لا تقع اليمن في بؤرة اهتمام الجمهور الأمريكي. لكنها تجذب انتباه العسكريين المحترفين في محاربة تنظيم القاعدة، أو الدبلوماسيين الأمريكيين المكلفين بتعزيز الاستقرار في دعم الكفاح ضد المنظمات الإرهابية.
وتقع اليمن في أسفل جدول أعمال وزارة الخارجية الأمريكية، وقد قررت جارتها الأكثر أهمية بكثير، المملكة العربية السعودية أن تقضي على نفوذ الحوثيين. وقد تختلف الولايات المتحدة مع الرياض إزاء اليمن، ولكن تؤدي الجاذبية الثقيلة للمملكة العربية السعودية في سياسة الولايات المتحدة إلى مزيج من المواقف المتناقضة التي تضيف ما وصل إلى نوع من الفشل الواضح في الزيارة الأخيرة لوزيرالخارجية جون كيري للمنطقة.
وأصبحت اقتراحات كيري لاستئناف المفاوضات السياسية بعد شهر من القتال العنيف غارقة في السياسة السعودية واليمنية، والتي تظهر واشنطن غير قادرة أو غير راغبة في التنقل.
ومؤخرا كرر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أن الرياض لن تسمح للحوثيين، والذين تراهم السعودية وكيلا عن إيران، بتولي اليمن.
ويبدو في بعض الأحيان أن الولايات المتحدة تختلف مع السعودية حليفها القوي حول اليمن، فإن واشنطن قامت في الواقع بدعم حملة السعودية لمبيعات الأسلحة وتنسيق العمليات العسكرية بشكل كبير.
وبقدر ما يمكن أن يستشف من تصريحات كيري الصحفية، فقد دعا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإنشاء هيئة محايدة للأمن، ووجود طرف ثالث، للإشراف على فض الاشتباك بين القوات.
ونظرًا للجمود العسكري في اليمن، تبدو مقترحات كيري معقولة، ولكن يرى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ومؤيدوه هذه التصريحات بأنها استسلام خطير لانقلاب الحوثيين وصالح في صنعاء. وبدلا من وجود هيئة محايد للأمن، يريد السعوديون لحكومة هادي استعادة السلطة في صنعاء وإعادة بناء الجيش في ظل قيادة هادي، كتأثير للاستسلام الكامل لقوات الحوثيين وصالح، والذي ليس من المرجح أن يوافق الأخير عليه سلميا.
وأعطت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي دعمًا قويًا للموقف السعودي في قرار مجلس الأمن رقم 2216 في عام 2015، ويقوم فصيل هادي بالحراسة القوية ضد أدنى انحراف واضح عن لغة هذا القرار.
أكبر من اليمن
تختلف أولويات أمريكا في اليمن عن تلك التي في السعودية بالنسبة للرياض، كما كرر الجبير أن إيران هي الخطر الرئيسي الذي يهدد المنطقة، وأن الحوثيين هم وكلاء إيران.
ومن ناحية أخرى، ترى واشنطن أن عدم الاستقرار السياسي والجماعات الإرهابية هي التهديدات الأساسية، وليست إيران.
وفي الأيام التي أعقبت زيارة كيري إلى المملكة العربية السعودية، هاجمت مجموعة الدول الإسلامية المجندين العسكريين في عدن، ما أسفر عن مقتل أكثر من 50 شابًا، وانتهزتها وزارة الخارجية فرصة لإدانة الهجوم مع التركيز على ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية في اليمن واستعادتها كدولة مركزية موحدة.
وفي أوائل سبتمبر، ضيق كيري الخناق على مقترحاته للمفاوضات من خلال الدعوة إلى هدنة لوقف القتال مدتها 72 ساعة، لكن لم يلق لها أي من الطرفين بالا، ولكن أعطى إصرار كيري إشارات أصابت الولايات المتحدة بقلق متزايد حول اليمن.
ويمكن للولايات المتحدة أن تلعب دورًا بناء كمفاوض، ولكن إلى حد قيام الأطراف المتحاربة بالتوقف والرغبة في التوصل إلى حل عن طريق التفاوض، ولا يزال السعوديون يحاولون رسم مسار مستقل عن الولايات المتحدة في المنطقة، ولكن استحالة نجاح الحل العسكري يجبر الرياض للعودة إلى المفاوضات. وتعتبر المشكلة الأكبر هي وجود خلافات حادة بين الأطراف المتحاربة.
