ألقت الحرب الدائرة في اليمن، والتي أشعلتها مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، بظلالها على قطاع التعليم في البلاد التي أصبحت خارج مؤشر دافوس لجودة التعليم في العالم العربي والعالم، والذي شمل 140 دولة، في حين اعتبر "ليبيا وسوريا والعراق واليمن والصومال" دولاً غير مصنفة؛ نظراً لعدم توافر أبسط معايير الجودة التعليمية فيها.
الأكاديمي اليمني الدكتور وديع العزعزي، علّق على خروج اليمن من التصنيف الدولي بالقول: "مع الأسف، الموضوع ليس فقط وليد اليوم ولكن منذ السلطة العفاشية (نظام المخلوع صالح)، حيث كان آخر ما يهمها هو التعليم وتطويره! وها هي مليشيا الحوثي وصالح تكمل اليوم ما تبقى من خلال تدمير ممنهج للتعليم ومؤسساته".
تحذيرات سابقة
وأوضح العزعزي في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن الأكاديميين والنقابيين حذروا من نتائج ما تمارسه المليشيا في قطاع التعليم والجامعات وانعكاسات ذلك بالفشل الذريع للمؤسسات التعليمية من حيث جودة المدخلات والمخرجات وكفاءة المدرسين والإدارات، "فهناك رصد ومتابعة من قِبل المنظمات الدولية لأداء التعليم في اليمن، وها هو مؤشر دافوس لجودة التعليم يجعلها خارج التصنيف، والخوف أن يكون القادم أسوأ"، حسب وصفه.
ووفقاً للعزعزي، فإن الممارسات الحوثية تثير مخاوف الأكاديميين والمهتمين بالتعليم في اليمن من تأثيرها على سمعة المؤسسات التعليمية وسحب الاعتراف بشهاداتها ووثائقها، من قِبل المؤسسات الدولية، وفي المقدمة اليونسكو.
إجراءات أردنية
المخاوف التي تحدث عنها العزعزي حول انهيار التعليم باليمن في ظل حكم الانقلابيين المدعومين من إيران، بدأت تصبح حقائق في الواقع، فوزارة التعليم العالي الأردنية علقت الاعتراف بالجامعات اليمنية اعتباراً من تاريخ منتصف فبراير/شباط الحالي.
ووفقاً لوكالة الأنباء الأردنية "بترا"، فإن لجنة الاعتراف ومعادلة الشهادات بررت القرار الأردني بعدم القدرة على معرفة مدى التزام الجامعات اليمنية بالمعايير الأكاديمية في ظل الظروف الراهنة التي يعيشها اليمن.
أبرز الانتهاكات
ويلخص العزعزي أبرز انتهاكات المليشيا لجامعة صنعاء في الاقتحام المسلح للحرم الجامعي بشكل مستمر، والاعتداء على أعضاء هيئة التدريس الرافضين واختطافهم، فضلاً عن تعيين رئيس للجامعة ونواب له بالقوة، والأمر نفسه بالنسبة لعمداء الكليات وبما يخالف القانون.
وتابع: "كذلك، إضافة درجات للطلاب المنتمين للمليشيا تحت اسم أنهم (مجاهدون)! والعبث بشروط ومعايير القبول للطلاب، والسماح بدخول الطلاب التابعين لهم من دون امتحانات قبول، لا سيما في الكليات العلمية؛ الطب وطب الأسنان والصيدلة والحاسوب والهندسة".
أمَا النقابات الطلابية، فقد عطلها الحوثيون من خلال إنشائهم ما يُسمى "ملتقى الطالب الجامعي" والذي يشكو منه الطلبة؛ نتيجة مضايقاته واستفزازاته المبنية على الإقصاء والتخوين لكل من يعارض المليشيا.
مشروع طائفي
ولأن مشروع الحوثيين طائفي، فقد ركزا أيضاً على جوهر قطاع التعليم المتمثل بالكتاب المدرسي، الذي يتجهون لإجراء تعديلات عليه بما يتوافق مع الفكر الخميني ويحرصون على نشره في المدارس والمساجد وكل مكان متاح من خلال ملازم (منشورات شبيهة بالكتب) لمؤسس المليشيا حسين الحوثي.
وتعززت المساعي الحوثية من خلال تعيين شقيق زعيم المليشيا وزيراً للتعليم في حكومة الانقلابيين، حيث إنه لا يحمل أي مؤهل علمي سوى أنه درس على يد والده بدر الدين الحوثي.
ويفرض الحوثيون الصرخة الخمينية في المدارس على غرار المساجد إلا أنهم يواجهون صعوبة؛ بسبب رفض الشعب اليمني هذه الثقافة التي تتعارض مع ثقافة الوسطية الإسلامية التي يلتزم بها اليمنيون.
أرقام كارثية
المركز القانوني للحقوق والتنمية كشف في أحد تقاريره، أن 751 مدرسة ومعهداً و111 منشأة جامعية تضررت من الحرب على مدى عامين ونصف العام، حيث عُرفت المليشيا الحوثية باحتلال المدارس والجامعات ونهبها كما حدث مع جامعة الإيمان وجامعة القرآن الكريم وعدد من المراكز التعليمية.
كما توضح بعض التقارير أن عدد الطلاب المتسربين من مدارسهم بلغوا نحو مليوني طالب؛ بسبب النزوح من مناطق الاقتتال، فضلاً عن عدم صلاحية بعض المدارس للتعليم ونزوح عدد من المعلمين.
جهود المانحين
وإزاء ذلك، تحاول الجهات المانحة أن تسهم في إعادة العملية التعليمية إلى وضعها الطبيعي، خصوصا في المناطق المحررة، حيث رصد مركز الملك سلمان للإغاثة مشاريع التعليم والحماية والتعافي المبكر بمبلغ يزيد على 75 مليون دولار أمريكي.
في حين أعلنت حملة "الكويت إلى جانبكم"، أنها ستعيد تأهيل 52 مدرسة و6 معاهد و8 كليات.