يضرب الجوع عشرات القرى في الشريط الساحلي على البحر الأحمر جنوب مدينة الحديدة، مركز المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، غربي اليمن، فيما تتعاظم معدلات الأمّية، علاوة على شبه انعدام المياه الصالحة للشرب.
وصل "إبراهيم الكلعي"، إلى قرية البقعة جنوب بلدة التحيتا، في مهمة إنسانية أثناء تطبيق برنامج تدريبي يتبع الصندوق الاجتماعي للتنمية، وحينها لم يتمالك نفسه من البكاء، حين شاهد صورة الطفل سالم (6 أعوام) وشقيقه زايد (4 أعوام)، وهم في حالة يرثى لها من الجوع.
وقال الكعلي، للأناضول، في اتصال عبر الهاتف "حين رأيتهما هياكل عظمية متحركة، أحسست بفداحة المأساة التي يعيشها هذان الطفلان، في منزلهما المبني من القش، على أطراف القرية النائية والمعزولة عن العالم".
وأضاف الكلعي، أن "الطفلين كانا يعانيان من سوء تغذية وخيم، ولا يتحركان إلا بالكاد".
وتابع "حين سألت عن بقية الأطفال في القرية، اكتشفت أن العشرات منهم يعيش الحال نفسه، وإن بشكل أقل، لكنهم بالفعل يعانون أيضاً من سوء التغذية الوخيم".
وقال: "المشكلة أن الآباء أهملوا أطفالهم، وكانوا منتظرين أن تتحسن الأوضاع في القرية، بما ينعكس على أوضاع أطفالهم، في ظل غياب البنية التحتية، والمرافق الصحية".
وأشار أن السكان يعتمدون في حياتهم في تلك القرى، على الصيد البحري، وتربية الأغنام القليلة.
عقب ذلك، تنبه الأهالي إلى خطورة الوضع الذي يكتنف الأطفال، وأُسعفوا إلى مستشفى الثورة الحكومي بمدينة الحديدة، وهناك وجدوا معاينة طبية على حساب أحد المنظمات الإنسانية العاملة في الطفولة.
وفي المستشفى المزدحم بالأطفال مع أهاليهم، قال أحد الأهالي، إن 12 طفلاً من تلك القرية كانوا بحاجة لتدخل عاجل، في الوقت الذي تضرب موجة من الجوع عدد من القرى والبلدات في الصحراء المحاذية للشريط الساحلي.
وذكر بأن السكان يعيشون في قرى نائية وبعيدة عن مركز المدينة، وإن عددا منهم لا يستطيع تحمل تكاليف السفر إلى المدينة، ولا يمتلك المال اللازم لعلاج أطفالهم بسبب حالة الفقر التي تعصف بهم، فضلاً عن نسبة الأمية في أوساط الأهالي، حيث أن 95% منهم لا يجيدون القراءة أو الكتابة.
وعلى الصعيد ذاته، قال طبيب الأطفال في مستشفى الثورة أوسان العبسي، للأناضول، بأن الإمكانيات في قسم سوء التغذية غير قادر على التعامل مع العدد الهائل من الأطفال المصابون بسوء التغذية، الذين يصلون للمستشفى بشكل يومي.
وأضاف "الطاقة الاستيعابية لنا في استقبال الأطفال لا تزيد عن 12 حالة، بينما يصل في اليوم الواحد أحياناً إلى 80 حالة".
ويعاني أكثر من 16 ألف طفل من سوء التغذية في مدينة الحديدة، وكان هؤلاء يتلقون العلاجات اللازمة عبر مشروع صحي تنفذه عدد من المنظمات الدولية، لكن مع تدهور الأوضاع في اليمن واندلاع الحرب مطلع العام الماضي، سُحب المشروع، وبات هؤلاء الأطفال مهددون بالخطر.
واتهم نشطاء سلطات جماعة "أنصار الله" (الحوثي)، وحلفائهم من القوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، المسيطرين على محافظة الحديدة، بتعريض الآلاف من الأطفال للموت، حيث لم تقم السلطات الصحية بدورها، فيما تتحكم العشوائية بتوزيع المساعدات الطبية، رغم تدفقها خلال الآونة الأخيرة، من منظمات صحية وطبية عدة.
