تقع الجمهورية اليمنية ضمن قائمة الدول الأشد فقرا في العالم، إذ لا يتجاوز متوسط دخل الفرد فيها ( 800 دولار) سنويا، بينما يتجاوز متوسط دخل الفرد السنوي في دولة الإمارات العربية المتحدة 26 ألف دولار سنويا، حسب إحصائيات العام 2016م.
وقد شهد اليمن في العقود الثلاثة الأخيرة صراعات سياسية متعددة، تطور بعضها إلى صراع عسكري، وجميعها ولَّدت أزمات اقتصادية متعاقبة، بدا تأثيرها واضحا على المواطن الذي يعد الضحية الأولى والأكثر تضررا في جميع تلك الصراعات.
كل تلك الأزمات الاقتصادية السابقة كانت تتم لها معالجات جزئية تخفف الحمل قليلا عن المواطن، لكنه ما إن يتعافى من أزمة حتى يدخل في أخرى، إلى أن وصل الوضع إلى المشكلة الأكثر تعقيدا وهي توقف صرف مرتبات موظفي الدولة والمتقاعدين في القطاعين المدني والعسكري، وكذا توقف معاشات الضمان الاجتماعي الذي كانت تصرفه الحكومة بالتنسيق مع البنك الدولي وصندوق الرعاية الاجتماعية، وتستهدف به الأسر الأشد فقرا وذوي الدخل المحدود وذلك لتحسين دخلهم والتخفيف من معاناتهم.
ففي نهاية العام 2014 توقف صرف مرتبات موظفي الدولة ومعاشات الضمان الاجتماعي، أما بالنسبة للمتقاعدين فلم يتوقف صرف معاشاتهم إلا أنه يتم تأخيرها، فبعد أن كان منتظما صار كل شهرين وفي مواعيد غير منتظمة.وحيث أن المشكلة كبيرة ومتشعبة ولا مجال هنا لتناول جوانبها كلها فقد حاولنا في هذا التحقيق تناول جانبين مهمين هما معاشات المتقاعدين ومعاشات الضمان الاجتماعي،كون أفراد هاتين الفئتين – في الغالب – لم يعودوا قادرين على العمل والبحث عن فرص كسب جديدة تؤمن لهم حياتهم وحياة من يعولون.
الوضع قبل المشكلة
يبلغ عدد من يتقاضون معاشات التقاعد المسجلين في سجلات الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات 87 ألف متقاعد من موظفي القطاعين المدني والعسكري، وذلك حسب آخر إحصائية أصدرتها الهيئة عام 2012م، ونشرتها في موقعها الرسمي، حيث أن كل متقاعد يعول أسرة، ومتوسط عدد أفراد الأسرة الصغيرة في اليمن 7.2 شخصا بحسب إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء، وبالتالي فإن عدد المستفيدين من معاش التقاعد 626,400 شخصا.
كما يبلغ عدد المستفيدين من الضمان الاجتماعي مليون وخمسمائة ألف حالة، هذا ما صرح به لنا الأخ نبيل محمد القباطي المنسق الفني لمشاريع البنك الدولي في صندوق الرعاية الاجتماعي.
والحالة الواحدة ليست دائما شخصا واحدا، وإنما يتراوح عدد المستفيدين من الحالة الواحدة ما بين شخص واحد إلى 6 أشخاص، وذلك بحسب عدد أفراد كل أسرة، وهذا ما أكده لنا أيضا أحد المستفيدين، وإذا افترضنا أن متوسط عدد أفراد الأسرة المستحقة 3 أشخاص فإن عدد الأشخاص المستفيدين من معاشات الضمان الاجتماعي في اليمن يصل إلى أربعة مليون وخمسمائة ألف شخص. (مليون وخمسمائة ألف حالة x 3 أشخاص لكل حالة ). الجدول أدناه يوضح المبالغ الشهرية المستحقة لكل حالة.
صندوق الرعاية الاجتماعية
وبحسب نبيل القباطي فإن صندوق الرعاية الاجتماعية - الذي أنشئ في عام 1996م من قبل وزارة الشئون الاجتماعية والعمل - يعد أكبر برنامج من حيث التحويلات النقدية في اليمن.
وتتلخص أهدافه الرئيسية في الآتي:
(1) حماية الأفراد الذين يعانون من الفقر المزمن.
