الرئيس علي ناصر محمد (أبو جمال) مرجعية سياسية وفكرية منفتحة.. وعقلية حيّة ثرية بالرؤى الوطنية النافعة، قائد سياسي منخرط بفاعلية في سياق ما يشهده الوطن من تحولات.. ومتفاعل ايما تفاعل مع المشاريع الحضارية للتغيير..!
الحديث مع (أبو جمال) هو حديث الحاضر والمستقبل.. العاشق لوطنه ولكل جهد هدفه كرامة الشعب وعزّته.. فهو المتكئ على مسيرة حافلة بالنضال الوطني، ولا يزال الى اليوم مفعماً بالعطاء والبذل.. مؤمناً بقيم العهد الجديد.. داعياً الجميع الى التفاعل مع متطلبات المرحلة.. من أجل الوطن والشعب.. الوطن والشعب أولاً..!
كيف تقرأون المشهد السياسي اليمني، اليوم بعد أكثر من عام على الأحداث العاصفة التي شهدتها البلاد؟
- لا يمكن بأي حال من الأحوال إلا أن نصف المشهد السياسي اليمني بأنه اليوم في أكثر حالاته تعقيداً بما يكتنفه من تحولات دراماتيكية ماكان لها ان تحدث بفعل سياسي محض بل بفعل ثوري وإلا لكانت الحوارات الطويلة التي كانت تجري بين السلطة والمعارضة قد آلت إلى أي تطور ولامست التغيير الذي ينشده المجتمع شمالا وجنوباً، على أن التغيير الذي حصل لايزال قاصراً وفق رأي قوى التأثير المهمة في البلاد وفي مقدمتها الشباب الذين لا تهمهم المطالب الفوقية والمناصب وتداول رئاسة الدولة او الحكومة والوزارات بل لهم مطالب سياسية بمعنى التغيير الحقيقي وحقوقية تعبر عن الحياة الكريمة والتعليم المجاني والصحة والعدالة الاجتماعية والأمن والاستقرار وتكافؤ الفرص وهي نفسها مطالب الشعب وهذا ما ينبغي أن تضطلع به الحكومة الجديدة لتثبت جدارتها وتقلل من الهوة الفاصلة بين الشعب والسلطة، وهذا مرهون أيضاً بمدى كفاءة السلطة التي تضم اليوم المعارضة في إدارة حوار جاد ومسؤول يضع البلاد بملفاتها المعقدة والحساسة على عتبة الانفراج، وإلا فإن الاوضاع المتأزمة ستراوح مكانها بل ربما ستتعاظم والثورة لكل هذا بالمرصاد وهي الضامن الأبرز لتحقيق التغيير الشامل.
تكتسب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية أهمية وطنية وتاريخية وهي محط اهتمام أطراف المعادلة السياسية اليمنية.. هل انتم متفائلون بهذه المبادرة وبإمكانية تنفيذ بنودها..وماذا تحتاج لضمان تنفيذها الكامل..؟
- لعل من وقع على هذه المبادرة يستشعر أهميتها ويدرك أبعادها وماستحققه على الصعيد السياسي ، وهي على هذا الصعيد بالذات تحقق بنودها تباعاً بالرغم من تعثرها في البداية وتعديلها عدة مرات والتلكؤ في توقيعها ولكن على الصعيد الشعبي بحيث يلمس المواطنون أثرها في التغيير هذا أمر سابق لأوانه وهو الاختبار الحقيقي وهناك قطاع شعبي وقوى سياسية رفضت المبادرة وليست شريكة فيها وبعضهم يعبر بأنه لا تعنيه مما يعني أنها ليست جامعة مانعة كما يقال ، وضمان تنفيذها مرهون بمصداقية وجدية من وقعوا عليها وأصبحت ملزمة لهم خاصة وقد تم دعمها بقرار أممي .
ماذا تودون القول للرئيس عبدربه منصور هادي، بعد نجاح الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وحصوله على نسبة تصويت غير مسبوقة..؟
- نهنؤه على تبوأ هذا المنصب الرفيع وعلى حالة الإجماع التي حظي بها في محطة تاريخية صعبة وغاية في الخطورة ولذا فإن مسؤولية تاريخية تقع على عاتقه، وكما اعتادت المجتمعات ذات النهج الديمقراطي أن تعطي للرؤساء الجدد فترة مئة يوم وتسمى بشهر العسل ليبدأوا بتنفيذ جزء مما وعدوا به وتلمس الجماهير ذلك التغيير الموعود وكما قال بأنه لاتوجد خطوط حمراء حول مناقشة كافة القضايا وأنه فدائي وهذا يعني أن التضحية والفداء ينبغي ان تكون شعار القول والفعل ليس له فقط بل لفريق عمله وللحكومة برئاسة الأستاذ محمد سالم باسندوة الذين أحثهم جميعاً للاهتمام بالشباب بوصفهم الرقم الأصعب في المعادلة وبردم الهوة مع القوى الحقيقية التي تشكل تيارات التغيير ورافعته الأساسية والمتمثلة بالحراك الجنوبي والحوثيين وبقية القوى والأحزاب المعارضة في الداخل والخارج التي لم تنخرط في التسوية السياسية القائمة .
كيف تتابعون أداء حكومة الوفاق حتى الآن، وما هي نصائحكم لهذه الحكومة ولرئيسها الأستاذ باسندوة؟
- لا يمكن حتى الآن إجراء تقويم كلي لأداء الحكومة فمثلما هناك بعض النقلات الجيدة لاتزال أخرى تتعثر وستواجه بلاشك صعوبات وتحديات لاسيما أن البلد لم يستقر بعد وقضاياه لاتزال تتفاعل فالاستقرار السياسي يؤدي بطبيعة الحال إلى استقرار اقتصادي واجتماعي وهذا يتطلب من الحكومة الجدية في مكافحة الإرهاب والفساد ووضع الرجل المناسب والمرأة المناسبة في المكانين المناسبين وإمضاء قوة القانون على أن الحديث عن القانون أمر لاحق للحديث عن الدستور وبالتالي هناك اولويات أساسية لم تنجز بعد ويترتب عليها كل إصلاح متوقع وهذا كله مرهون بالحوار الوطني الشامل والملبي لطموح قوى التغيير والمواطنين جميعاً .
عبرتم في أحاديث صحفية عن إدانتكم للعنف من أي كان.. على من تقع – برأيكم – المسؤولية الرئيسية في أعمال العنف تلك التي سادت عملية الانتخابات الرئاسية الأخيرة في بعض المناطق.؟
- نعم ذكرت في مقابلة سابقة وتحديدا قبل الانتخابات بيوم أو يومين بأن هناك قطاعاً من القوى الوطنية عبرت عن رفضها لهذه الانتخابات وهذه القوى لها حضور شعبي في مقابل الحضور للقوى في الضفة الأخرى التي تؤيد الانتخابات واعتبرت أن ترك الحرية للمواطن في التصويت من عدمه هو الأمر المعتبر، وعليه فإن العنف لفرض أي طرف رأيه على الطرف الآخر مرفوض وليس ثمة مايبرره ودعوت لعدم الانزلاق إليه فالعنف لا يولد إلا العنف المضاد ومن المؤسف أنه حدثت بعض المواجهات في بعض المناطق يتحمل مسؤوليتها من قام بها وحرض عليها، لكن العنف المفرط الذي ووجهت به لم يكن مبرراً أيضاً، لهذا فالعنف كوسيلة لحل الخلافات السياسية مرفوض من أي طرف.
اليمنيون يتطلعون إلى مؤتمر الحوار الوطني القادم بتفاؤل كبير..ماذا تمثل لكم وللوطن، هذه المحطة الوطنية التاريخية..؟
- هذا الحوار الوطني دعونا له في وقت مبكر ومنذ سنوات طويلة وكانت كل محطة بكل تعقيداتها تحثنا على الدعوة إليه ولا يتم الاستجابة لتلك الدعوات المبكرة والمتكررة وتتضاعف المشكلات وتتزايد آثارها وخاصة فيما يتعلق بالقضية الجنوبية، واليوم بلغت الأمور ذروتها ولم يعد مطلب الحوار مطلباً سياسياً لبعض النخب فقط بل مطلباً شعبياً ومطلباً وطنياً بل ومطلباً إقليمياً ودولياً نتيجة لما تشكله هذه المرحلة من خطورة في بلد يتمتع بموقع استراتيجي هام .