وطالب النشطاء المنظمات الدولية بالتدخل العاجل في انقاذ الأطفال، والسكان في المنطقة من خطر المجاعة.
وقال بسيم الجناني، وهو أحد الناشطين الذين عملوا خلال الأعوام الماضي مع منظمات دولية في مكافحة سوء التغذية، للأناضول"، بأن الأطفال مهددون بالموت، بسبب قصور في غذاء الأطفال الطبيعي، خاصة حديثي الولادة، وهذا ناتج عن جهل الأهالي، مع تفشي الفقر والجهل، بشكل كبير في كافة ريف الحديدة بصورة كبيرة منذ عقود.
وأضاف: "هناك قصور حكومي واضح في تبني الرعاية الصحية الأولية ومنها سوء التغذية، وأصبحت المراكز الصحية في كافة المديريات تعتمد بالشكل الأساسي على المنظمات الدولية من خلال التدخل العلاجي للأطفال".
وتابع: "منذ عامين ومع دخول الحوثيين، تقلصت كل أنشطة التغذية العلاجية للأطفال، رغم دخول كميات كبيرة من الشحنات العلاجية المختلفة؛ ومنها علاج سوء التغذية plumpy doz والـ plumpy nut، لكن توزيعها أصبح عشوائياً.
لكن الجناني، يعزوا إلى أن المراكز الصحية في الأرياف، تبيع الأدوية المخصصة لسوء التغذية في البقالات والمحلات، وأصبح العاملون في بعض المراكز الصحية لا يراعون مسؤوليتهم الأخلاقية في مجتمعهم.
عامل آخر يكمن في أن العاملين في المجال الصحي ينظرون لأي عمل في المنظمات، كسب أموال وراتب إضافي بجانب راتبه الحكومي، "وعندما تتوقف المنظمة يتوقف نشاط علاج سوء التغذية، من قِبل العاملين في النشاط الصحي" يقول بسيم.
وتردت الأوضاع الاقتصادية في اليمن مع اندلاع الحرب مطلع العام الماضي، وتُشير تقارير إنسانية إلى أن 80% من اليمنيين بحاجة للمساعدة، وقال وزير الإدارة المحلية اليمني ورئيس اللجنة العليا للإغاثة الإنسانية عبد الرقيب فتح الأسودي، إن "هناك أكثر من 21 مليون يمني (من أصل 26.6 مليون نسمة) بحاجة للمساعدة، ويعانون انعدام الأمن الغذائي منهم 7.6 مليون يعانون انعدامًا غذائيًا شديدًا، هذا فضلًا عن معاناة 300 ألف طفل من سوء التغذية".
وذكر الجناني، في مؤتمر صحفي عُقد الأربعاء الماضي، بأن "هناك 3.5 مليون نازح داخل اليمن، و1.8 مليون يمني فروا من الحرب، حيث ينتظر 370 ألف آخرين اللجوء، فيما يحرم 14 مليون يمني من الرعاية الصحية، بعد تدمير أكثر من 100 منشأة صحية، منها 38 مستشفى و11 مركزًا صحيًا، و28 سيارة إسعاف خلال الـ 6 أشهر الماضية فقط".
ومنذ 26 مارس/ آذار 2015، يشن التحالف العربي بقيادة السعودية وبمشاركة الإمارات عمليات عسكرية في اليمن ضد "الحوثيين"، وذلك استجابة لطلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بالتدخل عسكرياً لـ"حماية اليمن وشعبه من عدوان المليشيات الحوثية"، في محاولة لمنع سيطرة جماعة "الحوثي" والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح على كامل اليمن، بعد سيطرتهم على العاصمة "صنعاء"، في سبتمبر/ أيلول 2014.
وتصاعدت المعارك في معظم الجبهات اليمنية، منذ 6 أغسطس/آب 2016، بالتزامن مع تعليق مشاورات السلام التي أقيمت في الكويت، بين الحكومة، من جهة، و"الحوثيين" وحزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صالح)، من جهة أخرى، بعد استمرارها لأكثر من ثلاثة أشهر، دون اختراق جدار الأزمة، وإيقاف النزاع المتصاعد في البلاد منذ العام الماضي، وكذلك تشكيل "الحوثيين" وحزب "صالح"، المجلس السياسي الأعلى لإدارة شؤون البلاد.
