بعد انقلاب سبتمبر/ أيلول من العام 2014 الذي نفذه الحوثيون في اليمن بالتحالف مع الرئيس المخلوع علي صالح، توسعت سيطرة المليشيا المدعومة من إيران، ووجد قادتها أنفسهم أمام سلطة وثروة أسهمت بنمو أقطاب ولوبيات داخلها.
رغم أن ثمة إجماعاً واسعاً لدى اليمنيين أن صالح هو من دعم المليشيا، وسهل سيطرتها على المناطق اليمنية بفعل تحكمه بالدولة العميقة، وكذلك تحالفاته القبلية والعسكرية، فإن زراعة قيادات في أروقة الجماعة كان أمراً مستبعداً حتى دقت صحيفة "الهوية" الخاصة ناقوس الفرز الحوثي الحوثي بناءً على العلاقة مع صالح.
ففاجأت الجميع بنشر صور القيادي علي البخيتي على غلافها، متهمة إياه بأنه ضمن حوثة عفاش (رجل صالح الذي يلقب بعفاش) في ديسمبر/كانون الأول من العام 2014.
- صراع معلن
ويملك صحيفة "الهوية" محمد العماد، أحد نشطاء المليشيا الذي سجن لسنوات أثناء حروب صعدة، وهو شقيق عضو المجلس السياسي للمليشيا علي العماد، الذي يرأس أيضاً ما يسمى باللجان الرقابية الحوثية التي تنتشر في مؤسسات الدولة بعد الانقلاب، وهو أمر أسهم في تعزيز المفاجأة.
ما حدث كان بمنزلة إعلان صراع رسمي وقديم بين فريق يقوده البخيتي، وفريق آخر يقوده محمد العماد.
ووفقاً للصحيفة فإن البخيتي يعمل على تشويه سمعة "أنصار الله" (الاسم الذي يطلقه الحوثيون على أنفسهم)، كما أن العلاقة المتينة التي تجمع البخيتي بالقيادي المؤتمري ياسر العواضي المقرب من صالح استندت إليها الصحيفة في تهمتها.
مصادر حوثية قالت إن هجوم العماد على البخيتي كان على خلفية استحواذ الأخير، الذي عين متحدثاً باسم الجماعة في مؤتمر الحوار الوطني، على الظهور الإعلامي، وتزايد شعبيته داخل أنصار المليشيا، وهو ما جعل المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام يصدر بياناً حاول فيه الحد من بروز نجم البخيتي، والتحذير من تداول أي تصريحات إلا التي تصدر عنه بصفته متحدثاً باسم مكتب زعيم المليشيا المتمردة.
- اختراق صالح
ولم تمض سوى أيام قليلة حتى ظهر فيها البخيتي رافضاً لأعمال احتلال منازل المعارضين ونهبها، واعتزل الإعلام لفترة قصيرة، ثم قدم استقالته من المجلس السياسي للمليشيا في يناير/كانون الثاني من العام 2015.
مواقف البخيتي الهجومية على المليشيا، وظهوره مع صالح، ربما أكد الاتهامات التي كانت الصحيفة التابعة للعماد وجهتها له، خصوصاً مع تسريب ناشطين في مواقع التواصل جزءاً من سيرة البخيتي، وأنه كان رجلاً أمنياً زرعه صالح في المليشيا.
يؤكد الباحث والصحفي اليمني عدنان هاشم، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن "صالح اخترق الجماعة، وله تيار فيها منذ 2011، وأنه كجماعة عاشت حروباً بعيداً عن السياسة، كان من السهل اختراقها من قبل المخابرات التي ما زالت موالية لصالح".
ويذهب هاشم، الذي يرأس مركز ساس للأبحاث ودراسة السياسات، إلى وجود صراع أجنحة بين تيارات إيران داخل المليشيا، عدا صراع المصالح، حيث تحتاج إيران في العادة إلى أكثر من تيار داخل أي جماعة مسلحة من أجل إبقاء سيطرتها في حال حدث تمرد في الصف الأول.