بعض الأطراف في الحراك الجنوبي تشترط للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، اطلاق المعتقلين، وإصدار الصحف الموقوفة (الأيام) وتطبيع الحياة السياسية..ما هو موقفكم من هذه الشروط..؟
- من الطبيعي أن تكون كل جهة معنية بالحوار لها شروطها الموضوعية والمنطقية وماذكرته من شروط في سؤالك متعلقة بالحوار ما هي إلا نماذج من حزمة شروط يأتي في طليعتها الاعتراف الكامل بالقضية الجنوبية كقضية سياسية بامتياز وحقوقية بالمقام التالي ووطنية بكل مدلولاتها. وبالنسبة لصحيفة الأيام ليس بالسماح لها بالاصدار وانما ايضا بالتعويض المادي والادبي لما لحق بها من اضرار، وقد لعبت الأيام وناشراها الاستاذين هشام وتمام باشراحيل دوراً هاماً في دعم عملية الحراك والتغيير السلمي في البلاد، ولا شك أن القيام بخطوات كهذه يهيئ الأرضية المناسبة لأي حوار سواء ما يتعلق بالقضية الجنوبية أو قضية صعدة وبقية القضايا الأخرى.
طالما والحوار الوطني مفتوح لطرح كل الرؤى على تعددها واختلافها بشأن مختلف القضايا الوطنية..لماذا إذن بعض الإطراف تربط حضورها بشروط مسبقة؟
- انفتاح الحوار لا يمكن إدراكه وحتى وصفه بأنه مفتوح دون الاعتراف بالقضايا الأساسية وإلا مامعنى أن نذهب للحوار ولاندري عناوينه الأولى وخطوطه العريضة، وهو ليس بالأمر الصعب لو توفرت الجدية وصدقت النوايا .
هناك من يطرح ضرورة الاعتراف من قبل الطرف الشمالي بالقضية الجنوبية قبل أي دعوة لأي حوار وطني.. ما رأيكم؟
- هناك إجماع جنوبي على ضرورة هذا الاعتراف وهو أقل ما يمكن تقديمه من الطرف الآخر الذي يتهمونه باحتلال وطنهم وناهباً لثرواتهم وأراضيهم ومُقصياً لهم من أعمالهم، ومصادرة كافة حقوقهم السياسية والمدنية. ونجدد التأكيد بأن هذا الاعتراف ليس مكلفاً قياساً بالكلفة الباهظة التي دفعها أبناء الجنوب، وهذا الاعتراف أيضاً يتناسب مع مبادىء العدالة الاجتماعية التي يجري الترويج لها اليوم لتجاوز الماضي وإعمال مصالحة وطنية .
وبأي صيغة – برأيكم- يتم الحوار حول القضية الجنوبية، بالنظر إلى من يطرح حواراً بين طرفين شمالي- جنوبي تحت رعاية عربية ودولية؟
- بصيغة الندية واعتبار شعب الجنوب مرجعية لكل التيارات الجنوبية ومختلف المشاريع المطروحة فيما يخص معالجة القضية الجنوبية، وقد باتت معروفة ومعلنة.
كيف وبأي آلية المفروض ان تتم إزاء إشكالية تعدد الأطراف في الحراك الجنوبي فيما يتعلق بحضور مؤتمر الحوار الوطني؟
- من جانبنا في المؤتمر الجنوبي الأول في القاهرة سعينا بجهد لايزال يتواصل حتى الآن لكي تجتمع الاطراف المتعددة تحت سقف واحد وبدأ بحوار جنوبي – جنوبي كمقدمة لأي حوار وطني محتمل ، وهذه المساعي لاتزال مستمرة ، وأي تكن النتيجة ينبغي على الحوار الوطني مادام مفتوحاً ومنفتحاً كما وصفته أنت بان يتقبل هذه الأطراف على تعددها لاسيما أن مايجمعها واحد وهو القضية الجنوبية ومرجعيتها واحدة وهو الشعب الجنوبي .
ما هي المرجعية – كما ترون - الحقيقية التي يقوم عليها التفاوض أو الحوار حول القضية الجنوبية..؟
- هناك مرجعية مبدئية وهي الاعتراف الكامل بالقضية سياسياً وحقوقياً والتعامل بندية باعتبار أن الجنوب كان دولة وذات سيادة ومعترف بها إقليميا ودولياً ، هناك مرجعيات قانونية فهناك من يستحضر قرارات مجلس الأمن أثناء حرب 94م وغيرها من الأمور التي يمكن التفاوض حولها والحوار ينبغي أن يتمتع بفضاء رحب والمعالجات عندما تتحرك في فضاء غير مجتزأ تكون ناجعة .
القضية الجنوبية.. ستكون في طليعة القضايا الوطنية على طاولة الحوار الوطني.. ما هي رؤيتكم لحل هذه القضية.؟
- لقد أكدت نتائح وقرارات مؤتمر القاهرة الأول هذا الاتجاه والمتمثل بالفيدرالية لخمس سنوات وصولا للاستفتاء الشعبي وهي فترة كافية لكل طرف وكل مشروع في ترويج مشروعه وهذا حق سياسي يندرج ضمن العمل الديمقراطي بما في ذلك مشروع البقاء في إطار الوحدة وكافية أيضاً للمواطن الجنوبي لأن يتخذ الرأي في تقرير مصيره .
تحدثتم في مقابلات صحفية سابقة عن تشكيل مرجعية سياسية للجنوبيين يمكنها المشاركة في أي حوار وطني قادم .. هل تبلورت هذه المرجعية عملياً..؟
- في إطار مؤتمر القاهرة الأول .. نعم تبلورت قيادة مؤقتة تعمل بروحية العمل الجماعي ولازلنا في إطار التشاور لتوسيع هذه المرجعية قدر المستطاع ، وهناك مرجعيات أخرى أو إطارات أخرى من حقها بل من واجبها أن تبلور صفوفها وتصل إلى نتيجة .
أين تلتقون مع الرئيس البيض، وأين تتقاطعون..؟
- التقاطع يتضمن معنيين احدهما القطيعة والآخر الاشتراك والالتقاء في نقطة ونحن نتقاطع بمعنى نشترك في هم الجنوب ولكل منا رأيه وطريقته في تقدير الأمور لاسيما أن هناك اختلافاً ليس فقط ذاتياً بل موضوعياً وهو أنه وقع على الوحدة الاندماجية وأما أنا فقد استبعدت من هذا التوقيع في 1990م بل طلب مني الخروج من الملعب السياسي ومن الوطن كله ، وكما ذكرت في وقت سابق بأن المشاريع المتباينة لها ما يجمعها وهي القضية الجنوبية والحراك الجنوبي كحامل سياسي لها والشعب الجنوبي كمرجعية للجميع.
وأين موقعكم من لقاء ألمانيا الأخير الذي جمع أطرافاً من المؤتمر والمشترك والمستقلين والمعارضة في الخارج وبينهم حيدر العطاس.. وما هو موقفكم من هذا اللقاء..؟
- هو لقاء “غير رسمي” كما وصفه منظموه وهذا يمكن أن يتم في ألمانيا وممكن حتى ان يتم في مكان آخر وهو عبارة عن تفكير بصوت عال وهذا التفكير غير ملزم لأنه لا يتضمن مقررات وتوصيات .
قلتم في حديث سابق، بأنكم لستم طرفاً في المبادرة الخليجية.. هل يعني بأن تنفيذ بنودها لا يعنيكم، بما في ذلك الحوار الوطني،وشكل النظام السياسي القادم،والدستور الجديد..؟
- بالتأكيد لا تعنينا المبادرة بل تعني من وقع عليها .. ما يعنينا هو ما سنلمسه من آثار تغييرية لها دلالة سياسية على القضايا الكبرى المؤرقة ولها علاقة بمطالب الثورة السلمية والشباب المحتجين والمعتصمين والذين قدموا تضحيات وشهداء وجرحى ومخفيين وقبلهم قدم الحراك الجنوبي الكثير من التضحيات وكذلك صعدة قدمت تضحيات في الأرض والإنسان ، ويندرج في إطار آثارها الحوار الوطني لو جرى بشكل جاد وصادق وحقيقي وهذا الحوار سيكفل الوصول إلى ماذكرته من شكل النظام السياسي القادم والدستور الجديد.