(2) الاستجابة الفورية لحالات أزمات الغذاء.
(3) الاستجابة الفورية لأي صدمات يمكن أن تنشأ في المستقبل.
وعن آلية الصرف يقول القباطي: "يتم صرف مستحقات الضمان الاجتماعي أربع مرات في العام، في كل مرة قيمة أقساط ثلاثة أشهر"، وبالتالي– وبحسب الجدول الموضح أعلاه - فإن قيمة القسط الذي يتم صرفه في فترة الثلاثة الأشهر يتراوح مابين 12 ألف ريال للأسرة (عدد أفراد الأسرة شخص واحد) و 18 ألف ريال للأسرة (عدد أفراد الأسرة ستة أشخاص) وذلك اعتمادا على عدد أفراد الأسرة.
أسباب المشكلة
قمنا بالبحث عن أسباب تأخير معاشات التقاعد، واستطعنا تلخيص الأسباب في التالي:
- الحرب الدائرة في اليمن منذ سنتين.
- وجود إدارتين للدولة كل منهما يسيطر على مساحة جغرافية من البلد.
- وجود بنكين مركزيين وعدم تحصيل موارد الدولة الى بنك مركزي واحد.
- انخفاض واردات الدولة بسبب الحرب الدائرة، حيث توقفت معظم صادرات النفط والغاز الى الخارج.
ومن خلال متابعتنا لاحظنا أن بعض المصادر الإعلامية التابعة لأحد الطرفين تدعي أن الطرف الآخر قام بسحب مبلغ عشرين مليار ريال من صندوق التقاعد، إلا أننا لا يمكن أن نعتمد هذا سببا حقيقيا كونه ورد في وسائل الإعلام فقط ولم يتم تأكيده من مصدر رسمي معتمد.
وعن سبب توقف معاشات الضمان الاجتماعي قمنا بالاستفسار من الاخ نبيل القباطي، والذي بدوره، أكد لنا أن قرار مجلس إدارة البنك الدولي الصادر في 11 أبريل 2015، والذي ينص على تعليق كافة أنشطته في الجمهورية اليمنية ابتداء من هذا التاريخ وحتى أجل مسمى، أدى إلى تعثر صرف المساعدات الشهرية للربع الاول(يناير-مارس) من العام 2015 لما يقارب 1,506,017 (مليون وخمسمائة وستة ألف وسبعة عشر) مستفيد لصندوق الرعاية الاجتماعية بمبلغ إجمالي 23,178,375,000 (ثلاثة وعشرون مليار ومائة وثمانية وسبعون مليون وثلاثمائة وخمسة وسبعون ريال يمني)، والذي كان من المفترض بالصندوق تغطيته من موازنة المشروع الطارئ للتعافي من الأزمة الممول من البنك الدولي بمنحه رقم D012 RY-P133811، أيضا" أدى استمرار الحرب إلى تعذر المساعدات الشهرية للربع الثاني والثالث والرابع من العام نفسه 2015م، أي أن إجمالي المبلغ المتعثر صرفه للمستفيدين للفترة يناير- ديسمبر 2015م اثنان وتسعون مليار وسبعمائة وثلاثة عشر مليون وخمسمائة ريال.
أيضا أدى استمر الحرب في العام 2016م إلى تعذر صرف المساعدات الشهرية للربع الأول والثاني والثالث والرابع (يناير – ديسمبر) من العام 2016 لما يقارب 1,506,017 (مليون وخمسمائة وستة إلف وسبعة عشر) مستفيد ، وإجمالا، فأن إجمالي المساعدات المتعثرة لصندوق الرعاية الاجتماعية للفترة من يناير 2015م وحتى مارس 2016م بلغ 741,708,000 دولار (سبعمائة وواحد وأربعون مليون وسبعمائة وثمانية ألف دولار أمريكي).
نتائج
بسبب هذه المشكلة ظهرت مشاكل عدة سنذكرها بألسنة أصحابها:
فهذا عبدالجبار علي حسن يسكن في أحد أحياء العاصمة صنعاء، يقول إنه بدأ يستلم معاش من الضمان الاجتماعي منذ العام 2012، واستمرت حتى نهاية العام 2014.