ويبدو أن فصيل هادي غير مستعد لتقاسم السلطة (أو التفاوض حتى)، ويصر على الاستسلام الكامل. ويتمتع فصيل هادي أيضا بالدعم من الكثير من اليمنيين. وقد يصد استعادة صالح للسلطة العديد من اليمنيين الذين يطمحون إلى بناء دولة مدنية دون أمراء الحرب السابقين والذين قدموا تضحيات كبيرة لإسقاط حكم صالح.
وعلى الجانب الآخر، يظهر قادة الحوثيين وصالح قدرتهم على اللعب وفقًا لقواعد الحل السياسي السلمي، وعلى الأقل سحب أسلحتهم، إن لم يكن الاستسلام من قبلهم، في حين يبدي الجانب السعودي استعداده للتفاوض مع الحوثيين، والعكس بالعكس، وعلى الرغم من خطاب الجبير، إلا أن الطرفين لا يظهران استعدادًا يذكر أو التزحزح بأي من الأشكال عن مواقفهم.
وبالنظر إلى المواقف المتصلبة في اليمن، فإن الوسائط الصبورة والطويلة المدى هي التي ستنجح، ويمكن للولايات المتحدة أن تلعب دورًا بناء في الضغط على جميع الأطراف – بما في ذلك السعوديين – وتوفير منتدى للمفاوضات.
وبالنسبة لواشنطن، تعتبر اليمن في المقام الأول كتهديد بالإرهاب، وستظل كذلك تحت أي إدارة مستقبلية.
وتعتبر إدارة أوباما هي الأكثر تشددًا في استخدامها للطائرات دون طيار ضد تنظيم القاعدة في اليمن، ومن المرجح أن تستمر الإدارات المستقبلية في هذه الممارسة. وتصر إدارة أوباما على أنه يجب أن تكون الطائرات دون طيار مصحوبة بجهود ترمي إلى بناء قدرات الشركاء المحليين، وفي هذه الحالة تساعد على رأب الانقسام العميق في الدولة اليمنية، ولكن ربما ستتخلى الإدارة الأكثر انعزالية عن التدخل في الحروب الخارجية.
وعلى الرغم من الخطاب الأخير في الكونجرس ضد السعوديين، فإنه من المرجح أن تستقر العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية. وبغض النظر عن الخلافات التي ظهرت مؤخرًا، فإن أمريكا ومصالحها الجيوسياسية السعودية ستتواصل في التداخل، وستبقي أي إدارة أمريكية مستقبلية تولي اهتمامًا لمصالح السعودية في المنطقة.
وتقع اليمن في أسفل جدول أعمال وزارة الخارجية الأمريكية، وقد قررت جارتها الأكثر أهمية بكثير، المملكة العربية السعودية أن تقضي على نفوذ الحوثيين. وقد تختلف الولايات المتحدة مع الرياض إزاء اليمن، ولكن تؤدي الجاذبية الثقيلة للمملكة العربية السعودية في سياسة الولايات المتحدة إلى مزيج من المواقف المتناقضة التي تضيف ما وصل إلى نوع من الفشل الواضح في الزيارة الأخيرة لوزيرالخارجية جون كيري للمنطقة.
وأصبحت اقتراحات كيري لاستئناف المفاوضات السياسية بعد شهر من القتال العنيف غارقة في السياسة السعودية واليمنية، والتي تظهر واشنطن غير قادرة أو غير راغبة في التنقل.
ومؤخرا كرر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أن الرياض لن تسمح للحوثيين، والذين تراهم السعودية وكيلا عن إيران، بتولي اليمن.
ويبدو في بعض الأحيان أن الولايات المتحدة تختلف مع السعودية حليفها القوي حول اليمن، فإن واشنطن قامت في الواقع بدعم حملة السعودية لمبيعات الأسلحة وتنسيق العمليات العسكرية بشكل كبير.
وبقدر ما يمكن أن يستشف من تصريحات كيري الصحفية، فقد دعا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإنشاء هيئة محايدة للأمن، ووجود طرف ثالث، للإشراف على فض الاشتباك بين القوات.
ونظرًا للجمود العسكري في اليمن، تبدو مقترحات كيري معقولة، ولكن يرى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ومؤيدوه هذه التصريحات بأنها استسلام خطير لانقلاب الحوثيين وصالح في صنعاء. وبدلا من وجود هيئة محايد للأمن، يريد السعوديون لحكومة هادي استعادة السلطة في صنعاء وإعادة بناء الجيش في ظل قيادة هادي، كتأثير للاستسلام الكامل لقوات الحوثيين وصالح، والذي ليس من المرجح أن يوافق الأخير عليه سلميا.