- تطور الصراع
انتقل الصراع من شكله الفردي داخل المليشيا إلى عمل مؤسسي، فاللجنة الثورية العليا التي شكلها الحوثيون في فبراير/شباط من العام 2015 وفقاً لمصادر خاصة، أخذت تتقاطع مع المجلس السياسي في بعض القضايا، آخرها تجميد مخصصات حزب المؤتمر من قبل اللجنة الثورية التي يرأسها محمد الحوثي، واعتراض المجلس السياسي الذي يرأسه صالح الصماد والذي أفرج عن مخصصات حزب صالح.
قبل ذلك، وقف تيار داخل المليشيا ضد أي شراكة مع "حزب الإصلاح" عقب السيطرة على صنعاء، وفقاً لما أكده الإعلامي نبيل الصوفي، المقرب من صالح، على صفحته في فيسبوك، بل أكد أن هذا التيار داخل المليشيا هو نفسه الذي أخّر إعلان التحالف مع صالح الذي أشهر مؤخراً بما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى.
- اغتيالات متلاحقة
المحلل السياسي اليمني عبد الملك اليوسفي يرى أن صراع الأجنحة في إطار جماعة الحوثي أمر له جذور تراكمية كثيرة، مشيراً إلى أن البعض قد يتصور أن مليشيا الحوثي متجانسة نتيجة الطابع الأيديولوجي السائد على خطابها، إلا أن واقع الحال مختلف عن ذلك؛ فالحوثيون مزيج من عدة أجنحة فمنهم العقائديون المرتبطون بإيران، وهم وإن كانوا أقلية عددية فإن نفوذهم يعد الأقوى بالتقاسم مع الجناح الثاني المؤلف من أمراء الحرب ومشرفي السوق السوداء الذين صنعتهم الحروب الست في صعدة (2004- 2009).
وأضاف اليوسفي: "من جاؤوا بعد حروب صعدة هم مزيج من محاربين يمتهنون الحرب كمصدر دخل، ومن فاسدين يتلونون تبعاً للمسيطر على الأرض، وهم شبكة معقدة من المصالح المرتبطة بالفساد ونهب الثروات، كما يتألف الجناح الثاني من تابعين للرئيس المخلوع تم زرعهم مبكراً وكشفت الأحداث الأخيرة حقيقتهم".
واستدل اليوسفي على ما وصلت إليه حالة التناقض العميق بين مكونات المليشيا بالاشتباكات التي نتج عنها قتل أحد قادتهم الميدانيين في تعز على يد قائد آخر مؤخراً (وهي حالة تكررت في إب ومناطق أخرى).
- نتيجة الصراع
بدوره أوضح الصحفي والمحلل السياسي اليمني، رشاد الشرعبي، أن الصراع الحوثي الحوثي قائم على مصالح ضيقة بين تكوينات في إطار مشروع ولاية الفقيه، الذي هو بيد زعيمهم، على غرار ما هو حاصل في إيران.
وقال: "تيار له أتباعه ويسيطر على القوة والسلاح، وتيار آخر مجرد أدوات للمشروع، ولأجل مصالح شخصية ووظيفية خاصة، وتيار ثالث مشكل من تجار السوق السوداء الخاصة بالسلاح والمشتقات النفطية".
ووفقاً لحديث الشرعبي لـ"الخليج أونلاين"، فإن "مستقبل الصراع يتحدد في مسارين، الأول بضرب ما تبقى من قوة مسلحة فسينفض كثيرون من حول الجماعة وزعيمها. والثاني بضرب التيار المتحكم بالسوق السوداء والمال، وهو ما سيفقد المليشيا التحكم في طرق تحركها وتأمين نشاطها، وستنفض هي الأخرى".