وأضاف عبدالجبار: "كنت استلم في نهاية كل شهر 12 ألف ريال وكانت تساعدني كثير، كنت اشتري بها المواد الغذائية، وكنت اشتغل طول الشهر عشان أوفر حق الإيجار والماء،طبعا أنا اشتغل شاقي، بعض الأيام اشتغل وبعض الأيام لا ، عندما توقف الضمان الاجتماعي واجهت مشاكل كثيرة، وفي بعض الأيام ما كناش نحصل ما نأكل، السنة الأولة، زوجتي احتاجت عملية لأجل الولادة وما كنش معي شي، واضطريت استلف من أهل قريتي مصاريف للعملية، وإلى الآن ما قد سددتهم، كمان تدينت مبالغ أخرى من اجل المصاريف، معاشات الضمان كانت تساعدني كثير في شراء المواد الغذائية الضرورية، الآن احصل مساعدات من منظمات الإغاثة ويساعدوني بعض أقاربي".
وأثناء تجوالنا في الحي الذي يسكن فيه عبدالجبار تحدث إلينا السكان أن هناك في الحي شخص بعد أن توقفت معاشات الضمان الاجتماعي طلق زوجته وتخلى عنها هي أولاده ، وحاليا، يقوم سكان الحي بمساعدة الزوجة وأولادها الثلاثة.
كما اكتشفنا وجود حالات اسر فقيرة جدا ليس لديها مصدر دخل ثابت، وبحاجة إلى المساعدة، إلا أنه لم يتم إدراجها ضمن الحالات المستحقة للضمان الاجتماعي مثل حالة الحاج ( م.ص ) الذي يعيش مع بناته الثلاث على الصدقة والمساعدات الفردية من أبناء الحي.
ولأن مستحقي الضمان الاجتماعي هم من الأسر الأشد فقرا فقد أجريت لهم بعض المعالجات البسيطة كإعطاء الأولية لمستفيدي الضمان الاجتماعي أثناء توزيع مواد الإغاثة من منظمات الأمم المتحدة، إلا أنها لم تكن كافي للتعافي –ولو جزئيا- من المشكلة.
من خلال النزول الميداني اكتشفنا أن المتقاعدين اقل ضررا من المستفيدين من الضمان الاجتماعي كون آخر معاش تقاعدي تم صرفه كان في شهر نوفمبر 2016، لكن مشكلة المتقاعدين تكمن في تأخير الصرف حيث يتم الصرف كل شهرين أو أكثر بينما بعض الأسر عليها التزامات ضرورية كل شهر ومن هذه الأسر، أسرة الحاج ( ع.ش ) الذي يعيش مع زوجته في حي هائل بأمانة العاصمة وهو يعاني من مرض السكر ويحتاج إلى شراء علاج السكر شهريا، كان يعمل في وزارة المياه وتقاعد قبل عشر سنوات،، بسبب تأخر معاش التقاعد أحد الأشهر لم يستطع شراء العلاج فتطورت حالته المرضية واضطر إلى طلب المساعدة من سكان الحي عن طريق إمام المسجد وقد تم التبرع له بقيمة العلاج.
حالة الحاج ( ع.ش ) مثلها حالات كثيرة ومعظمهم من كبار السن الذين يعانون من أمراض مزمنة وبحاجة مستمرة إلى العلاج.
سلطان سعيد فارع –66 عاما - يسكن بالإيجار في حي الدائري بأمانة العاصمة تقاعد في العام 2011، حيث كان يعمل محاميا في البنك اليمني للإنشاء والتعمير شرح لنا معاناته في ظل تأخر صرف معاش التقاعد، إذ تعرض لعدة مشاكل كان أبرزها تهديد صاحب البيت له بإخراجه من المنزل لأنه لم يسدد الإيجار لثلاثة أشهر، حيث جاء مالك المنزل إليه واحتدم النقاش بينهما في الحي فتدخل سكان الحي وطلبوا من المالك إعطاءه مهلة أخرى وهو لا يدري هل سيستطيع الالتزام بالتسديد خلال المهلة المحددة.
التوصيات
خلصنا من هذه اللقاءات والمعلومات التي جمعناها، إلى هذه التوصيات:
- استمرار توفير المعونات من المواد الغذائية شهريا لتوفير لقمة العيش وزياد الكمية تدريجيا، لتغطية أغلب الحالات المحتاجة.
عمل مشاريع صغيرة لكل أسرة بالتعاون مع التجاري، مثل توفير مكائن خياطة للنساء للعمل بهذا المجال، لتوفير احتياجات الأسرة.
