قال وهو يغالب الدموع “اختطفوني وأنا عائد إلى المنزل، وأخذوني إلى جهة مجهولة معصوب العينيين ومقيد اليدين ولم أشاهد الضوء إلا على وقع ركلاتهم وصفعات أيديهم الثقيلة التي هبطت على وجهي”. مر “محمد” (وهو الاسم الوهمي لكاتب وصحافي يمني فضل أن يخفي هويته الحقيقي)، بتجربة أعادت إلى ذاكرته حكايات “أدب السجون” الذي قرأ عنه كثيرا ولم يكن يتصور أن يعيش تلك التجربة القاتمة.
تم اختطاف محمد من قبل الميليشيات الحوثية بعد أن خرج من عمله، بسبب انتقاده لممارسات الحوثيين تجاه الأدباء والمثقفين، ولم يتم إطلاق سراحه إلا بعد شهر من احتجازه في أحد السجون السرية عقب كتابته تعهدا بأن لا يثير قضية اختطافه وتعذيبه، وإلا “ستكون العواقب وخيمة” كما تم إخباره. تختزل قصة محمد، مصير العشرات من الكتاب والصحافيين اليمنيين الذين تعرضوا إما للاختطاف وإما تم التضييق عليهم داخل المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، بسبب مواقفهم من الانقلاب الذي حمل معه أسوأ مرحلة في تاريخ الثقافة اليمنية، حيث يشهد اليمن منذ سيطرة الميليشيات على معظم مناطق البلاد، جنوحا جنونيا لتكميم الأفواه وترهيب أصحاب الرأي وتعسفا متعدد الوجوه طال حملة الأقلام وأصحاب الفكر في اليمن.
وشهدت الفترة الأسوأ في تاريخ الإعلام اليمني، كما وصفتها التقارير الحقوقية، مخالفات واسعة للقوانين والأنظمة التي اكتسبها اليمنيون في مجال الحريات الصحافية بعد جهود مضنية طوال سنوات، فقامت الميليشيات الحوثية بإغلاق العشرات من المنظمات غير الحكومية ومصادرة أصولها وأدواتها، واحتجاز الكتاب والنشطاء بشكل تعسفي، وإيقاف الرواتب، كما تم السطو على مستحقات الدعم المخصصة للعشرات من المبدعين والكتاب والصحافيين بسبب رفضهم للانقلاب على الدولة والشرعية، وترافق ذلك مع انهيار مقومات المشهد الثقافي وتعطل النشر ودمار وركود المنابر الأدبية، الأمر الذي شكل إجهازا تاما على بنية الحياة الأدبية من كافة وجوهها.
وتقول منظمات معنية بحقوق الإنسان في رصدها للانتهاكات التي طالت الصحافيين والكتاب اليمنيين، إن ما حصل في اليمن منذ سقوط العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، فاق كل ما شهدته البلاد من تجاوزات في حق الإنسان وحريته خلال العقد الماضي، وشمل ذلك حبس كتاب ومثقفين وصحافيين بسبب ما كتبوه وليس لجرم اقترفوه، كما شمل حجب وإلغاء ونهب وإغلاق أكثر من 90 بالمئة تقريبا من وسائل الإعلام، وحظر عدد من الكتب والمؤلفات، والحيلولة دون أن ترى النور دون أي سبب أو مبرر للتوقيف والمصادرة، بالإضافة إلى ممارسة الرقابة بمستويات مختلفة على وسائل التعبير والمطبوعات، واعتداء عناصر الميليشيات بالضرب والإهانة والخطف والاحتجاز والإخفاء القسري للعديد من الكتاب والصحافيين والمثقفين الذين يؤدون واجبهم المقدس في تغطية الحدث وتنوير الرأي العام.
وتم وضع قائمة سوداء بأسماء مجموعة من الأدباء والصحافيين تتوعدهم بالموت كما تم منع البعض منهم من السفر، إلى جانب مراقبة استخدام شبكة الإنترنت، وإطلاق يد العنصرية الطائفية وتمكينها من الحجر على الحريات والحقوق في مجال الإبداع والتفكير والنقد. ويتحدث صحافي يمني عن ظروف العمل في مدينة تعز، قائلا إنه كان يضطر إلى قطع ما يزيد على كيلومترين سيرا على الأقدام حتى يتمكن من إرسال مواده الصحافية والتغطيات التي كان يكتبها حول الأحداث الميدانية، فالكهرباء لم تكن موجودة في أغلب الأوقات، والميليشيات الحوثية تقطع الإنترنت عن المدينة، لتصبح بعض مقاهي الإنترنت الملاذ الوحيد، وبتكلفة مضاعفة أيضا.