لكن الباحث عدنان هاشم لا يرى الصراع الحوثي الحوثي بداية النهاية بقدر ما يضع المزيد من التعقيد في قرار الجماعة مستقبلاً، وقد يتسبب في تصفيات داخل الحركة مجدداً كتلك التي حدثت في الأعوام القليلة الماضية.
رغم أن ثمة إجماعاً واسعاً لدى اليمنيين أن صالح هو من دعم المليشيا، وسهل سيطرتها على المناطق اليمنية بفعل تحكمه بالدولة العميقة، وكذلك تحالفاته القبلية والعسكرية، فإن زراعة قيادات في أروقة الجماعة كان أمراً مستبعداً حتى دقت صحيفة "الهوية" الخاصة ناقوس الفرز الحوثي الحوثي بناءً على العلاقة مع صالح.
ففاجأت الجميع بنشر صور القيادي علي البخيتي على غلافها، متهمة إياه بأنه ضمن حوثة عفاش (رجل صالح الذي يلقب بعفاش) في ديسمبر/كانون الأول من العام 2014.
- صراع معلن
ويملك صحيفة "الهوية" محمد العماد، أحد نشطاء المليشيا الذي سجن لسنوات أثناء حروب صعدة، وهو شقيق عضو المجلس السياسي للمليشيا علي العماد، الذي يرأس أيضاً ما يسمى باللجان الرقابية الحوثية التي تنتشر في مؤسسات الدولة بعد الانقلاب، وهو أمر أسهم في تعزيز المفاجأة.
ما حدث كان بمنزلة إعلان صراع رسمي وقديم بين فريق يقوده البخيتي، وفريق آخر يقوده محمد العماد.
ووفقاً للصحيفة فإن البخيتي يعمل على تشويه سمعة "أنصار الله" (الاسم الذي يطلقه الحوثيون على أنفسهم)، كما أن العلاقة المتينة التي تجمع البخيتي بالقيادي المؤتمري ياسر العواضي المقرب من صالح استندت إليها الصحيفة في تهمتها.
مصادر حوثية قالت إن هجوم العماد على البخيتي كان على خلفية استحواذ الأخير، الذي عين متحدثاً باسم الجماعة في مؤتمر الحوار الوطني، على الظهور الإعلامي، وتزايد شعبيته داخل أنصار المليشيا، وهو ما جعل المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام يصدر بياناً حاول فيه الحد من بروز نجم البخيتي، والتحذير من تداول أي تصريحات إلا التي تصدر عنه بصفته متحدثاً باسم مكتب زعيم المليشيا المتمردة.
- اختراق صالح
ولم تمض سوى أيام قليلة حتى ظهر فيها البخيتي رافضاً لأعمال احتلال منازل المعارضين ونهبها، واعتزل الإعلام لفترة قصيرة، ثم قدم استقالته من المجلس السياسي للمليشيا في يناير/كانون الثاني من العام 2015.
مواقف البخيتي الهجومية على المليشيا، وظهوره مع صالح، ربما أكد الاتهامات التي كانت الصحيفة التابعة للعماد وجهتها له، خصوصاً مع تسريب ناشطين في مواقع التواصل جزءاً من سيرة البخيتي، وأنه كان رجلاً أمنياً زرعه صالح في المليشيا.
يؤكد الباحث والصحفي اليمني عدنان هاشم، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن "صالح اخترق الجماعة، وله تيار فيها منذ 2011، وأنه كجماعة عاشت حروباً بعيداً عن السياسة، كان من السهل اختراقها من قبل المخابرات التي ما زالت موالية لصالح".
ويذهب هاشم، الذي يرأس مركز ساس للأبحاث ودراسة السياسات، إلى وجود صراع أجنحة بين تيارات إيران داخل المليشيا، عدا صراع المصالح، حيث تحتاج إيران في العادة إلى أكثر من تيار داخل أي جماعة مسلحة من أجل إبقاء سيطرتها في حال حدث تمرد في الصف الأول.