وأعطت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي دعمًا قويًا للموقف السعودي في قرار مجلس الأمن رقم 2216 في عام 2015، ويقوم فصيل هادي بالحراسة القوية ضد أدنى انحراف واضح عن لغة هذا القرار.
أكبر من اليمن
تختلف أولويات أمريكا في اليمن عن تلك التي في السعودية بالنسبة للرياض، كما كرر الجبير أن إيران هي الخطر الرئيسي الذي يهدد المنطقة، وأن الحوثيين هم وكلاء إيران.
ومن ناحية أخرى، ترى واشنطن أن عدم الاستقرار السياسي والجماعات الإرهابية هي التهديدات الأساسية، وليست إيران.
وفي الأيام التي أعقبت زيارة كيري إلى المملكة العربية السعودية، هاجمت مجموعة الدول الإسلامية المجندين العسكريين في عدن، ما أسفر عن مقتل أكثر من 50 شابًا، وانتهزتها وزارة الخارجية فرصة لإدانة الهجوم مع التركيز على ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية في اليمن واستعادتها كدولة مركزية موحدة.
وفي أوائل سبتمبر، ضيق كيري الخناق على مقترحاته للمفاوضات من خلال الدعوة إلى هدنة لوقف القتال مدتها 72 ساعة، لكن لم يلق لها أي من الطرفين بالا، ولكن أعطى إصرار كيري إشارات أصابت الولايات المتحدة بقلق متزايد حول اليمن.
ويمكن للولايات المتحدة أن تلعب دورًا بناء كمفاوض، ولكن إلى حد قيام الأطراف المتحاربة بالتوقف والرغبة في التوصل إلى حل عن طريق التفاوض، ولا يزال السعوديون يحاولون رسم مسار مستقل عن الولايات المتحدة في المنطقة، ولكن استحالة نجاح الحل العسكري يجبر الرياض للعودة إلى المفاوضات. وتعتبر المشكلة الأكبر هي وجود خلافات حادة بين الأطراف المتحاربة.
ويبدو أن فصيل هادي غير مستعد لتقاسم السلطة (أو التفاوض حتى)، ويصر على الاستسلام الكامل. ويتمتع فصيل هادي أيضا بالدعم من الكثير من اليمنيين. وقد يصد استعادة صالح للسلطة العديد من اليمنيين الذين يطمحون إلى بناء دولة مدنية دون أمراء الحرب السابقين والذين قدموا تضحيات كبيرة لإسقاط حكم صالح.
وعلى الجانب الآخر، يظهر قادة الحوثيين وصالح قدرتهم على اللعب وفقًا لقواعد الحل السياسي السلمي، وعلى الأقل سحب أسلحتهم، إن لم يكن الاستسلام من قبلهم، في حين يبدي الجانب السعودي استعداده للتفاوض مع الحوثيين، والعكس بالعكس، وعلى الرغم من خطاب الجبير، إلا أن الطرفين لا يظهران استعدادًا يذكر أو التزحزح بأي من الأشكال عن مواقفهم.
وبالنظر إلى المواقف المتصلبة في اليمن، فإن الوسائط الصبورة والطويلة المدى هي التي ستنجح، ويمكن للولايات المتحدة أن تلعب دورًا بناء في الضغط على جميع الأطراف – بما في ذلك السعوديين – وتوفير منتدى للمفاوضات.
وبالنسبة لواشنطن، تعتبر اليمن في المقام الأول كتهديد بالإرهاب، وستظل كذلك تحت أي إدارة مستقبلية.
وتعتبر إدارة أوباما هي الأكثر تشددًا في استخدامها للطائرات دون طيار ضد تنظيم القاعدة في اليمن، ومن المرجح أن تستمر الإدارات المستقبلية في هذه الممارسة. وتصر إدارة أوباما على أنه يجب أن تكون الطائرات دون طيار مصحوبة بجهود ترمي إلى بناء قدرات الشركاء المحليين، وفي هذه الحالة تساعد على رأب الانقسام العميق في الدولة اليمنية، ولكن ربما ستتخلى الإدارة الأكثر انعزالية عن التدخل في الحروب الخارجية.
وعلى الرغم من الخطاب الأخير في الكونجرس ضد السعوديين، فإنه من المرجح أن تستقر العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية. وبغض النظر عن الخلافات التي ظهرت مؤخرًا، فإن أمريكا ومصالحها الجيوسياسية السعودية ستتواصل في التداخل، وستبقي أي إدارة أمريكية مستقبلية تولي اهتمامًا لمصالح السعودية في المنطقة.