هل لكم ،شخصياً، أي اتصال مع القيادة السياسية وحكومة الوفاق بشأن القضية الجنوبية.؟
- لدي اتصال مع الكثيرين قبل وبعد تشكل هذه القيادة والحكومة .
أين يقف المجتمع الدولي من القضية الجنوبية.. وما هو موقف الأشقاء العرب.. والجيران بالتحديد من هذه القضية؟
في الأسابيع الأخيرة جرت اتصالات بنا من قبل أطراف إقليمية ودولية بشأن التطورات الجارية في الساحة اليمنية ومن ضمنها القضية الجنوبية ولا يوجد طرف دولي يجهل اليوم أهمية ومكانة القضية الجنوبية والجميع يعطيها اهتماماً وفق تقديراته ومصالحه والموقف الأساس والذي سيؤثر في مواقف الاطراف الدولية لا بد أن يكون من داخل الوطن وأما عن موقف الأشقاء العرب فنحن لمسنا اهتماما عربياً في إطار الجامعة العربية ولاشك ان دول الجوار تهتم بشأن هذه القضية التي تفرض قوتها على أرض الواقع إلا أنه من المؤسف أن المبادرة الخليجية لم تعط القضية الجنوبية ما تستحقه وهذا أهم وجوه التحفظ عليها جنوبياً .
برأيكم- أيهما له الأولوية..هيكلة القوات المسلحة والأمن.. أم مؤتمر الحوار الوطني؟
- هناك من يرى أن هيكلة القوات المسلحة والأمن أصعب من مؤتمر الحوار وبالتالي فالحوار الوطني أولى وهذا الرأي يدعمه رغبة اطراف خارجية في الإبقاء على بعض القيادات العسكرية السابقة ، وإذا ما تأكدت هذه الرغبة الخارجية ولم يعد بالإمكان الإفلات منها وطنياً فمعنى ذلك أن الحديث عن قضية الأسبقية بين الهيكلة والحوار سيصبح كالحديث عن أسبقية البيضة والدجاجة .
أين سيكون موقع الشباب- برأيكم – في عملية الحوار الوطني وفي التسويات الوطنية القادمة.؟
- الشباب هم الرقم الأصعب في المعادلة الراهنة ومن سيستبعدهم فإنه سيبعد نفسه، ومن المهم أن يبدأوا من الآن في بلورة مرجعيات لهم تمثلهم بشكل صحيح في الحوار الوطني المرتقب الذي يقبلون في الانخراط فيه لا الذي يتم فرضه عليهم .
يتسع نشاط القاعدة في بعض المحافظات، ويتخذ أشكالاً جديدة في عملياته الإرهابية ..من احتلال مناطق..واستيلاء على العتاد الثقيل.. ورفع أعلام التنظيم.. كيف ترون مواجهة هذه الشراذم الإرهابية وإجتثاثها من جحورها.؟
- توسع نشاط القاعدة في بعض المحافظات وفي هذا التوقيت بشكل ملحوظ ينم عن مشاريع مشبوهة وخطيرة واجدني ملزماً هنا بتجديد تأكيدي بأن الجنوب لم يكن يوما بؤرة تطرف او إرهاب وأي تواجد لمثل هذه الجماعات له خلفية سياسية وأمنية معروفة بالنسبة لنا وكانت تستهدف الحراك الجنوبي واليوم تستهدف الجنوب كله بمافي ذلك عدن منارة الانفتاح والاعتدال والنقاء والتعايش .. هذه أعمال تستهدف تشويه عاصمة لها تاريخ عريق في التسامح ونبذ العنف وهذا التطور يمثل اختباراً حقيقياً للسلطة الحالية وينبغي وضع حد لهذه الأعمال وإعادة الاعتبار لمدننا الآمنة والمسالمة .
كيف تقيمون موقف المجتمع الدولي من اليمن وحربه مع الإرهاب..وما هو المطلوب من الأشقاء والأصدقاء لمساعدة اليمن في هذه المواجهة الشرسة..؟
- المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية أعلن ما يسمى الحرب على الإرهاب بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر ، ومن المعروف أن اليمن ربطت نفسها بحلف مع واشنطن في هذا الاتجاه للحرب على الإرهاب ولكنها لم تحارب الإرهاب في اليمن بل ارتكبت مجازر في المعجلة بأبين ورفض بشبوة وفي محافظات شمالية أيضاً سقط الأبرياء العزل من النساء والأطفال والشيوخ بطائرات أجنبية لأنهم ضللوا بمعلومات خاطئة فأي تقييم تنتظره مني لهذه الحرب على الإنسان والإرهاب يسرح ويمرح ، وفي مقابلات عدة شددت على اهمية تجفيف منابع الإرهاب والمتمثلة في الفقر والفساد والتطرف ، وهذا المجال ما ينبغي المساعدة فيه من الأشقاء والأصدقاء .
ما هو الحديث الذي تودون توجيهه إلى: حكومة الوفاق الوطني..الحراك الجنوبي .. الحوثيين.. الشباب في الساحات..!
- على حكومة الوفاق الوطني برئاسة الأستاذ المناضل محمد سالم باسندوة أن تؤكد بأنها حكومة وفاق وحكومة وطنية بالأفعال وليس بالأقوال لتغير قناعة الآخرين المتحفظين تبعاً لموقفهم من المبادرة الخليجية وتقوم بمهامها وتضطلع بمسؤولياتها تجاه أمن المواطنين وحاجاتهم ، وعلى الحراك الجنوبي ان يزداد ثباتاً وتوحداً والتفافاً حول القضية الجنوبية والتعامل الإيجابي مع ما يبدو حاملاً لإقناع موضوعي يمكن أن يؤدي إلى حل القضية بما يرضي شعبنا ، وعلى الشباب في الساحات أن يبدأوا في بلورة صفوفهم وان يصمدوا في ساحاتهم لأن ثورتهم هي من حركت المعادلة الجامدة لسنوات طويلة وأن يراقبوا أداء السياسيين وأن يكون لهم موقفهم الضاغط حتى تحقيق كافة أهداف ثورتهم وتلبية جميع مطالبهم المشروعة .
مفهوم التسامح والتصالح.. ما هو مدلوله وشمولية معانيه في نظر الرئيس علي ناصر محمد؟
- التسامح والتصالح مبدأ إنساني عظيم لايقوم به إلاّ أقوياء النفوس واكثر الناس تراحماً فالتراحم والعفو عند المقدرة من صفات الأنبياء والاولياء والصالحين والتصالح لا يمكن ان يتأتى قبل التسامح .. التسامح بمثابة علم المنطق بالنسبة لعلم الفلسفة وعندما جسدنا في الجنوب هذا المبدأ بشقيه على مستوى تجربة عملية أثبت الشعب جدارته بالارتقاء إلى مصاف الصالحين فهي ثورة في النفوس مهدت الطريق لانطلاقة أول ثورة سلمية في الوطن العربي سبقت كل هذه الثورات بسنوات في العام 2007م .
وإذا كان استخدام أساليب العنف لإشاعة مفهوم التسامح والتصالح تنزع عنه مضمونه الوطني مثلما برز ذلك بفعل تأثيرات الاختيارات الضيقة.. فما هو أذن التعبير السليم الذي ينبغي أن يرتكز عليه هذا المفهوم؟
لا يمكن بأي حال من الاحوال أن تستخدم أساليب العنف لإشاعة مفهوم التسامح والتصالح .. هذا خلاف المنطق فالعنف يؤجج الاقتتال ولكن قد يستعمل العنف لإعاقة مسيرة التصالح والتسامح وهذا فعلاً ما واجهته مسيرتنا بمافي ذلك محاولة نبش القبور لإذكاء الفتنة والتعبير السليم للتصالح والتسامح يكون بالحوار الصادق والهادف يسبقه الاعتراف بالأخطاء وإدانتها .
الرئيس علي ناصر محمد، يبدو أن عملكم السياسي الآن المعلن والواضح قد جعلكم أكثر واقعية.. ما هي حقيقة علاقتكم بأطراف العملية السياسية والقبلية والعسكرية في الوطن..؟
- أحرص دوماً على الاحتفاظ بمساحات ود في كل علاقاتي وفي مقدمهم من تختلف معه لأن من تتفق معه فأنت وإياه تشقان ذات الطريق وكل يستخدم ادواته المتاحة ، وحقيقة علاقتي بأطراف العملية السياسية والقبلية والعسكرية في الوطن تكمن في الحرص على تنمية القواسم المشتركة وتجنب القطيعة .