تنظيم تحصيل إيرادات الاستثمارات التي يتم تخصيصها للهيئة العامة للتأمينات والمعاشات والاستفادة منها.
وقد شهد اليمن في العقود الثلاثة الأخيرة صراعات سياسية متعددة، تطور بعضها إلى صراع عسكري، وجميعها ولَّدت أزمات اقتصادية متعاقبة، بدا تأثيرها واضحا على المواطن الذي يعد الضحية الأولى والأكثر تضررا في جميع تلك الصراعات.
كل تلك الأزمات الاقتصادية السابقة كانت تتم لها معالجات جزئية تخفف الحمل قليلا عن المواطن، لكنه ما إن يتعافى من أزمة حتى يدخل في أخرى، إلى أن وصل الوضع إلى المشكلة الأكثر تعقيدا وهي توقف صرف مرتبات موظفي الدولة والمتقاعدين في القطاعين المدني والعسكري، وكذا توقف معاشات الضمان الاجتماعي الذي كانت تصرفه الحكومة بالتنسيق مع البنك الدولي وصندوق الرعاية الاجتماعية، وتستهدف به الأسر الأشد فقرا وذوي الدخل المحدود وذلك لتحسين دخلهم والتخفيف من معاناتهم.
ففي نهاية العام 2014 توقف صرف مرتبات موظفي الدولة ومعاشات الضمان الاجتماعي، أما بالنسبة للمتقاعدين فلم يتوقف صرف معاشاتهم إلا أنه يتم تأخيرها، فبعد أن كان منتظما صار كل شهرين وفي مواعيد غير منتظمة.وحيث أن المشكلة كبيرة ومتشعبة ولا مجال هنا لتناول جوانبها كلها فقد حاولنا في هذا التحقيق تناول جانبين مهمين هما معاشات المتقاعدين ومعاشات الضمان الاجتماعي،كون أفراد هاتين الفئتين – في الغالب – لم يعودوا قادرين على العمل والبحث عن فرص كسب جديدة تؤمن لهم حياتهم وحياة من يعولون.
الوضع قبل المشكلة
يبلغ عدد من يتقاضون معاشات التقاعد المسجلين في سجلات الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات 87 ألف متقاعد من موظفي القطاعين المدني والعسكري، وذلك حسب آخر إحصائية أصدرتها الهيئة عام 2012م، ونشرتها في موقعها الرسمي، حيث أن كل متقاعد يعول أسرة، ومتوسط عدد أفراد الأسرة الصغيرة في اليمن 7.2 شخصا بحسب إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء، وبالتالي فإن عدد المستفيدين من معاش التقاعد 626,400 شخصا.
كما يبلغ عدد المستفيدين من الضمان الاجتماعي مليون وخمسمائة ألف حالة، هذا ما صرح به لنا الأخ نبيل محمد القباطي المنسق الفني لمشاريع البنك الدولي في صندوق الرعاية الاجتماعي.
والحالة الواحدة ليست دائما شخصا واحدا، وإنما يتراوح عدد المستفيدين من الحالة الواحدة ما بين شخص واحد إلى 6 أشخاص، وذلك بحسب عدد أفراد كل أسرة، وهذا ما أكده لنا أيضا أحد المستفيدين، وإذا افترضنا أن متوسط عدد أفراد الأسرة المستحقة 3 أشخاص فإن عدد الأشخاص المستفيدين من معاشات الضمان الاجتماعي في اليمن يصل إلى أربعة مليون وخمسمائة ألف شخص. (مليون وخمسمائة ألف حالة x 3 أشخاص لكل حالة ). الجدول أدناه يوضح المبالغ الشهرية المستحقة لكل حالة.
صندوق الرعاية الاجتماعية
وبحسب نبيل القباطي فإن صندوق الرعاية الاجتماعية - الذي أنشئ في عام 1996م من قبل وزارة الشئون الاجتماعية والعمل - يعد أكبر برنامج من حيث التحويلات النقدية في اليمن.
وتتلخص أهدافه الرئيسية في الآتي:
(1) حماية الأفراد الذين يعانون من الفقر المزمن.
(2) الاستجابة الفورية لحالات أزمات الغذاء.
(3) الاستجابة الفورية لأي صدمات يمكن أن تنشأ في المستقبل.
