الرئيسية / تقارير وحوارات / هل يستطيع محمد بن سلمان الخروج بالمملكة من إطار الاعتماد على النفط؟
هل يستطيع محمد بن سلمان الخروج بالمملكة من إطار الاعتماد على النفط؟

هل يستطيع محمد بن سلمان الخروج بالمملكة من إطار الاعتماد على النفط؟

30 أكتوبر 2016 06:25 مساء (يمن برس)
إن استثمار عدة ملايين من الدولارات في مجال التكنولوجيا والمبادرات الجديدة في قطاع السياحة، والتركيز على الصناعات التحويلية، والحد من أعداد العمالة الأجنبية، وإضافة المزيد من النساء إلى القوة العاملة، كل هذه الخطوات ليست بنودًا في حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بل جميعها جزء من خطة شاملة للمملكة العربية السعودية من أجل إصلاح المملكة التي تعتمد على النفط.

وبقيادة ديناميكية وقدرة على التأثير والإقناع، عرض ولي العهد البالغ من العمر 31 عامًا، الأمير محمد بن سلمان، رؤية 2030 والتي تعد محاولة طموحة لإعادة تشكيل الاقتصاد على مدار العقد ونصف المقبلين. وستتطلب الرؤية من النخبة الدينية والمواطنين السعوديين العاديين تغيير طريقة تفكيرهم بشأن بعض الأعراف الاجتماعية والثقافية المتأصلة.

وكزعيم فعلي لمنظمة البلدان المصدرة للنفط، تكافح السعودية لضمان أن تقوم الدول المنتجة للنفط بالحد من الإنتاج، وأسفر اجتماع الشهر الماضي عن عقد اتفاق للاستفادة من الفرملة على الإنتاج، ولكن كيفية تنفيذ هذا ستكون على جدول أعمال اجتماع شهر نوفمبر للمجموعة.

ويرى البعض، أنه إلى حد ما على مدى عقود كانت السعودية قادرة على الحصول على الكعكة الخاصة بها وأكلها أيضا، والإدارة التحررية لعائدات النفط عززت دعم نظام الملكية، ولسنوات عديدة، كانت الحكومة تدعم كل شيء بداية من الكهرباء حتى التعليم. ويحظى ثلثا القوى العاملة بأجور جيدة ووظائف حكومية تتميز بسهولتها، في حين قام الزعماء الدينيون بوضع نظام يقلل من نسبة النساء في القوى العاملة ونظام تعليمي مثقل بالتعاليم الدينية.

وقال يعقوب كيركجارد، وهو زميلٌ بارزٌ في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، إنهم يريدون خلق قطاع خاص اقتصادي حيوي وقادر على تنظيم المشاريع، ولكنهم لا يزالون يريدون أن تعمل بنظام الشركات العائلية من العصور الوسطى.

من 114 دولارًا للبرميل إلى 30 دولارًا للبرميل

كان لنفوذ السعودية داخل منظمة “أوبك” دورًا أساسيا في انخفاض أسعار النفط إلى المستوى التي هي عليه اليوم، وقال توم كلوزا، الرئيس العالمي لتحليل الطاقة في خدمة معلومات أسعار النفط، “يميلون لتشغيله في صيف عام 2014”.

وعند هذه النقطة، دفعت السعودية للحفاظ على الإنتاج دون تغيير بدلًا من خفضه، وبحلول شهر نوفمبر، وعلى الرغم من أن المزيج من انخفاض الطلب وزيادة إنتاج النفط الصخري أدى إلى انخفاض الأسعار بمعدل 80 دولارًا للبرميل، وكان للمملكة دور فعال في منع خفض الإنتاج في اجتماع “أوبك” في فيينا.

وأضاف كلوزا، أن هذا تسبب في حدوث انخفاضات هائلة في الأسعار، كانت المغامرة تتمثل في أن المملكة العربية السعودية إلى جانب عدد قليل من أعضاء “أوبك” الأثرياء من الخليج العربي، سيكونون أفضل حالًا بالخروج عن الأسعار المنخفضة للحفاظ على حصتهم في السوق، والتي يمكن أن تفديهم بمجرد حدوث طفرة في الأسعار مرة أخرى. لكن هذه الطفرة لن تأتي أبدا، وسخاء الحكومة الذي كان مستداما عندما كان سعر النفط في حدود من 89 دولارًا إلى 100 دولار للبرميل أصبح لا يمكن دعمه عندما ظلت الأسعار عالقة عند نحو نصف هذا الرقم، وحتى انخفاضه إلى ما دون 30 دولارًا عند نقطة واحدة في فبراير الماضي.

كانت السعودية قادرة على جني الثمار التي تريد عناصراقتصاديات السوق الغربية، أن تعتمد عليها تاركة ورائها تلك التي قد تسيء إلى القيادات الدينية المتشددة.

ولكن الركود في أسعار النفط على مدار عامين، بالإضافة إلى حرب اليمن، تسبب في ضعف ميزانية المملكة، وتم خفض الأجور والفوائد والإعانات للمواطنين، وأخذت على عاتقها الدين وسعت لبيع جزء من شركة “أرامكوا” السعودية، وهي شركة النفط الضخمة التي تديرها الدولة.