ومع الحزب الاشتراكي اليمني..دوركم وتاريخكم معروف.. أين تقفون اليوم من هذا الحزب ؟
- كنت أميناً عاماً لهذا الحزب وأسهمت في تأسيسه عندما كان حاكماً في جمهورية اليمن الديمقراطية ، ومنذ العام 90 خاض الحزب تجربة أخرى مختلفة وكانت النتيجة انتكاسة حرب 94م وتحوله إلى حزب مستهدف من قوى الشراكة ما بعد الحرب.. ومن قاموا بإعادة الحياة للحزب كانوا يجترحون شيئاً صعباً للغاية وبدوري كنت أشد على أيدي من قاموا بهذه العملية التاريخية سواء من كانوا في الوطن او من عادوا إليه بعد لجوئهم للخارج بمافي ذلك الأمين العام الحالي الدكتور ياسين سعيد نعمان الذي يحظى بكاريزما مؤثرة وهو على اتصال بنا وأحسب أنه على صلة بجميع قادة الحزب التاريخيين.
هل ننتظر عودة الرئيس علي ناصر محمد ذات يوم إلى الاشتراكي ..أو ذهاب الاشتراكي إلى الرئيس علي ناصر محمد؟
- مثل هذه العودة إن كنت تقصدها بمعناها الإجرائي لم يعُد لها مكان اليوم والحزب بقيادته الجديدة يحقق وجوده في الساحة السياسية ونتمنى ان يتعاظم دوره بمايلبي طموح منتسبيه ومناصريه وبمايحقق المشاريع المفيدة للوطن والشعب .
من واقع تجربتكم فيه ومعه.. هل نتوقع عما قريب وضع حد لحالة الولاء المزدوج داخل الحزب الاشتراكي؟
- أعتقد بأن قيادة الحزب الحالية والمتصلة بمكتبه السياسي ولجنته المركزية وفروعه وقواعده التنظيمية أدرى بنجاحات أو إخفاقات الحزب وخاصة في المجال التنظيمي إن وجدت ، ومن الواضح أن الحالة السياسية في البلد والتي ينخرط الحزب فيها بقوة ويرمي فيها ثقله قد تؤثر على الجانب التنظيمي والبناء الداخلي ونأمل تجاوز الحزب لأي قصور أو ضمور في قوامه ، وأتمنى ان يجري تفعيل الديمقراطية داخل صفوف الحزب بشكل أوسع وأقوى .
دعني أسأل بصراحة : هل تعتقدون أن مكون الحزب الاشتراكي لا يزال إيديولوجيا.. أم أنه ترك الايدولوجيا، ويكتفي اليوم بتقديم برنامج سياسي ..؟
- الحزب الاشتراكي كان يوصف من أعدائه بأنه شيوعي مع ان هناك أحزاباً اشتراكية حتى في الدول الرأسمالية وأعتقد أن الحزب بعد الوحدة قام بنقلة موضوعية في أيدلوجيته وأحدث تغييراً في برنامجه السياسي وخطابه الإعلامي بما يتلاءم ومتطلبات المرحلة .
كيف تنظرون إلى وجود أحزاب على أساس ديني في بلد دينه واحد..وماذا عن الحديث عن الدولة الإسلامية إذا كان الإسلام لا يدعو في الحديث والسنَّة لقيام دولة دينية؟
- الأحزاب السياسية القائمة على أساس ديني باتت امراً واقعاً ليس في اليمن بل في الوطن العربي كله ، ولعل الاتجاه نحو الإسلام السياسي هو نوع من التعبير عن بحث الديني عن مكان في الفضاء السياسي وهو أمر مقبول ولكن من غير المقبول أن يفرض هذا الحزب أوذاك سلطة دينية أو دولة دينية لأن الدولة خلاصة عقد اجتماعي يتوافق عليه الشعب الذي فيه اليساري والعلماني والقومي ووإلخ .
ننتقل إلى خارج الأفق الوطني..صدام الحضارات – نهاية التاريخ والإنسان الآخر.. ثنائية فكرية أثرت في الواقع العالمي.. كيف يتسنى الخروج من حدود هذه الثنائية؟
- من الغريب أن تصدر أفكار من مثل صراع الحضارات ونهاية التاريخ وماشابه ذلك من الغرب نفسه الذي يتحدث بكثرة عن الكرة الكونية الصغيرة والتعايش وحقوق الإنسان وهذه مبادىء في صلب عقائدنا نحن ، حتى ان صاحب كتاب نهاية التاريخ فرانسيس فوكوياما هو أمريكي من أصل ياباني وكلنا نعرف من أمريكا ومن اليابان والتاريخ ماذا يحمل لعلاقات البلدين ؟ ! هذه الأفكار التي تحمل فيروس الازدواجية لا يمكن أن تصمد أمام الأفكار الحية والخلاقة مثل حوار الثقافات والحضارات وليس صدامها .
إلى أين تقود العولمة.. كما ترون برؤية فكرية سياسية؟
- العولمة في بعض وجوهها تقود إلى المعرفة.. المعرفة بمكانة وإمكانات الذات ومكانة وإمكانات الآخر، ولكنها في بعض وجوهها تساهم في سلعنة البشر أو تحويلهم إلى أدوات لخدمة مشاريع وشركات متعددة الجنسيات وليس لخدمة الإنسان ذاته الذي هو محور وجوهر الوجود ولولا ذلك لما قال الإمام علي بن أبي طالب عن الإنسان ( أتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر ) ، من هنا تأتي اهمية الحفاظ على الخصوصيات الثقافية لكل فئة في فضاء العولمة الواسع .
نكتب كثيراً عن الديمقراطية والحرية..هل ثمة حدود للحرية.. حرية الرأي والتعبير والعقيدة؟
- لاتزال هذه المفاهيم تثير جدلاً واسعاً لدى النخب الفكرية ليس فقط في عالمنا العربي بل في كل مكان .. حدود الحريات هي مسألة توافقية ومن هنا تأتي أهمية العقد الاجتماعي أو الدستور وهذا نفسه حاصل في الغرب الذي يتغنى بحدود أوسع للحرية .
كيف تنظرون إلى أهمية انعقاد القمة العربية المنتظرة في بغداد، في ظل الواقع الجديد لثورات ربيع العرب؟
- تكمن أهمية انعقاد هذه القمة في بغداد أنها تأتي في خضم التحولات التي حدثت وتحدث في العالم العربي ، ولعل هذه التحولات كافية لجعلها قمة استثنائية بامتياز ، ونأمل أن تنعقد في أجواء هادئة وتضع في برنامجها درء المخاطر المحدقة بالوطن العربي وإعادة توجيه علاقة الحكومات العربية بشعوبها والاستفادة من أخطاء الماضي التي أدت إلى انتفاضة هذه الشعوب وتقديم كافة أشكال الدعم للشعوب العربية في عملية التنمية وبناء الإنسان لتجفيف منابع الفقر والإرهاب من خلال ضخ الاستثمارات التي تعود على الشعوب والدول الممولة بالفائدة المشتركة.
عشنا أكثر من عام ولا تزال أحداث الأزمة السياسية العاصفة.. ما هي الدروس التي يمكن الاستفادة منها في هذه الأزمة.. وكيف تنظرون إلى مستقبل اليمن.؟
- أهم وأبلغ درس هو أن إرادة الشعب من إرادة الله ، وان التغيير سنة كونية وتعاقب الأجيال حقيقة تاريخية ، وننظر إلى مستقبل اليمن كما قلت في مقابلة سابقة بتفاؤل حذر نأمل أن يتحول إلى تفاؤل تؤكده الأفعال المشهودة التي تنهض بالمواطن اليمني الذي عاني طويلاً ومريراً .
- أشكركم على هذه المقابلة واتمنى لكم التوفيق في مسيرتكم الإعلامية وكل الشكر والثناء والنجاح لصحيفة “الجمهورية” التي أحدثت تحولاً نوعياً في أدائها شكلاً ومضموناً، وأصبحت لسان حال الشعب.. وتحية إعجاب وطني لرئيس تحريرها المتألق الأستاذ سمير اليوسفي. . متمنين لكم النجاح في صحيفة”26سبتمبر” بمايخدم المؤسسة العسكرية والأمنية التي تنطق الصحيفة بلسانها وهي المؤسسة التي يعول عليها أن تكون حصن الشعب وأن تصحح مسارها و لا تنزلق في اية مغامرات داخلية او خارجية.