وعن آلية الصرف يقول القباطي: "يتم صرف مستحقات الضمان الاجتماعي أربع مرات في العام، في كل مرة قيمة أقساط ثلاثة أشهر"، وبالتالي– وبحسب الجدول الموضح أعلاه - فإن قيمة القسط الذي يتم صرفه في فترة الثلاثة الأشهر يتراوح مابين 12 ألف ريال للأسرة (عدد أفراد الأسرة شخص واحد) و 18 ألف ريال للأسرة (عدد أفراد الأسرة ستة أشخاص) وذلك اعتمادا على عدد أفراد الأسرة.
أسباب المشكلة
قمنا بالبحث عن أسباب تأخير معاشات التقاعد، واستطعنا تلخيص الأسباب في التالي:
- الحرب الدائرة في اليمن منذ سنتين.
- وجود إدارتين للدولة كل منهما يسيطر على مساحة جغرافية من البلد.
- وجود بنكين مركزيين وعدم تحصيل موارد الدولة الى بنك مركزي واحد.
- انخفاض واردات الدولة بسبب الحرب الدائرة، حيث توقفت معظم صادرات النفط والغاز الى الخارج.
ومن خلال متابعتنا لاحظنا أن بعض المصادر الإعلامية التابعة لأحد الطرفين تدعي أن الطرف الآخر قام بسحب مبلغ عشرين مليار ريال من صندوق التقاعد، إلا أننا لا يمكن أن نعتمد هذا سببا حقيقيا كونه ورد في وسائل الإعلام فقط ولم يتم تأكيده من مصدر رسمي معتمد.
وعن سبب توقف معاشات الضمان الاجتماعي قمنا بالاستفسار من الاخ نبيل القباطي، والذي بدوره، أكد لنا أن قرار مجلس إدارة البنك الدولي الصادر في 11 أبريل 2015، والذي ينص على تعليق كافة أنشطته في الجمهورية اليمنية ابتداء من هذا التاريخ وحتى أجل مسمى، أدى إلى تعثر صرف المساعدات الشهرية للربع الاول(يناير-مارس) من العام 2015 لما يقارب 1,506,017 (مليون وخمسمائة وستة ألف وسبعة عشر) مستفيد لصندوق الرعاية الاجتماعية بمبلغ إجمالي 23,178,375,000 (ثلاثة وعشرون مليار ومائة وثمانية وسبعون مليون وثلاثمائة وخمسة وسبعون ريال يمني)، والذي كان من المفترض بالصندوق تغطيته من موازنة المشروع الطارئ للتعافي من الأزمة الممول من البنك الدولي بمنحه رقم D012 RY-P133811، أيضا" أدى استمرار الحرب إلى تعذر المساعدات الشهرية للربع الثاني والثالث والرابع من العام نفسه 2015م، أي أن إجمالي المبلغ المتعثر صرفه للمستفيدين للفترة يناير- ديسمبر 2015م اثنان وتسعون مليار وسبعمائة وثلاثة عشر مليون وخمسمائة ريال.
أيضا أدى استمر الحرب في العام 2016م إلى تعذر صرف المساعدات الشهرية للربع الأول والثاني والثالث والرابع (يناير – ديسمبر) من العام 2016 لما يقارب 1,506,017 (مليون وخمسمائة وستة إلف وسبعة عشر) مستفيد ، وإجمالا، فأن إجمالي المساعدات المتعثرة لصندوق الرعاية الاجتماعية للفترة من يناير 2015م وحتى مارس 2016م بلغ 741,708,000 دولار (سبعمائة وواحد وأربعون مليون وسبعمائة وثمانية ألف دولار أمريكي).
نتائج
بسبب هذه المشكلة ظهرت مشاكل عدة سنذكرها بألسنة أصحابها:
فهذا عبدالجبار علي حسن يسكن في أحد أحياء العاصمة صنعاء، يقول إنه بدأ يستلم معاش من الضمان الاجتماعي منذ العام 2012، واستمرت حتى نهاية العام 2014.
