركيين في أفغانستان واختطاف بعض رعاياها وخاصة الديبلوماسيين، حيث إن الحرج على الدولة أكبر إن لم تطلق ديبلوماسييها» وثيقة (17). (أشار ابن لادن في وثائق عدة إلى الاكتفاء عما يعتبره الدفاع عن النفس فقط في الدول العربية. والتركيز على الأميركيين، خصوصاً في مناطق لم تكن تستهدف مثل كوريا الجنوبية. كذلك نبّه إلى توسيع قاعدة الإرهاب إلى دول ما كان يشملها بحسب قوله مثل إرلندا، وجنوب أفريقيا»!
> وماذا عن العالم العربي تحديداً؟
- ابن لادن: «أنوي إخراج بيان أتحدث فيه أننا نبدأ مرحلة جديدة لتصحيح بعض ما بدر منا، وبذلك نستعيد بإذن الله ثقة جزء كبير ممن فقد ثقته بالمجاهدين، ونزيد خطوط التواصل بين المجاهدين وأمتهم» وثيقة (19).
(ترسخت هذه القناعة فيما يبدو عند ابن لادن بعدما أقنعه الليبي عطية الله، بأن «القاعدة» لن تقوم لها قائمة إذا لم تكف عن أخطائها المتكررة، واقترح على ابن لادن في سبيل ذلك بياناً عنوانه «التبرئة والتحذير»، ولكن ابن لادن لم يبادر به، حتى قتل قبل أن يعلنه).
قيادي في «القاعدة» (الشيخ يونس): «لقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى: مأساة التساهل في الدماء والأموال والأعراض، وواجبنا تجاه هذه الظاهرة الخطرة. إن سلسلة استهداف المساجد والأماكن العامة من قبل بعض المحسوبين على المجاهدين مستمرة، وعلى أشدها في هذه الأيام، وحتى لا تكون دعوى فارغة، فأسرد لكم بعض الأحداث المؤلمة التي أعرفها وما خفي كان أعظم...» وثيقة (4).
اليمن والدولة المنتظرة
> هل يطمح ابن لادن إلى إقامة دولة على الأرض في اليمن؟
- ابن لادن: «بخصوص قولكم إن أردتم صنعاء يوماً من الدهر فهو اليوم، فنحن نريدها لإقامة شرع الله فيها، إذا كان الراجح أننا قادرون على المحافظة عليها، فالعدو الأكبر رغم استنزافه وإضعافه عسكرياً واقتصادياً قبل الحادي عشر وبعده، إلا أنه ما زال يمتلك من المعطيات، ما يمكنه من إسقاط أي دولة نقيمها رغم عجزه عن المحافظة على استقرار تلك الدول (...) ولكم عبرة في إسقاط دولة طالبان (...) وإن استنفار الخصوم في اليمن لا يقارن البتة باستنفارهم في أفغانستان، فاليمن بالنسبة للأعداء كالذي هدده الخطر داخل بيته، فهي في قلب الخليج أكبر مخزون نفطي في العالم، فلا نرى أن نزج أنفسنا وأهلنا في اليمن في هذا الأمر وفي هذا الوقت. خلاصة القول: رغم ضعف الدولة وقابليتها للسقوط فإن الفرصة لإسقاطها وإقامة حكومة بديلة، متاحة لغيرنا لا لنا». وثيقة(16).
«من هنا يظهر أن معظم الناس في اليمن إن خيروا بين حكومة تشكلها «القاعدة»، أو حكومة تشكلها أي دولة ناصر الوحيشي.. من دول الخليج بشكل مباشر أو غير مباشر (...) فسيختارون الحكومة التي تشكلها دول الخليج (...) لسبب بسيط وهو اعتقادهم أن هذه الحكومات مسلمة، ولديها القدرة على توفير ضروريات معاشهم، وهذا مطلب الناس أن تجتمع لهم أمور دينهم ودنياهم. وحتى نكون بعيداً عن الآمال والتمني ينبغي أن نتعامل مع ثورة الشعب ... كما لو أن صخرة كبيرة منحدرة من أحد الجبال وهي مكسب لمن يأخذها، إلا أن إيقافها لصالحنا متعذر» وثيقة (19).
