الرئيسية / شباب ورياضة / من فتى هاوي إلى أغلى لاعب عربي في التاريخ.. تعرّف على قصّة صعود “إسلام سليماني”
من فتى هاوي إلى أغلى لاعب عربي في التاريخ.. تعرّف على قصّة صعود “إسلام سليماني”

من فتى هاوي إلى أغلى لاعب عربي في التاريخ.. تعرّف على قصّة صعود “إسلام سليماني”

12 سبتمبر 2016 11:07 مساء (يمن برس)
قيل عنه بأنّه أفضل محترفٍ إفريقيٍّ مرّ على الدوري البرتغالي، وأحد أفضل هدّافي المنتخب الوطني الجزائري وفريقه السابق سبورتينغ لشبونة عبر تاريخه، لديه قدمٌ قلّما تخطئ طريق المرمى، ورأسٌ ذهبيّةٌ تصطاد الكرات العالية وتوجهها نحو الشباك، وذكاءٌ تكتيكيٌّ حادٌّ يمكّنه من التواجد في المكان والزمان المناسبين دائمًا.

إنّه المهاجم الجزائريّ الفذّ إسلام سليماني، الذي وقّع قبل أيام معدودةٍ من إقفال نافذة الانتقالات الصيفيّة يوم 31 أغسطس الماضي، على عقدٍ خوّله الانتقال من ناديه البرتغالي سبورتينغ لشبونة إلى نادي ليستر سيتي بطل الدوّري الانجليزي الممتاز لكرة القدم، في صفقةٍ قياسيّةٍ بالنسبة للنادي الانجليزي بلغت قيمتها حوالي 30 مليون يورو، جعلت من النجم الجزائري أغلى لاعبٍ عربيٍّ في التاريخ، محطّمًا رقم المدافع المغربي المهدي بن عطيّة، والبالغ 25 مليون يورو، قيمة انتقاله من روما إلى بايرن ميونيخ قبل موسمين.

وسنتعرّف من خلال السطور التالية على أبرز مراحل قصّة نجاح النجم الجزائريّ، انطلاقًا من نشأته الكرويّة في الجزائر، ومرورًا بتجربته الاحترافيّة الممتازة في البرتغال، ووصولًا إلى انتقاله الأخير نحو بطل البريمير ليغ، والذي مثّل أحدث فصول قصّة نجاحه المستمرّة، والتي كتبها على مدى 10 سنواتٍ ونيّف.

من حواري بلدة عين البنيان التابعة لمدينة الجزائر العاصمة بدأت قصّة إسلام سليماني، المولود في المدينة ذاتها يوم 18 يونيو من عام 1988، وفي ملعب نادي البلدة الصغير (وداد عين البنيان)، خاض الطفل إسلام أوّل تدريبٍ كرويٍّ في حياته، وهو لم يتعدّ العاشرة من العمر، فلفت الأنظار بسرعة تعلّمه ونضجه الذي يسبق سنّه، ممّا جعله يحظى بثقة جميع مدرّبيه طيلة فترة نشوئه الكروي، والذي انتقل إلى مرحلةٍ جديدةٍ بدءًا من عام 2006، حين انتقل للعب ضمن صفوف نادي (شبيبة الشراقة) المجاور، حيث قضى موسمين معه ضمن أقسام دوري الهواة، قبل أن ينتقل للعب ضمن دوري الدرجة الثانية الجزائري، حيث خاض 22 مباراةً مع فريقه موسم 2008-2009، أحرز خلالها 21 هدفًا! خطف بها أنظار كشّافة مواهب أندية الدرجة الأولى، والذين وجدوا فيه صيدًا ثمينًا وقطعًا نادرًا في ظلّ شحّ المواهب التهديفيّة في البلاد، فانقضّوا عليه يخطبون ودّه.

في شهر مايو من عام 2009، استطاع نادي شباب بلوزداد برئاسة الخبير محفوظ كرباج، الظفر بتوقيع الهدّاف الصاعد إسلام سليماني، مقابل مبلغٍ لم يتجاوز 800 ألف دينار جزائري (أي ما يعادل حوالي 8 آلاف يورو)، ليسير على خطّى العديد من النجوم الجزائريين الذين لعبوا لنادي العاصمة العريق، كجمال مناد وحسين لالماس ومصطفى دحلب وغيرهم، وينجح في كسب قلوب جماهير الفريق الأحمر، بعدما تحوّل تدريجيًّا إلى هدّاف الفريق الأوّل ومهاجمه الأبرز، حيث لعب 98 مباراةً على مدى 4 مواسم سجّل خلالها 32 هدفًا، قاد من خلالها فريقه للعودة إلى أجواء المنافسة المحلّية، من خلال بلوغه نهائي كأس الجزائر عام 2012، إضافةً لضمان التواجد في المنافسات القارّية الإفريقيّة بعد غياب، ليحين بعدها موعد الفراق، ويقرّر اللاعب تجربة الاحتراف الخارجي، في خطوةٍ شجّعه عليها تلقيه بعض العروض من أندية فرنسيّةٍ وبرتغاليّة.