وصل "إبراهيم الكلعي"، إلى قرية البقعة جنوب بلدة التحيتا، في مهمة إنسانية أثناء تطبيق برنامج تدريبي يتبع الصندوق الاجتماعي للتنمية، وحينها لم يتمالك نفسه من البكاء، حين شاهد صورة الطفل سالم (6 أعوام) وشقيقه زايد (4 أعوام)، وهم في حالة يرثى لها من الجوع.
وقال الكعلي، للأناضول، في اتصال عبر الهاتف "حين رأيتهما هياكل عظمية متحركة، أحسست بفداحة المأساة التي يعيشها هذان الطفلان، في منزلهما المبني من القش، على أطراف القرية النائية والمعزولة عن العالم".
وأضاف الكلعي، أن "الطفلين كانا يعانيان من سوء تغذية وخيم، ولا يتحركان إلا بالكاد".
وتابع "حين سألت عن بقية الأطفال في القرية، اكتشفت أن العشرات منهم يعيش الحال نفسه، وإن بشكل أقل، لكنهم بالفعل يعانون أيضاً من سوء التغذية الوخيم".
وقال: "المشكلة أن الآباء أهملوا أطفالهم، وكانوا منتظرين أن تتحسن الأوضاع في القرية، بما ينعكس على أوضاع أطفالهم، في ظل غياب البنية التحتية، والمرافق الصحية".
وأشار أن السكان يعتمدون في حياتهم في تلك القرى، على الصيد البحري، وتربية الأغنام القليلة.
عقب ذلك، تنبه الأهالي إلى خطورة الوضع الذي يكتنف الأطفال، وأُسعفوا إلى مستشفى الثورة الحكومي بمدينة الحديدة، وهناك وجدوا معاينة طبية على حساب أحد المنظمات الإنسانية العاملة في الطفولة.
وفي المستشفى المزدحم بالأطفال مع أهاليهم، قال أحد الأهالي، إن 12 طفلاً من تلك القرية كانوا بحاجة لتدخل عاجل، في الوقت الذي تضرب موجة من الجوع عدد من القرى والبلدات في الصحراء المحاذية للشريط الساحلي.
وذكر بأن السكان يعيشون في قرى نائية وبعيدة عن مركز المدينة، وإن عددا منهم لا يستطيع تحمل تكاليف السفر إلى المدينة، ولا يمتلك المال اللازم لعلاج أطفالهم بسبب حالة الفقر التي تعصف بهم، فضلاً عن نسبة الأمية في أوساط الأهالي، حيث أن 95% منهم لا يجيدون القراءة أو الكتابة.
وعلى الصعيد ذاته، قال طبيب الأطفال في مستشفى الثورة أوسان العبسي، للأناضول، بأن الإمكانيات في قسم سوء التغذية غير قادر على التعامل مع العدد الهائل من الأطفال المصابون بسوء التغذية، الذين يصلون للمستشفى بشكل يومي.
وأضاف "الطاقة الاستيعابية لنا في استقبال الأطفال لا تزيد عن 12 حالة، بينما يصل في اليوم الواحد أحياناً إلى 80 حالة".
ويعاني أكثر من 16 ألف طفل من سوء التغذية في مدينة الحديدة، وكان هؤلاء يتلقون العلاجات اللازمة عبر مشروع صحي تنفذه عدد من المنظمات الدولية، لكن مع تدهور الأوضاع في اليمن واندلاع الحرب مطلع العام الماضي، سُحب المشروع، وبات هؤلاء الأطفال مهددون بالخطر.
واتهم نشطاء سلطات جماعة "أنصار الله" (الحوثي)، وحلفائهم من القوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، المسيطرين على محافظة الحديدة، بتعريض الآلاف من الأطفال للموت، حيث لم تقم السلطات الصحية بدورها، فيما تتحكم العشوائية بتوزيع المساعدات الطبية، رغم تدفقها خلال الآونة الأخيرة، من منظمات صحية وطبية عدة.
وطالب النشطاء المنظمات الدولية بالتدخل العاجل في انقاذ الأطفال، والسكان في المنطقة من خطر المجاعة.