الحديث مع (أبو جمال) هو حديث الحاضر والمستقبل.. العاشق لوطنه ولكل جهد هدفه كرامة الشعب وعزّته.. فهو المتكئ على مسيرة حافلة بالنضال الوطني، ولا يزال الى اليوم مفعماً بالعطاء والبذل.. مؤمناً بقيم العهد الجديد.. داعياً الجميع الى التفاعل مع متطلبات المرحلة.. من أجل الوطن والشعب.. الوطن والشعب أولاً..!
كيف تقرأون المشهد السياسي اليمني، اليوم بعد أكثر من عام على الأحداث العاصفة التي شهدتها البلاد؟
- لا يمكن بأي حال من الأحوال إلا أن نصف المشهد السياسي اليمني بأنه اليوم في أكثر حالاته تعقيداً بما يكتنفه من تحولات دراماتيكية ماكان لها ان تحدث بفعل سياسي محض بل بفعل ثوري وإلا لكانت الحوارات الطويلة التي كانت تجري بين السلطة والمعارضة قد آلت إلى أي تطور ولامست التغيير الذي ينشده المجتمع شمالا وجنوباً، على أن التغيير الذي حصل لايزال قاصراً وفق رأي قوى التأثير المهمة في البلاد وفي مقدمتها الشباب الذين لا تهمهم المطالب الفوقية والمناصب وتداول رئاسة الدولة او الحكومة والوزارات بل لهم مطالب سياسية بمعنى التغيير الحقيقي وحقوقية تعبر عن الحياة الكريمة والتعليم المجاني والصحة والعدالة الاجتماعية والأمن والاستقرار وتكافؤ الفرص وهي نفسها مطالب الشعب وهذا ما ينبغي أن تضطلع به الحكومة الجديدة لتثبت جدارتها وتقلل من الهوة الفاصلة بين الشعب والسلطة، وهذا مرهون أيضاً بمدى كفاءة السلطة التي تضم اليوم المعارضة في إدارة حوار جاد ومسؤول يضع البلاد بملفاتها المعقدة والحساسة على عتبة الانفراج، وإلا فإن الاوضاع المتأزمة ستراوح مكانها بل ربما ستتعاظم والثورة لكل هذا بالمرصاد وهي الضامن الأبرز لتحقيق التغيير الشامل.
تكتسب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية أهمية وطنية وتاريخية وهي محط اهتمام أطراف المعادلة السياسية اليمنية.. هل انتم متفائلون بهذه المبادرة وبإمكانية تنفيذ بنودها..وماذا تحتاج لضمان تنفيذها الكامل..؟
- لعل من وقع على هذه المبادرة يستشعر أهميتها ويدرك أبعادها وماستحققه على الصعيد السياسي ، وهي على هذا الصعيد بالذات تحقق بنودها تباعاً بالرغم من تعثرها في البداية وتعديلها عدة مرات والتلكؤ في توقيعها ولكن على الصعيد الشعبي بحيث يلمس المواطنون أثرها في التغيير هذا أمر سابق لأوانه وهو الاختبار الحقيقي وهناك قطاع شعبي وقوى سياسية رفضت المبادرة وليست شريكة فيها وبعضهم يعبر بأنه لا تعنيه مما يعني أنها ليست جامعة مانعة كما يقال ، وضمان تنفيذها مرهون بمصداقية وجدية من وقعوا عليها وأصبحت ملزمة لهم خاصة وقد تم دعمها بقرار أممي .
ماذا تودون القول للرئيس عبدربه منصور هادي، بعد نجاح الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وحصوله على نسبة تصويت غير مسبوقة..؟
- نهنؤه على تبوأ هذا المنصب الرفيع وعلى حالة الإجماع التي حظي بها في محطة تاريخية صعبة وغاية في الخطورة ولذا فإن مسؤولية تاريخية تقع على عاتقه، وكما اعتادت المجتمعات ذات النهج الديمقراطي أن تعطي للرؤساء الجدد فترة مئة يوم وتسمى بشهر العسل ليبدأوا بتنفيذ جزء مما وعدوا به وتلمس الجماهير ذلك التغيير الموعود وكما قال بأنه لاتوجد خطوط حمراء حول مناقشة كافة القضايا وأنه فدائي وهذا يعني أن التضحية والفداء ينبغي ان تكون شعار القول والفعل ليس له فقط بل لفريق عمله وللحكومة برئاسة الأستاذ محمد سالم باسندوة الذين أحثهم جميعاً للاهتمام بالشباب بوصفهم الرقم الأصعب في المعادلة وبردم الهوة مع القوى الحقيقية التي تشكل تيارات التغيير ورافعته الأساسية والمتمثلة بالحراك الجنوبي والحوثيين وبقية القوى والأحزاب المعارضة في الداخل والخارج التي لم تنخرط في التسوية السياسية القائمة .
كيف تتابعون أداء حكومة الوفاق حتى الآن، وما هي نصائحكم لهذه الحكومة ولرئيسها الأستاذ باسندوة؟
- لا يمكن حتى الآن إجراء تقويم كلي لأداء الحكومة فمثلما هناك بعض النقلات الجيدة لاتزال أخرى تتعثر وستواجه بلاشك صعوبات وتحديات لاسيما أن البلد لم يستقر بعد وقضاياه لاتزال تتفاعل فالاستقرار السياسي يؤدي بطبيعة الحال إلى استقرار اقتصادي واجتماعي وهذا يتطلب من الحكومة الجدية في مكافحة الإرهاب والفساد ووضع الرجل المناسب والمرأة المناسبة في المكانين المناسبين وإمضاء قوة القانون على أن الحديث عن القانون أمر لاحق للحديث عن الدستور وبالتالي هناك اولويات أساسية لم تنجز بعد ويترتب عليها كل إصلاح متوقع وهذا كله مرهون بالحوار الوطني الشامل والملبي لطموح قوى التغيير والمواطنين جميعاً .
عبرتم في أحاديث صحفية عن إدانتكم للعنف من أي كان.. على من تقع – برأيكم – المسؤولية الرئيسية في أعمال العنف تلك التي سادت عملية الانتخابات الرئاسية الأخيرة في بعض المناطق.؟
- نعم ذكرت في مقابلة سابقة وتحديدا قبل الانتخابات بيوم أو يومين بأن هناك قطاعاً من القوى الوطنية عبرت عن رفضها لهذه الانتخابات وهذه القوى لها حضور شعبي في مقابل الحضور للقوى في الضفة الأخرى التي تؤيد الانتخابات واعتبرت أن ترك الحرية للمواطن في التصويت من عدمه هو الأمر المعتبر، وعليه فإن العنف لفرض أي طرف رأيه على الطرف الآخر مرفوض وليس ثمة مايبرره ودعوت لعدم الانزلاق إليه فالعنف لا يولد إلا العنف المضاد ومن المؤسف أنه حدثت بعض المواجهات في بعض المناطق يتحمل مسؤوليتها من قام بها وحرض عليها، لكن العنف المفرط الذي ووجهت به لم يكن مبرراً أيضاً، لهذا فالعنف كوسيلة لحل الخلافات السياسية مرفوض من أي طرف.
اليمنيون يتطلعون إلى مؤتمر الحوار الوطني القادم بتفاؤل كبير..ماذا تمثل لكم وللوطن، هذه المحطة الوطنية التاريخية..؟
- هذا الحوار الوطني دعونا له في وقت مبكر ومنذ سنوات طويلة وكانت كل محطة بكل تعقيداتها تحثنا على الدعوة إليه ولا يتم الاستجابة لتلك الدعوات المبكرة والمتكررة وتتضاعف المشكلات وتتزايد آثارها وخاصة فيما يتعلق بالقضية الجنوبية، واليوم بلغت الأمور ذروتها ولم يعد مطلب الحوار مطلباً سياسياً لبعض النخب فقط بل مطلباً شعبياً ومطلباً وطنياً بل ومطلباً إقليمياً ودولياً نتيجة لما تشكله هذه المرحلة من خطورة في بلد يتمتع بموقع استراتيجي هام .