ويؤكد أن المعاناة الحقيقية للصحافيين في مدينة تعز كانت تتمثل في الاغتيالات، إذ تم تحذيرهم وتلقوا عدة تهديدات واضحة، فكانوا يسعون إلى التنكر وتغيير منازلهم بين آن وآخر خوفا من الاختطاف أو الاغتيال، وأصبح هذا الأمر هواجس الجماعة الصحافية المحاصرة في المدينة، وتزايدت بعد أن اختطفت ميليشيات الحوثى اثنين من الصحافيين. وتعمد القناصة الحوثيون استهداف الصحافيين والمصورين كالمصور أحمد الشيباني في تعز برصاصة في رأسه، مما أدى إلى مقتله فورا، وسجلت الحادثة بالصورة والصوت من قبل زملائه الذين كانوا يوثقون معه مشهد الدمار والاشتباكات في أحد أحياء المدينة.
ويؤكد الصحافيون اليمنيون استخدام الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، الصحافيين والكتاب دروعا بشرية ووضع عدد منهم في مواقع عسكرية تعرضت للقصف الجوي من طيران التحالف العربي، كما يقبع العشرات من الكتاب والصحافيين في السجون. من جهتها ذكرت منظمة “صحافيات بلا قيود” في آخر تقرير لها، إن حالة الحريات الصحافية في اليمن شهدت تدهورا خطيرا بما يهدد بانقراض المهنة في البلاد. وقالت في تقريرها الذي عرضته بمقر الأمم المتحدة في جنيف على هامش أعمال مجلس حقوق الإنسان، “وثقت المنظمة ما لا يقل عن 368 انتهاكا ضد الصحافيين ارتكبتها مبليشيات الحوثي وقوات صالح خلال العام الماضي، والنصف الأول من هذا العام”.
وأوضح التقرير الذي حمل عنوان “لا شيء آمنا في اليمن” أن هذه الانتهاكات شملت مقتل 18 صحافيا، بالإضافة إلى العشرات من حالات الاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب ومصادرة المطبوعات والاعتداء بالضرب وغيرها. وأضافت المنظمة أن حالات القتل كانت الأكثر سوءا في تقرير المنظمة، مشيرة إلى أنه جرى توثيق حالات لقتل صحافيين في أماكن عملهم. وأكدت تقارير حقوقية محلية ودولية موثقة أن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم قتل الصحافيين والمدنيين التي ترتكبها ميليشيا الحوثيين، صارت وقائع مثبتة، وهي تكشف جانبا مفزعا من ممارسات قمعية وتعسفية بحق اليمنيين.
تم اختطاف محمد من قبل الميليشيات الحوثية بعد أن خرج من عمله، بسبب انتقاده لممارسات الحوثيين تجاه الأدباء والمثقفين، ولم يتم إطلاق سراحه إلا بعد شهر من احتجازه في أحد السجون السرية عقب كتابته تعهدا بأن لا يثير قضية اختطافه وتعذيبه، وإلا “ستكون العواقب وخيمة” كما تم إخباره. تختزل قصة محمد، مصير العشرات من الكتاب والصحافيين اليمنيين الذين تعرضوا إما للاختطاف وإما تم التضييق عليهم داخل المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، بسبب مواقفهم من الانقلاب الذي حمل معه أسوأ مرحلة في تاريخ الثقافة اليمنية، حيث يشهد اليمن منذ سيطرة الميليشيات على معظم مناطق البلاد، جنوحا جنونيا لتكميم الأفواه وترهيب أصحاب الرأي وتعسفا متعدد الوجوه طال حملة الأقلام وأصحاب الفكر في اليمن.
وشهدت الفترة الأسوأ في تاريخ الإعلام اليمني، كما وصفتها التقارير الحقوقية، مخالفات واسعة للقوانين والأنظمة التي اكتسبها اليمنيون في مجال الحريات الصحافية بعد جهود مضنية طوال سنوات، فقامت الميليشيات الحوثية بإغلاق العشرات من المنظمات غير الحكومية ومصادرة أصولها وأدواتها، واحتجاز الكتاب والنشطاء بشكل تعسفي، وإيقاف الرواتب، كما تم السطو على مستحقات الدعم المخصصة للعشرات من المبدعين والكتاب والصحافيين بسبب رفضهم للانقلاب على الدولة والشرعية، وترافق ذلك مع انهيار مقومات المشهد الثقافي وتعطل النشر ودمار وركود المنابر الأدبية، الأمر الذي شكل إجهازا تاما على بنية الحياة الأدبية من كافة وجوهها.