> كيف هي رقصة ابن لادن مع ثعابين «اليمن الكثيرة»؟
- ابن لادن: «لا نرى التصعيد لأننا في مرحلة إعداد، فليس من المصلحة التسرع في العمل على إسقاط النظام، فهو على رغم ردته وسوء إدارته، إلا أنه أخف ضرراً ممن تريد أميركا استبداله بهم. فعلي صالح عاجز عن قمع النشاط الإسلامي، وكونه رجلاً غير إسلامي، وموالٍ للغرب، كان بمثابة مظلة للنشاطات الإسلامية طوال السنين الماضية، فاستفاد من ذلك الإخوان والسلفيون والسلفية الجهادية، فيبقى استنزاف أميركا من خارج اليمن، كذهاب بعض الإخوة إلى الصومال أو إلينا». «خطورة الدخول مع القبائل في الدماء (...) فلا يخفى مدى عمق التعصب والثأر عند العرب، وكم للدماء من آثار على الخواص فضلاً عن العوام، فقد كان معنا بعض المجاهدين الملتزمين، إذا رجعوا إلى اليمن وثارت حرب جاهلية قبلية بين قبيلتهم وقبيلة أخرى، كان بعضهم ينخرطون فيها». وثيقة (16).
> ماذا عن فروع «القاعدة» في العراق والصومال والمغرب الإسلامي؟
- قيادي في الجزائر: «على العموم ما يؤثر في الإخوة هي الكمائن المقرونة بالمناظير الحرارية، التي زود بها الأميركان الطاغوت الجزائري، في شمال البلاد، وأما الصحراء فما يقلق الإخوة، هو طائرات الكوبرا الروسية ( MI34)، المزودة بصواريخ الليزر الموجهة، المؤثرة في عربات الدفع الرباعي، والتي يستحيل الاستغناء عنها في الصحراء الكبرى... وهنا يكمن المشكل المالي الضروري جدا للتسليح الجيد المضاد لهذه الطائرات الخبيثة، والذي لا يملك منه المجاهدون صاروخاً واحداً. لا أنسى كذلك إقبال الإخوة الليبيين على الثغور، فقد أخبرنا أمير الشرق بالتحاق 34 أخاً ليبياً، وهناك المزيد ممن يريد اللحاق، الله يوفق الإخوة لاستقبالهم في «تبسة». وثيقة (11).
> هل تلمح «القاعدة» من قريب أو بعيد، إلى أنها ستركب موجة التغييرات التي واكبت الثورات للتخلي عن السلاح؟
- ابن لادن: «وأما في مسألة التخلي عن السلاح، فغير واردة البتة، فبالكتاب والحديد ينصر الدين، وهو جزء من كياننا وتاريخنا، والحفاظ على حياتنا، والرجل من غير سلاح لا شك أنه منتقص، فماذا جنى الذين تركوا السلاح غير أنهم أصبحوا لا وزن لهم». وثيقة (16).
حقيقة النظام الإيراني
> كيف هي علاقة «القاعدة» بإيران؟
- ابن لادن: «بخصوص ما ذكرتم في رسالة سابقة بأنه قد يذهب بعض الإخوة إلى إيران ضمن خطة المحافظة على الإخوة، فأرى أن إيران غير مناسبة». وثيقة (3).
«بخصوص رسالة ابني سعد - رحمه الله - فأرى أن تحذفوا النسخ التي لديكم، وسأرفق لكم بإذن الله في مرة قادمة نسخة أحذف منها بعض ما يستدعي الحذف ثم تكون في أرشيف السحاب نظراً لما تضمنته من مادة مهمة في إظهار (حقيقة النظام الإيراني).
وبخصوص ما ذكرتم عن صور سعد - رحمه الله - فـأرى أن تـوضـع صـورة وهـو في الورشـة في أرشيـف السحـاب، عـلى ألا تبث أية أجزاء منها إلا بالتنسيق معنا، وأما صورة بعد مقتله - رحمه الله - فلا توضع في أرشيف السحاب». وثيقة (10).