بعض الأطراف في الحراك الجنوبي تشترط للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، اطلاق المعتقلين، وإصدار الصحف الموقوفة (الأيام) وتطبيع الحياة السياسية..ما هو موقفكم من هذه الشروط..؟
- من الطبيعي أن تكون كل جهة معنية بالحوار لها شروطها الموضوعية والمنطقية وماذكرته من شروط في سؤالك متعلقة بالحوار ما هي إلا نماذج من حزمة شروط يأتي في طليعتها الاعتراف الكامل بالقضية الجنوبية كقضية سياسية بامتياز وحقوقية بالمقام التالي ووطنية بكل مدلولاتها. وبالنسبة لصحيفة الأيام ليس بالسماح لها بالاصدار وانما ايضا بالتعويض المادي والادبي لما لحق بها من اضرار، وقد لعبت الأيام وناشراها الاستاذين هشام وتمام باشراحيل دوراً هاماً في دعم عملية الحراك والتغيير السلمي في البلاد، ولا شك أن القيام بخطوات كهذه يهيئ الأرضية المناسبة لأي حوار سواء ما يتعلق بالقضية الجنوبية أو قضية صعدة وبقية القضايا الأخرى.
طالما والحوار الوطني مفتوح لطرح كل الرؤى على تعددها واختلافها بشأن مختلف القضايا الوطنية..لماذا إذن بعض الإطراف تربط حضورها بشروط مسبقة؟
- انفتاح الحوار لا يمكن إدراكه وحتى وصفه بأنه مفتوح دون الاعتراف بالقضايا الأساسية وإلا مامعنى أن نذهب للحوار ولاندري عناوينه الأولى وخطوطه العريضة، وهو ليس بالأمر الصعب لو توفرت الجدية وصدقت النوايا .
هناك من يطرح ضرورة الاعتراف من قبل الطرف الشمالي بالقضية الجنوبية قبل أي دعوة لأي حوار وطني.. ما رأيكم؟
- هناك إجماع جنوبي على ضرورة هذا الاعتراف وهو أقل ما يمكن تقديمه من الطرف الآخر الذي يتهمونه باحتلال وطنهم وناهباً لثرواتهم وأراضيهم ومُقصياً لهم من أعمالهم، ومصادرة كافة حقوقهم السياسية والمدنية. ونجدد التأكيد بأن هذا الاعتراف ليس مكلفاً قياساً بالكلفة الباهظة التي دفعها أبناء الجنوب، وهذا الاعتراف أيضاً يتناسب مع مبادىء العدالة الاجتماعية التي يجري الترويج لها اليوم لتجاوز الماضي وإعمال مصالحة وطنية .
وبأي صيغة – برأيكم- يتم الحوار حول القضية الجنوبية، بالنظر إلى من يطرح حواراً بين طرفين شمالي- جنوبي تحت رعاية عربية ودولية؟
- بصيغة الندية واعتبار شعب الجنوب مرجعية لكل التيارات الجنوبية ومختلف المشاريع المطروحة فيما يخص معالجة القضية الجنوبية، وقد باتت معروفة ومعلنة.
كيف وبأي آلية المفروض ان تتم إزاء إشكالية تعدد الأطراف في الحراك الجنوبي فيما يتعلق بحضور مؤتمر الحوار الوطني؟
- من جانبنا في المؤتمر الجنوبي الأول في القاهرة سعينا بجهد لايزال يتواصل حتى الآن لكي تجتمع الاطراف المتعددة تحت سقف واحد وبدأ بحوار جنوبي – جنوبي كمقدمة لأي حوار وطني محتمل ، وهذه المساعي لاتزال مستمرة ، وأي تكن النتيجة ينبغي على الحوار الوطني مادام مفتوحاً ومنفتحاً كما وصفته أنت بان يتقبل هذه الأطراف على تعددها لاسيما أن مايجمعها واحد وهو القضية الجنوبية ومرجعيتها واحدة وهو الشعب الجنوبي .
ما هي المرجعية – كما ترون - الحقيقية التي يقوم عليها التفاوض أو الحوار حول القضية الجنوبية..؟
- هناك مرجعية مبدئية وهي الاعتراف الكامل بالقضية سياسياً وحقوقياً والتعامل بندية باعتبار أن الجنوب كان دولة وذات سيادة ومعترف بها إقليميا ودولياً ، هناك مرجعيات قانونية فهناك من يستحضر قرارات مجلس الأمن أثناء حرب 94م وغيرها من الأمور التي يمكن التفاوض حولها والحوار ينبغي أن يتمتع بفضاء رحب والمعالجات عندما تتحرك في فضاء غير مجتزأ تكون ناجعة .
القضية الجنوبية.. ستكون في طليعة القضايا الوطنية على طاولة الحوار الوطني.. ما هي رؤيتكم لحل هذه القضية.؟
- لقد أكدت نتائح وقرارات مؤتمر القاهرة الأول هذا الاتجاه والمتمثل بالفيدرالية لخمس سنوات وصولا للاستفتاء الشعبي وهي فترة كافية لكل طرف وكل مشروع في ترويج مشروعه وهذا حق سياسي يندرج ضمن العمل الديمقراطي بما في ذلك مشروع البقاء في إطار الوحدة وكافية أيضاً للمواطن الجنوبي لأن يتخذ الرأي في تقرير مصيره .
تحدثتم في مقابلات صحفية سابقة عن تشكيل مرجعية سياسية للجنوبيين يمكنها المشاركة في أي حوار وطني قادم .. هل تبلورت هذه المرجعية عملياً..؟
- في إطار مؤتمر القاهرة الأول .. نعم تبلورت قيادة مؤقتة تعمل بروحية العمل الجماعي ولازلنا في إطار التشاور لتوسيع هذه المرجعية قدر المستطاع ، وهناك مرجعيات أخرى أو إطارات أخرى من حقها بل من واجبها أن تبلور صفوفها وتصل إلى نتيجة .
أين تلتقون مع الرئيس البيض، وأين تتقاطعون..؟
- التقاطع يتضمن معنيين احدهما القطيعة والآخر الاشتراك والالتقاء في نقطة ونحن نتقاطع بمعنى نشترك في هم الجنوب ولكل منا رأيه وطريقته في تقدير الأمور لاسيما أن هناك اختلافاً ليس فقط ذاتياً بل موضوعياً وهو أنه وقع على الوحدة الاندماجية وأما أنا فقد استبعدت من هذا التوقيع في 1990م بل طلب مني الخروج من الملعب السياسي ومن الوطن كله ، وكما ذكرت في وقت سابق بأن المشاريع المتباينة لها ما يجمعها وهي القضية الجنوبية والحراك الجنوبي كحامل سياسي لها والشعب الجنوبي كمرجعية للجميع.
وأين موقعكم من لقاء ألمانيا الأخير الذي جمع أطرافاً من المؤتمر والمشترك والمستقلين والمعارضة في الخارج وبينهم حيدر العطاس.. وما هو موقفكم من هذا اللقاء..؟
- هو لقاء “غير رسمي” كما وصفه منظموه وهذا يمكن أن يتم في ألمانيا وممكن حتى ان يتم في مكان آخر وهو عبارة عن تفكير بصوت عال وهذا التفكير غير ملزم لأنه لا يتضمن مقررات وتوصيات .
قلتم في حديث سابق، بأنكم لستم طرفاً في المبادرة الخليجية.. هل يعني بأن تنفيذ بنودها لا يعنيكم، بما في ذلك الحوار الوطني،وشكل النظام السياسي القادم،والدستور الجديد..؟
- بالتأكيد لا تعنينا المبادرة بل تعني من وقع عليها .. ما يعنينا هو ما سنلمسه من آثار تغييرية لها دلالة سياسية على القضايا الكبرى المؤرقة ولها علاقة بمطالب الثورة السلمية والشباب المحتجين والمعتصمين والذين قدموا تضحيات وشهداء وجرحى ومخفيين وقبلهم قدم الحراك الجنوبي الكثير من التضحيات وكذلك صعدة قدمت تضحيات في الأرض والإنسان ، ويندرج في إطار آثارها الحوار الوطني لو جرى بشكل جاد وصادق وحقيقي وهذا الحوار سيكفل الوصول إلى ماذكرته من شكل النظام السياسي القادم والدستور الجديد.
هل لكم ،شخصياً، أي اتصال مع القيادة السياسية وحكومة الوفاق بشأن القضية الجنوبية.؟
- لدي اتصال مع الكثيرين قبل وبعد تشكل هذه القيادة والحكومة .
