تسابق أول خيوط الشمس وهي تغادر منزلها المتواضع في أحد أحياء صنعاء للبحث عن رزقها لتلبية احتياجات أسرة مكونة من ستة أفراد، بعد أن سدّت كل سبل الحياة بفعل الحرب التي تسبب فيها الحوثيون وحلفاؤهم، وما رافقها من إغلاق معظم الشركات التجارية أبوابها.
آمنة.. امرأة يمنية في العقد السادس، مضى عليها أربعون عاماً وهي تعمل على توفير متطلّبات أسرتها من خلال العمل في مزرعة أو مساعدة الأسر الميسورة في بعض الأعمال المنزلية، تجوب شوارع الحي ذهاباً وإياباً، تتبادل الشكوى والوجع الذي عصف بكل اليمنيين بفعل الحرب، ومن كانوا يمدون لها يد المساعدة باتوا اليوم مثلها يشكون العوز والفاقة ويشاركونها الألم.
قبل سنوات قلائل ظنّت وزوجها، الذي يعمل حارساً في المزرعة نفسها التي يملكها أحد شيوخ القبائل، أنهما غادرا إلى غير رجعة محطّات الشقاء بعد تخرّج اثنين من أبنائهما في الجامعة، والتحاقهما بالعمل لدى شركتين برواتب مجزية مكنتهما من تقديم المساعدة.
ومع ذلك، قررت الأم الاستمرار في حركتها، لا مضطرة إلى توفير لقمة العيش، لكن لأنّ إيقاع حياتها اليومية أصبح عادة لا يمكن التخلص منها، فهي تحب العمل في الأرض والحركة، وتكره العودة إلى المنزل قبل انتصاف النهار.
وفيما كانت آمنة المرأة الصبورة تقضي جل وقتها في زيارة صديقاتها ومساعدتهن في منازلهن حتى من دون الحصول على مقابل، أتت الأحداث التي عصفت بالبلاد لتحيل السنوات القليلة من الراحة والاطمئنان إلى جحيم أشد من العقود التي قضتها في المزرعة ولدى هذه الأسر الميسورة، من أجل جمع قوت أبنائها والاهتمام بتعليمهم.
تروي آمنة والحسرة بادية على عينيها: «كانت هناك مجالات للحصول على العمل، والنَّاس كان بمقدورهم المساعدة، لكن الآن أصبح لديهم أسر مستقلة، وخسروا وظائفهم، ولم يعد بإمكانهم فعل شيء، فمعظم الشركات أغلق أبوابه وسرّح العاملين، ومن كانوا يقفون إلى جوارنا فقدوا مصادر دخلهم وباتوا يرجون المساعدة، الوضع صعب، والله وحده القادر على مساعدتنا».
محنة
تتكلم وهي تضع قبعة من سعف النخيل تقي وجهها حرارة الشمس: «كنت أعتقد أن سنوات البؤس ذهبت إلى غير رجعة، لم أتوقع في يوم من الأيام أن القادم أسوأ، نحن نعيش الآن على المساعدات الغذائية القليلة التي تقدمها المنظمات الإنسانية، وصرنا نبحث عن الماء، أما الكهرباء فليس باستطاعتنا توفيرها من الطاقة الشمسية كما فعل آخرون، فكل ريال نحن محتاجون إليه».
آمنة، التي تشبه وجع اليمن في محنتها مع الصراعات وعدم الاستقرار، تمكنت من تعليم أبنائها، وأقامت علاقة صداقة مع مجموعة واسعة من الأسر في الحي الذي تسكن فيه، لا تستطيع مغادرة المدينة والعودة إلى القرية كما فعلت آلاف الأسر، إما خوفاً من القتال أو للعمل في الزراعة، لأنها وزوجها لا يمتلكان أرضاً يزرعانها، ولا يملكان منزلاً ريفياً يقيمان فيه، كما غالبية سكان اليمن الذين احتفظوا بمساكن العائلة في القرى، ويلجؤون إليها عند كل صراع.
تقول وهي راجعة إلى بيتها المتواضع في أطراف إحدى المزارع: «ليس لنا إلا الله يساعدنا على الخروج من هذه الحالة، كل الناس أصبحوا بحاجة إلى المساعدات، ولم أشاهد هذا الفقر طوال حياتي، إنما سمعت به من أمي، حين كانت موجات الجوع تجتاح مناطق عديدة من البلاد عند حدوث الجفاف».
نموذج
هذه الأسرة ليست إلا نموذجاً متواضعاً لآلاف الأسر التي شردتها الحرب، أو فقدت مصدر معيشتها، حيث أصبح 80 في المئة من سكان اليمن يبحثون عن المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة، فيما يواجه آخرون شبح الموت جوعاً، خصوصاً في محافظات الحديدة وتعز وصعدة وحجة وإب.
