الرئيسية / تقارير وحوارات / كيف تعامل المخلوع صالح مع الدستور في الحكم وخلال الانقلاب؟
كيف تعامل المخلوع صالح مع الدستور في الحكم وخلال الانقلاب؟

كيف تعامل المخلوع صالح مع الدستور في الحكم وخلال الانقلاب؟

24 أغسطس 2016 11:55 صباحا (يمن برس)

طيلة أكثر من 3 عقود من نظام المخلوع صالح لم تنعم البلاد بالاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي لفترة طويلة، ولم تكن سياساته سوى "ترقيع" –كما يصفها متابعون– وترحيل لمشاكل، وعدم اعتراف بأخرى، ما جعل من نظامه مترهلاً، وبقاءه مجرد خدمة لمن كان يسميهم "ثعابين".

على كل المستويات كان نظام المخلوع صالح يعاني من قصور كبير، لكن التطورات الأخيرة التي طرأت في اليمن، عقب انتهاء مشاورات الكويت مطلع الشهر الجاري، دفعت للتركيز على الجوانب الدستورية خلال أكثر من 3 عقود ظل خلالها صالح متربعاً على عرش الحكم لنظام جمهوري، حيث أعلن طرفا الانقلاب تشكيل "مجلس سياسي أعلى لإدارة شؤون البلاد"، نهاية يوليو/تموز الماضي، وتبعه انعقاد مجلس النواب بحضور بعض الموالين للحوثي وصالح، ثم الإعلان عن تشكيل "لجنة عسكرية وأمنية"، كما تترقب الأوساط اليمنية استمرار الانقلابيين في انتهاك الدستور والاتفاقيات القائمة، حيث تشير المعطيات إلى توجههم لتشكيل حكومة أقرب ما تكون إلى "حكومة انقلاب"، والمثير في الأمر أن مجلس النواب الذي عقد جلسة لشرعنة انقلاب الحوثي على الدولة في أغسطس/آب 2016، برئيسه الحالي، هو ذاته الذي طالب في أكتوبر/تشرين الأول 2009، بسرعة الحسم مع التمرد الحوثي ضد الدولة.

المحامي عبد السلام الفقيه يرى أن ما يزيد عن عقود 3 من حكم المخلوع صالح لم تكن المؤسسات الدستورية والقانونية في البلاد تعمل وفقاً لما أوجدت له، رغم أن هناك بعضاً من نصوص الدستور لها قيمتها وفعاليتها إن طبقت على الأرض.

ويشير الفقيه في تصريح خاص لـ"الخليج أونلاين" إلى أن المخلوع صالح عمد إلى تعطيل المؤسسات الدستورية طوال مدة حكمه التي امتدت لـ33 عاماً، مستغلاً نفوذه وسطوة القبيلة التي كانت تقف خلفه، والمستفيدين من حالة "اللانظام"، إضافة إلى الاعتماد على مجموعة من الأميين في المؤسسات الدستورية للدولة.

وأضاف الفقيه قائلاً: بإمكان أي شخص الاطلاع على المؤهلات التي يتمتع بها غالبية أعضاء مجلسي النواب والشورى من حزب المخلوع، الذين عقدوا مؤخراً جلسة برلمانية مشكوكاً في دستوريتها، وسيجد أن نسبة كبيرة جداً إما أمي، أو يقرأ، أو يقرأ ويكتب، وهؤلاء هم الذين يشرّعون للبلاد، ويسيرون شؤونها، أما من يحملون الشهادات في حزب المخلوع -يقول الفقيه- فهم يتاجرون بضمائرهم، ولم يحدث يوماً أن وقفوا إلى جانب الدستور والقانون ولصالح الشعب، بل قد مرروا له تعديلات تتيح له تمديد فترة حكمه، ومرروا اتفاقيات، وقروضاً، ومواد دستورية كلها كانت عبئاً على المواطن، ولم يكن هناك مستفيد منها سوى نظام المخلوع.

وقال الفقيه إن قراءة سريعة للدستور والمسيرة التشريعية في عهد المخلوع صالح تكشف بوضوح مدى تبعية المؤسسات التشريعية لرئيس الدولة، وليس لحاجة الشعب، ويثبت ذلك الكثير من القوانين والتشريعات حتى في المجالات النفطية، والموافقة على اتفاقيات بيع للثروات الوطنية، وصل بعضها إلى أسعار أقل من 10% مما يدفعه المواطن، كما حدث في صفقة بيع الغاز.