وأضاف عبدالجبار: "كنت استلم في نهاية كل شهر 12 ألف ريال وكانت تساعدني كثير، كنت اشتري بها المواد الغذائية، وكنت اشتغل طول الشهر عشان أوفر حق الإيجار والماء،طبعا أنا اشتغل شاقي، بعض الأيام اشتغل وبعض الأيام لا ، عندما توقف الضمان الاجتماعي واجهت مشاكل كثيرة، وفي بعض الأيام ما كناش نحصل ما نأكل، السنة الأولة، زوجتي احتاجت عملية لأجل الولادة وما كنش معي شي، واضطريت استلف من أهل قريتي مصاريف للعملية، وإلى الآن ما قد سددتهم، كمان تدينت مبالغ أخرى من اجل المصاريف، معاشات الضمان كانت تساعدني كثير في شراء المواد الغذائية الضرورية، الآن احصل مساعدات من منظمات الإغاثة ويساعدوني بعض أقاربي".
وأثناء تجوالنا في الحي الذي يسكن فيه عبدالجبار تحدث إلينا السكان أن هناك في الحي شخص بعد أن توقفت معاشات الضمان الاجتماعي طلق زوجته وتخلى عنها هي أولاده ، وحاليا، يقوم سكان الحي بمساعدة الزوجة وأولادها الثلاثة.
كما اكتشفنا وجود حالات اسر فقيرة جدا ليس لديها مصدر دخل ثابت، وبحاجة إلى المساعدة، إلا أنه لم يتم إدراجها ضمن الحالات المستحقة للضمان الاجتماعي مثل حالة الحاج ( م.ص ) الذي يعيش مع بناته الثلاث على الصدقة والمساعدات الفردية من أبناء الحي.
ولأن مستحقي الضمان الاجتماعي هم من الأسر الأشد فقرا فقد أجريت لهم بعض المعالجات البسيطة كإعطاء الأولية لمستفيدي الضمان الاجتماعي أثناء توزيع مواد الإغاثة من منظمات الأمم المتحدة، إلا أنها لم تكن كافي للتعافي –ولو جزئيا- من المشكلة.
من خلال النزول الميداني اكتشفنا أن المتقاعدين اقل ضررا من المستفيدين من الضمان الاجتماعي كون آخر معاش تقاعدي تم صرفه كان في شهر نوفمبر 2016، لكن مشكلة المتقاعدين تكمن في تأخير الصرف حيث يتم الصرف كل شهرين أو أكثر بينما بعض الأسر عليها التزامات ضرورية كل شهر ومن هذه الأسر، أسرة الحاج ( ع.ش ) الذي يعيش مع زوجته في حي هائل بأمانة العاصمة وهو يعاني من مرض السكر ويحتاج إلى شراء علاج السكر شهريا، كان يعمل في وزارة المياه وتقاعد قبل عشر سنوات،، بسبب تأخر معاش التقاعد أحد الأشهر لم يستطع شراء العلاج فتطورت حالته المرضية واضطر إلى طلب المساعدة من سكان الحي عن طريق إمام المسجد وقد تم التبرع له بقيمة العلاج.
حالة الحاج ( ع.ش ) مثلها حالات كثيرة ومعظمهم من كبار السن الذين يعانون من أمراض مزمنة وبحاجة مستمرة إلى العلاج.
سلطان سعيد فارع –66 عاما - يسكن بالإيجار في حي الدائري بأمانة العاصمة تقاعد في العام 2011، حيث كان يعمل محاميا في البنك اليمني للإنشاء والتعمير شرح لنا معاناته في ظل تأخر صرف معاش التقاعد، إذ تعرض لعدة مشاكل كان أبرزها تهديد صاحب البيت له بإخراجه من المنزل لأنه لم يسدد الإيجار لثلاثة أشهر، حيث جاء مالك المنزل إليه واحتدم النقاش بينهما في الحي فتدخل سكان الحي وطلبوا من المالك إعطاءه مهلة أخرى وهو لا يدري هل سيستطيع الالتزام بالتسديد خلال المهلة المحددة.
التوصيات
خلصنا من هذه اللقاءات والمعلومات التي جمعناها، إلى هذه التوصيات:
- استمرار توفير المعونات من المواد الغذائية شهريا لتوفير لقمة العيش وزياد الكمية تدريجيا، لتغطية أغلب الحالات المحتاجة.
عمل مشاريع صغيرة لكل أسرة بالتعاون مع التجاري، مثل توفير مكائن خياطة للنساء للعمل بهذا المجال، لتوفير احتياجات الأسرة.
تنظيم تحصيل إيرادات الاستثمارات التي يتم تخصيصها للهيئة العامة للتأمينات والمعاشات والاستفادة منها.