في 6 أغسطس 2013، وقّع سليماني على عقد انتقاله إلى نادي سبورتينغ لشبونة البرتغالي، مقابل مبلغٍ متواضعٍ لم يتعدّ ال300 ألف يورو، وكعادته، استطاع إسلام اكتساب ثقة مدرّبه ليوناردو جارديم خلال فترةٍ وجيزة، فانتزع مكانًا أساسيًّا في الفريق منذ نوفمبر 2013، بعد تسجيله هدف التعادل في مرمى الغريم التقليدي بنفيكا خلال مباراة الفريقين في الدوري البرتغالي، الذي أنهى إسلام موسمه الأوّل فيه وفي حوزته 8 أهدافٍ سجّلها خلال 26 مباراة، كما توّج في الموسم ذاته بجائزة أفضل لاعبٍ في بلاده الجزائر لعام 2013.

وفي الموسم الثاني، تعزّزت مكانة النجم الجزائريّ في فريقه، رغم رحيل المدرّب السابق ومجيء ماركو سيلفا، الذي قاد الفريق إلى التتويج بلقبه الأوّل منذ 7 سنوات، من خلال الفوز بكأس البرتغال على حساب سبورتينغ براغا، في النهائي التي تألّق خلاله إسلام سليماني وسجّل هدف فريقه الأوّل، إضافةً لتسجيله ركلة الترجيح الحاسمة التي أهدت فريقه اللقب الغالي.

وجاء الموسم الماضي، ليشهد انفجار مواهب سليماني التهديفيّة بشكلٍ مدهش، حيث تألّق تحت قيادة المدرّب الخبير جورج جيسوس، الذي وجد في النجم الجزائريّ ضالّته الهجوميّة ووصفه (بالمهاجم المتكامل فنّيًّا وتكتيكيًّا)، لينهي الموسم وفي سجلّه 27 هدفًا خلال 33 مباراةً، قادته لاحتلال وصافة ترتيب هدّافي الدّوري البرتغالي خلف مهاجم بنفيكا البرازيلي جوناس، في الموسم الذي افتتحه الفريق الأخضر بإحراز كأس السوبر البرتغالي، وأنهاه بتحقيق المركز الثاني في الدوري على حساب العملاق بورتو.

ورغم انطلاق الموسم الكرويّ الجديد في البرتغال دون أن يغادر سليماني فريق العاصمة، إلّا أنّ الجميع هناك كان متأكدًا بأن ساعة رحيله عن صفوف الفريق قد أزفت، فعروض الأندية الراغبة بالتعاقد معه قد وصلت إلى أرقامٍ هائلة، سال معها لعاب مسؤولي النادي البرتغالي المتواضع ماديًّا، فكان لابدّ من القبول، ليقرر إسلام وجهته القادمة بعد دراسةٍ وتمحّص، ويحيّي جماهير ملعب (خوسيه ألفالادي)، التي احتشدت عقب مباراة بورتو في الدّوري لوداع أحد أفضل هدّافيها تاريخيًّا، فهتفت باسمه في مشهدٍ مهيبٍ أسال الدموع على وجنتي النجم المغادر.

وإلى جنّة البريمير ليغ شدّ النجم الجزائريّ رحاله، وكلّه أملٌ بمتابعة مسيرة تألّقه ضمن صفوف نادي ليستر سيتي، الذي أذهل المتابعين والنقّاد الموسم الماضي بإحرازه لقب الدوري الانجليزيّ الممتاز، وهو ما مثّل أحد أهمّ الأسباب التي دعت سليماني لتفضيل عرض ليستر على عروض أنديةٍ أكثر شهرةً كمانشستر يونايتد وتشيلسي، إضافةً إلى عاملٍ آخر تمثّل بتواجد صديقه النجم رياض محرز، الذي كان له دورٌ كبيرٌ في إقناع زميله في المنتخب بالانضمام إلى صفوف الثعالب، ليشكلا ثنائيًّا جزائريًّا نادرًا في خطّ هجوم النادي الطامح لتكرار إنجازه الفريد، تحت قيادة المدرّب الإيطاليّ الحكيم كلاوديو رانييري، الذي وجد في سليماني ما لم يجده في الكثير من النجوم العالميين، من جدّيةٍ والتزامٍ واستعدادٍ للتضحية في سبيل الفريق، فضلًا عن كونه هدّافًا لا يُشقّ له غبار.

واستمرّ سليمانيّ في صفوف المنتخب الجزائري حتّى بعد رحيل المدرّب هاليلوفيتش، فشارك أساسيًّا في نهائيات أمم أفريقيا عام 2015، ثمّ في التصفيات المؤهّلة إلى مونديال روسيا 2018، حيث نجح في قيادة منتخبه للتأهّل إلى دور المجموعات الحاسم، كما قاد محاربي الصحراء مؤخّرًا للتأهّل إلى نهائيّات بطولة أمم إفريقيا، التي ستقام في الغابون مطلع العام القادم، ليصل عدّاد مبارياته الدّوليّة إلى 44 مباراةً، نجح خلالها في التوقيع على 23 هدفًا، جعلته يحتلّ المركز الخامس تاريخيٍّا في قائمة هدّافي منتخب بلاده.

وهكذا، استطاع ابن العاصمة الجزائريّة بلوغ مرتبة العالميّة، والتفوّق على أغلب من سبقوه وعاصروه من النجوم الجزائريين والعرب، بفضل عزمه وإصراره واجتهاده، وثقته بنفسه وبقدراته، فضلًا عن تفانيه في خدمة القميص الذي يرتديه، ليضرب مثالًا حيًّا في قدرة الإنسان على صناعة المعجزات، إن هو أحسن اكتشاف نفسه واستغلال قدراته.

المصدر: نون بوست
شارك الخبر