وبالنظر إلى بعض مواد الدستور اليمني -الذي يقول الانقلابيون إنهم يسيرون وفقه- يرى المتابع أن المادة الرابعة منه تشير إلى أن "الشعب مالك السلطة ومصدرها، ويمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاء والانتخـابات العامة"، فيما على أرض الواقع أن نظام صالح كان يستخدم الشعب والأميين منه لإضفاء شرعية على تمسكه بالسلطة، وفي المادة الخامسة ما يشير إلى "عدم جواز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة خاصة بحزب، أو تنظيم سياسي معـيـن"، بينما الناظر من بعيد لما اتصف به عهد صالح هو تسخير كل مقدرات الدولة لحزبه وأسرته والمقربين منه.

وفي المادة السابعة "يقوم الاقتصاد الوطني على أساس حرية النشاط الاقتصادي بما يحـقق مصلحـة الفرد والمجتمع"، لكن المستثمرين كانوا يشكون كثيراً من إتاوات ضخمة كان يطلبها محسوبون على النظام لغرض حماية مشاريعهم، ومن يطلع على المادة الثامنة يجد "الثروات الطبيعية ملك للدولة"، بينما على الأرض كانت الموارد أملاكاً لشخصيات عسكرية وقبلية محسوبة على نظام المخلوع صالح، ولم تسلم "حرمة الأموال والممتلكات العامة" التي توضحها المادة 19 من النهب والسطو المنظم والفساد الذي استشرى في عهد المخلوع صالح، ولم يقدم –طوال فترة حكمه- أي شخص للقضاء.

المحامون والقانونيون يرون أن إطلالة واحدة على مواد الدستور اليمني التي تزيد عن 160 مادة، تتضح من خلالها مدى الفجوة بين النصوص على الورق والتطبيق على الواقع، وكل ذلك كان أمام مرأى ومسمع النظام القائم بمختلف مؤسساته.

الناشط والقانوني علي الوتاري، أنكر على نظام صالح ممارسة الديمقراطية التي ظل يتغنى بها في عهده وبعد خروجه من السلطة.

ويقول الوتاري في تصريح خاص لـ"الخليج أونلاين"، إن صالح دأب على تسويق ديمقراطية زائفة أفرغها من كل معانيها الحقيقية والواقعية، وكان حكمه امتداداً للحكم الإمامي، وما يثبت ذلك هو استمراره بالحكم لأكثر من 3 عقود، وذلك –يقول الوتاري- لا يمثل أي صورة من صور الديمقراطية، على الرغم من التعددية السياسية، وقيام معارضة لنظام حكمه حاول صالح أن يفرخها لأكثر من مرة، مشيراً إلى أنه من المغالطة القول إن اليمن عاشت عهداً جمهورياً ديمقراطياً في نظام صالح، الذي كرس وقته ووجه سلطته نحو التوريث والتمديد، وإفراغ النظام الجمهوري من أهدافه وقيمه، التي من أجلها قامت ثورة 26 سبتمبر، وضحى فيها الثوار بحياتهم، وجاء صالح لينقض على القيم، والأهداف، والمبادئ، وحتى الدستور.

وأضاف الوتاري إلى أن ما أقدم عليه تحالف الحوثي وصالح من تشكيل لمجلس سياسي، والخطوات التي تبعته، هو استمرار لانتهاك الدستور والقوانين النافذة، والاتفاقيات القائمة، التي دأب صالح على الوقوف ضدها في فترة حكمه وبعد خروجه من الحكم، وحتى في فترة انقلابه على السلطة.

وشهد الدستور تعديلات عدة وصفها مختصون أنها كانت تأتي في إطار رغبة السلطة في توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية، التي كانت في الواقع تتعدى ما هو محدد من الناحية الدستورية، ومددت التعديلات فترة حكم الرئيس إلى 7 سنوات بدلاً من 5، وذيلت "ولا يجوز لأي شخص تولي منصب الرئيس لأكثر من دورتين، مع أن فترة حكم صالح كانت حينها قد تعدت 20 عاماً، وتناساها المشرعون بما أسموه "مادة جديدة"، أشارت إلى أن "مدة السبع سنوات تسري ابتداء من الدورة الرئاسية الحالية التي تزامنت مع التعديلات".

شارك الخبر