- تطور الصراع
انتقل الصراع من شكله الفردي داخل المليشيا إلى عمل مؤسسي، فاللجنة الثورية العليا التي شكلها الحوثيون في فبراير/شباط من العام 2015 وفقاً لمصادر خاصة، أخذت تتقاطع مع المجلس السياسي في بعض القضايا، آخرها تجميد مخصصات حزب المؤتمر من قبل اللجنة الثورية التي يرأسها محمد الحوثي، واعتراض المجلس السياسي الذي يرأسه صالح الصماد والذي أفرج عن مخصصات حزب صالح.
قبل ذلك، وقف تيار داخل المليشيا ضد أي شراكة مع "حزب الإصلاح" عقب السيطرة على صنعاء، وفقاً لما أكده الإعلامي نبيل الصوفي، المقرب من صالح، على صفحته في فيسبوك، بل أكد أن هذا التيار داخل المليشيا هو نفسه الذي أخّر إعلان التحالف مع صالح الذي أشهر مؤخراً بما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى.
- اغتيالات متلاحقة
المحلل السياسي اليمني عبد الملك اليوسفي يرى أن صراع الأجنحة في إطار جماعة الحوثي أمر له جذور تراكمية كثيرة، مشيراً إلى أن البعض قد يتصور أن مليشيا الحوثي متجانسة نتيجة الطابع الأيديولوجي السائد على خطابها، إلا أن واقع الحال مختلف عن ذلك؛ فالحوثيون مزيج من عدة أجنحة فمنهم العقائديون المرتبطون بإيران، وهم وإن كانوا أقلية عددية فإن نفوذهم يعد الأقوى بالتقاسم مع الجناح الثاني المؤلف من أمراء الحرب ومشرفي السوق السوداء الذين صنعتهم الحروب الست في صعدة (2004- 2009).
وأضاف اليوسفي: "من جاؤوا بعد حروب صعدة هم مزيج من محاربين يمتهنون الحرب كمصدر دخل، ومن فاسدين يتلونون تبعاً للمسيطر على الأرض، وهم شبكة معقدة من المصالح المرتبطة بالفساد ونهب الثروات، كما يتألف الجناح الثاني من تابعين للرئيس المخلوع تم زرعهم مبكراً وكشفت الأحداث الأخيرة حقيقتهم".
واستدل اليوسفي على ما وصلت إليه حالة التناقض العميق بين مكونات المليشيا بالاشتباكات التي نتج عنها قتل أحد قادتهم الميدانيين في تعز على يد قائد آخر مؤخراً (وهي حالة تكررت في إب ومناطق أخرى).
- نتيجة الصراع
بدوره أوضح الصحفي والمحلل السياسي اليمني، رشاد الشرعبي، أن الصراع الحوثي الحوثي قائم على مصالح ضيقة بين تكوينات في إطار مشروع ولاية الفقيه، الذي هو بيد زعيمهم، على غرار ما هو حاصل في إيران.
وقال: "تيار له أتباعه ويسيطر على القوة والسلاح، وتيار آخر مجرد أدوات للمشروع، ولأجل مصالح شخصية ووظيفية خاصة، وتيار ثالث مشكل من تجار السوق السوداء الخاصة بالسلاح والمشتقات النفطية".
ووفقاً لحديث الشرعبي لـ"الخليج أونلاين"، فإن "مستقبل الصراع يتحدد في مسارين، الأول بضرب ما تبقى من قوة مسلحة فسينفض كثيرون من حول الجماعة وزعيمها. والثاني بضرب التيار المتحكم بالسوق السوداء والمال، وهو ما سيفقد المليشيا التحكم في طرق تحركها وتأمين نشاطها، وستنفض هي الأخرى".
لكن الباحث عدنان هاشم لا يرى الصراع الحوثي الحوثي بداية النهاية بقدر ما يضع المزيد من التعقيد في قرار الجماعة مستقبلاً، وقد يتسبب في تصفيات داخل الحركة مجدداً كتلك التي حدثت في الأعوام القليلة الماضية.