وتقول منظمات معنية بحقوق الإنسان في رصدها للانتهاكات التي طالت الصحافيين والكتاب اليمنيين، إن ما حصل في اليمن منذ سقوط العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، فاق كل ما شهدته البلاد من تجاوزات في حق الإنسان وحريته خلال العقد الماضي، وشمل ذلك حبس كتاب ومثقفين وصحافيين بسبب ما كتبوه وليس لجرم اقترفوه، كما شمل حجب وإلغاء ونهب وإغلاق أكثر من 90 بالمئة تقريبا من وسائل الإعلام، وحظر عدد من الكتب والمؤلفات، والحيلولة دون أن ترى النور دون أي سبب أو مبرر للتوقيف والمصادرة، بالإضافة إلى ممارسة الرقابة بمستويات مختلفة على وسائل التعبير والمطبوعات، واعتداء عناصر الميليشيات بالضرب والإهانة والخطف والاحتجاز والإخفاء القسري للعديد من الكتاب والصحافيين والمثقفين الذين يؤدون واجبهم المقدس في تغطية الحدث وتنوير الرأي العام.
وتم وضع قائمة سوداء بأسماء مجموعة من الأدباء والصحافيين تتوعدهم بالموت كما تم منع البعض منهم من السفر، إلى جانب مراقبة استخدام شبكة الإنترنت، وإطلاق يد العنصرية الطائفية وتمكينها من الحجر على الحريات والحقوق في مجال الإبداع والتفكير والنقد. ويتحدث صحافي يمني عن ظروف العمل في مدينة تعز، قائلا إنه كان يضطر إلى قطع ما يزيد على كيلومترين سيرا على الأقدام حتى يتمكن من إرسال مواده الصحافية والتغطيات التي كان يكتبها حول الأحداث الميدانية، فالكهرباء لم تكن موجودة في أغلب الأوقات، والميليشيات الحوثية تقطع الإنترنت عن المدينة، لتصبح بعض مقاهي الإنترنت الملاذ الوحيد، وبتكلفة مضاعفة أيضا.
ويؤكد أن المعاناة الحقيقية للصحافيين في مدينة تعز كانت تتمثل في الاغتيالات، إذ تم تحذيرهم وتلقوا عدة تهديدات واضحة، فكانوا يسعون إلى التنكر وتغيير منازلهم بين آن وآخر خوفا من الاختطاف أو الاغتيال، وأصبح هذا الأمر هواجس الجماعة الصحافية المحاصرة في المدينة، وتزايدت بعد أن اختطفت ميليشيات الحوثى اثنين من الصحافيين. وتعمد القناصة الحوثيون استهداف الصحافيين والمصورين كالمصور أحمد الشيباني في تعز برصاصة في رأسه، مما أدى إلى مقتله فورا، وسجلت الحادثة بالصورة والصوت من قبل زملائه الذين كانوا يوثقون معه مشهد الدمار والاشتباكات في أحد أحياء المدينة.
ويؤكد الصحافيون اليمنيون استخدام الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، الصحافيين والكتاب دروعا بشرية ووضع عدد منهم في مواقع عسكرية تعرضت للقصف الجوي من طيران التحالف العربي، كما يقبع العشرات من الكتاب والصحافيين في السجون. من جهتها ذكرت منظمة “صحافيات بلا قيود” في آخر تقرير لها، إن حالة الحريات الصحافية في اليمن شهدت تدهورا خطيرا بما يهدد بانقراض المهنة في البلاد. وقالت في تقريرها الذي عرضته بمقر الأمم المتحدة في جنيف على هامش أعمال مجلس حقوق الإنسان، “وثقت المنظمة ما لا يقل عن 368 انتهاكا ضد الصحافيين ارتكبتها مبليشيات الحوثي وقوات صالح خلال العام الماضي، والنصف الأول من هذا العام”.
وأوضح التقرير الذي حمل عنوان “لا شيء آمنا في اليمن” أن هذه الانتهاكات شملت مقتل 18 صحافيا، بالإضافة إلى العشرات من حالات الاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب ومصادرة المطبوعات والاعتداء بالضرب وغيرها. وأضافت المنظمة أن حالات القتل كانت الأكثر سوءا في تقرير المنظمة، مشيرة إلى أنه جرى توثيق حالات لقتل صحافيين في أماكن عملهم. وأكدت تقارير حقوقية محلية ودولية موثقة أن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم قتل الصحافيين والمدنيين التي ترتكبها ميليشيا الحوثيين، صارت وقائع مثبتة، وهي تكشف جانبا مفزعا من ممارسات قمعية وتعسفية بحق اليمنيين.