وقال بسيم الجناني، وهو أحد الناشطين الذين عملوا خلال الأعوام الماضي مع منظمات دولية في مكافحة سوء التغذية، للأناضول"، بأن الأطفال مهددون بالموت، بسبب قصور في غذاء الأطفال الطبيعي، خاصة حديثي الولادة، وهذا ناتج عن جهل الأهالي، مع تفشي الفقر والجهل، بشكل كبير في كافة ريف الحديدة بصورة كبيرة منذ عقود.
وأضاف: "هناك قصور حكومي واضح في تبني الرعاية الصحية الأولية ومنها سوء التغذية، وأصبحت المراكز الصحية في كافة المديريات تعتمد بالشكل الأساسي على المنظمات الدولية من خلال التدخل العلاجي للأطفال".
وتابع: "منذ عامين ومع دخول الحوثيين، تقلصت كل أنشطة التغذية العلاجية للأطفال، رغم دخول كميات كبيرة من الشحنات العلاجية المختلفة؛ ومنها علاج سوء التغذية plumpy doz والـ plumpy nut، لكن توزيعها أصبح عشوائياً.
لكن الجناني، يعزوا إلى أن المراكز الصحية في الأرياف، تبيع الأدوية المخصصة لسوء التغذية في البقالات والمحلات، وأصبح العاملون في بعض المراكز الصحية لا يراعون مسؤوليتهم الأخلاقية في مجتمعهم.
عامل آخر يكمن في أن العاملين في المجال الصحي ينظرون لأي عمل في المنظمات، كسب أموال وراتب إضافي بجانب راتبه الحكومي، "وعندما تتوقف المنظمة يتوقف نشاط علاج سوء التغذية، من قِبل العاملين في النشاط الصحي" يقول بسيم.
وتردت الأوضاع الاقتصادية في اليمن مع اندلاع الحرب مطلع العام الماضي، وتُشير تقارير إنسانية إلى أن 80% من اليمنيين بحاجة للمساعدة، وقال وزير الإدارة المحلية اليمني ورئيس اللجنة العليا للإغاثة الإنسانية عبد الرقيب فتح الأسودي، إن "هناك أكثر من 21 مليون يمني (من أصل 26.6 مليون نسمة) بحاجة للمساعدة، ويعانون انعدام الأمن الغذائي منهم 7.6 مليون يعانون انعدامًا غذائيًا شديدًا، هذا فضلًا عن معاناة 300 ألف طفل من سوء التغذية".
وذكر الجناني، في مؤتمر صحفي عُقد الأربعاء الماضي، بأن "هناك 3.5 مليون نازح داخل اليمن، و1.8 مليون يمني فروا من الحرب، حيث ينتظر 370 ألف آخرين اللجوء، فيما يحرم 14 مليون يمني من الرعاية الصحية، بعد تدمير أكثر من 100 منشأة صحية، منها 38 مستشفى و11 مركزًا صحيًا، و28 سيارة إسعاف خلال الـ 6 أشهر الماضية فقط".
ومنذ 26 مارس/ آذار 2015، يشن التحالف العربي بقيادة السعودية وبمشاركة الإمارات عمليات عسكرية في اليمن ضد "الحوثيين"، وذلك استجابة لطلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بالتدخل عسكرياً لـ"حماية اليمن وشعبه من عدوان المليشيات الحوثية"، في محاولة لمنع سيطرة جماعة "الحوثي" والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح على كامل اليمن، بعد سيطرتهم على العاصمة "صنعاء"، في سبتمبر/ أيلول 2014.
وتصاعدت المعارك في معظم الجبهات اليمنية، منذ 6 أغسطس/آب 2016، بالتزامن مع تعليق مشاورات السلام التي أقيمت في الكويت، بين الحكومة، من جهة، و"الحوثيين" وحزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صالح)، من جهة أخرى، بعد استمرارها لأكثر من ثلاثة أشهر، دون اختراق جدار الأزمة، وإيقاف النزاع المتصاعد في البلاد منذ العام الماضي، وكذلك تشكيل "الحوثيين" وحزب "صالح"، المجلس السياسي الأعلى لإدارة شؤون البلاد.