> ما طبيعة علاقة «القاعدة» مع طالبان أفغانستان وباكستان؟
- عطية وأبو يحيى الليبي: «إلى المحترم حكيم الله محسود أمير تحريك طالبان باكستان وفقه الله (...) نوضح لجنابكم بعض الأمور المهمة: أننا في الآونة الأخيرة اجتمع لدينا عدة ملاحظات مهمة تتعلق بفكر ومنهج وسلوك تحريك طالبان باكستان، نراها سلبيات وأخطاء شرعية واضحة، ومزلة خطرة، ونخشى أن تكون سبباً لانحراف وفساد عظيم في مسيرة الحركة الجهادية في باكستان (...) منها اعتبار حكيم الله محسود الأمير الأوحد الذي يجب على الجميع مبايعته، ويعد الخارج عليه وغير المنضّم إليه في التحريك باغياً. ومنها التوسع في مسألة القتل (...). ونعرض عليكم لائحة مختصرة لضبط مسألة الخطف وأخذ الأموال من الأشخاص، ما يسمح به وما لا يسمح. نوضح لكم أيضاً أننا نحن تنظيم قاعدة الجهاد، تنظيم إسلامي جهادي عالمي لا يتقيد بوطن ولا جنس، وأننا في أفغانستان مبايعون لأمير المؤمنين الملا محمد عمر (...) ومــــأذون لــــنا من قبله بالعمل الجهادي العام، وأننا نسمع من بعض الناس تسميتنا بالضيوف على سبيل القصد إلى معانٍ سياسية (...) ولذلك ندعوكم وكل المجاهدين لترك استعمال هذا الوصف المشار إليه أو التعويل عليه في شيء». 3 كانون الأول ديسمبر 2010 . وثيقة (7).
الظواهري وأخطاؤه النحوية!
> ماذا كان حجم أيمن الظواهري في المشهد؟
- ابن لادن: «أرجو أن ترفق بيان أميركا للشيخ أبي محمد، وأن ترفق له نسخة من رسالة صاحب الطيب إلي، ونسخة من رسالتي إليه، كما أرجو أن ترفق له نسخة من رسالتي للأخ عبدالودود» وثيقة (15). «ما أخبار الشيخ أبو محمد. انقطعت عنا أخباره».
(من الطريف عن الظواهري، ما تضمنته الوثيقة (13) من تتبع شخص متحكم في قواعد العربية لخطاب أعده الظواهري يواكب به الثورة المصرية، فكان كثير التصويب والنقد.
ونبّه في أحد المواقع الظواهري إلى ضرورة حذف جملة، «يمكن أن تُقرأ من كثير من الناس على أنها نوع من التبجح»، وهي العبارة التي يزعم فيها الظواهري أن «تراجع أميركا وتغييرها لسياساتها في دعم الجبابرة الطغاة، ومحاولة التعامل مع الشعوب المسلمة بسياسة اللين والخداع والقوة الناعمة، ما جاء إلا نتيجة مباشرة للغزوات المباركات في نيويورك وواشنطن وبنسلفانيا، ومن بعدها بدأت أميركا وسائر الدول الغربية تعيد رسم سياساتها»!
> عرفت «القاعدة» بإصداراتها الإعلامية، فمن تعتبر أصدقاءها من الصحافيين؟
- ابن لادن: «فيما يخص برنامج شاهد على العصر فلا أميل إليه، حيث إن المذيع الذي يقدم البرنامج، يخرج عن اللباقة في بعض برامجه». «أرى أن ترسلوا إلى عبد الباري عطوان وروبرت فيسك بأن الذكرى العاشرة لأحداث الحادي عشر ستكون قريبة والتي هي حصاد عشر سنين من الحرب الضروس بين المجاهدين وأميركا، وأنتم ترفعون شعار الرأي والرأي الآخر، فهذه فرصة لإيضاح دوافعنا لمواصلة الحرب (...) وتفيدهم بأن دورهم أكبر من نقل جندي أميركي يفجّر عبوة بواسطة «روبوت» في بلدة أرغنداب قرب قندهار. المعلومة في الصحف، وأن لدينا اقتراحاً بأن يقوموا بإعداد فيلم وثائقي في هذه الذكرى، ونحن سنزودهم بالمعلومات مقروءة ومسموعة ومرئية، ونرغب أن يفيدونا بمرئياتهم وأهل الاختصاص في هذا الباب لوضع تصور للفلم لتوضح الأحداث وتداعياتها». وثيقة (15).
> تقوم آيديولوجيا «القاعدة» في أساسها على «التكفير» لاستحلال دماء من تحاربهم، فهل استجد شيء في هذا الجانب؟
- الشيخ يونس: «مزلق التشدد والتكفير بلا ضوابط شرعية، لا بد من وضوح موقفنا فيه بشكل لا لبس فيه، ولا بد من وضع مذكرة فيه مختصرة واضحة صارمة موجهة لكل شباب الصحوة، وفوائدها لا تخفى». وثيقة (19). (لكن ابن لادن في مواضع كثيـرة من الوثـائق، يـؤكد أنـه يـرى أن الحكومات الإسلامية والعربية مرتدة. كما سبقت الإشارة عندما تحدث عن علي صالح).