أين يقف المجتمع الدولي من القضية الجنوبية.. وما هو موقف الأشقاء العرب.. والجيران بالتحديد من هذه القضية؟
في الأسابيع الأخيرة جرت اتصالات بنا من قبل أطراف إقليمية ودولية بشأن التطورات الجارية في الساحة اليمنية ومن ضمنها القضية الجنوبية ولا يوجد طرف دولي يجهل اليوم أهمية ومكانة القضية الجنوبية والجميع يعطيها اهتماماً وفق تقديراته ومصالحه والموقف الأساس والذي سيؤثر في مواقف الاطراف الدولية لا بد أن يكون من داخل الوطن وأما عن موقف الأشقاء العرب فنحن لمسنا اهتماما عربياً في إطار الجامعة العربية ولاشك ان دول الجوار تهتم بشأن هذه القضية التي تفرض قوتها على أرض الواقع إلا أنه من المؤسف أن المبادرة الخليجية لم تعط القضية الجنوبية ما تستحقه وهذا أهم وجوه التحفظ عليها جنوبياً .
برأيكم- أيهما له الأولوية..هيكلة القوات المسلحة والأمن.. أم مؤتمر الحوار الوطني؟
- هناك من يرى أن هيكلة القوات المسلحة والأمن أصعب من مؤتمر الحوار وبالتالي فالحوار الوطني أولى وهذا الرأي يدعمه رغبة اطراف خارجية في الإبقاء على بعض القيادات العسكرية السابقة ، وإذا ما تأكدت هذه الرغبة الخارجية ولم يعد بالإمكان الإفلات منها وطنياً فمعنى ذلك أن الحديث عن قضية الأسبقية بين الهيكلة والحوار سيصبح كالحديث عن أسبقية البيضة والدجاجة .
أين سيكون موقع الشباب- برأيكم – في عملية الحوار الوطني وفي التسويات الوطنية القادمة.؟
- الشباب هم الرقم الأصعب في المعادلة الراهنة ومن سيستبعدهم فإنه سيبعد نفسه، ومن المهم أن يبدأوا من الآن في بلورة مرجعيات لهم تمثلهم بشكل صحيح في الحوار الوطني المرتقب الذي يقبلون في الانخراط فيه لا الذي يتم فرضه عليهم .
يتسع نشاط القاعدة في بعض المحافظات، ويتخذ أشكالاً جديدة في عملياته الإرهابية ..من احتلال مناطق..واستيلاء على العتاد الثقيل.. ورفع أعلام التنظيم.. كيف ترون مواجهة هذه الشراذم الإرهابية وإجتثاثها من جحورها.؟
- توسع نشاط القاعدة في بعض المحافظات وفي هذا التوقيت بشكل ملحوظ ينم عن مشاريع مشبوهة وخطيرة واجدني ملزماً هنا بتجديد تأكيدي بأن الجنوب لم يكن يوما بؤرة تطرف او إرهاب وأي تواجد لمثل هذه الجماعات له خلفية سياسية وأمنية معروفة بالنسبة لنا وكانت تستهدف الحراك الجنوبي واليوم تستهدف الجنوب كله بمافي ذلك عدن منارة الانفتاح والاعتدال والنقاء والتعايش .. هذه أعمال تستهدف تشويه عاصمة لها تاريخ عريق في التسامح ونبذ العنف وهذا التطور يمثل اختباراً حقيقياً للسلطة الحالية وينبغي وضع حد لهذه الأعمال وإعادة الاعتبار لمدننا الآمنة والمسالمة .
كيف تقيمون موقف المجتمع الدولي من اليمن وحربه مع الإرهاب..وما هو المطلوب من الأشقاء والأصدقاء لمساعدة اليمن في هذه المواجهة الشرسة..؟
- المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية أعلن ما يسمى الحرب على الإرهاب بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر ، ومن المعروف أن اليمن ربطت نفسها بحلف مع واشنطن في هذا الاتجاه للحرب على الإرهاب ولكنها لم تحارب الإرهاب في اليمن بل ارتكبت مجازر في المعجلة بأبين ورفض بشبوة وفي محافظات شمالية أيضاً سقط الأبرياء العزل من النساء والأطفال والشيوخ بطائرات أجنبية لأنهم ضللوا بمعلومات خاطئة فأي تقييم تنتظره مني لهذه الحرب على الإنسان والإرهاب يسرح ويمرح ، وفي مقابلات عدة شددت على اهمية تجفيف منابع الإرهاب والمتمثلة في الفقر والفساد والتطرف ، وهذا المجال ما ينبغي المساعدة فيه من الأشقاء والأصدقاء .
ما هو الحديث الذي تودون توجيهه إلى: حكومة الوفاق الوطني..الحراك الجنوبي .. الحوثيين.. الشباب في الساحات..!
- على حكومة الوفاق الوطني برئاسة الأستاذ المناضل محمد سالم باسندوة أن تؤكد بأنها حكومة وفاق وحكومة وطنية بالأفعال وليس بالأقوال لتغير قناعة الآخرين المتحفظين تبعاً لموقفهم من المبادرة الخليجية وتقوم بمهامها وتضطلع بمسؤولياتها تجاه أمن المواطنين وحاجاتهم ، وعلى الحراك الجنوبي ان يزداد ثباتاً وتوحداً والتفافاً حول القضية الجنوبية والتعامل الإيجابي مع ما يبدو حاملاً لإقناع موضوعي يمكن أن يؤدي إلى حل القضية بما يرضي شعبنا ، وعلى الشباب في الساحات أن يبدأوا في بلورة صفوفهم وان يصمدوا في ساحاتهم لأن ثورتهم هي من حركت المعادلة الجامدة لسنوات طويلة وأن يراقبوا أداء السياسيين وأن يكون لهم موقفهم الضاغط حتى تحقيق كافة أهداف ثورتهم وتلبية جميع مطالبهم المشروعة .
مفهوم التسامح والتصالح.. ما هو مدلوله وشمولية معانيه في نظر الرئيس علي ناصر محمد؟
- التسامح والتصالح مبدأ إنساني عظيم لايقوم به إلاّ أقوياء النفوس واكثر الناس تراحماً فالتراحم والعفو عند المقدرة من صفات الأنبياء والاولياء والصالحين والتصالح لا يمكن ان يتأتى قبل التسامح .. التسامح بمثابة علم المنطق بالنسبة لعلم الفلسفة وعندما جسدنا في الجنوب هذا المبدأ بشقيه على مستوى تجربة عملية أثبت الشعب جدارته بالارتقاء إلى مصاف الصالحين فهي ثورة في النفوس مهدت الطريق لانطلاقة أول ثورة سلمية في الوطن العربي سبقت كل هذه الثورات بسنوات في العام 2007م .
وإذا كان استخدام أساليب العنف لإشاعة مفهوم التسامح والتصالح تنزع عنه مضمونه الوطني مثلما برز ذلك بفعل تأثيرات الاختيارات الضيقة.. فما هو أذن التعبير السليم الذي ينبغي أن يرتكز عليه هذا المفهوم؟
لا يمكن بأي حال من الاحوال أن تستخدم أساليب العنف لإشاعة مفهوم التسامح والتصالح .. هذا خلاف المنطق فالعنف يؤجج الاقتتال ولكن قد يستعمل العنف لإعاقة مسيرة التصالح والتسامح وهذا فعلاً ما واجهته مسيرتنا بمافي ذلك محاولة نبش القبور لإذكاء الفتنة والتعبير السليم للتصالح والتسامح يكون بالحوار الصادق والهادف يسبقه الاعتراف بالأخطاء وإدانتها .
الرئيس علي ناصر محمد، يبدو أن عملكم السياسي الآن المعلن والواضح قد جعلكم أكثر واقعية.. ما هي حقيقة علاقتكم بأطراف العملية السياسية والقبلية والعسكرية في الوطن..؟
- أحرص دوماً على الاحتفاظ بمساحات ود في كل علاقاتي وفي مقدمهم من تختلف معه لأن من تتفق معه فأنت وإياه تشقان ذات الطريق وكل يستخدم ادواته المتاحة ، وحقيقة علاقتي بأطراف العملية السياسية والقبلية والعسكرية في الوطن تكمن في الحرص على تنمية القواسم المشتركة وتجنب القطيعة .
