الرئيسية / تقارير وحوارات / جرحى تعز.. تركوا وحيدين بين الألم والخذلان
جرحى تعز.. تركوا وحيدين بين الألم والخذلان

جرحى تعز.. تركوا وحيدين بين الألم والخذلان

23 يوليو 2016 03:22 صباحا (يمن برس)
وجدَ جرحى المقاومة الشعبية في محافظة تعز، الذين أصيبوا في معارك مع المتمردين الحوثيين وقوات الجيش الموالي للمخلوع علي عبدالله صالح، أنفسهم وحيدين، بعدما تعفنت جراحهم، وتدهورت حالتهم الصحية، وسط غياب مخز لما يصفه ناشطون، بدور سلطات الرئيس عبد ربه منصور هادي، أو من التحالف العربي الذي تقوده السعودية، باتت في خندق واحد معهم ضد ما تعتبرهم بـ"الانقلابيين".

ملف الجرحى في تعز، دخل ميدان الاستقطاب السياسي، في أعقاب إعلان رئيس اللجنة الثورية العليا التابعة لجماعة الحوثيين، محمد علي الحوثي، عن استعداده لاستقبال وعلاج جرحى أعدائهم بتعز، وتسفير من تتطلب إصابته العلاج في الخارج.

وأمام هذا الموقف الحوثي الذي وضع سلطات الرئيس هادي، في موقف محرج، سعت بعد ذلك إلى تداركه بتشكيل لجنة لمناقشة وضع الجرحى الذين أصيبوا وهم يدافعون تحت رايتها منذ نيسان/أبريل من عام 2015.

وعلى مدى أكثر من عام، ترزح مدينة تعز تحت حصار خانق يفرضه الحوثيون وقوات صالح، وهو ما تسبب في وصول الوضع الإنساني فيها إلى حد الكارثة، فيما تفتح مأساة الجرحى فصلا جديدا من معانات هذه المدينة، على وقع التصعيد العسكري المتواصل من شريكي الانقلاب فيها.

ويقدر عدد الجرحى في تعز بنحو 13 ألفا، تعفنت جراح البعض منهم نتيجة عدم قدرة مستشفيات المدينة على علاجها، فضلا عن حالات البعض منهم التي بحاجة إلى نقلها إلى خارج البلاد.

وأخذت قضية جرحى مقاومة تعز في التفاعل أكثر في الأيام القليلة الماضية، بعد إقدام أحد الجرحى من منتسبي الجيش الوطني على الانتحار، عقب إلقاء نفسه من إحدى البنايات السكنية، احتجاجا على تدهور إصابته في مواجهات سابقة مع الحوثيين.

وما ضاعف من تدهور حالة ذلك الجندي هو إيقاف راتبه الشهري، حيث كان من أفراد اللواء 33 مدرع الموالي للحوثي، قبل التحاقه بصفوف الجيش الوطني، الأمر الذي قاده نحو الانتحار، إلا أن محاولته هذه لم تنته بما يريد، بل جرى إسعافه إلى أحد مستشفيات المدينة للعلاج.

وضع مأساوي جدا

وفي هذا السياق، أكد مدير منظمة "رعاية" في تعز، عصام التميمي، أن الواقع الذي يعيشه الجرحى في المدينة مأساوي جدا، نتيجة تدهور حالات الإصابة لديهم، جراء انعدام الأدوية والمستلزمات الطبية، وغياب الأطباء المتخصصين، فيما يترافق مع الإهمال الذي تبديه السلطات الشرعية في البلاد، إزاء هذا الوضع الحرج.

وقال في تصريح خاص لـ"عربي21" إن غياب الرعاية الصحية لـ13910 جرحى، يضاعف من تدهور حالتهم الصحية، خصوصا أن نحو 430 هم بحاجة ماسة إلى العلاج خارج البلاد، في حين أن من تقرر نقلهم إلى الخارج من قبل اللجنة الطبية في المدينة نحو 223 جريحا.

وبلغ من نقلوا للعلاج خارج اليمن 38 جريحا. حسبما ذكره رئيس "رعاية" المنظمة المعنية برعاية أسر القتلى والجرحى في تعز.

هادي والتحالف خذل تعز

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، عبد العزيز المجيدي إن ملف جرحى الحرب، يعد مشكلة حصرية تتحمل مسؤوليتها الحكومة والسلطة الشرعية بقيادة الرئيس هادي، وهي من الأبجديات التي يفترض بالرجل وطاقمه أن يفهمها، وأن يعمل لحلها على وجه السرعة.

وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21" أن مدينة تعز تركت للحسابات والتقديرات الضيقة، حتى الأطراف في التحالف العربي الذي تقوده السعودية، لكنها خذلت عسكريا وإنسانيا. مؤكدا أن هذا الخذلان امتد ليصل إلى جرحى المقاومة والجيش الوطني وضحايا هجمات الميليشيا التابعة للحوثيين وصالح من المدنيين، كأنهم "أشياء زائدة عن الحاجة". حسب تعبيره.

وأشار المجيدي: "لطالما أن هذه المحافظة تخوض حربا للدفاع عن نفسها أولا في مواجهة ميليشيا طائفية عنصرية ـ الحوثيين ـ  فإن على التحالف أن يدرك أن المعركة أيضا تخصها وهي أوسع من فكرة حرب داخلية، بل مشروع "الحوثيين" يتجاوز المعطى الداخلي نحو ملشنة تلك الدول وإطلاق ذراعها في جميع دول المنطقة، إذا استمرت حسابات دول التحالف قصيرة النظر، عندما تركت المدينة تنزف طيلة هذه الفترة.

وأوضح السياسي المجيدي أن هناك أمرا فظيعا في تعز تشترك فيه السلطة الشرعية ودول التحالف، فمن غير المعقول أن تستمر 10 دول من التحالف العربي، في التفرج على محنة آلاف الجرحى بدون تقديم أي شكل من المساعدة". لافتا إلى أن عدم فعالية الحكومة الشرعية في التعامل مع هذا الملف، يشير إلى "عمق المشكلة التي يواجهها آلاف الجرحى في تعز".

وحسب المتحدث ذاته، فإن هذا الملف مضى عليه أكثر من عام وكل وعود الرئيس والحكومة ذهبت أدراج الرياح، في الوقت الذي تعيش فيه المدينة تحت وطأة الحصار المفروض من قبل الحوثيين، حتى باتت تفتقد لأبسط متطلبات الرعاية الصحية، حيث أن الجرحى بالآلاف يحتاجون للرعاية والعلاج وبعضهم يحتاج لعمليات نوعية لا تتوفر في البلاد.

وعبر عن استغرابه من "ترك جرحى تعز يتعفنون في متاعبهم وجراحاتهم، بينما الرئيس وحكومته يقضون أيامهم في مقار إقامتهم بصورة طبيعية، وكأن أولئك موجودون في زيمبابوي". داعيا إلى "محاسبة الرئيس اليمني وطاقمه الحكومي على خذلانه  لذلك الرقم من الجرحى".

ومن المقرر أن تشهد مدينة تعز، السبت، وقفات احتجاجية، تحمل شعار "ادعموا جرحى تعز" بهدف التعريف بمعانات الجرحى فيها، ووضع الجميع أمام هذه المشهد المأساوي.
 
شارك الخبر