وقال كيركجارد، “دعونا نقول إن أسعار النفط تظل عند 40 دولارًا للبرميل، وإن المال سينفد في وقت قريب جدًا، وفي هذه الحالة أعتقد أنهم لن يكون لديهم سوى خيارات قليلة جدًا ولكن لنقول للمؤسسة الدينية، انظروا، لقد حصلنا على تخفيف بعض الأمور هنا”، مضيفًا “إنه ممر ضيق جدًا للعبور من خلاله”.

السكان من الشباب

إن التقشف غير المسبوق تسبب في الضغط على الطبقة الوسطى السعودية، لكن الاقتصاديين يقولونإنها لا تزال غير كافي. إن سكان البلاد من الشباب ومئات الآلاف من العاملين سيتدفقون إلى سوق العمل التي لا يمكنها استيعابهم، حتى لو كانت مواصلة الحكومة في الاستنزاف لا تزال كبيرة، ولكن تحدث تخفيضات في الاحتياطات النقدية.

وقال كيراكجارد، إنه أمر غير مؤكد أن الصناعات التي تستهدفها خطة الرؤية يمكن أن تولد فرص عمل كافية لتحل محل البيروقراطية المتضخمة التي تريد الحكومة التقليص منها. إن العناصر التجارية التي يعتقد أن لديها أفضل تجربة في الربحية، مثل الخصخصة الجزئية والتوسع بشركة “أرامكوا” والشراكة مع “سوفتبنك” اليابانية لاستثمار مليارات الدولارات من صندوق الثروة السيادية الخاص بها، ليست مبادرات لتكثيف العمالة.

وأكد كيركجارد، “إنه عمل رأس مالي قوي للغاية، ولكن الطلب على رأس المال البشري أضعف بكثير”,، مضيفًا أن هذا لن يخلق الملايين من فرص العمل الجديدة، “حتى أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم ربما تتطلب بضعة آلاف من الناس، وهذا غيض من فيض بالمقارنة بملايين فرص العمل التي تهدف الخطة لخلقها”.

ويعد الجزء الأساسي من هدف سمو العهد في حلق فرص عمل هو استبدال القوى العاملة الأجنبية بشكل كبير والتي يعتمد عليها حاليًا القطاع الخاص في البلاد، بالمواطنين السعوديين. وقال جريجوري جوز، وهو أستاذ ورئيس قسم الشؤون الدولية بجامعة تكساس، إن العقبة التي ستواجه صانعي القرار هي أن الشركات تقوم بتوظيف الأجانب لأنهم يعملون لفترات أطول وجهد أكبر بمقابل مادي أقل.

تعلم العمل

إن أكبر تحدٍ اقتصادي من حيث التنفيذ هو التغيير في الهيكل التحفيزي في سوق العمل بالقطاع الخاص السعودي. ويعتمد نموذج العمل على العمالة الأجنبية المنخفضة الأجور. ولإقناع السعوديين بوظائف القطاع الخاص، ستحتاج الشركات للبدء في دفع مرتبات أعلى لهم. وقال جوز، إن أجورهم ستكون أعلى من العمالة الأجنبية وسيتعين على الحكومة فعل شيء لمعادلة تكلفة الأجور، وهذا يعني فرض الضرائب.

وأضاف كيركجارد، أن الغالبية العظمى من السعوديين يعملون بالقطاع العام، حيث يتم تحديد الأجور إلى حد كبير من خلال السياسة. مضيفا أنه من دون مقدمات، سيكون لديك الكثير من المواطنين السعوديين الذين يحتجون بشكل أساسي تعلم كيف يعملون.

وأكد جيسون توفي، وهو خبير في شؤون الشرق الأوسط بـ”كابيتال إيكونوميكس”، أنهم في حاجة لإصلاح نظام التعليم، مضيفًا “في الماضي، اتخذ السعوديون الدراسات الأكثر ملاءمة للقطاعات العامة، ولم يتعلموا بشكل فعلي المهارات التحويلية”.

التعليم الديني

يشار إلى أن رؤية 2030 تشمل خطة للتعليم المهني، ولكنها قد تكون غير كافية لسد الثغرة في المهارات، والمزيد من التغييرات الشاملة للنظام التعليمي في البلاد قد تكون غير مستساغة بالنسبة لطبقة رجال الدين.

وقال كيركجارد، إنه من حيث الإصلاحات التعليمية، فالمؤسسة الدينية التي ظلت بشكل تقليدي تتحكم بقبضة قوية في المناهج الدراسية، قد تقوم بمعارضة قوية. وفي نهاية المطاف، وعلى الرغم من أهداف ولي العهد الحديثة نسبيا، فاجتذاب اقتصاد المملكة العربية السعودية إلى القرن 21 تعتمد على مدى مرونة الزعماء الدينيين.

ويختم كيركجارد قائلا، “ما أشك فيه بالأساس هو أنهم سيقدرون على خلق مجتمع من شأنه أن يقوم بما يحتاج القيام به ورفع القيود الاجتماعية المفروضة على المرأة والمجتمع بشكل عام”، وتابع: “أعتقد أن هذا التحول لا يمكن أن يحدث إلا إذا تم كذلك تخفيف القيود الاجتماعية والسياسية”.
شارك الخبر