وزاد من وقع المعاناة إفلاس البنك المركزي الذي كان خاضعاً لسيطرة الانقلابيين، وعجز هؤلاء عن دفع رواتب أكثر من مليون موظف منذ أربعة أشهر، ما جعل أكثر من سبعة ملايين شخص في دائرة الفقر المدقع وعلى مشارف المجاعة.
آمنة.. امرأة يمنية في العقد السادس، مضى عليها أربعون عاماً وهي تعمل على توفير متطلّبات أسرتها من خلال العمل في مزرعة أو مساعدة الأسر الميسورة في بعض الأعمال المنزلية، تجوب شوارع الحي ذهاباً وإياباً، تتبادل الشكوى والوجع الذي عصف بكل اليمنيين بفعل الحرب، ومن كانوا يمدون لها يد المساعدة باتوا اليوم مثلها يشكون العوز والفاقة ويشاركونها الألم.
قبل سنوات قلائل ظنّت وزوجها، الذي يعمل حارساً في المزرعة نفسها التي يملكها أحد شيوخ القبائل، أنهما غادرا إلى غير رجعة محطّات الشقاء بعد تخرّج اثنين من أبنائهما في الجامعة، والتحاقهما بالعمل لدى شركتين برواتب مجزية مكنتهما من تقديم المساعدة.
ومع ذلك، قررت الأم الاستمرار في حركتها، لا مضطرة إلى توفير لقمة العيش، لكن لأنّ إيقاع حياتها اليومية أصبح عادة لا يمكن التخلص منها، فهي تحب العمل في الأرض والحركة، وتكره العودة إلى المنزل قبل انتصاف النهار.
وفيما كانت آمنة المرأة الصبورة تقضي جل وقتها في زيارة صديقاتها ومساعدتهن في منازلهن حتى من دون الحصول على مقابل، أتت الأحداث التي عصفت بالبلاد لتحيل السنوات القليلة من الراحة والاطمئنان إلى جحيم أشد من العقود التي قضتها في المزرعة ولدى هذه الأسر الميسورة، من أجل جمع قوت أبنائها والاهتمام بتعليمهم.
تروي آمنة والحسرة بادية على عينيها: «كانت هناك مجالات للحصول على العمل، والنَّاس كان بمقدورهم المساعدة، لكن الآن أصبح لديهم أسر مستقلة، وخسروا وظائفهم، ولم يعد بإمكانهم فعل شيء، فمعظم الشركات أغلق أبوابه وسرّح العاملين، ومن كانوا يقفون إلى جوارنا فقدوا مصادر دخلهم وباتوا يرجون المساعدة، الوضع صعب، والله وحده القادر على مساعدتنا».
محنة
تتكلم وهي تضع قبعة من سعف النخيل تقي وجهها حرارة الشمس: «كنت أعتقد أن سنوات البؤس ذهبت إلى غير رجعة، لم أتوقع في يوم من الأيام أن القادم أسوأ، نحن نعيش الآن على المساعدات الغذائية القليلة التي تقدمها المنظمات الإنسانية، وصرنا نبحث عن الماء، أما الكهرباء فليس باستطاعتنا توفيرها من الطاقة الشمسية كما فعل آخرون، فكل ريال نحن محتاجون إليه».
آمنة، التي تشبه وجع اليمن في محنتها مع الصراعات وعدم الاستقرار، تمكنت من تعليم أبنائها، وأقامت علاقة صداقة مع مجموعة واسعة من الأسر في الحي الذي تسكن فيه، لا تستطيع مغادرة المدينة والعودة إلى القرية كما فعلت آلاف الأسر، إما خوفاً من القتال أو للعمل في الزراعة، لأنها وزوجها لا يمتلكان أرضاً يزرعانها، ولا يملكان منزلاً ريفياً يقيمان فيه، كما غالبية سكان اليمن الذين احتفظوا بمساكن العائلة في القرى، ويلجؤون إليها عند كل صراع.
تقول وهي راجعة إلى بيتها المتواضع في أطراف إحدى المزارع: «ليس لنا إلا الله يساعدنا على الخروج من هذه الحالة، كل الناس أصبحوا بحاجة إلى المساعدات، ولم أشاهد هذا الفقر طوال حياتي، إنما سمعت به من أمي، حين كانت موجات الجوع تجتاح مناطق عديدة من البلاد عند حدوث الجفاف».
نموذج
هذه الأسرة ليست إلا نموذجاً متواضعاً لآلاف الأسر التي شردتها الحرب، أو فقدت مصدر معيشتها، حيث أصبح 80 في المئة من سكان اليمن يبحثون عن المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة، فيما يواجه آخرون شبح الموت جوعاً، خصوصاً في محافظات الحديدة وتعز وصعدة وحجة وإب.
وزاد من وقع المعاناة إفلاس البنك المركزي الذي كان خاضعاً لسيطرة الانقلابيين، وعجز هؤلاء عن دفع رواتب أكثر من مليون موظف منذ أربعة أشهر، ما جعل أكثر من سبعة ملايين شخص في دائرة الفقر المدقع وعلى مشارف المجاعة.