ومع الحزب الاشتراكي اليمني..دوركم وتاريخكم معروف.. أين تقفون اليوم من هذا الحزب ؟
- كنت أميناً عاماً لهذا الحزب وأسهمت في تأسيسه عندما كان حاكماً في جمهورية اليمن الديمقراطية ، ومنذ العام 90 خاض الحزب تجربة أخرى مختلفة وكانت النتيجة انتكاسة حرب 94م وتحوله إلى حزب مستهدف من قوى الشراكة ما بعد الحرب.. ومن قاموا بإعادة الحياة للحزب كانوا يجترحون شيئاً صعباً للغاية وبدوري كنت أشد على أيدي من قاموا بهذه العملية التاريخية سواء من كانوا في الوطن او من عادوا إليه بعد لجوئهم للخارج بمافي ذلك الأمين العام الحالي الدكتور ياسين سعيد نعمان الذي يحظى بكاريزما مؤثرة وهو على اتصال بنا وأحسب أنه على صلة بجميع قادة الحزب التاريخيين.
هل ننتظر عودة الرئيس علي ناصر محمد ذات يوم إلى الاشتراكي ..أو ذهاب الاشتراكي إلى الرئيس علي ناصر محمد؟
- مثل هذه العودة إن كنت تقصدها بمعناها الإجرائي لم يعُد لها مكان اليوم والحزب بقيادته الجديدة يحقق وجوده في الساحة السياسية ونتمنى ان يتعاظم دوره بمايلبي طموح منتسبيه ومناصريه وبمايحقق المشاريع المفيدة للوطن والشعب .
من واقع تجربتكم فيه ومعه.. هل نتوقع عما قريب وضع حد لحالة الولاء المزدوج داخل الحزب الاشتراكي؟
- أعتقد بأن قيادة الحزب الحالية والمتصلة بمكتبه السياسي ولجنته المركزية وفروعه وقواعده التنظيمية أدرى بنجاحات أو إخفاقات الحزب وخاصة في المجال التنظيمي إن وجدت ، ومن الواضح أن الحالة السياسية في البلد والتي ينخرط الحزب فيها بقوة ويرمي فيها ثقله قد تؤثر على الجانب التنظيمي والبناء الداخلي ونأمل تجاوز الحزب لأي قصور أو ضمور في قوامه ، وأتمنى ان يجري تفعيل الديمقراطية داخل صفوف الحزب بشكل أوسع وأقوى .
دعني أسأل بصراحة : هل تعتقدون أن مكون الحزب الاشتراكي لا يزال إيديولوجيا.. أم أنه ترك الايدولوجيا، ويكتفي اليوم بتقديم برنامج سياسي ..؟
- الحزب الاشتراكي كان يوصف من أعدائه بأنه شيوعي مع ان هناك أحزاباً اشتراكية حتى في الدول الرأسمالية وأعتقد أن الحزب بعد الوحدة قام بنقلة موضوعية في أيدلوجيته وأحدث تغييراً في برنامجه السياسي وخطابه الإعلامي بما يتلاءم ومتطلبات المرحلة .
كيف تنظرون إلى وجود أحزاب على أساس ديني في بلد دينه واحد..وماذا عن الحديث عن الدولة الإسلامية إذا كان الإسلام لا يدعو في الحديث والسنَّة لقيام دولة دينية؟
- الأحزاب السياسية القائمة على أساس ديني باتت امراً واقعاً ليس في اليمن بل في الوطن العربي كله ، ولعل الاتجاه نحو الإسلام السياسي هو نوع من التعبير عن بحث الديني عن مكان في الفضاء السياسي وهو أمر مقبول ولكن من غير المقبول أن يفرض هذا الحزب أوذاك سلطة دينية أو دولة دينية لأن الدولة خلاصة عقد اجتماعي يتوافق عليه الشعب الذي فيه اليساري والعلماني والقومي ووإلخ .
ننتقل إلى خارج الأفق الوطني..صدام الحضارات – نهاية التاريخ والإنسان الآخر.. ثنائية فكرية أثرت في الواقع العالمي.. كيف يتسنى الخروج من حدود هذه الثنائية؟
- من الغريب أن تصدر أفكار من مثل صراع الحضارات ونهاية التاريخ وماشابه ذلك من الغرب نفسه الذي يتحدث بكثرة عن الكرة الكونية الصغيرة والتعايش وحقوق الإنسان وهذه مبادىء في صلب عقائدنا نحن ، حتى ان صاحب كتاب نهاية التاريخ فرانسيس فوكوياما هو أمريكي من أصل ياباني وكلنا نعرف من أمريكا ومن اليابان والتاريخ ماذا يحمل لعلاقات البلدين ؟ ! هذه الأفكار التي تحمل فيروس الازدواجية لا يمكن أن تصمد أمام الأفكار الحية والخلاقة مثل حوار الثقافات والحضارات وليس صدامها .
إلى أين تقود العولمة.. كما ترون برؤية فكرية سياسية؟
- العولمة في بعض وجوهها تقود إلى المعرفة.. المعرفة بمكانة وإمكانات الذات ومكانة وإمكانات الآخر، ولكنها في بعض وجوهها تساهم في سلعنة البشر أو تحويلهم إلى أدوات لخدمة مشاريع وشركات متعددة الجنسيات وليس لخدمة الإنسان ذاته الذي هو محور وجوهر الوجود ولولا ذلك لما قال الإمام علي بن أبي طالب عن الإنسان ( أتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر ) ، من هنا تأتي اهمية الحفاظ على الخصوصيات الثقافية لكل فئة في فضاء العولمة الواسع .
نكتب كثيراً عن الديمقراطية والحرية..هل ثمة حدود للحرية.. حرية الرأي والتعبير والعقيدة؟
- لاتزال هذه المفاهيم تثير جدلاً واسعاً لدى النخب الفكرية ليس فقط في عالمنا العربي بل في كل مكان .. حدود الحريات هي مسألة توافقية ومن هنا تأتي أهمية العقد الاجتماعي أو الدستور وهذا نفسه حاصل في الغرب الذي يتغنى بحدود أوسع للحرية .
كيف تنظرون إلى أهمية انعقاد القمة العربية المنتظرة في بغداد، في ظل الواقع الجديد لثورات ربيع العرب؟
- تكمن أهمية انعقاد هذه القمة في بغداد أنها تأتي في خضم التحولات التي حدثت وتحدث في العالم العربي ، ولعل هذه التحولات كافية لجعلها قمة استثنائية بامتياز ، ونأمل أن تنعقد في أجواء هادئة وتضع في برنامجها درء المخاطر المحدقة بالوطن العربي وإعادة توجيه علاقة الحكومات العربية بشعوبها والاستفادة من أخطاء الماضي التي أدت إلى انتفاضة هذه الشعوب وتقديم كافة أشكال الدعم للشعوب العربية في عملية التنمية وبناء الإنسان لتجفيف منابع الفقر والإرهاب من خلال ضخ الاستثمارات التي تعود على الشعوب والدول الممولة بالفائدة المشتركة.
عشنا أكثر من عام ولا تزال أحداث الأزمة السياسية العاصفة.. ما هي الدروس التي يمكن الاستفادة منها في هذه الأزمة.. وكيف تنظرون إلى مستقبل اليمن.؟
- أهم وأبلغ درس هو أن إرادة الشعب من إرادة الله ، وان التغيير سنة كونية وتعاقب الأجيال حقيقة تاريخية ، وننظر إلى مستقبل اليمن كما قلت في مقابلة سابقة بتفاؤل حذر نأمل أن يتحول إلى تفاؤل تؤكده الأفعال المشهودة التي تنهض بالمواطن اليمني الذي عاني طويلاً ومريراً .
- أشكركم على هذه المقابلة واتمنى لكم التوفيق في مسيرتكم الإعلامية وكل الشكر والثناء والنجاح لصحيفة “الجمهورية” التي أحدثت تحولاً نوعياً في أدائها شكلاً ومضموناً، وأصبحت لسان حال الشعب.. وتحية إعجاب وطني لرئيس تحريرها المتألق الأستاذ سمير اليوسفي. . متمنين لكم النجاح في صحيفة”26سبتمبر” بمايخدم المؤسسة العسكرية والأمنية التي تنطق الصحيفة بلسانها وهي المؤسسة التي يعول عليها أن تكون حصن الشعب وأن تصحح مسارها و لا تنزلق في اية مغامرات داخلية او خارجية.