الرئيسية / من هنا وهناك / «تاجر الموت» يهدي السلام .. الجانب المظلم لجوائز نوبل
«تاجر الموت» يهدي السلام .. الجانب المظلم لجوائز نوبل

«تاجر الموت» يهدي السلام .. الجانب المظلم لجوائز نوبل

07 أكتوبر 2016 05:59 مساء (يمن برس)
لأكثر من 100 عام تعكف 4 كيانات كبرى بالسويد والنرويج في كل عام على الاعتراف بأفضل الانجازات الانسانية في مجالات عدة منها الأدب والطب والسلام، وتقدم جوائز نوبل لخيرة تلك الانجازات.

فتمنح جوائز نوبل في الآداب والفيزياء والكيمياء والطب والسلام في احتفالات رسمية بعد اختيار لجنة التحكيم "للشخص الذي يقدم أفضل عمل من أجل الانسانية" من بين المئات من المرشحين لنيل هذه الجوائز، وفقا لوصية مؤسس هذه الجائزة العالمية ألفريد نوبل.

ولكن هل تعلم تفاصيل حياة ألفريد نوبل، وأصول الجوائز التي تمنح للمشاريع والانجازات التي تخدم الانسانية؟

الأمر الذي يجعلك شغوفا بمعرفة أصول الجائزة هو أن صاحبها كان واحدا ممن تشوب سمعته اتهامات بقتل الآلاف من الأشخاص.

ولد الأب الروحي لجائزة نوبل، ألفرد برنارد نوبل في عام 1833 في استوكهولم بالسويد، وهو ابن إيمانوئيل نوبل المخترع الصناعي والمهندس المعماري الذي كافح كثيرا من أجل جمع المال طوال حياته، وعندما اضطر إلى إعلان الإفلاس ترك السويد وبدأ العمل في سان بطرسبورغ بروسيا حيث أعجب القيصر بطرس الأكبر بأحد اختراعاته، وهو الألغام البحرية المتفجرة التي يمكنها احباط أي غزو بحري.

ومن هنا تمكن إيمانوئيل من جلب أبنائه الثمانية وزوجته إلى مدينة سان بطرسبورغ، حيث تمكن أولاده من الحصول على تعليم جيد، ولمع نجم ألفريد نوبل تحت الوصاية الروسية، في إتقان لغات عدة، فضلا عن براعته في الكيمياء والفيزياء والعلوم الطبيعية وحتى الشعر.

ولأن والده كان معارضا لاهتمام ابنه بالشعر، قرر إرساله إلى باريس ليواصل دراسته في الكيمياء والهندسة، وفي أثناء الدراسة تعرف ألفرد على الكيميائي الإيطالي أسكانيو سوبريرو الذي اخترع في عام 1847 النيتروغليسرين، وهي مادة سائلة زيتية تجمع بين الغليسرين وحمض النيتريك وحمض الكبريتيك.

وعلى الرغم من أن مادة النيتروغليسرين تعتبر غير آمنة، قامت عائلة نوبل بمحاولة إنشاء مادة متفجرة آمنة في عام 1846، بحثا عن تحقيق مشاريع مربحة في روسيا والسويد.

لكن النتائج كانت مأساوية حيث وقع انفجار في أحد المصانع في السويد وتسبب في كارثة راح ضحيتها إميل، الشقيق الأصغر لألفرد، وعدد آخر من الأشخاص.

دفع ذلك ألفرد إلى إيجاد وسيلة لجعل النيتروغليسرين أكثر أمانا، فتوصل بسرعة إلى اختراع مادة جديدة هي عبارة عن خليط من النيترو والبارود، ولكن خلال نقل صناديق من هذه المادة إلى شركة بناء في سان فرانسيسكو في عام 1866، انفجر أحد الصناديق، مما أدى إلى مقتل 15 شخصا. وفي ظل غضب السلطة التشريعية في كاليفورنيا من جراء حدوث الكارثة، صودرت جميع المخزونات الخاصة من النيتروغليسرين وحظر نقلها داخل الولاية.

وأخيرا في عام 1867 اكتشف ألفرد نوبل خليطا قائما على سائل النيتروغليسرين والتراب الدياتومي، أطلق عليه اسم الديناميت، وقد صيغ اسم هذا الاختراع من كلمة يونانية تعني "القوة".

وكان اختراع الديناميت ثورة في صناعة التعدين، باعتباره سهل عمليات الهدم والبناء من خلال انفجارات تحفظ السلامة لدى العمل على فتح مساحات داخل الجبال والمناجم وغيرها من الاستخدامات.

وحقق ألفريد نوبل بعد ذلك ثروة خيالية على إثر حصوله على 355 براءة في العديد من الاختراعات.

ولم يمض وقت طويل حتى بدأ استخدام الديناميت في الحرب حيث تم اعتماده في المدافع التي استخدمت خلال الحرب الاسبانية الأمريكية. وعلى الرغم من ان نوبل اخترع الديناميت من أجل الاستخدامات السلمية لكن من غير المعروف ما إذا كان قد وافق على الاستخدام العسكري لاختراعه أم لا.

ففي عام 1888 توفي "لودفيج" شقيق "ألفرد" في أثناء زيارة لمدينة كان، وقامت صحيفة فرنسية بنشر نعي لألفرد نوبل عن طريق الخطأ. وتم التنديد به لاختراعه "الديناميت"، وكان نعيه بالغ القسوة حيث عنونت الصحيفة بالقول "تاجر الموت قد مات" الأمر الذي كان ذا وطأة ثقيلة على نفسه، فقرر حينها، تحسين سمعته، وقبل عام واحد من وفاته سنة 1896، فكر نوبل في أن تكون وصيته الأخيرة تأسيس جائزة تحمل اسمه، وخصص كامل ثروته من أجل منح جوائز في 5 مجالات بما فيها السعي من أجل السلام، لتكون الأثر الذي يأتي من بعده بدلا من أن يكون "تاجر الموت".

المصدر: "لايف ساينس"

فادية سنداسني
شارك الخبر